رفض تغلغل إيران.. عدنان الدليمي عاش وطنياً ومات مظلوماً
عدنان الدليمي.. سيرة رجل كافح لأجل عراق بلا طائفية
بغداد – محمد البغدادي – الخليج أونلاين:بعد غزو العراق من قبل تحالف دولي قادته الولايات المتحدة الأمريكية، في 2003، أطيح خلاله بنظام الرئيس صدام حسين، برزت عدة وجوه سياسية كان لها ثقل واضح، يعدّ عدنان الدليمي واحداً منهم.
خاض الدليمي مرحلة سياسية صعبة؛ إذ بدأ العراق يشهد مرحلةً وُضِعت لها أسس طائفية، ولم يكن بُدّ من أن يتبنّى قياديون "سُنّة" بناء تكتل سياسي يحوي المكون السني في العراق؛ لا سيما بعد أن ظهر تكتّل واسع يحوي المكون الشيعي.
ووفقاً لذلك، برز عدنان الدليمي كواحد من أهم القيادات السنية في البلاد، وتصدّر الخطاب السني الداعي إلى بناء وطن على أساس العدل بعيداً عن الطائفية.
صباح الثلاثاء، 3 مايو/أيار الجاري، توفّي الدليمي بمدينة أربيل، شمالي العراق، عن عمر ناهز الـ 85 عاماً، وبوفاته فقدت الساحة السياسية العراقية أحد أبرز قاماتها؛ النائب السابق في مجلس النواب العراقي، ورئيس ديوان الوقف السني سابقاً.
ولد الدليمي في محافظة البصرة جنوب البلاد عام 1932، ويعود نسبه إلى الأنبار غرباً، وعمل مدرّساً مدة خمسين عاماً، حيث غادر العراق عام 1994 إلى الأردن، وعمل في جامعة الزرقاء الأهلية، عميداً لكليتي الآداب والشريعة، وكان أستاذاً للدراسات العليا فيها.
وترأس الدليمي كتلة "جبهة التوافق العراقية"، الممثّلة لسُنة العراق بمجلس النواب، بعد انتخابات عام 2005.
استمرّ الدليمي في العمل السياسي لدورتين انتخابيتين، حتى أصدر رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، مذكّرة قبض بحقّه؛ اتّهمه فيها بالإرهاب، واعتقل اثنين من أبنائه، وأغلق مقرّ حركته السياسية في بغداد.
عن دوره في الساحة السياسية العراقية وما قدّمه خلالها، علّق رئيس الكتلة النيابة عن تحالف القوى العراقية، أحمد المساري، على وفاة عدنان الدليمي بأن "العراق خسر رجلاً وطنياً شجاعاً".
وأضاف المساري لـ "الخليج أونلاين"، وهو يتحدّث عن الدليمي، بأنه "كان مدافعاً عن العراق وأهله، وتعرّض إلى مظالم واستهداف سياسي بامتياز".
وتعليقاً على الاتهامات بالإرهاب التي وُجّهت للدليمي، والحملات الواسعة التي شُنّت ضده، أكّد المساري أن الدليمي "لم يكن طائفياً، وإنما كان يسعى إلى إنقاذ العراق من الفتن الطائفية التي تعصف بالبلاد".
يشار إلى أن الدليمي كان أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين في العراق، التي انتمى إليها في وقت مبكّر من شبابه، في حين ترك صفوف الجماعة عام 2004، لكنه بقي قريباً منها، وفقاً لمقرّبين.
إلى ذلك وصف الشيخ عدنان فاضل الجبوري، وهو من أئمة وخطباء بغداد، وفاة الدليمي بأنها "خسارة للعراق".
وقال الجبوري لـ "الخليج أونلاين": "إن الدليمي قامة عراقية مهمة، ورمز سني مخلص لوطنه".
وتابع الجبوري، الذي كان قريباً من الدليمي، في أثناء فترة رئاسة الأخير للوقف السني، بأن الراحل "أفنى حياته مدافعاً عن أهل السنة والجماعة، لا يقبل بالظلم أن ينتشر في البلاد".
وأضاف أنه عندما شغل الراحل منصب رئيس ديوان الوقف السني "كان يُسخّر مبالغ كبيرة من أموال الوقف لخدمة الفقراء، ودعم أسر المعتقلين"، مشدداً بالقول: إنه "وبسبب مواقفه الرافضة للتدخّل الإيراني في العراق تعرّض منزل الراحل إلى قصف بالصواريخ، وجرى اعتقال أولاده، فضلاً عن عمليات اغتيال لأتباعه من قبل المليشيات التي تدعمها إيران".
بدوره نعى الحزب الإسلامي العراقي النائب السابق عدنان الدليمي، واصفاً إياه بـ "فضيلة الداعية والسياسي والأكاديمي الكبير".
وقال الحزب في بيان تلقّى "الخليج أونلاين" نسخة منه: "بقلوب مملوءة بالرضا بقضاء الله وقدره، وحزن وأسى بالغين، تلقّينا نبأ وفاة الدكتور عدنان الدليمي، بعد صراع مع المرض"، مبيناً أن الفقيد "امتاز بكونه عنواناً للالتزام بالحق، والنشاط والهمة العالية، ونصرة المظلوم، وعمله المستمرّ المتواصل ليل نهار من أجل نشر الخير، وتمثّل رسالة الإسلام العظيمة طيلة حياته الثرّة والغنية بمئات المحطّات المضيئة التي تملأ النفس بالفخر والاعتزاز".
وأضاف الحزب، أن الدليمي "نشر خلال سنوات حياته مبادئ الخير، ومعاني الإيمان، والمعرفة الرصينة في كل البقاع التي عاش فيها، فقد نهل طلبة العراق، واليمن، والأردن، وبلدان كثيرة، من فكره وعلمه، وترك بصماته التي ليس من السهل أن تمحى في مدارسها وجامعاتها".
وتابع: إن "الإسهامات العلمية والأكاديمية للفقيد الدليمي استُكملت بالجانب السياسي، الذي قدّم فيه الكثير من أجل أبناء شعبنا والدفاع عن حقوقهم دون كلل أو ملل، وفي جميع العناوين التي حملها، والتي عبّرت عن منهج الحق الذي لم يحد عنه"، موضحاً أنه كان "داعية للعدالة والحرية وجمع الكلمة ورأب الصدع، وظل صابراً على ذلك حتى وفاته، على الرغم من شدة التحديات والضغوطات والمحن التي واجهها، فعاش فارساً أبياً، وتوفي قامة شامخة لم تنحنِ أو تداهن باطلاً".