دفنوا بلقيس هنالك بالأمس / للمرحوم الشاعر بنايوت سابا عطا الله عبد الله زيدان الحبايبة

دفنوا بلقيس هنالك بالأمس / للمرحوم الشاعر بنايوت سابا عطا الله عبد الله زيدان الحبايبة
-------------------------------------------------------------------------------------------------------

بنايوت سابا عطا الله عبد الله زيدان الحبايبة
. شاعر فلسطيني، ولد في الثاني من تموز عام ألف وتسعمائة وثمانية وعشرين للميلاد، في مدينة بيت جالا، وتوفيّ فيها بتاريخ 19 أكتوبر 2009 للميلاد وهذه إحدى قصائده يهديها للّذين يحصون النجوم بعنوان:
بلقيس
*********
دفنوا بلقيس هنالك بالأمس
فمن غرس الموت بعينيها..!
دفنوها...
من خنق البسمة في شفتيها...
من أدمى بالقيد يديها..!
هوذا دم يلقيس من الأعماق يصيحُ
فمن يسمعها الليلة...
ما زالت كالنخلة... تمتدُّ.. وتمتدُّ
من الناقورة حتى أيلة..!!
******
فلئن قتلوها في بيروتْ...
ومشوا بجنازتها بالسيف وبالنبوتْ..!
فهنالك يضحك في البيت الأسود طاغوتْ..!
يلهو معَ أشراف الرومانْ
وبحضرته جلس الدهقانْ
يشرب نخب حرائق لبنانْ
ويبيع البترول بأبخس أثمانْ
ويؤدي الأجرة للقرصانْ
بيدٍ تخنق صوتَ الأحرارِ وتغتال الإنسانْ ..!
******
سحقا لأبي لهبِ
يا تعس البترول وتعس الذهبِ
ناطور الكرمة سراق العنبِ
هل أصبح خصيان القيصر قواد القومية
يتخذون الزيف شعارات قضية
وجموع الأعراب مطيةإذ خنقوا الشعب وساقوه ضحية
واقتادوا للموت رعية
واغتالوا الحق وصوت الحرية
وهنالك شيلوخ يغني
ويهلل باللغة العربية
عجبا . . .
كيف يروضهم
ليبيعوا الارض هدية..!!
****

من يجهل تاريخ الشرق المتعفن بالأفيونْ..!
من يجهل كيف يعيث به الزعماء المختلسونْ
قد نهبوا الأرض وباعوا الأمة منذ قرونْ
والأرض الثكلى ما زالت تنتظر الغيثَ...
وهم عنها لاهونْ..!
كل يتظاهر بالتقوى بهتانا وهم السفاحونْ..!
والناس مساكين في المسلخ ينتظرونْ
ولأجل العملاء الجزارين يُصَلّونْ
ماذا سيقولون إذا جاء صلاح الدينْ..!
يسأل عن بيت المقدس..! أو شعب فلسطينْ..!
ماذا سيقولون له..!؟ ماذا سيقولونْ
ودماء الأحرار تصيح بتل الزعترِ
والأغوارِ وعجلونْ..!
من سنة الصفر تمر بنا الأيامْ
من سنة الصفر نعيش مع الأوهامْ
من سنة الصفر نصلي للأصنامْ
من سنة الصفر نصوم مع الأقزامْ
من سنة الصفر نصيح ونهتف للحكامْ
عبثا نستجدي بحمى الشرق لئامْ
عبثا ننتظر الغيث ونحن نيامْ
أفلم نتعلم من شعب فيتنامْ..!
******
اعرف من خنق الحريةَ
اعرف كل عميل مأجورْ..!
فالقلم الحر سجينٌ...
من عهد أمية مكسورْ..!
وجناب الوالي أصبح في كف القيصر طرطورْ..!
يتأبط في الليل رصاصته الاولى...
ثم ينام على الدستورْ..!
يتخذ الشرق له ماخورْ..!
يترنم بالمجد الغابر وهو العبد المأمورْ
لا أحد يخجلُ... لا أحد يخجلْ
يا سبحانك يا من لا تتبدّلْ..!
******
اعرفهم... اعرف أصحاب البصمة
اعرف من يرقص في العتمة
أشباح تعمل في الظلمة
ماذا فعلوا في مؤتمر القمة.!؟
ما هي حصة أهل الذمة..!؟
هل حكموا بالإعدام على الكلمة.!؟
يا تعس الشرق إذا بصموا باسم الأمة
******
اعرفهم... اعرف أصحاب البصمة
اعرف من يرقص في العتمة
عجبا... ذاك الحجاج من الكوفة يرثي كافورْ
وأبو جهل يسترضي بربى عمان الناطورْ
مسكين سيف الدولة في حلبِ
يسأل عن أمجاد العربِ
لا أحدٌ يسمعُهُ...
لا أحدٌ يسمعُ عن كثب
كل زعيم راح يصلي لنبي ..!
فالشرق غريق في الأوحال إلى الركبِ !
من سنة الصفر نعيش على الكذبِ..!
******
ماذا سأقول إلى الجيل القادمْ
ماذا سأقول إذا استيقظ شعبي النائمْ
كتب التاريخ العربي تعج هزائمْ..!
جعلوه خرافات ودواوين شتائمْ..!
كل الصفحات عليها آثار جرائمْ...
فصلاة الأقزام دعارة
ودعاء الغلمان قذارة
وجميع الشهداء خسارة
* * * * *
ماذا سأقول إلى الجيل القادمْ.!؟
ماذا سأقول إذا استيقظ شعبي النائمْ
أأقول: لقد... كان الوالي أمسِ...
بباب القيصر خادمْ..!
يتربع فوق عظام الأحرار يساومْ
ويداه ملطختان وفي البطن جماجمْ..!
أأقول له... كنا ماية مليون غبي..!
نمشي في شارع صندوق العجبِ
من بحر الظلمات لشط العربِ
حيث القانون مع الظالمْ
والدستور بجيب الحاكمْ
والغول على صدر الأمة جاثمْ
ماذا سأقول... إلى الجيل القادم
ماذا سأقول إذا استيقظ شعبي النائم...!
ماذا سأقول غدا...
ماذا سأقول لأطفال بلادي
ماذا سأقول لأبنائي ولأحفادي
أأقول لهم... كنا بالأمس ضحية أوغادِ
صلبوا الأحرار وباعوا أرض الأجدادِ
أخشى أن يسمعني لصٌّ..!
فهناك يلوح السيف بكف الجلادِ
لكني أهوى أزهار بلادي
وهواء بلادي
وسماء بلادي
وتراب بلادي
وجبال بلادي..!
******
ماذا سأقول لهم...
ماذا سأقول لأطفال بلادي
ماذا سأقول لأبنائي ولأحفادي
سأقول لهم قصة شعبي المظلومْ...
سأقول لهم تاريخَ مماليك العرب المهزومْ
وحكاياتِ تآمرهم عند ملوك الرومْ..!
ورواياتِ تراث الماضي المسمومْ
وأساطيرَ المجد المزعومْ
وخرافاتِ النصر الموهومْ
******
سأقول لهم:
قد كان القيصر في البيت الأسود كذابْ
يحمل في جعبته ألف جراب وجرابْ
لا يأبه بالأعرابْ
ويعاملهم كصراصير وذبابْ
سأقول لهم:
كان الوالي بالأمس يشاركه الأنخابْ
ويعود هنا يتشدق بالأمجاد وبالأنسابْ
وحواليه الأذناب وأذناب الأذنابْ
تحرسه في مزرعة الشرق كلابْ
سأقول لهم:
كان الوالي قصابْ
جعل الناس خرافا في وكر ذئابْ
أفليس هو العاهلْ
وبإمرته الجيش الباسلْ
يمنح أوسمة القتل إلى الفرسانْ
ويهلل حين يبيع ثرى الأوطانْ
فيصفق في الطابور له الزعرانْ
أما الأحرار فهم خلف القضبانْ
يتوعدهم سيف الجلادِ..!
وترقبهم عين السجانْ ..!
* * * *
سأقول لهم:
من هم ذبحوا شعبي الثائرْ
سأقول لهم:
من بحقوق الأمة راح يتاجرْ
سأقول لهم:
كيف شعار الدولة كان مساخرْ..!
فسماحة دهقان الربع الخالي فاجرْ
والوالي في المزرعة الشرقية غادرْ
والجامعة العربية ماخور العصر الحاضرْ
وطواويس الأعراب قيان في خيمة عاهرْ..!
سأقول لهم: …
كيف الحاكم كان السمسارْ
سأقول لهم: كيف اضطهدوا الأفكارْ
سأقول لهم: كيف اغتالوا الأحرارْ
سأقول لهم: كيف اقتلعوا الأهل من الدارْ..!
سأقول لهم: كيف الأمة قد بيعت...
بالدينار وبالدولارْ !!
******
سأقول لهم:
كان الدهقان مليك بني قحطانْ
يتوشح بالأحساب وبالسلطانْ
وحواليه الُتَفَّ وُلاة العربانْ
وعلى مقربة قد وقف الإخوان مع الأعوانْ
وزبانية الزعران وأرتال الخصيانْ
يقتسمون غنائمهم
ويُصَلُّون إلى الشيطانْ !
والناس طراطيٌر ..
يصغون إلى الآذانْ
قعدوا ينتظرون قدوم الدهقانْ
داعين له بالنصر على الجيرانْ
ليعيد المجد الغابر للأوطانْ
لكنّ الدهقان …
مضى للبيت الأبيضِ ...
كي يلعق أحذية الرومان ْ..!
يتوسل للقيصر ..
كي يمنحه الرضوانْ
ويعود يدجِّلُ قدام الأمةِ …
باسم الله الرحمانْ..!
لم يسمع أخبار الجولانْ
لم يسمع بحرائق لبنانْ
لم يسمع بفلسطينَ
وما يحدث بالأرض وبالإنسانْ !!
********
سأقول لهم:
كان الشاعر مسكينْ
يتألم من أجل ملايين المحرومينْ
لا يجد اللقمة في القرن العشرينْ..!
سأقول لهم:
كنا بالأمس عبيدا ومساجينْ
كنا مضطهدين ومهزومين ومسحوقينْ
كنا زُمَرًا نَتَسَكَّعُ في سوق مجانينْ
*******
كنا في الأرض برابرة وتتار
ْنستجدي النصر من الأقدارْ
كنا عميانا نغرق في الأوحالْ
كنا قطعانا …
والراعي أعور دجالْ
كنا أمواتا مدفونين بمقبرة الأحياءْ
لا نفهم أنَّا لا نفهم لُبَّ الأشياءْ
نتخيل أنّا أسياد التاريخ …
ونحن قعودْ..!
نتشدَّقُ أنّا أحرار في الأرض ونحن عبيدْ
نمشي في الحارة كالعير تنابلْ
كلٌّ يتبجَّحُ أنّا قوادُ قوافلْ
عجبا... في القرن العشرين نعيش قبائلْ
والنير على الظهر... وفي القدمين سلاسلْ..!
*********
أنتم يا أطفال الغدِ...
يا معقد كل الآمالْ
ها أنتم ستصيرون رجالْ
فامضوا للعلم على أشرف درب ونضالْ
وأقيموا المجتمع الصالح... أنتم...
بسواعدكم فلاحين وعمالْ
**********
الفجر لكم...والشمس لكم...
والأرض لكم...والنصر لكم...
كونوا للغد أبطالْ
سيروا للمجد يدا واحدةً
تعمل من أجل الحق
ومن أجل العلمِ …
ومن أجل السلمِ
ومن أجل الحريةِ...
وأبنوا العالم جنة أطفالْ
وعلى الهامة إكليل النصرِ...
وفي أيديكم راية اُلاستقلالْ
********
ما ماتت ..! ما ماتت بلقيسُ...
فما زالت حيَّة..!
ما ماتت ! ستعود غدًا...
تحمل سنبلة بيدٍ ...
وبأخرى علم الحريّة
ستعود عروسا ظافرةً …
من رحم التاريخ نقيّة …!
لن يوضع قيد بيديها..!
لن تختنق البسمة في شفتيها..!
لن ينطفئَ النور المشرق في عينيها..!
ستعود غدا..!
ستعود... فها أقترب الطوفانْ..!
ستعود مع الفجر الآتي...
تغسل كل الأدرانْ..!ستعود …!
لتمسح كل الأوجاع وكل الأحزانْ
ستعود …!
مع الشمس المدفونة في قلب البركانْ
فَتُحَطِّمُ كل الأسوار وكل الجدرانْ
ويعيش الإنسان أخًا لأخيه الإنسانْ..!
******
ستعود غدًا ..!
ستعود غدًا ..!
تنشد أغنية الحب على جبل الزيتونْ..!
فيرددها الأحرار بآرام وعَمُّونْ..!
حينئذ سيموت الغول الملعونْ..!
ويفرُّ لصوص الهيكل... من صهيونْ..!!