البغدادي يملك استثمارات ضخمة لا يمكن تعقّب عائداتها لسنوات
12.08.2016
مصدر مخابراتي عراقي: 'الدولة الإسلامية' يستثمر أموالا طائلة في مشاريع اقتصادية وتجارية قسم كبير منها في بغداد.
تنظيم معارض بيع السيارات وبناء مولات تجارية
بغداد ـ تكشف معلومات حديثة ومهمة حول الوسائل الجديدة التي يعتمد عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" في تمويل مقاتليه عن أن أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم الإرهابي استثمر ملايين الدولارات، وبلايين الدنانير العراقية في مشاريع اقتصادية وتجارية خارج المدن التي يسيطر عليها في العراق شملت العاصمة بغداد.
وأكد ضابط كبير في جهاز المخابرات العراقي أن "تحقيقات امنية خضع لها عناصر في الدولة الإسلامية تم القاء القبض عليهم، اضافة الى العثور على آلاف الوثائق التابعة لهم خلال العمليات العسكرية الناجحة للجيش في الانبار منذ مطلع العام الحالي كشفت عن معلومات هائلة حول الهيكل الإداري لالدولة الإسلامية".
وقال الضابط الذي رفض ذكر اسمه في تصريح لـ"نقاش" إن "المعلومات تتضمّن أسماء قادة الدولة الإسلامية ليس في العراق فقط وانما في سورية وليبيا واماكن تواجدهم وخططهم في المستقبل، ولكن اهم المعلومات كانت تلك المتعلقة بمصادر التمويل التي يعتمد عليها في الوقت الحاضر بعد خسارته العديد من المدن في العراق مؤخرا".
وكان التنظيم المتشدد يسيطر على مدن تكريت وبيجي والدور ويثرب والعلم والشرقاط في صلاح الدين بداية عام 2015، ولكنه الآن يسيطر فقط على مدينة الشرقاط التي تحاصرها قوات الامن منذ ثلاث أسابيع لتحريرها.
وفي الأنبار، كان يسيطر على سبعِ مدن رئيسية وهي الرمادي والفلوجة والرطبة وهيت وعانة وراوة والقائم، أما الان فهو يحتل فقط عانة وراوة والقائم.
ولم يكن فقدان الدولة الإسلامية لهذه المدن في عام واحد بالنسبة له خسارة عسكرية فقط، وإنما خسارة اقتصادية كبيرة لان هذه المدن كانت تضم حقولا نفطية ومزارع ومصانع واسعة كان يستفيد منها في تمويل نفسه، كما انه خسر أموال الضرائب والإتاوات التي كان يفرضها على سكان هذه المدن.
وعلى الرغم من ذلك، يقول ضابط المخابرات العراقية إن "التحقيقات تشير الى ان الدولة الإسلامية لا يعاني من ازمة مالية حاليا، لانه ما زال يستفيد من مورد مالي خفي لا يمكن الوصول اليه وكشفه بسهولة وهي الاستثمارات في المشاريع التجارية".
ويضيف ان "التحقيقات كشفت عن قيام زعيم الدولة الإسلامية ومعاونيه منذ عام 2014 باستثمار أموال طائلة في مشاريع اقتصادية وتجارية تضمنت عشرات المعارض لبيع السيارات، وبناء مولات تجارية، وحتى المشاركة في مزاد بيع الدولار، وقسم كبير من هذه الاستثمارات في بغداد".
وشملت الاستثمارات المئات من أحواض الأسماك ومزارع الفواكه والخضراوات في ضواحي بغداد، وحتى بناء مستشفيات اهلية والتجارة في الأدوية التي تدر أرباحا طائلة تقدر بملايين الدولارات شهريا، كما يقول الضابط.
وعن طريقة جمع هذه الأرباح وإرسال جزء منها الى المدن التي يسيطر عليها الدولة الإسلامية لدفع رواتب مقاتليه وإقامة المشاريع الخدمية فيها، يقول الضابط ان أشخاصا عاديين وتجارا ورجال أعمال لا علاقة لهم بالتنظيم عقائديا، هم من يديرون هذه المشاريع باعتبارهم وسطاء تحت رقابة شديدة من هيئة "بيت المال" التابعة الى الدولة الإسلامية وهي تشبه وزارة المالية".
ويضيف أن "الوسطاء يقومون بجمع الأموال وإرسالها عبر حوالات مالية من مكاتب الصيرفة وبعض المصارف الى أي مدينة داخل العراق وخارجه، بعض هذه المصارف لا تعرف مصدر الأموال ولكنها تقوم بإرسال الأموال من أجل الربح".
واستولى التنظيم المتشدد عندما هاجم وسيطر على غالبية المدن في نينوى وصلاح الدين والانبار على المصارف الموجودة فيها.
ويقول مصدر في وزارة المالية العراقية ان تنظيم الدولة الإسلامية استولى على الاموال المودعة في ثمانين فرعا لمصارف عراقية، بعضها حكومية مثل "الرافدين" و"الرشيد" وبعضها غير حكومية.
وعلى الرغم من صعوبة احصاء حجم الأموال التي حصل عليها من هذه المصارف، ولكن التقديرات تشير الى ان قيمتها تقدر بنحو خمسة تريليونات دينار عراقي وتعادل أربعة مليارات دولار، كما يقول المصدر في وزارة المالية.
ومن هذه الأموال ما قرر الدولة الإسلامية استثمارها في المشاريع التجارية. ويقول ضابط المخابرات إن "الدولة الإسلامية استولى على مبالغ ضخمة من الدينار العراقي ولكنه لا يستطيع الاستفادة من العملة النقدية العراقية في استثمارها خارج العراق ولهذا لجأ الى استثمارها داخل العراق".
أما المبالغ التي حصل عليها بالدولار من مبنى البنك المركزي في الموصل وعمليات بيع النفط من حقول علاس وحمرين في صلاح الدين على مدى عام ونصف العام، فقد كان يقوم باستثمارها خارج العراق وخصوصا في تركيا ودول اخرى، وفقا للضابط.
ووفقا لوثائق حصلت عليها قوات الأمن في الانبار، فإن "بيت المال" له وظيفتان، الاولى جمع وإحصاء الاموال التي يحصل عليها الدولة الإسلامية شهريا، أما الثانية احتساب المصاريف الشهرية وتتضمن رواتب مقاتليه، ورواتب عائلات القتلى، وشراء الأسلحة والذخيرة ونفقات الحملات الإعلامية في إنتاج أفلام الفيديو وتجنيد أشخاص لإدارة مئات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وموازنة مالية خاصة بمقاتلي الدولة الإسلامية في أوروبا وأميركا يتم صرفها على عمليات التجنيد التي تقوم بها خلايا نائمة.
وتشير الوثائق ايضا الى ان "اللجنة المالية تضم تسعة أعضاء لكل منهم اختصاص في قضية واحدة ويقوم رئيس هذه اللجنة بمراقبة عملهم ومراجعة حساباتهم منعا لحصول فساد إداري ومالي في هذه الأموال".
وينقل "نقاش" عن الخبير الامني زياد احمد قوله إن "مصادر تمويل الدولة الإسلامية الأساسية هي التبرعات من منظمات جهادية وتجار عرب، والضرائب والإتاوات والغنائم العسكرية التي يحصل عليها من المناطق التي يسيطر عليها في العراق إضافة إلى تهريب النفط، وهذه المصادر من السهولة تعقبها وايقافها بعد القرارات التي اتخذتها الامم المتحدة".
واتخذ مجلس الامن الدولي قرارين لقطع تمويل الدولة الإسلامية وشمل منع التنظيم من تصدير النفط وتهريب الآثار، الاول قرار عدد 2253 في 17 كانون الأول/ديسمبر 2015، والثاني القرار عدد 2199 في شباط/فبراير 2015.
ولكن المشكلة الكبرى تكمن كما يقول احمد في الاستثمارات والمشاريع الاقتصادية "لأن من الصعوبة تعقبها ومنع تحويل أرباحها بسبب النظام المصرفي المتخلف في العراق وضعف الرقابة المالية على مئات المصارف ومكاتب الصيرفة المالية، ولهذا ستبقى استثمارات الدولة الإسلامية لسنوات طويلة".
***
ميدل ايست أونلاين
Gefällt mirWeitere Reaktionen anzeigen
Kommentieren