مَن قتل الطيار العراقي في الولايات المتحدة!
إن معظم الاغتيالات التي تجري في الكثير من دول العالم تحدث لأسباب سياسية أو أمنية أو اقتصادية، هناك أسباب أخرى لسنا بصددها في هذا المقال.
لقد قام جهاز المخابرات الصهيوني (الموساد) ومنذ ستينات القرن الماضي بعمليات اغتيال وتصفية للعشرات من الكفاءات العراقية، من ذوي الاختصاص في مجال الفيزياء والكيمياء والأحياء المجهرية والطيارين، وخاصةً المتفوقين منهم في الدورات الخارجية، وحادثة الطيار العراقي الذي كان الأول على الدورة في بريطانيا (لا يحضرني الاسم) وقد تعرض إلى ضغوط الموساد الصهيوني، لإجباره على التعاون معه، إلا أنه رفض كل تلك الضغوطات وعندها صدر قرار الموساد بتصفيته أثناء عودته إلى بغداد، بعد إكمال الدورة حيث كلف إحدى منتسباته وكانت على مستوى عالٍ من الجمال والمهنية، حيث تم حجز مقعد لها بجانب مقعد الطيار العراقي وليس صدفة! وأثناء الرحلة تم التعارف بينهما بحجة أنها كانت تخطط لمشروع تجاري في بغداد، وفي اليوم التالي تم العثور على جثة الطيار العراقي في شقته، في حين كانت منفذة العملية قد وصلت إلى بريطانيا.
قبل عدة أيام سمعنا بنبأ مقتل الطيار العراقي في الولايات المتحدة، تم تشكيل لجنة تحقيقية لمعرفة ملابسات الحادث، ويشترك في هذه اللجنة عضو أو أكثر من السفارة العراقية، وهذا غير صحيح لأن من يشترك في هذه اللجنة يجب أن يكون من ذوي الاختصاص في المجال الأمني والمهني، واضع أمام المسؤولين العراقيين بعض الملاحظات المتواضعة لغرض الحصول على نتائج حقيقية عن سير التحقيق:-
1- أن تكون اللجنة المشاركة في التحقيق من ذوي الكفاءة الاختصاص في مجال الحصول على المعلومات وأن يكون من بين أعضائها ، طيار عراقي ومهندس طيران كفوء ، لملاحظة الأمور الفنية وغيرها التي أدت لوقوع الحادث أم أن الحادث كان مدبراً.
2-هل كانت هناك طائرة مرافقة له؟ لأن المعروف إن أي طائرة لا تطير لوحدها، سواءً كانت بمهمة تدريبية أو قتالية.
3- التأكد من مكان سقوط الطائرة، هل كان في منطقة سكنية أو منطقة زراعية؟ وهل حدثت ضحايا بسبب الحادث؟ الجواب: لم تحصل أية ضحايا لسقوط الطائرة في منطقة غير آهلة بالسكان وهذا يشير إلى أن الحادث مدبر.
4- التأكد من كفاءة الطيار العراقي خلال الدورة، وهل كان متفوقاً على زملائه هذا أمر مفروض منه حيث أن الطيار يحمل رتبة عميد، وهذا يعني أن له خدمة في مجال الطيران تزيد عن عشرين عاماً، تدرب على أنواع الطائرات الروسية والفرنسية، مما أدت إلى تراكم الخبرة لديه.
5- سؤال مهم على اللجنة التحقيقية طرحه على القائمين بالتحقيق هو لماذا لم يقذف الطيار العراقي بالمظلة؟! والجواب إما أن يكون قد تعرض لنيران طائرة أو نيران أرضية أو تم تفجير الطائرة بتوقيت معين بواسطة جهاز تفجير موضوع داخل الطائرة دون علم الطيار.
عند مناقشة الملاحظات أعلاه، يمكننا توجيه أصابع الاتهام إلى الموساد الصهيوني الذي لديه باع طويل في مجال الاغتيالات التي نفذ العشرات منها وآخرها اغتيال الطيار العراقي في الولايات المتحدة، وقصة الطيار العراقي منير روثا ليست بعيدة عن الأذهان، حيث تم تجنيده من قبل الموساد الصهيوني وقد هرب بطائرة الميك 21 وهبط بها في مطار صهيوني ، حسب الخطة المرسومة له، كان ذلك في العام 1964.
تقع على عاتق اللجنة مسؤولية وطنية في كشف ملابسات حادث سقوط الطائرة F-16 واستشهاد طيارها، وإلا تكون كعشرات اللجان التي شُكلت في العراق، للتحقيق في قضايا الفساد والجرائم التي حدثت في العراق والتي تنتهي دون أي إدانة لمرتكبيها أو إصدار أي قرار بشأن التحقيق ، وهنا لابد أن أذكر السيد حاكم الزاملي وأعضاء اللجنة المكلفة بالتحقيق في مواضيع سقوط الموصل وصلاح الدين والأنبار وجريمة سبايكر التي يندى لها الجبين، وطال إنتظار الشعب لإعلان النتائج التي توصلت إليها، وأن تضع اللجنة نصب عينها مخافة الله تعالى وتحكّم ضمائرها، وألا تأخذها في إظهار الحقيقة لومة لائم.
المصدر: المشرق
الكاتب: محمد فتحي