ظلّ فلاديمير بوتين في البيت الأبيض
رأي القدس
Sep 21, 2016
ظهرت خلال الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري الأمريكي دونالد ترامب مؤشّرات كثيرة على ودّ متبادل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو ما استوحاه أحد الفنانين الأوروبيين ليصنع لوحة صارت شهيرة للزعيم يتبادلان القبل.
اتضح لاحقاً أن العلاقة بين ترامب وبوتين تتجاوز الودّ السياسي وذلك لأسباب كثيرة.
أول هذه الأسباب ما ظهر من وجود دعم ماليّ من دائرة كبار رجال الأعمال الروسية القريبة من بوتين للملياردير الأمريكي، وحصل ذلك بعد أن امتنعت المصارف الأمريكية الكبرى عن إقراض ترامب بعد إعلان إفلاسه عدّة مرّات. ورغم أن مشروع ترامب لإنشاء «برج موسكو» لم ينجح فإن ترامب وأفراد عائلته زاروا موسكو منذ ثمانينيات القرن الماضي عشرات المرات واعتمدوا على مستثمرين روس لشراء عقارات في العالم بما فيها استثمارات له في تورونتو ونيويورك. يضاف إلى ذلك أن ثلاثة من كبار مستشاري ترامب لديهم أيضاً علاقات مالية وثيقة مع روسيا، من خلال شركات كبرى كغازبروم، أو عبر سياسيين يدورون في دائرتها مثل فيكتور يانوكوفيتش رئيس أوكرانيا السابق.
لم تقتصر علاقات ترامب الروسية على الاستثمارات العقارية بل امتدّت إلى عالم الترفيه حيث كان مسؤولا عام 2013 عن نقل مسابقة ملكة جمال العالم إلى موسكو. ليس غريباً طبعاً أن بوتين قدم تهانيه للحفل مع هديّة تشكر المنظمين.
الإشارة الثانية التي اعتبرت تدخلا روسيا في حملة ترامب ضد كلينتون جاءت على شكل قرصنة عشرات آلاف العناوين الالكترونية الموجودة على أجهزة اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي، وعلى تلميح المقرصنين، الذين سمّوا أنفسهم «الدب المحبوب»، أن ما زال لديهم الكثير للكشف كان ردّ فعل ترامب هو الطلب من الروس كشف أسرار كلينتون!
في تقرير للموقع الالكتروني لـ»دايلي ميلي» البريطانية تتساءل الصحيفة إن كان دونالد ترامب جاسوساً روسيّاً، أو أنه مجرد «ألعوبة» بيد بوتين، وهو سؤال تكرّر بأشكال مختلفة في مئات التقارير الصحافية الأمر الذي دفع ترامب لإعفاء مسؤول كبير في حملته الإعلامية معروف بعلاقاته المالية مع روسيا، وكذلك لنفي صريح لمعرفته الشخصية ببوتين رغم أنه قال في عام 2014 إنه كان في موسكو وأنه تحدث بشكل مباشر وغير مباشر مع بوتين، وقد تكرّرت مزاعم ترامب بأحاديث له مع بوتين كان بينها تلميح بذيء إلى أن الرئيس الروسي استخدم حرف N (في تلميح لشتيمة عرقيّة ضد الرئيس الأمريكي باراك أوباما).
رغم كل هذه الوقائع التي لا يمكن إلا أن تؤثر على أحكام ترامب، وهو في النهاية رجل أعمال، فإن الأولى البحث في الدلالات السياسية للإعجاب المتبادل بين ترامب وبوتين، بدءاً من كرههما لأوباما وكلينتون، وليس انتهاء بمواقفهما السياسية العنصرية ضد اللاجئين والشعوب المستضعفة والنساء.
ليس غريباً بالتأكيد أن شخصية دكتاتور مثير للجدل مثل فلاديمير بوتين صارت محطّاً لإعجاب التيّارات العنصرية في الغرب، وهو إعجاب يتعدّى أعمال التمويل المشبوهة لهذه التيّارات إلى رغبة زعمائها في التماهي مع أساليب بوتين في التخلّص من معارضيه وفي حكم بلادهم بطريقته وفي اقتباس منهجه في تدمير من يقف في وجهه، أشخاصاً كانوا أم بلداناً.
في كتاب صدر مؤخراً بعنوان «مذكرة حمراء: كيف أصبحت عدوّ بوتين رقم 1» يروي بيل براودر، وهو حفيد لرئيس سابق للحزب الشيوعي الأمريكي، أن البرلمان الأمريكي كان قاب قوسين من إصدار قانون بتجريم مسؤولين روس وأنّ من وقف في وجهه كان آنذاك رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، جون كيري، وبرأيه أن مساندته تلك لروسيا كانت الثمن الذي دفعه كيري للوصول إلى منصب وزير خارجية أمريكا!
أي أن ظلّ القيصر الروسيّ موجود الآن في البيت الأبيض وقبل أن يصل ترامب لسدّة الرئاسة.