عمليات أختطاف ضياط الجيش السابق مستمرة!
الجزيرة نت-بغداد:'لقد اقتادوه إلى حيث لا نعلم بالرغم من توسل النسوة وصراخ الأطفال'، بهذه الكلمات بدأ حسين -البالغ من العمر 14 عاما- حديثه عن ملابسات اختطاف والده من قبل مجموعة مسلحة في منطقة زيونة ببغداد.
وقال في تصريح للجزيرة نت، 'كان رجال البيت في الخارج، ولا يوجد سوى والدي الطاعن في السن والنسوة والأطفال، عندما داهمت مجموعة مسلحة منزلنا'، موضحا أن الخاطفين كان لديهم بيانات كاملة عن كل شيء يخص العائلة، وكانوا يعلمون أن والدي المتقاعد كان يحمل رتبة متقدمة في الجيش السابق.
وتابع حسين 'لم نستطع الاهتداء للجهة التي اختطفت والدي، والأجهزة الأمنية بدت عاجزة عن تحديد هويتهم'، بالرغم من استهدافهم لعدد من أبناء المنطقة التي نسكنها، لافتا إلى أن غالبية عمليات الاختطاف كانت موجهة ضد منتسبي الجيش السابق.
وأكد حسين أنه تم إطلاق سراح والده بعد تحقيق مكثف استمر عدة أيام، وتبين أن تلك الجهة لديها إمكانيات تفوق إمكانيات الدولة، مشيرا إلى أن والده وعشرات ممن كانوا معه تعرضوا للتعذيب أثناء التحقيق معهم وهم معصوبو الأعين.
سطوة المليشيات
وتعد قصة حسين واحدة من مئات قصص الاختطاف التي تشهدها العاصمة العراقية بغداد وبعض محافظات البلاد، والتي تنفذ من قبل مليشيات مسلحة فرضت سطوتها على الشارع العراقي، في مقابلة عجز حكومي تام عن الحد من هيمنت تلك المليشيات.
وشهدت العاصمة بغداد صراعات طائفية صعبة في الفترة ما بين 2006 و2008، شملت عمليات اختطاف وتصفيات جسدية وتهجيرا، بالإضافة إلى عزل للمناطق عن بعضها بحواجز خرسانية واجتماعية، لكن هذه الممارسات عادت للواجهة مجددا.
ولم تقتصر عمليات الاختطاف على العراقيين، فقد بثت مجموعة مجهولة تسجيلا مصورا على شبكات التواصل، أعلنت فيه اختطاف 18 عاملا تركيا، وظهر المختطفون وخلفهم مسلحون يرتدون ملابس سودا، أمام لافتة كتب عليها 'لبيك يا حسين' و'فرق الموت'.
وأكد مصدر أمني رفض الكشف عن اسمه للجزيرة نت، أن المليشيات الشيعية باتت تفرض قوانينها بالقوة على الشارع في العراق، بعد السماح لهم بمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
وأضاف أن هناك مكاتب استخباراتية لهذه المليشيات الشيعية، تنتشر في جميع المناطق، وتستعين بقاعدة البيانات الحكومية المخترقة من قبلها في جمع المعلومات، لذلك تمكنت من اختطاف ضباط سابقين وشيوخ عشائر.
وأردف قائلا: 'الأمر مخيف، فلا توجد جهة أمنية قادرة على حماية المواطن من بطش هذه المليشيات، لأن الأجهزة الأمنية تخشى توقيف مواكب تلك المليشيات أو توجيه أي اتهامات إليها'.
تراخ حكومي
من جانبه، حذر المحلل السياسي قحطان الخفاجي، من تنامي قوة المليشيات المرتبطة بالأحزاب السياسية التي تحكم البلاد، محملا الحكومة المسؤولية عن تشكيل قوات مسلحة خارج إطار الدولة.
وتوقع -في تصريح للجزيرة نت- أن تتفاقم عمليات الخطف في حال استمر دعم تلك المليشيات من جهات خارجية معروفة، مما يفتح المجال أمام جهات أخرى للاستعانة بأطراف غيرها لمواجهة خطر تلك المليشيات.
بدوره، أقر الخبير الأمني عبد الكريم خلف بعودة ظاهرة الاختطاف إلى البلاد، مستبعدا أن تكون ذات طبيعة طائفية، قائلا 'هناك بعض جرائم الاختطاف ذات طابع جنائي وأخرى طائفية، لكن غالبية العمليات ذات طابع جنائي طلبا للفدية، إثر الأزمة الاقتصادية وتوقف الاستثمارات في البلاد'.
وعن عملية اختطاف العمال الأتراك، المتهمة بتنفيذها كتائب 'حزب الله العراق'، أكد خلف أنه ينتقد تلك العملية لأنه لا يمكن القبول بجهة فوق القانون وسلطة القوات المسلحة، مشيرا إلى أن الحد من سطوة هذه المجاميع يحتاج لدور حكومي أكبر وإجراءات عديدة تضبطها وفق القانون.
في المقابل، نفت الكتائب الاتهامات بمسؤوليتها عن اختطاف العمال الأتراك، مدعية أن مواجهاتها المسلحة مع قوات حكومية سببها مطالبة الأخيرة لها بتسليم قيادي تنظيم الدولة الإسلامية المحتجز لديها.
وقد يعطي إطلاق سراح اثنين من العمال الأتراك المختطفين، الثلاثاء الماضي، في مدينة البصرة (جنوب بغداد)، دليلا على سعة نفوذ هذه المليشيات، خصوصا داخل الأجهزة الأمنية.