أصابع الاتّهام بمقتل قائد حماية العبادي تشير إلى قوّة مشتركة من الشرطة الاتحاديّة وسرايا السلام
ت المدى/ بغداد/ وائل نعمة:وُضِع رئيس الحكومة حيدر العبادي في حرج كبير إثر مقتل رئيس جهاز حمايته العميد شريف إسماعيل المرشدي في اشتباك مسلّح مع حاجز تفتيش في سامراء.
وكان المرشدي، وهو قائد لواء 57 قوات خاصة، في طريقه الى الموصل تمهيداً لزيارة العبادي المدينة لأول مرة بعد إعلان النصر على داعش نهاية العام الماضي، وقُتل مع أحد مرافقيه فيما جُرح شخص ثالث.
ومنبع الحرج أنّ أصابع الاتهام في الحادث تشير الى تورط عناصر من "سرايا السلام" في الحادث، وهي قوات تابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وهو أحد أبرز الداعمين للعبادي، ومن المحتمل أن يشكّل الطرفان تحالفاً بينهما بعد الانتخابات البرلمانية في أيار المقبل.
كما أن "السرايا" التي يزيد عديدها في سامراء على 10 آلاف مقاتل، تمسك واحدة من أكثر المناطق الدينية حساسية في العراق، بالاضافة إلى انتشارها في مناطق هشّة أمنياً في غرب المدينة، ما يجعل أمر إخراجها من سامراء مغامرة غير محسوبة.
وشارك رئيس الوزراء حيدر العبادي، صباح أمس الاربعاء قبل ذهابه الى الموصل، في تشييع جثمان رئيس الجهاز الأمني الخاص به في مراسيم أقيمت في مبنى وزارة الدفاع.
وقال بيان صدر عن مكتب العبادي إن "المرشدي استشهد أثناء تأديته الواجب بعد إطلاق النار عليه من قبل عناصر غير منضبطة في السيطرات عند مدخل مدينة سامراء".
وقرر العبادي مساء أول من امس الثلاثاء، بعد وقت قصير من مقتل المرشدي، فتح تحقيق فوري في حادثة سامراء.
كيف قتل المرشدي؟
وبحسب مصدر مطّلع في سامراء، فإن مجموعة من السيارات المظللة وصلت الى سامراء بعد الساعة السادسة من مساء الثلاثاء، قادمة من بغداد.
وقدر المصدر الذي تحدث لـ(المدى) وطلب عدم ذكر اسمه، عدد السيارات بين 15 و20 ، مبيناً ان "الموكب مرّ بالسيطرة الرئيسة الاولى في مدخل المدينة وحدثت مشادات كلامية بينه وبين حاجز التفتيش".
وبحسب المصدر فإن الموكب كان يضم آمر اللواء 57 الخاص بحماية رئيس الوزراء حيدر العبادي، العميد شريف إسماعيل المرشدي، وأشار الى ان "القوة كانت ذاهبة الى نينوى عشية زيارة العبادي الى المحافظة لتأمينها".
وتابع المصدر قائلا: "بعد المشادة قامت حماية المرشدي بسحب السلاح من عناصر السيطرة ودخلت الى وسط مدينة سامراء". وبعد وصول الموكب الى سيطرة الخروج من المدينة كان عناصر الحاجز لديهم معلومات بما جرى فأطلقوا النار على الموكب ما تسبب بمقتل آمر اللواء وإصابة 2 من مرافقيه، اللذين توفي أحدهما بعد الإصابة بوقت قصير.
ولا يعرف كيف تم قتل المرشدي، وهو كان يستقل سيارة مصفحة كأغلب القادة العسكريين والمسؤولين. ولا يملك المصدر المسؤول في سامراء تفسيراً للحادث، سواء ترجيحه ان يكون القائد العسكري قد ترجّل قبل مقتله من العجلة أم كان فيها.
وارتبط اللواء العسكري 57 التابع لوزارة الدفاع خلال السنوات الماضية، باسم رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، حيث كان منافسو الاخير يتهمونه بزج القوة في الخصومات السياسية. كما وُجّهت أصابع الاتهام الى اللواء ذاته في حوادث ضرب المتظاهرين الذين اقتحموا المنطقة الخضراء في ربيع 2016، ما تسبب في قتل وجرح عدد من المحتجين أغلبهم من الصدريين.
وكانت تسريبات قد أشارت أمس، الى أن الموكب العسكري رفض الكشف عن هويته وتجاوز السيطرة، لكنّ المصدر يرجح أن "الموكب مرّ على الاقل بـ30 سيطرة من لحظة انطلاقه من بغداد، ولا يمكن التحرك من دون أوامر تلفونية ومكتوبة، ما يعني أن نقاط التفتيش كان لديها علم بوصول القائد العسكري".
تحذيرات سرايا السلام
وبحسب المصدر فإن "الاتهامات تدور حول سرايا السلام التي تتواجد منذ 4 سنوات في مداخل ومحيط سامراء". وترابط "السرايا" منذ ذلك الوقت في مناطق حساسة قرب المراقد الدينية في سامراء، وصدوا خلال تلك السنوات عدداً من هجمات داعش عن منطقة "اللاين" الواقعة غرب المدينة.
من جهته قال محمود السامرائي، قائممقام سامراء في اتصال مع (المدى) أمس إن السيطرة الامنية هناك "مشتركة بين سرايا السلام والشرطة الاتحادية"، وأشار الى أن "التحقيق الحكومي سيكشف الجهة المقصرة بالحادث".
ولم يتسنّ لـ(المدى) الحصول على تعليق من قيادات "السرايا"، لكن وكالات أجنبية نقلت عن مهند العزاوي المتحدث باسم الفصيل المسلّح قوله إن القافلة الحكومية "رفضت الإجراءات في السيطرة في سامراء وقامت بإطلاق النار وسحبت السلاح من عناصر الحاجز الامني". وقال العزاوي أيضا إن السيطرة كانت مؤلفة من "الشرطة الاتحادية وثلاثة من أفراد السرايا."
وينتشر 12 ألف مقاتل من سرايا السلام في سامراء. وكان الصدر قد قرر نهاية العام الماضي الإبقاء على القوة في المدينة استثناء من قراره تجميده "السرايا" عقب إعلان تحرير البلاد من تنظيم "داعش".
وتقول المصادر الامنية في المدينة إن عملية نقل "السرايا" أو إبعادهم عن سامراء ستكون مكلفة، حيث لا توجد قوات بديلة تحلّ محلهم.
إلى ذلك قال مروان الجبارة، القيادي في حشد صلاح الدين في اتصال مع (المدى) أمس إن "تأثير سرايا السلام على مداخل المدينة أكثر من قيادة عمليات سامراء ".
وجاء مقتل المرشدي عقب تحذيرات أطلقها القيادي في التيار الصدري ورئيس اللجنة الامنية في البرلمان حاكم الزاملي، تفيد باستعداد داعش لمهاجمة سامراء، وهو أمر قد يفسّر تشديد الإجراءات في السيطرات الامنية خوفاً من تسلل انغماسيين.
وقال الزاملي في مؤتمر عقده بسامراء السبت الماضي، إن "الحشد الشعبي صدّ الجمعة أكبر هجوم شنه داعش على جنوب المدينة".
وحذّر من أنّ منطقة الفتحة جنوب سامراء أصبحت مأوى لخلايا داعش التي تستغل الفراغ الأمني بين الوحدات العسكرية المنتشرة في المنطقة لتنفيذ هجمات، مشدداً على أن عناصر التنظيم يخططون لدخول سامراء واستهداف المرافق الدينية فيها.
وكان داعش قد اقتحم سامراء قبل 4 أيام من سقوط الموصل في 10 حزيران 2014، لكنه فشل في الوصول الى المراقد الدينية، حيث كان يسعى لتفجيرها.
ويوجد الآن عشرات الآلاف من المقاتلين حول سامراء وقيادة عمليات خاصة بالمدينة بالاضافة الى أطواق من الجدران الكونكريتية، وهو ما يدفع مروان الجبارة القيادي في حشد شرق تكريت الى اعتبار "اقتحام سامراء أمراً مستحيلاً".