اغتيال الكاتب ناهض حتر في عمان بعد 24 ساعة من تعيين أردني على رأس هرم تنظيم «الدولة»
استقالة حكومة الملقي وإعادة تكليفه على إيقاع توتر صاخب للمسيحيين في الفحيص
Sep 26, 2016
عمان – «القدس العربي» من بسام البدارين: مشكلتان برزتا مجددا على السطح بمجرد دخول الأردن برمته على خط القلق بعد أول عملية اغتيال يبدو أنها «منظمة» تطال كاتبا صحافيا بارزا وهو ما يحصل لأول مرة في تاريخ المملكة المعاصر.
الأولى تتعلق بأن الكاتب اليساري وحليف النظام السوري ناهض حتر وقبل مقتله بدقائق فقط بسبع رصاصات مباغتة، كان في زيارة عادية كمراجع لقصر العدل حيث مجمع محاكم العاصمة عمان .
معنى ذلك أن الرجل كان «مرصودا» وأن اغتياله قد لا يكون على خلفية تأثر القاتل فقط بالتهم التي وجهت للمغدور بعنوان الإساءة للذات الإلهية، بل أقرب لصيغة «عملية» من المرجح أن فيها أطرافا أخرى، وقد توحي ببصمات تنظيم «الدولة الإسلامية».
المشكلة الثانية تتمثل في التقصير الرسمي الذي رافق المشهد، فقد طارد الجاني بعدما أطلق سبع رصاصات بدم بارد بعض المواطنين، وبينهم نجل المغدور رغم وجود حراسة أمنية مكثفة في محيط قصر العدل. الكاتب الحليف للنظام السوري ناهض حتر قتل صباح أمس الأحد وهو يرافق ولديه على واجهة قصر العدل، ولم يكن حسب معلومات «القدس العربي» بصدد المثول في جلسة لها علاقة بالقضية التي أقامها ضده باسم الحق العام رئيس الوزراء هاني الملقي، ووزير الداخلية سلامه حماد.
ظروف مقتل الكاتب المعروف بسجالاته الإشكالية ما زالت غامضة، والسلطات حظرت النشر للسيطرة على إيقاع التحقيق، وسط حالة عاصفة من الاستياء الشعبي ودعوات مكثفة لاحتواء أي طابع «طائفي» للحادثة، على أساس أن ناهض حتر لم يقتل لأنه مسيحي بل كان يمكن لأي مسلم في موقعه أن يقتل.
وكان حتر قد أوقف لشهرين في السجن على ذمة التحقيق بتهمتي الإساءة للذات الإلهية والترويج للفتنة، وبمذكرة وقعها الوزير حماد ورئيس الحكومة، وبعد إعادة نشره لرسم كاريكاتور اعتبر مسيئا للإسلام.
حسب طبيب الموقع فارق حتر الحياة فورا، وعائلته تحشدت في مسقط رأسه في مدينة الفحيص مطالبة بإقالة الملقي والوزير حماد، فيما أدانت الحكومة الجريمة النكراء، وكذلك فعل حزب جبهة العمل الإسلامي، فيما كان مصدر أمني مطلع قد أبلغ «القدس العربي» بأن اغتيال حتر رسالة ليست للمسيحيين في الأردن بل للدولة الأردنية نفسها، مصرا على أن الاغتيال يحمل بصمات من هاجموا مقر مخابرات البقعة ومعسكر الركبان.
وهي إشارة لاحتمال ان يكون القاتل وهو إمام مسجد في الخمسين من عمره «ذئبا منفردا» يتبع جهات مرجعية في تنظيم «الدولة»، ضمن عملية تبرز بعد 24 ساعة فقط من تعيين الأردني عمر زيدان رئيسا لمجلس شورى مجاهدي تنظيم «الدولة».
السلطات تتكتم رسميا وتفترض كل السيناريوهات، لكن حجم الاستياء الشعبي يعد غير مسبوق خصوصا وأن حتر قتل بعد ليلة انشغل فيها الأردنيون بمقتل فتاة (18 سنة) برصاصة انتخابية مفرطة في الفرح، بعد إطلاق النار من سلاح أقاربها احتفالا بفوز عمها يحيى السعود في الانتخابات شرقي عمان العاصمة .
يوم الأردن «الدامي» بامتياز لا يمنع الاسترسال في السياق الدستوري بعد الانتخابات، فقد وضعت حكومة الرئيس الملقي استقالتها بين يدي الملك عبدالله الثاني تعاملا مع العرف المتبع في حال ولادة برلمان جديد .
الملك قبل استقالة الوزارة كلف الملقي فوراً بتشكيل حكومة جديدة حسما للخيارات في هذا الصدد، ومصادر الرئاسة تفيد بأن الملقي باشر فورا مشاوراته اعتبارا من مساء الأحد مع أركان البرلمان الجديد لتقديم فريقه الوزاري منتصف الأسبوع الحالي على إيقاع اجتماعات صاخبة وتصعيدية في مدينة الفحيص ذات الأغلبية المسيحية، احتجاجا على مقتل الكاتب حتر.