٨ اذار عيد المرأة العالمي
طارق رؤوف محمود
[size=32]٨ اذار عيد المرأة العالمي[/size]
الحريّة لا تتجزّأ، ولا يمكن لأحد أن يقصرها على فرد أو طائفة، أو عرق أو جنس. ومن يفعل ذلك فهو لا يملكها، وحريّته مجرد وهم وسراب. هذا ينطبق على المجتمع الذي يمنع الحريّة من شعب آخر، او جنس اخر، وعلى المتزمّت دينيًّا الذي يحاول فرض معتقداته على غيره، وعلى الرجل الذي يقمع المرأة، الخ. هؤلاء كلّهم عبيد تخلفهم العنصري وقيمهم المشوّهة وعاداتهم المتحجّرة، إذ لا يمكن لمن يمنع الحريّة عن الآخرين أن يكون حرًّا، كما لا يمكن لمن يقمع الإنسانية أن يكون إنسانيًّا. هذا صحيح في كلّ شيء، وبالذات في قضيّة المرأة وحريّتها.
اليوم تحتفل الأمم المتحدة بيوم المرأة العالمي، وتشاركها بلدان عديدة جعلته يوم عيد وطني. حيث تجتمع النساء من جميع القارات رغم الفروق العرقية واللغوية والثقافية والاقتصادية والسياسية، للاحتفال بيومهن هذا واستعراض تاريخ النضال من أجل المساواة والعدل..
حيث بدأت المرأة تعي انها تساهم مساهمة مباشرة في الإنتاج الصناعي وان لها دور لا يقل أهمية عن دور الرجل في المجتمع وبدأت تعي ذاتها في المجتمعات واخذت تناضل من اجل حقوقها وانتشرت الحركة النسائية في القرن التاسع عشر في العديد من الدول، وركزت مطالبها الاساسية بتخفيض ساعات العمل والمساواة مع الرجل في الاجور ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع.
وفي عام 1975 أثناء السنة الدولية للمرأة، عمدت الأمم المتحدة إلى الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في 8 آذار/مارس
وهو اليوم الذي كانت تحتفل فيه القوى اليسارية في العالم منذ عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي والذي عقد في باريس عام 1945. وهو تذكيرا بمظاهرات عاملات النسيج في شوارع مدينة نيويورك في 8 اذار 1908 اللائي حملن قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار "خبز وورد". طالبت المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ومنح النساء حق الاقتراع. .
وفي عام 1948 صدر الإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي أنصف المرأة وتنص المادة 2 منه:-
( لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود. )
وهذا القانون اثبت ان تطور الفكر البشري استطاع أنصاف نصف البشر في العالم.
الا ان واقعنا العربي يجسد عجز بعض المجتمعات والحكومات عن استيعاب المرأة ككائن حر راشد بسبب تعثر الحداثة وإمعان في التخلف وإن الممارسات التمييزية المستندة إلى تقاليد وأعراف اجتماعية ما زالت قائمة ومؤثرة في مجالات عديدة ، فالقضاء على التمييز ضد المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين يتطلب بلوغ ما يتجاوز المؤشرات والأهداف التي التزمت بها الدول العربية كحد ادني ليرقى إلى مستوى المساواة الإنسانية والدستورية في أفضل مستوياتها ،إن هذا التمييز وألا مساواة في عالمنا العربي لم يعد يتلاءم مع عصرنا الراهن ، وأرجعت الأمم لمتحدة التعثر في مسيرة التقدم في منطقتنا إلى ثلاثة نواقص رئيسية وهي نقص إنتاج المعرفة ، نقص الحريات ، ونقص المساواة بين الإناث والذكور.
إن المجتمع الدولي اعتمد اتفاقية القضاء على جميع إشكال التمييز ضد المرأة، واحترام حقوقها كإنسانة وكمواطنه باعتبارها حقوق كفلتها الشرائع السماوية وتضمنتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وبموجبها عالجت الكثير من التمييز وكفلت تمتع النساء بالحقوق والمساواة مع الرجل.
ان الكوارث التي حلت بالمرأة خلال الحروب والنزاعات المسلحة في بلداننا العربية اثرت بشكل رهيب ومحزن على المرأة فقد نالها الظلم من الإرهاب والاغتصاب الذي نال النسوة اليزيديات وكذلك العصابات المنظمة والمليشيات الوافدة من الخارج الذي سبب لها جرحا كبير بفقدانها الزوج وألاب المعيل والابناء والاخوة حيث انفرط النسيج العائلي وتشردت المرأة ومن تعيله من أطفال وصبية بعيدا في خيم وإقشاش لا تقي من برد وحر بالإضافة الى حرمان أبنائها من وسيلة التعليم المدرسي وكل وسائل العيش الطبيعية الأخرى.
ورغم قسوة هذه الظروف بقيت المرأة العراقية متمسكة بوطنها وحافظت على اسرتها – كلنا نقف اجلالا واحتراما لنسائنا ونساء العرب والعالم في يومهم هذا .