العراق : مزبلة نفايات ايرانية على يد ولايتي!
ت تكبير الصورةمعاينة الأبعاد الأصلية.
أ.د. سيّار الجميل
العراق : مزبلة نفايات ايرانية على يد ولايتي!
يبدو انك يا ولايتي قد تجاوزت كلّ الحدود السوداء والخطوط الحمراء ، وقد اشعلت النار بتصريحاتك الايرانية من قلب بغداد متدّخلا تدّخلا سافراً في شؤوننا ليس العراقية فقط ، بل العربية ايضاً ، ولم أجد بعد مضي ساعات على خطابه أية ردود فعل عراقية رسمية أو حتى معارضة سياسية وطنية ، اذ جعل من نفسه وصياً على العراقيين وعلى مصيرهم ومستقبلهم وكأنّهم بيادق شطرنج أمامه .. لا تخيفنا يا ولايتي بتقسيم العراق ، فالعراق لن ينقسم ، ولو أراد الاخرون تقسيمه لفعلوا ذلك منذ العام 1991 .. واذا كان العراقيون قد دعوك الى مؤتمر تأسيسي باسم المجمع العراقي للوحدة الاسلامية والذي سيكون بوابة أخرى لشرعنة التدّخلات وتصدير الاوبئة باسم هذه الوحدة الواهية التي تعيش فقط في المخيلة المريضة ، فان كلّ البشرية أدركت ان العالم الاسلامي تنتهكه الانظمة الدينية والسياسات الطائفية وتمزقه المذاهب الهرطقية ، وتعبث به المليشيات والجماعات الارهابية ، فاي اسلام بدأ يستعيد مكانته اليوم يا ولايتي ؟ وما معنى تصاعد أمواج الصحوة الاسلامية التي تغنيتّم بها طويلا ، ولم تأت لنا الا بالدمار والخراب والارهاب ؟
كفاكم تتاجرون باسم الاسلام كي تحققوا أحلامكم المريضة .. ويكفي ما أصاب العراق والمنطقة على أيديكم ! كفاكم ترعبون العالم الاسلامي والمنطقة من التقسيم الذي تدعون أن امريكا تسعى اليه ، وكأن العالم الاسلامي يعيش وحدة وتكاملاً وانسجاماً ونضوجاً حضارياً في مثل هذا الزمن الكسيح .. لماذا تزرعون هذه الاوهام المرعبة في قلوب الناس ، وتغسلون عقولهم ، وتتلاعبون باعصابهم من أجل تحقيق اهدافكم في الهيمنة على الشرق الاوسط برمّته ؟ واذا كانت لكم مصداقيتكم ، فلماذا عقدتم مع امريكا معاهدتكم الشهيرة ؟ لستم حماة ديارنا العربية ، ولا كنتم أوصياء على شعوبنا الاسلامية ، ولم يوكلكم أحد لتكونوا وحدكم بموقع محامي الدفاع عن قضايانا ؟ ولا ادري اين كنتم طوال هذا الزمن حتى تكتشفوا الان فقط ان الامريكان والغرب يحاولون تمزيق المجتمع الاسلامي ؟ فأيّ مجتمع اسلامي تقصد يا ولايتي ؟ وأية وحدة اسلامية تقصد بعد كلّ ما حدث ويحدث في بلداننا العربية خصوصاً ؟
واعود الى حكام العراق وكلّ المسؤولين والنواب البرلمانيين فيه لاقول لهم : هل توافقون ولايتي على تصريحاته هذه التي غرّد بها من قلب بلدكم أم تخالفونه فيها ؟ هل انتم معه ام مع الامريكان ؟ كونوا شجعانا في التعبير عن موقفكم عراقياً . هل تريدون ابقاء العراق حمّام دم في صراع مفتعل بين الطرفين ؟ واعود لولايتي لاطرح عليه بعض التساؤلات والملاحظات وخصوصاً حول تأكيده المضحك عن " ضرورة احياء القيم الاسلامية الاصيلة " ، واستطرد قائلا : " ان هذا الامر يؤدي الى انقاذ المجتمع وتحريره مضيفا اننا نأمل في تعميم فكرة تأسيس مراكز التقريب في الدول الاسلامية لنحظى بمركز عالمي للتقريب بين كافة المذاهب الاسلامية. " أية قيم اسلامية أصيلة تريد ان تحيا ؟ هل تقصد بث مذهب ولاية الفقية ، ام مذهب داعش ، أم مذاهب دينية أصولية أم باطنية اخرى ؟ واية قيم تنقذ المجتمع وتحرره يا هذا ، ان لم تكن حضارية معاصرة ومتمدنة تؤمن بقيم هذا العصر ونظمه وافكاره بديلا عن كل الظلاميات والسكونيات والبدائيات العفنة ؟ دعوا مجتمعاتنا يا سيد ولايتي بحالها بلا تقريب مذاهب وبلا صراع طوائف .. اذ ثبت خطل مثل هذا التفكير البائس في ظل تأجيج سياسات تنطلق من أجندة تذكي الصراعات وتشعل الحروب وتمزق المجتمعات .
الا يكفي ما فعلتم ببلادكم الجميلة وسحقتم تقدّمها ، وبعثرتم مواردها ، واغلقتم مجتمعاتها ، واضطهدنم نسوتها .. واستخدمتم "الديمقراطية " وسيلة دوغمائية كاذبة من اجل السلطة وفرض التوحش ؟ ويبدو أن اجندة جديدة لكم يتضمّنها برنامج تأسیس مجمع التقریب بین المذاهب الاسلامیة في العراق بإشراف لجنة الاوقاف البرلمانیة في مجلس النواب العراقي . وهي لعبة اخرى للتغوّل الايراني يقف على رأسها علي العلاق الذي دعاك يا ولايتي الى العراق كي تتحدث على هواك مترجماً أجندة نظام الحكم في ايران ، والتي سوف لن تنجح ابداً لا في العراق ولا في أي مكان آخر من الشرق الاوسط ! واريد ان أسجّل للتاريخ أمام كلّ الناس ، بأن تصريحات ولايتي الساذجة في بغداد تترجم بوضوح : ان حربا دموية شنيعة قادمة على منطقتنا ، اتمنى على العراقيين وكلّ ابناء المنطقة ( وخصوصا العراق ودول شرق المتوسط ) الوعي بها ، والحذر منها ، فنحن لن نكون وقوداً لا من اجل ايران ، ولا من اجل وجود اي نظام ديني آخر !
دعني اقول بأن ليس لك الحق يا سيد ولايتي ان تعلن بعدم سماحك لمن اسميتهم بالشيوعيين والليبراليين العراقيين بالعودة الى الحكم !! لقد كنت لا تستحي فقلت ما شئت ، ولكن يبدو انك بمنتهى الجهالة ، اذ قلت أشياء عراقية ليس لك علم بها ، ولا حق لك ابدا بتدخلك فيها . فمتى حكم كل من الشيوعيين والليبراليين العراق ؟ واعلم أن العراق لا يستقيم وضعه ان بقي حكامه من المعممّين ، او الملتحين ، او المنغلقين وكلهم من الفاسدين والدجالين والكاذبين .. ان العراق لن يجد الاستقرار ولا التعايش الاجتماعي والتوافق السياسي الا بتغيير هذه الطبقة السياسية الباغية الفاسدة ليكون بايدي العراقيين الوعاة من المتمدنين الوطنيين والعلمانيين المنفتحين والنزهاء المستنيرين .
وأخيرا ، هنا اناشد كلّ العراقيين من ذوي الضمائر الوطنية الحية قائلاً : هل تقبلون مثل هذه التدخلات السافرة من قبل ولايتي في شؤونكم ؟ عارضوا خطاب ولايتي يا اهلنا في العراق ، فان سكتم عليه ، فان ايران ستفرض ارادتها على الانتخابات القادمة ونتائجها ، وسيبقى العراق مزرعة لها ، وستبقي الفاسدين والتافهين واضرابهم من عملائها في حكم العراق ، وتنقل العراق الى حالة ظلامية اخرى ، وستبقيه معبراً اساسياً لها نحو غرب الفرات ، وربما بقي ساحة صراع لها . لقد حمل ولايتي رسالة ايرانية مفضوحة لكلّ العراقيين لجعل العراق مزرعة خلفية لنفاياتها القذرة .
|