يقطرُنا الحنينُ رؤىً
على أهدابِ داليةِ العذابِ الحلو
مُرتَبَعاً ومُصطافا
ويسفحُنا
على أعتاب أمجادِ البناتِ النورِ أصدافا
فنزرعُ في شطوطِ الدمعِ
أشياءً بلا معنى
تعاريجاً نسميهنّ أمواجاً
شراعاً قائماً تُملي عليه الريحُ وجهتَهُ
وخمسَ نوارسٍ ستّاً .. وبوصلةً ومجدافا
ونركبُ غيمةً بلهاءَ
لا تستوعبُ الإبحارَ إلا في ضحولِ الغيبِ
تمخرُ في وحولِ العيبِ
من بغدادَ .. مبحرةً إلى يافا
وقبل الفجر يأتي عسكرُ المبغى
يهيلُ الرملَ في أفواهنا الظمأى
ويدفننا بقشِّ الصمتِ
لا أحدٌ درى يوماً ولا شافا
***
يقطرنا الحنين أسىً
ويرسمُنا
عيوناً تشتهي الطيرانَ
أخيلةً تحلِّق تحت سطح الأرضِ
كي تلقى لها مما أضاعته، نواميساً وأهدافا
وتطوي العمرَ إسفافا
يقطِّعُنا
لنَكثُرَ في سجلِّ الخلدِ أسماءً وأصنافا
فنَكثُرُ
دون أن ندري بأن المجدَ
يأنفُ أن يُجَنِّد في جحافله لنَيْلِ الخلدِ
أرباعاً
وأثلاثاً
وأنصافا.
***
يقطِّرُنا الحنينُ هوىً
عفيفَ الجيب عذريّاً
فنَهوي من ذرى عليائنا
كيما نُدنِّسَ منه
وجهاً ضاويَ اللمحاتِ شَفّافا
نهزُّ له العصا دوماً
إذا يوماً عصى .. أو هزَّ أعطافا
وتُعجبنا رجولتُنا
فنغرزُ فوق هامةِ حبِّنا العذريِّ قَرْنَيْنِ
وفي أعجازهِ ذنَباً
وفي رجليه .. أظلافا
** *
يُقطِّرنا الحنينُ .. سُدى
فنُسدي للورى
- مما يُنافي فطرةَ الإنسان- أعرافا
ونحلفُ أننا عَرَبٌ
ونُعْرِبُ أننا للدونِ أحلافا
ونُسلِمُ راية الإسلامِ للباغي
ونبغي أن نُطاوِلَ في سَماءِ العِزِّ أسلافا
ونَبْتَزُّ المُنى دِرْعَ الغُرورِ
نُعَلِّقُ الآمالَ في جَنْبَيْهِ
أقواساً .. و أرماحاً .. وأسيافا
ونفتحُ صفحةَ الشرَفِ التي
في دفتر التاريخ
ننقشُ في ثناياها لنا صُوَراً
وأسماءً .. وألقاباً .. وأوصافا
ومن فَرْطِ الغَباءِ بنا
نُصَدِّقُ ما افترَيناهُ
ونحسبُ
أننا صرنا لدى التاريخ أشرافا.