الاحتلال الإسرائيلي استخدم أسلحة غير تقليدية في حرب غزة (أرشيف)
------------------------------------------------------------------------------------------
* (( كشف بحث متخصص أشرَفَ عليه أكاديميون من عدد من الجامعات الأوروبية عن وجود بقايا معادن سامة ومسرطنة في أنسجة جرحى فلسطينيين ))
* (( أشار يوسف إبراهيم رئيس سلطة جودة البيئة إلى أن مجموعة من الباحثين قاموا بزيارة القطاع بعد انتهاء الحرب الماضية، وقاموا بإجراء العديد من الفحوصات وأخذ عينات من التربة إلى جانب عينات من أجساد الشهداء والجرحى خاصة الشعر، لافتاً إلى أنهم اصطحبوا تلك العينات إلى إيطاليا ليتوصلوا أن تلك العينات تعرضت للتسمم إلى جانب وجود معادن ثقيلة فيها اليورانيوم والزنك والنحاس. ))
_______________________________________________________
الحرب على غزة.. يظن الكثيرون أنها انتهت إلا أنَّ كثيراً من الصدف والمواقف تكشف عن أن الحرب إن انتهت "اسماً" إلا أن آثارها لم تنتهِ بعد.. فلا الأعضاء المبتورة أو أعداد الشهداء الهائلة فقط هي ما خلفته تلك الحرب البغيضة التي عاشها القطاع منذ نهاية عام 2008، بل هناك آثار أخرى تركت مزروعة في خلايا الجرحى والتربة!
فمؤخراً كشف بحث متخصص أشرَفَ عليه أكاديميون من عدد من الجامعات الأوروبية عن وجود بقايا معادن سامة ومسرطنة في أنسجة جرحى فلسطينيين، ممن أصيبوا خلال العدوان الصهيوني على قطاع غزة خلال عامي 2006 و2009.
" فلسطين " التقت العديد ممن كانوا على اطلاع وصلة بالقائمين على تلك الدراسات والأبحاث، فأعدت التقرير الآتي:
وطبقاً لبيان لجنة (مجموعة بحوث الأسلحة الجديدة) المستقلة بإيطاليا ، والتي تسعى إلى دراسة آثار الأسلحة غير التقليدية على السكان؛ أظهر بحث أجري مؤخراً على عينات أخذت من جرحى فلسطينيين- ممن أُصيبوا خلال الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة صيف عام 2006 ومطلع عام 2009- وجود بقايا لمعادن سامة وأخرى مسرطنة في أنسجة الجروح عند المصابين ومنها الأرسين، والزئبق، واليورانيوم، والكروم، والكاديميوم وغيرها، ليقدم بذلك معلومات عن محتوى الأسلحة التي أحدثت تلك الإصابات.
وقال مدير التعاون الدولي في قطاع غزة مدحت عباس خضر : " في عام 2002 تم أخذ ما يقارب 170 عينة من التربة في قطاع غزة، والعمل على تحليل المواد والمعادن الموجودة فيها بشكل طبيعي ومن ثم الاحتفاظ بالنتائج"، مبينا أنه تم أخذ عينات من التربة التي تم استهدافها من قبل قوات الاحتلال بعد انتهاء الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
وأضاف خلال حديثه: " تمت المقارنة بعد ذلك بين النتائج القديمة وبين النتائج التي تم استنتاجها في الوقت الحالي بعد الحرب ، حيث وجدنا أن هناك بعض المواد والمعادن ذات النسبة المرتفعة في التربة، والتي وصلت إلى 3500 ضعف الكمية الطبيعية الموجودة بالتربة بسبب استهداف (إسرائيل) لها"، لافتا إلى أنهم بدؤوا بعمل دراسات لمعرفة أثر تلك المواد بعد تأثيرها على التربة.
وأوضح أنه أخذت عينات من أجسام الشهداء والجرحى وذلك إبان فترة الحرب، حيث تم أخذ 18 عينة من 15 شهيداً وجريحاً في ذلك الوقت، متمماً: " الأمر الذي اكتشفنا من خلاله أن المعادن الثقيلة في أجسام هؤلاء الشهداء والجرحى، هي معادن سامة لها آثار جانبية كثيرة".
وأشار إلى أنه بعد مرور سنة تقريباً وذلك في سبتمبر2009 تم أخذ عينات من شعر 90 شخصاً موزعين في مناطق مختلفة في كافة قطاع غزة ، لافتا إلى أنه تم اختيار الشعر لأنه مكان يظهر فيه ترسيب المعادن الثقيلة والمواد المشعة وكلها تكون في الشعر.
وأضاف: " حيث تم اكتشاف اليورانيوم في حوالي 60% من عينة 90 شخصاً، وبناءً عليه تواصلنا مع المنظمات الدولية لمعرفة أثر تلك المعادن السامة على سكان الشعب الفلسطيني".
وتحدث عن تلك الآثار في ثلاث نقاط قائلا: " هذه المواد تسبب الإصابة بمرض السرطان سواء على المدى القريب أو البعيد بل تزيد من نسبة حدوثه لاحتواء تلك المعادن على مواد مسرطنة، وأيضا تؤدي تلك المواد إلى حدوث إصابة بالعقم بين النساء والرجال، بالإضافة إلى تشوه الأجنة بالنسبة للأمهات الحوامل"، مبيناً أنه لا أحد يعلم في أي وقت ممكن أن تظهر تلك الآثار، ولكن كافة الأبحاث تؤكد أثر ذلك الإشعاع الخطير على السكان.
وذكر أهمية ذلك البحث والنتائج التي تم التوصل إليها، وذلك باعتباره واحداً من الذرائع التي يمكن استخدامها لإدانة (إسرائيل) في المحاكم الدولية، مضيفا: " نحن بحاجة في الوقت الحالي إلى علاج التربة وحماية الشعب الفلسطيني، والعمل على كسر الحصار لدخول المعدات اللازمة، وحضور علماء يقومون بمساعدتنا للتعامل مع البقايا السامة التي وجدت بالتربة".
وبين أنه بالنسبة لأجساد الجرحى فقد تم عرض الموضوع على منظمة الصحة العالمية ومناقشة الخطوة القادمة للعمل على حماية الجمهور والطرق التي يمكن أن يتم اتخاذها .
ومن جهته أكد محاضر الوراثة البشرية في الجامعة الإسلامية، د. فضل الشريف، أن السرطان يؤثر على وظائف المنطقة أو الجهاز الذي يصيبه، ولا تكتشف أعراضه طبيا في وقت مبكر، مشيرا إلى أن آثار مراحله الأخيرة هي التي تبدو واضحة على المصاب.
وعن صحة انتقال السرطان وراثيا إلى الأبناء، نفى د. الشريف انتقال الخلايا السرطانية وراثياً، قائلاً :" تُُحدِث الإصابة بالسرطان تغيرا في المادة الوراثية، لأن المرض يحتاج إلى انقسام غير طبيعي في الخلايا ليتكون، ومن المستبعد أن يحدث هذا التغير في الحيوانات المنوية أو البويضات، لذلك فإنه من المستبعد الإصابة بالسرطان وراثياً"..
وتابع :" بعض الأشخاص لا يصابون بالمرض، نظرا لعدم وجود استعداد جسدي لديهم للإصابة، فهناك من تتقبل خلاياه الورم "السرطان" وتتغير تركيبتها لتشكيل السرطان، ومنها من لا يقبل به، وبناءً عليه لا تُصاب به".
وأشار في حديثه لـ"فلسطين" إلى أن الإصابة بمرض السرطان تتطلب تغيراً في خلايا الشخص، ويكون السرطان بعد إحداثه انقساماً غير طبيعي في الخلايا".
من جهته، أشار يوسف إبراهيم رئيس سلطة جودة البيئة إلى أن مجموعة من الباحثين قاموا بزيارة القطاع بعد انتهاء الحرب الماضية، وقاموا بإجراء العديد من الفحوصات وأخذ عينات من التربة إلى جانب عينات من أجساد الشهداء والجرحى خاصة الشعر، لافتاً إلى أنهم اصطحبوا تلك العينات إلى إيطاليا ليتوصلوا أن تلك العينات تعرضت للتسمم إلى جانب وجود معادن ثقيلة فيها اليورانيوم والزنك والنحاس.
وتابع :" بسبب القذائف التي ألقتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع خلال الحرب توصل الباحثون والعلماء إلى أنها تحتوي على مواد سامة، واتضحت تلك النتائج من خلال أنسجة الشهداء التي احتوت على ما يقارب ثلاثين معدناً بنسب مختلفة، حيث إن تلك المعادن تضاهي ثلاثين ضعفاً من تلك الموجودة أساساً في أجسامنا".
ولفت إبراهيم إلى أن تلك النتائج التي تم التوصل إليها تشكل مرجعاً حالياً في المجال البيئي والبيولوجي والأنسجة، حيث يتواجد فيها الجداول التي توضح حجم المعادن ونسب تواجد تلك المعادن سواء في التربة أو في أجساد الشهداء وغيرها من المواد التي تعرضت للتسمم في القطاع.
وفيما يتعلق بالخطوات التي ستتخذها سلطة جودة البيئة بصدد هذا الموضوع، أوضح إبراهيم ضرورة ترك أصحاب الأراضي لأراضيهم ما يقارب عاماً إلى عامين دون زراعة، وذلك لمنع إيجاد أي طاقة تمتص تلك المعادن وتحولها للنباتات والمزروعات، والتي يتناولها المواطن الفلسطيني، منوهاً إلى أن تلك التربة تحتاج لـ " غسيل" بمعنى ترك تلك التربة لمياه الأمطار إلى جانب تعريضها لكميات كبيرة من المياه للتأكد من نظافة التربة وخلوها من أي معادن .
كما بيّن إبراهيم في حديثه لـ"فلسطين" أن هناك العديد من جرحى الحرب تحتوي أجسادهم على مواد سامة، حيث إن الجهات الصحية أكدت أن تأثيرات تلك المواد المسرطنة لا تظهر إلا بعد عامين، متوقعاً ظهور تلك الآثار المهلكة على المواطن الفلسطيني في غزة خلال الثلاثة أعوام القادمة، مما يجعل أجساد الغزيين تربة خصبة لظهور الأمراض على اختلافها نتيجة تفاعل هذه المعادن.
وطالب إبراهيم الجهات القانونية المختصة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة قادة الاحتلال وتقديمهم لمحكمة العدل الدولية ومحاسبة الاحتلال لارتكابه جرائم حرب في غزة، مع العلم أن الجهات التي أجرت تلك الأبحاث جهات أجنبية، بينما الأولى أن تقوم جهات فلسطينية بدراسة تلك الأوضاع البيئية والوصول للنتائج المطلوبة.
كما نادى إلى ضرورة تفعيل دور مراكز الحقوق ولجنة الأبحاث والمؤسسات الحقوقية لاتخاذ نتائج تلك الأبحاث وسيلة مهمة لمحاسبة قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي وإدانتهم، مشيراً إلى أن سلطة جودة البيئة ستقوم بتزويد وزارة العدل ومجلس الوزراء بنسخ تلك الدراسات والأبحاث وأخذ تلك النتائج بعين الاعتبار.
من جهة أخرى، أكد إبراهيم على ضرورة السعي من أجل علاج تلك الحالات في القطاع بالتعاون مع وزارات وجهات مختصة إلى جانب تعاون المؤسسات الخارجة خاصة الجهات القائمة على تلك الأبحاث والدراسات.
ولفت إلى أن سلطة جودة البيئة بدأت بالتعاون مع وزارة الزراعة والأشغال لتقدير حجم الأضرار الناتجة عن تلك الكارثة، إلى جانب ترشيد الناس والمزارعين لعدم استخدام المناطق التي تعرضت للقصف والاستهداف المباشر، خاصة المناطق الشمالية في قطاع غزة، إلى جانب إرشاد الناس من الناحية الصحية في حالة شعورهم بأي أعراض جديدة تطرأ عليهم .
صحيفة فلسطين