لطفي الياسيني معلومات إضافية
الأوسمة : المشاركات : 80159 نقاط : 714002 التقييم : 313 العمر : 118 | موضوع: السروال الاثري / قصة قصيرة: - بقلم: هاني زريفة الأربعاء يونيو 14, 2017 1:27 am | |
| [size=36]السروال الاثري / قصة قصيرة: - بقلم: هاني زريفة[/size]
السروال الأثري قصة قصسرة: بقلم: هاني زريفة لو زارني الشيطان - في حلم ليلة الأمس – لكان أخف وطأة من زيارة تلك السائحة التي تنحدر من نسل (ميشو) ! كانت جدتي أم عفاش – رحماها الله – تقول لي : " إن زيارة الأفعى – في الحلم – تعني بأن المرء سيصادف امرأة فاجرة " . ولكنها – سامحها الله – لم تذكر لي شيئاً عن معنى زيارة سائحة تنحدر من نسل (ميشو) ! لقد اعتدنا هنا في (قنوات) أن نرى الكثير من السائحات اللواتي يقصدن آثارنا . ولكنني لم أر قط مثل تلك السائحة طولاً وجمالاً وأناقةً ! كانت تتأبط ذراع مترجم عربي، بل سمسار عربي على الأرجح . - ترى كيف سولت له نفسه أن يصطحبها، دون أن يكون لهما ثالث سوى الشيطان ؟! كان يبدو إلى جانبها كطفل تقوده أمه، وفوق خصرها – في الجهة المقابلة – تتدلى محفظة متخمة بمشتريات معظمها لا يلمه أحدنا عن (المزبلة) . ناديت أم أسعد لتجلس معنا، من أجل الحلال والحرام، فجلبت صينية عنب، وسلمت على الضيفين ! أخذ المترجم يتحدث عن مشتريات الزبونة بكلام لا أفهم بعضه .... السائحة تضع رجلاً على رجلٍ ! - السيدة تزور بلادنا في مهمة علمية تاريخية ..... يلثغ بالسين ! - ...... وفي الحقيقة أن النقود القديمة التافهة قد تفيد في مثل هذه الأبحاث .... إن لمثل هؤلاء العلماء فضلاً على بلادنا، إنهم يكشفون لنا ..... أنظر إليها . - نعم إنهم يكشفون ...... - وليست تضحية كبيرة أن نبيعهم هذه الأشياء التافهة بسعر جم ..... ثيابها ترتفع بمقدار شبر وبعض الشبر ! - قل لهذه السائحة أن تستر بطة رجلها ...... جدتي أم عفاش – رحمها الله – كانت تقول بأن ما يظهر من لحم الأنثى سينسلخ الجلد عنه يوم قيامة الساعة ! تنسل أم أسعد بعد أن تمسح العرق عن جبينها . - تقول لك ألست عربياً ؟! - قل لها أبوها ليس عربياً، أما أنا فأنحدر من صلب قحطان ! - تقول : العرب يحبون بطات الأرجل ينفقون ثرواتهم في سبيلها ! - قل لها العرب الذين تعنيهم ليسوا عرباً ! أفتح الصندوق . نلتف حوله . أبحث عن النقود القديمة بين الأشياء البالية . أبحث .... أبحث ..... أبحث ! أرفع الربابة فتتناولها وتحاول العزف عليها ! أرفع سروالاً قديماً يعود لجدي أبي عفاش (رحمه الله) . أحاول إخفاءه فتختطفه من يدي .... يظهر نمر مخيف . تتناول مقصاً تقص شاربي النمر، ثم تقص معظم ذيله، فبراثنه . تشق يديه ورجليه فليلاً، فيصبح في كل منهما ظلفتان، وتمسح يدها على وجهه، فيستطيل الوجه قليلاً، وتصبح العينان باهتتين، ويظهر له قرنان . تزول خطوط جسمه وينخفض عنقه .... أعاود البحث من جديد، بينما تقلب السائحة السروال .أخيراً أعثر على النقود القديمة . أفك عقدة الكيس، وأخرجها . المرأة لا ترفع نظرها عن السروال .... ! أحرك النقود في يدي فتحدث رنيناً، ولكن الرنين لا يثير انتباهها ! - هل أقلعت (الحرمة) عن شراء النقود القديمة ؟! يتجاهل المترجم سؤالي، ويبقى يرطن معها ! أظهر عدم إهتمام بقضية بيع النقود، وأبدأ بإعادة الأشياء إلى مكانها في الصندوق ...... - يظهر أن السروال أعجبها، أليس كذلك ؟! إنه من ثياب أيام زمان، لقد كانوا يتفاخرون بهذه (الشراشيب) وهذه الزخارف .... سقى الله تلك الأيام ! كان اللباس محتشماً وفضفاضاً . أما شباب هذا الزمن فيلبسون ثياباً ضيقة رقيقة، تظهر من أجسادهم أكثر مما تخفي ! كأنهم لا يلبسون شيئاً ... لقد كان سروال الرجل – في تلك الأيام – يتسع لثلاثة من شباب هذا الجيل ! وكان أحدهم لو لف شاربه حول عنق شاب من شباب هذه الأيام لخنقه به ! ..... آه .... إنه الزمن ! لقد كان صاحب هذا السروال يجابه طابوراً من سلالة (ميشو) ! ..... انظرا إلى بقعة الدم هذه التي بلطخ السروال، إنها من أحد الجنود الفرنسيين الذين قتلهم وعمره يناهز الثمانين ...... - هل تبيع هذا السروال ؟ - ماذا ؟! يعيد المترجم السؤال وكأنه يعني ما يقول ! - قل لها بأننا – من كرمه تعالى – لم نصل بعد إلى مرحلة نبيع فيها سراويلنا ! - ولكنها تحتاج إليه .... أعتبره هدية .... أنتم كرماء ! - قل لها بأنه ليس نسائياً ! لقد قلت لكم بأن صاحبه كان....... - إنها تعرف ! إنها تعرف ! ولكنها تابت على يديك، وتريد أن تستر بطتي رجليها، خوف أن ينسلخ الجلد عنهما يوم قيام الساعة ! - قدرها الله .... ولكنه ليس من الحلال أن تلبس المرأة ثياب الرجل، لقد كانت جدتي أم عفاش – رحمها الله – تقول :"لعن الله من بشبه من الرجال بالنساء، ومن النساء بالرجال " ! - الغاية تبرر الوسيلة ! - إن كانت تعني ما تقول فلتشتر (بنطالاً) ولتلبسه، وسوف أتبرع بثمنه صدقة لوجه الله ! - ولكنها تريد هذا السروال بالذات ! - إنه بال وفيه بعض العث ..... يبدو أن (الفنطليس) لم ينفعه ! .....ثم لا تخدعها هذه الزخرفات ... إنه من نسيج (الكلمنظة) الرخيص ! - هي راضية ! - إنه بركة من جدي ولن أبيعه ! يرطنان ويرطنان ...... - ستدفع لك مائة . - لن أبيعه ! - خمسمائة .... ألفاً .... - لو كانت السائحة أمريكية لقلنا بأن له ( مصالح قومية) في هذا السروال .... أم أن للفرنسيين ( مصالحهم القومية) أيضاً ؟! - تقول بأنها ستدفع ....... - قل لها العرب لا يبيعون سراويلهم ! - تقول ولكنهم يبيعون ما هو أثمن من السراويل ! - لقد قلت بأن القرب الذين تعنيهم ليسوا عرباً ! تصر على الشراء، وأصر على الرفض، والمترجم يساوم ويساوم،ويزيد المبلغ المدفوع ..... أصرخ : - قل للسائحة أن تســـــــ ....... يزول قرنا التيس، وتنبت براثنه وشارباه وذيله من جديد . يتخطط لونه وتحمر عيناه ... يعود التيس نمراً . أستيقظ مذعوراً . أسرع إلى الصندوق : - حمداً لله ما زال كل شيء في مكانه !بقلم : هاني زريفة | |
|