الأقصوصة الثانيـــة "لظــى انتظــار" / للاستاذة الشاعرة الفلسطينية الكبيرة منيرة نصري سلامة جريس رزق اللهالأقصوصة الثانيـــة
"لظــى انتظــار"
31/5/93
يستيقظ رغم البعد حِسُ يشدني نحو عينيك
ويملأ غرفتي عبقُ أشتمُّهُ في راحتيك
أني صريعة جزيرتيك الزرقاوين وشاطئيك
حنانيك يا عوض الحياة أضعتني لهفاً عليك
أعلل النفس بِعُذرٍ يخفّف من شوقي إليك
وابرر الزيارة بأمر قد هان عليك
ويطير قلبي سعادة أطمئنه دوماً عليك
وأعود إلى جزيرتي وحيدة أتَمزٌّقُ شوقاً إليك
وابلل صدى فؤادي بلمسةٍ من ناظريك
يا صنو روحي والفؤاد يشاورني فما لديك؟!
علمتُ أنّكً منتم إلى فؤادٍ قد يكون صديقة العمر لديك
وتألمت أحشائي الحّرى وبحثت في كتبي
أسائلها حول عنواني إليك
وتأكدت معلومة أنّ طريقنا محرمٌ
وبدا الصراع والفؤاد موقن إني إليك
وعلمْتُ ذات لحظة أنك تندب وتشكو جرح عَدْرٍ
قد تعمق وأردى إحساساً لديك
وآمال عمرك قد تهاوت
وطردْتَها من خافقيك
وكأنني بُعِثتُ في تلك اللُّحيظة
بل كأنك قد بُعِثْتَ
لتضمني إلى حنانك
حناناً، قد ترعرع في يديك
وعدتُ أصْنع فرحة في مصنع الوجد لدَيْكَ
ويا لها من لحظة لمستني بناظريك
ورحت تمسح وجنتيَّ براحتيك وما عليك
وأحسستُ أنكَ قد تراوغ
تكذّبُ إِحساساً لديك
واستيقظت في خافقي محبة
ووددتُ لو ملتُ عليك
وضممتني لكنني خشيتُ أن أقتل شوقي إليك
وعدلتُ وجهاً قد طلبت
ورفعت رأساً قد سحبت
وأخذت لي لوحة، وخرجت للدنيا بحسٍّ
قد تفجرّ في وريقة
وخشيتُ أنْ أتفوّه
وكتمتُ شوقي والحنان
ولهفةً خفتُ أودعها وريقة
وخبأتُ حِسّاً في الفؤاد
أغلقته، لكنه ضاق عليك
*******************************
وجئتُ بالأمس أُمنّي الروح بنظرة
أُروّي من شوقي إليك
وخاب في صدري حنينُ
فقد برحت وما رَحَلْت
وتركتُ لك من كعكة
كانت قبلاتي إليك
ووددتُ لو وضعتها بأناملي في راحتيك
ووددتُ لو كنت البديلة تضمني
ثم تزرع، حين تقضم، وجنيتي شاربيكَ
وقفلتُ راجعة أضمدّ جرح الغياب
وقلبي كم يهفو إليك؟!!
ترى فهمت من حلوى كلامي؟!
أم جهلت، ولي استغبتَ
لن يُضير أنْ تخمّن إِحساسي وأشواقي إليك
هذي مشاعر لا أملك أنْ أردّ تهافتاً منها عليك
يا بلسم الروح تقدم قد تعبتُ فما لديك؟ ! ! !
يا عبير الحب إنزع من قلبي سهام الذكريات
وأبدل العمر بحب ٍمُرَّه، والعمر فات
رحل الشباب يا صديقُ، فهاك كأسي
ونُهاك حكّم، لا تدعني أنحر الشوق
بمبضعٍ ألفَ الممات
*******************************
4/6/1993
بالأمسِ جئتُ إلى خضمِّ عينيكَ
جئت أستقرئ ما كُنْهي لديك
ودخلتُ محراب قدسِك يا ملاكي
لأنظر كم وزني لديك
ورحت تسألُ، دار قولٌ أذبتُ فيه أشواقي
كانت العينان تحدثني وأخشى أنْ أجيب
كانت الأهداب تنوب عن الشفاه ولا تُنيب
وأخش عيون العاذلين أن تحسُدَ فيك الحبيب
وأغدو صريعة ما يقال في هوانا، فلا أجيب
*******************************
كم رجوتُ أنْ أظلَّ في المحراب أرنو لعينيك
ففيهما أقرأ الجرح، أتمنى لو غاب المغيب
وماذا لو كنا فرادى، دون صحب أو رقيب!؟
لأقول لك كلمتين وأسألك، هل فهمت "كعكتي"
أم أنا اليوم أخيب! ! ! !
لكنه أملٌ يموتُ، فالرفاق حولنا
وأملُّ من برد الحوار
وأعود أدراجي إلى جزيرتي
لأروي للشجر ما أودّ فيَستجيب
وتسجل الأهداب ذكراي وتتعهد السرَّ
فلا تبوحُ ولا أخيب
*******************************
وأذكرك حين أكون في محراب صلاتي
وأمد ذراعي أُرجي من سندي إلهي
أن يضمك إلى صدري وتغدو على الأرض حياتي
يا صنو روحي أحسُّ قربك بموت كلماتي الفصيحة
وتضيع مني كل العبارات
وأغدو للصمت في شوقي طريحة
*******************************
يا صنو روحي كم يئن حنيني إلى ربوع هيكلك
حيث تنجب الذوق الرفيع وتسمو فوق ذلّ حواسدك
أودّ لو عشتُ الحياة في ثنايا ريشتك
يا هيكل النبل تبسّم فباللُّقيا صرت تضوع
يا هيكل قدس محبتي فيك قلبي يتعبّد
ويبسم فيك خاطري مهما بالهمّ تلبّد
يسمو على كل الجراح مهما للألم تكبّد
يا جمال الكون في عيني ويا صدق الوفاء
يا إباء كرامتي ويا كلَّ النداء
ليس عيباً أنْ ترفض ما تَفلَ الإناء
ليس عيباً أن تقول لا لمن كسّرَ الإناء
إناءَ حبك وأضاعت شظاياه هباء
ليس عيباً، فلا تحزن! لقد كانت شرّ بلاء
وأضعف من أن تحول حولك الدنيا عفاء
*******************************
تعصرني هذه البسمة الثكلى على شفتيك
أحاول تبديدها، وأبدلها، خوفاً عليك
وأودّ لو حدثتني ليخفّ لهيبُ ناظريك
أودّ لو منحتكّ عيني تبكي بها
واضمَّ أنا إلى نهدي عينيك
أودّ لو أعرتك وجنتي
تحفر عليها بالدموع
وألثم بشفتي وجنتيك
أودّ لو أسطيع تبديل قلبينا
لأبكي عنك، وتظل جبهتك أبية وحاجبيك
يا حبيبي هذي حياة إّنْ اتتك ترامت
أو أدبرتْ، رمتك بأصغريك
هاك لساناً لو سكت الكلام يستجير بساعديك
وقلبٍ إِذا خان الخليلُ تمزّق حزناً عليك
أدري أن جراحك باتت عميقة
أدري مشقّة أن تفصم عروة وثيقة
أدري صعوبة أن تراوغك الخليلة والرفيقة
لكنك الأقوى، سموت على مُرِّ الحقيقة
*******************************
كن جدولاً يعزف على صخر الجنادل ذكريات
كن وردة ضاع شذاها
ووخز النحل لهيب الشائعات
كن بلسماً للجراح النازفات الناتئات
كن قُبلة على جبين المحرومين
تطبعها شفاه مخلصات
كن بلسمي إني انتقيتك
لتبدد من صدري أهات
كن لي خليلاً يا مرهمي
فهذي أحلامي على صدر الحياة
تلهو بها أيامنا فتطويها وتطلقها ساعات
ومرة تعبس لها
وأضحك في غفلةٍ من الحياة
*******************************
أنت تصنع برشتك تفاصيل الحمال
فما عهدتك تنحني لما قيل وقال
كن كالاعصار إصراراً ونارا
كُنْ نسمة تهمي على خدود الزهر
في نديّ الصبح، تقبّل الكنار
فيهزج على أنغامها كلُ من
غنى وغار
كن بسمةً تعِدُ الشّقي بلحظة يحقق الحلم، يقاوم الدمار
يا ربيع القلب أزهر القلب بنارك
وبات من شدّة لظاه يبترد بلظي انتظارك
بتّ أحلم بلقاك، وأراه قد شطّ مزارك
حتى لو كنتَ بداري ما زال ينقصني اعترافك
*******************************
أتعترف بي ضيفةً تغلو على قلب رقيق
أتراني قد فزتُ بك وأني بالحب حقيق
أم أني قد خلتُ سَراباً كدتُ أحسبُهُ رفيق
*******************************
حتى ولو لم تعترف، فأنا لا يوم أنساك
إني أسجِّلُ في صحائف ذكرياتي
قد عشقتك لن أفيق
آه لو تغدو الرفيق
آه لو تغدو الرفيق
تمّـــت