غموض مؤلم… مصير مفقودي الحرب على غزة
July 30, 2015
غزة ـ نور أبو عيشة: قبل نحو عام، وضعت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أوزارها، بعد أن طالت الحجر، والبشر، والحي، والمخيم، والشارع، والزقاق، لكنها لم تنته بالنسبة لعائلة “عمران” التي ما زالت تبحث عن ابنها نور، حياً أو ميتاً.
فالمصير المجهول، ما يزال يكتنف حياة نور (17 عاماً)، بعد أن فُقد أثره بشكل كامل، خلال تلك الحرب التي شنتها إسرائيل على القطاع، صيف العام الماضي.
وعلى الرغم من مرور نحو عام على فقدانه، إلا أن عائلته لم تيأس من تقفي أثره، في المنطقة التي فُقد فيها، أو من خلال التواصل مع مؤسسات حقوق الإنسان الدولية لمعرفة ما إذا كان معتقلاً داخل السجون الإسرائيلية.
تقول والدته “لقد خرج نور من المنزل في الصباح، متوجهاً نحو عمله في مزرعة للدواجن، بمنطقة القرارة الحدودية، بمدينة خان يونس، جنوبي القطاع، ولم يكن يعلم أن المنطقة تم اجتياحها برياً، من قبل جيش الإحتلال الصهيوني، ليلاً”.
وكان آخر من شاهد نور، أخبر والدته بأنه دخل وسط الاجتياح البري، وأوقف الدراجة النارية التي كان يستقلّها بالقرب من المزرعة، واختفى.
ولأنها لا تعلم عن مصيره شيئاً منذ ذلك الوقت، فوالدته تعيش حالة ألم فقدانه.
أما شقيقه معتصم، فيقول: “الحرب انتهت عند جميع سكان القطاع، إلا في بيت عائلتي، حيث بقي مصير نور مجهول، لا نعرف هل هو على قيد الحياة داخل السجون الإسرائيلية، أم استشهد واحتجز الجيش جثمانه”.
وأشار معتصم إلى أنه بدأ بالتواصل مع المؤسسات الحقوقية الدولية والمحلية للبحث عن شقيقه داخل السجون الإسرائيلية، بعد أن ألغى احتمال سقوطه “شهيداً” خلال الحرب، لعدم العثور على طرف خيط يوصلهم لجثمانه.
ولفت إلى أن مركز الميزان لحقوق الإنسان بغزة (مستقل)، وكّل محامياً للبحث عن شقيقه داخل المعتقلات الإسرائيلية، أو بين الجثث المحتجزة لدى إسرائيل، “غير أن إدارة مصلحة السجون، رفضت الإفصاح عن أي معلومات بخصوص هذه القضية”.
ولم تخف السلطات الإسرائيلية، مصير الفلسطينيين المفقودين خلال الحرب الأخيرة، فعائلة المفقود حاتم أبو ريدة (25 عاماً)، أُبلغت بأن نجلها معتقل داخل إسرائيل، بعد أن وُجهت إليه تهمة الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي.
وتقول والدة حاتم، أسماء أبو ريدة ” في أواخر شهر يوليو/ تموز 2014، دخل جيش الإحتلال الصهيوني بمدفعياته وآلياته العسكرية، بلدة خزاعة الحدودية، شرقي مدينة خانيونس، واعتقل عدداً من الشبان من سكان تلك البلدة، ومنهم من أُطلق سراحه بعد أيام من الاعتقال، ومنهم من بقي في قبضة الجيش، وعُرف مصيره بعد ذلك بأنه داخل السجون الإسرائيلية، ومنهم من لم يُعرف عنه شيئاً حتّى اللحظة”.
وتضيف أبو ريدة أن إسرائيل وجهت لابنها “تهمة الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي، وحُكم بناء على ذلك بالسجن لمدة 7 سنوات ونصف”.
معرفة مصير نجلها “هون عليها وجع الفراق” كما تقول أسماء أبو ريدة، معربة عن تضامنها مع العائلات اللاتي لا تعرف شيئاً عن مصير أبنائها حتى اليوم.
ولم يتسن الحصول على أرقام دقيقة بشأن عدد المفقودين خلال تلك الحرب، كما أنه لم يصدر عن وزارة الداخلية الفلسطينية أو عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أية إحصائيات تفيد بعدد هؤلاء.
من جهتها، قالت ميرفت النحّال، مديرة وحدة المساعدة القانونية بمركز الميزان لحقوق الإنسان، إن “الحرب الإسرائيلية الأخيرة تسببت بمقتل المئات من الفلسطينيين المدنيين، واعتقال العشرات، وتعرضّهم للتعذيب وسوء المعاملة أثناء فترة التوقيف والتحيقيق”.
وأوضحت أن المركز تواصل مع عدد من العائلات التي فقدت أثر أبنائها خلال الحرب، وحصلت على توكيلات رسمية منهم، لمتابعة مصيرهم قانونياً في الجانب الإسرائيلي.
وأشارت إلى أنه بعد البحث وثّق المركز وجود 24 فرداً من المفقودين “أحياء” داخل السجون الإسرائيلية، فيما بقيت 5 ملفات مجهولة المصير، “يكتنف حياة أصحابها الغموض”.
ولفتت إلى أن الجانب الإسرائيلي رفض تزويدهم بمعلومات عن تلك الملفات الخمسة، قائلة “لذا مصير هؤلاء غير معروف، هل هم أموات أم أحياء؟”.
وبحسب النحّال، فإن مركز الميزان يعمل داخل الإطار المحلي في البحث عن مفقودي الحرب الأخيرة، موضحة أنه يتواصل مع مؤسسات في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، لمساعدته في الحصول على أية معلومات.
وأوضحت أن هذه الإحصائية “لا توثق أحوال كل المفقودين خلال الحرب، وإنما هي أولية تمكن المركز من الوصول إليها وتوثيقها، لكن هناك آخرين لم يتم ذكرهم، ولم نستطع الوصول إلى عائلاتهم للحصول على التوكيلات”.
وشنت إسرائيل في السابع من يوليو/ تموز 2014 حرباً على قطاع غزة استمرت 51 يوماً، أدت إلى مقتل أكثر من ألفي فلسطيني، وإصابة نحو 11 ألفاً آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
ولم يصدر عن إسرائيل أي بيانات رسمية حول أعداد من اعتقلتهم في غزة، خلال تلك الحرب، أو أعداد جثامين تحتجزها. (الأناضول)