ملاحظات على مايسمى بقانون مصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة
العائدة لأركان النظام السابقة
**************************************************
الدكتور ناجي الحديثي
***********************
بسم الله الرحمن الرحيم
ان الملاحظات على هذا القانون متشعبة وكثيرة منها ملاحظات اولية واخرى عامة وثالثة قانونية .
اما الملاحظات الأولية على هذا القانون الذي يبدأ – من اجل تحقيق العدالة الانتقالية بتشريعاتها وقوانينها الصحيحة وتحديد الاشخاص المشمولين بتلك القوانين . ولازالة الغموض الذي يشوب بعض فقرات ومواد تلك التشريعات ووضع الالية المناسبة التي تتلائم واجراءات الحجز والمصادرة .
1- ففي الوقت الذي تدعي فيه الجهة التي نظمت القانون انها وضعت هذا القانون لازالة الغموض فقد زادت عليه غموضا كثيرا بحيث اصبحت مواده غير مترابطة وغير مفهومة وتتعارض الاحكام فيها وسوف ياتي توضيح ذلك .
2- وتدعي يضا من اجل تحقيق العدالة الانتقالية بتشريعاتها في حين ان هذا القانون جاء لتحقيق الانتقام الكامل من الاشخاص المذكورين فيه وابتزازهم من المجرمين والسراق وانه مخالف للدستور الذي وضعوه .
ان القانون الذي اصدره الحاكم المدني بعد الاحتلال كان يقتصر على الاشخاص باسمائهم فقط وهم (55) شخصا , الان في هذا القانون المخالف للدستور اصبح المشمولين به عشرات الالاف وعوائلهم واخوانهم بل مئات الالاف , فكيف يدعي واضعي هذا القانون الجائر على انه جاء لتحقيق العدالة .. اي عدالة هذه التي لاتقتصر على قانون (بريمر) وانما توسعه ليشمل فئات اخرى مثلا من كان عميدا فما فوق ومن كان محافظ او مدير امن في المحافظات والاقضية وغير ذلك حيث انه وسع احكام قراري مجلس الحكم 76 و88 لسنة 2003
اما الملاحظات القانونية فهي :
1- جاء هذا القانون مخالفا للدستور الذي وضعوه وللشريعة الاسلامية الذين يدعون انهم يحكمون بموجبها , فاما مخالفة الدستور فانه ينص في المادة الخامسة منه الفقرة ثامنا ان العقوبة شخصية . اما مخالفته الشريعة الاسلامية والدستور وفقا لما جاء في المادة 2 اولا من الدستور وبكل بنودها , ومن المعلوم ان الشريعة الاسلامية مصدرها القران الكريم الذي ينص في الكثير من سوره ( ولا تزر وازرة وزر اخرى )
2- لقد كان من الاولى تصفية وانقاص عدد المشمولين بقراري مجلس الحكم او الغائهما كونها من القوانين الانتقالية والتي يجب ان لاتستمر اكثر من سنتين حيث ان الفترة الانتقالية انتهت منذ اكثر من عشر سنوات وكان الاولى ان يقتصر القانون على الاشخاص الذين حكمت عليهم المحكمة الجنائية بالمصادرة لاموالهم .
3- في كل دول العالم سواء في دساتيرها او قوانينها لابد ان تحترم قرارات المحاكم فيها وبالاخص التي شكلتها هي والا فكيف يشمل القانون من برأته المحكمة الجنائية من الهدر المالي والاستغلال فمن باب اولى يجب ان يستثنى هذا الشخص وليس من حق احد اصدار قوانين تشمل من صدر بحقه حكم براءة .
4- من المعلوم انه لاتوجد دولة بالعالم عندما يتغير النظام فيها سواء بالثورة او الانقلاب او الاحتلال اوغيره كالانتخابات ومنها العراق سابقا فلا تصدر قوانين مصادرة ولا حجز على احد غير مجموعة فليلة ومحددة من بعض الاشخاص الذين يسمون بالاسم وليس زوجاتهم واخوانهم واولادهم الذين ليس لهم علاقة .
5- كذلك فان من المعلوم في كل دول العالم ودساتيرها تنص على ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته اما في هذا القانون فاصبح العكس مما يدل على ان واضعي هذا القانون ليس لديهم المام بالقانون ولا اللجنة القانونية في مجلس النواب لها علاقة بالقانون اذ يجب ان لاتفوتهم مثل هذه المبادئ الدستورية والقانونية . حيث ان هذا القانون اوجب على على الشخص ان يثبت برائته هو وهويعتبر مدان حتى يثبت برائته في حين من المفروض ان تتبع الخطوات المعروفة وهي اولا اقامة دعوى في المحاكم المختصة من قبل الاشخاص المتضررين من فعل الشخص وجمع الادلة واصدار قرار الحكم من تلك المحكمة باسم المدعي عليه حصرا والزامه باعادة المال المنقول او غير المنقول بالتعيين وحسب الدعوى ونخضع هذه الاحكام الى طرق الطعن المعروفة والمحددة بالقانون .
6- ما ذنب الاخ او الوكيل لكي تحجز او تصادر امواله وهو ليس له دخل باي عمل قام به اخيه او موكله ومن المعلوم في العراق ان هؤلاء الاشخاص لايمكن ان يسجل المشمول باسمائهم اي شيء اخر لان عوائلهم لاتقبل ان يسجل الشخص باسم اخيه ملكا منقولا او غير منقول ولا باسم وكيله مهما كان .
7- لم نسمع ان دولة حجزت اموال الاحزاب التي كانت قبلها واصدرت قانون يتظمن درجات حزبية معينة حتى في العراق سابقا وانما تصدر القوانين على الافعال فمن يرتكب الفعل المخالف للقانون تصادر امواله بقرار من المحكمة وليس اعتباطا .كما لاتحجز الاموال الا بقرار من القاضي المختص بعد اقامة دعوى ووضع كفالة ضامنة وبنسبة معينة من المبلغ المطلوب الحجز عليه وتودع الكفالة لدى المحكمة ويقبلها القاضي ويصدر قرار وضع الحجز على المال المطلوب الحجز عليه لحين البت بالقضية فاذا خسر المدعي الدعوى فان مبلغ الكفالة يصادر واذا ربح المدعي الدعوى فان قرار الحكم خاضعا للطعن لحين ان يكتسب القرار الدرجة القطعية . وهذا ما كانت تسير عليه المحاكم في العراق في ظل الانظمة السابقة .
8- التناقض الكبير في سريان هذا القانون ومدد الاعتراض عليه ومدة تحديد الاسماء المشمولة فيه كما ورد في الفقرة ثانيا منه مرة يقول 30 يوما و60 يوما وسنة وغير ذلك من التخبط الذي لايحدد المدة بالضبط لان القانون تضمن صدور تعليمات لتنفيذه من مجلس الوزراء ولا نعلم ماهي المدة التي سوف تصدر به هذه التعليمات .
9- لم تحصل في دولة ايضا عقوبة مصادرة الاموال او حجزها على الاشخاص الذين تولوا مناصب تنفيذية مثل محافظ او مدير امن او مدير شرطة او عميد او يشغل درجة حزبية معينة لا سابقا ولا لاحقا لانهم ينفذون القوانين النافذة وقت توليهم المسؤولية والتعليمات التي تصدر لهم من الجهات الاعلى منهم , ومن المعلوم ان الحزب ليس جهة رسمية كي يحاسب فيه من هو بدرجة معينة وهو لايحكم مطلقا وانما ينفذ القوانين حاله حال اي مواطن اخر .
10 –من المعلوم انه في العراق مساحات الدور المشغولة متعددة وكانت الجمعيات توزع الاراضي على المنتسبين لها بحدود 800 متر او 600متر او اكثر او اقل حسب السنين ابتداءا من عام 1959 لحين 1980 فكيف يعفى الدار بحدود 400 متر فقط , ولذلك يجب ان تحددالمساحة ب800متر او اكثر عندما يختار من تصادر امواله فقط دار سكن العائلة
11-ماذا يتوضح للقارئ من هذا القانون :
يتوضح ان واضعي هذا القانون كان هدفهم ابتزاز الفئات المشمولة به من قبل اللصوص الين يتمتعون بامتيازات وينعمون بمكاسب حرام لان الناس الذين ظلت اموالهم محجوزة من يوم الاحتلال الى الان يبتزوهم بعض المسؤولين وسماسرتهم ويشترون عقاراتهم باسعار زهيدة لا تساوي في احسن الاحوال ربع قيمتها الحقيقية .. وفي ظل هذا القانون سوف يوسع المشمولين ليصبحوا مئات الالاف وجميعهم سوف يخضعون لابتزاز السماسرة وخاصة سماسرة المسؤولين الذين نهبوا البلاد لينهبوا هؤلاء العباد بحجة انهم سوف يخلصونهم من سريان هذا القانون ويحصلوا على اموالهم بثمن بخس كما حصل سابقا . كما ان هذا القانون جاء بايعاز من ايران لعملائهم في العراق لاصداره يوم تحرير الفاو في 17 نيسان 1988 من الاحتلال الايراني انتقاما من الوطنين الشرفاء .
الخلاصة :
ان هذا القانون لايصلح بعد مرور 14 عاما من المعاناة ولايصلح اساسا لبداية مسيرة المصالحة الوطنية التي يتمشدقون بطرحها بل على العكس فانه يزيد الحالة تعقيدا وارباكا ويعطي اللصوص فرصة للابتزاز والاثراء غير المشروع على حساب الآم الاخرين الذين لايجدون قوت يومهم لانهم لايمتلكون سابقا غير مرتباتهم الشهرية التي لاتكفيهم اوبالكاد تسد حاجاتهم وعوائلهم واولادهم من مختلف اوجه الصرف مضافا اليها العلاج ودراسة ابنائهم وما يتطلبها ذلك من المصاريف الاضافية . لذلك فان المطاوب الغاء هذا القانون وفتح صفحة جديدة تآمن فيها الناس على حياتها واموالها واعراضها وانهاء الظلم والحيف الذي وقع على شرائح كثيرة من الناس .
المطلوب الان :
1-عدم المصادقة على هذا القانون نهائيا من قبل رئيس الجمهورية
2- عدم تشريع هذا القانون اوغيره من القوانين التي تمس الحقوق والحريات الاساسية الواردة في الدستور وكما جاء في المادة 2 فقرة (ج) منه .
3-ولكون هذا القانون مخالف للدستور والشريعة الاسلامية فانه من باب اولى عدم المصادقة عليه كما عرضنا في الملاحظات .
وفي كل الاحوال اذا لم يلغى فعلى الاقل اعادته الى مجلس النواب لاعادة صياغته مجددا بعد الاخذ بالملاحظات القانونية التي ابديناها .
ومن الله التوفيق
19نيسان 2017
Gefällt mir
Weitere Reaktionen anzeigen