مشروع سيناء
وافقت الحكومة المصرية على مشروع توطين قسم من لاجئي قطاع غزة في سيناء في الفترة بين عامي 1951 - 1953. وعقدت اتفاقا مع وكالة الغوث يمنحها إمكانية إجراء اختبارات على 250 ألف فدان تقام عليها عدد من المشاريع. لكن المشروع ووجه برفض شعبي مصري، مما اضطر الحكومة المصرية إلى إصدار بيان تراجعت فيه عن موضوع التوطين، واعتبرت المشروع غير ذي جدوى. واعتبر هذا المشروع من أهم المشاريع التي قدمت لتوطين اللاجئين الفلسطينيين من مدخل اقتصادي.
مشروع ليفي أشكول
تقدم رئيس الوزراء "الإسرائيلي" الأسبق ليفي إشكول في إحدى جلسات الكنيست عام 1965 بمشروع نص على توجيه جزء من الموارد الكبيرة للمنطقة باتجاه إعادة توطين اللاجئين ودمجهم في بيئتهم الوطنية الطبيعية التي اعتبرها الدول العربية، وأبدى استعداد "إسرائيل" للمساهمة المالية إلى جانب الدول الكبرى في عملية إعادة توطين اللاجئين كحل مناسب لهم و"لإسرائيل".
مشروع إيغال ألون - 1967
طرح إيغال ألون هذا المشروع عام 1967، ودعا فيه إلى فكرة توطين الفلسطينيين في سيناء استغلالاً لظروف "عجز السلطات المصرية في فرض سيطرتها الأمنية في سيناء" وهي الحالة التي تشبه الأوضاع التي استجدت مع وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة، بعد إطاحته بالإخواني محمد مرسي.
مشروع إيغال ألون - 1968
طرح إيغال ألون وزير العمل في حكومة ليفي إشكول مشروعا متكاملا للتسوية مع الأردن عام 1968. وقال ألون في مشروعه: إن "إسرائيل" وحدها لا تستطيع حل المشكلة بأسرها، أو الجزء الأكبر منها اقتصاديا وسياسيا وديموغرافيا. والمشكلة كما رآها ألون تقع في خانة تبادل السكان. فقد استوعبت "إسرائيل" اليهود، والدول العربية تستوعب اللاجئين العرب بنفس العدد.
دراسة شلومو غازيت
أصدر مركز جافي للدراسات الاستراتيجية في جامعة تل أبيب عام 1994 دراسة لشلومو غازيت رئيس الاستخبارات "الإسرائيلية" الأسبق، بعنوان "قضية اللاجئين الفلسطينيين، قضايا الحل الدائم من منظور إسرائيلي". وتناولت الدراسة حل قضية اللاجئين من خلال عودة بعض لاجئي عام 1948 ونازحي عام 1967 إلى مناطق الحكم الذاتي وفقا للاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية. ويتم استيعاب الباقين في الدول العربية المضيفة. ورأى غازيت أنه يجب حل وكالة الغوث الدولية ونقل صلاحياتها إلى السلطة الفلسطينية والدول المضيفة. وقسم جانب التعويض المادي عن حق العودة، إلى تعويض جماعي لتطوير ودمج اللاجئين في أماكن إقامتهم، وتعويض شخصي يصرف للعائلات، ويقدر بعشرة آلاف دولار للعائلة الواحدة بدون اعتبار لقيمة الممتلكات المفقودة.
وثيقة أبو مازن - بيلين
عقب توقيع اتفاقية أوسلو، جمعت مباحثات محمود عباس ويوسي بيلين وزير العدل في حكومة إسحق رابين في وثيقة، وصفت بأنها غير رسمية. وكان يفترض أن يعلن عنها رابين لاحقا ضمن البرنامج الانتخابي لحزب العمل المقرر في الانتخابات التشريعية لعام 1996، لكن حادث اغتيال رابين عام 1995 ساهم في بقاء الاتفاق قيد الكتمان.
أكدت الوثيقة على مسألة الاعتراف المتبادل بين الدولتين الفلسطينية و"الإسرائيلية"، واعتبرت مدينة القدس عاصمة للدولتين، إضافة إلى اعتراف "إسرائيل" بحق الفلسطينيين المبدئي بالعودة، والتعويض عن الخسائر التي نتجت عن حربي 1948 و 1967، لكن بشرط اعتراف الجانب الفلسطيني أن العودة كما نص عليها القرار 194 صارت أمرا غير عملي. وأشارت الوثيقة إلى تشكيل لجنة دولية للإشراف على تأهيل اللاجئين وإدماجهم حيث يتواجدون.
وثيقة سري نسيبة - إيالون
عام 2002 استضافت وزارة الخارجية اليونانية مباحثات بين الجانب الفلسطيني ممثلا بسري نسيبة، مسؤول ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية، والجانب "الإسرائيلي" ممثلاً بعامي إيالون الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي في "إسرائيل". وحضرها إلى جانب هؤلاء مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي آنذاك خافيير سولانا. وأسفر اللقاء عن وثيقة حملت أسماء الحاضرين عرفت باسم "وثيقة نسيبة أيالون". وأهم ما ورد فيها، إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على أجزاء من الضفة وغزة، وإسقاط حق عودة اللاجئين وحقوقهم المترتبة على تهجيرهم، والبحث عن أماكن لإيواء اللاجئين بتوطينهم في أماكن إقاماتهم أو في بلد ثالث أو بعودة محدودة لمن يتاح لهم للدولة الفلسطينية.
مشروع يوسي بيلين ووثيقة جنيف
عام 2003 أعلن يوسي بيلين وياسر عبد ربه تصورا للحل النهائي لإشكالية اللاجئين من خلال "وثيقة جنيف"، التي افترض لها أن تكون مرجعا مهما للمفاوضين السياسيين حول الحل النهائي. ومن ضمن ما تناولته الوثيقة، أن تحل هيئة دولية جديدة محل وكالة غوث اللاجئين. وإعادة تأهيل واستيعاب اللاجئين في دول وأماكن إقامتهم، وتطوير أوضاعهم المعيشية وتذويبهم في الحياة اليومية للمجتمعات التي يعيشون فيها.
مشروع جيورا أيلاند
دعا جيورا أيلاند، مستشار الأمن القومي الصهيوني الذي طرحه عام 2004، إلى تنازل مصر عن 600 كم2 من سيناء بغرض توطين اللاجئين، مقابل أن يتنازل الكيان الصهيوني عن 200 كم2 من أراضي صحراء النقب لصالح مصر، ومنحها بعض المكاسب الاقتصادية.
وثيقة إكس آن بروفانس
في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2007، نشرت صحيفة هآرتس العبرية وثيقة "إسرائيلية" فلسطينية حملت تسمية إكس آن بروفانس، وتطرقت إلى عدد من القضايا المصيرية كالوضع النهائي لمدينة القدس ومشكلة اللاجئين. واقترحت الوثيقة حلا لمشكلة عودة اللاجئين، يتمثل بإسقاط هذا الحق مقابل التعويض. وبحسب الوثيقة فإن تكلفة حل مسألة العودة تراوحت بين 55 و85 مليار دولار. وذكرت أن مجموعة فلسطينية منها صائب بامية، المستشار الاقتصادي للاتحاد العام للصناعات الفلسطينية شاركت في صياغة الوثيقة، ووقع عليها كذلك القائم بأعمال رئيس الوزراء "الإسرائيلي" حاييم رامون. ومن بين ما اقترحته الوثيقة، توطين نسبة من اللاجئين في الأماكن التي يتواجدون بها، مع تلقيهم تعويضات مالية. وحسب هآرتس فإن حاييم رامون اعتبر الوثيقة ورقة عمل، ورأى أنه إذا ما تم التوصل فيها إلى الحديث عن الحل الدائم، فستساعد أثناء المفاوضات.
خطة البروفيسور يهوشع بن آريه
طرح البروفيسور "الإسرائيلي" يهوشع بن آريه الرئيس السابق للجامعة العبرية خطته لتوطين الفلسطينيين عام 2013، ونصت على أن تُمدَّد حدود قطاع غزة إلى حدود مدينة العريش لتضم مدينتي رفح والشيخ زويد لقطاع غزة، ومن ثم توطين اللاجئين الفلسطينيين فيه، وهو ما يعني أن موضوع توطين الفلسطينيين في سيناء كان حاضراً في العقل "الإسرائيلي" وسيبقى.
مقترح توطين الفلسطينيين في سيناء المصرية "صفقة القرن"!!
جرى الحديث كثيراً عن مؤتمر قمة سرِّي، مصري "إسرائيلي" أردني، انعقد في مدينة العقبة الأردنية، وبمشاركة جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي في عهد الرئيس باراك أوباما، في شهر شباط/ فبراير 2016. ورافق ذلك تسريبات وشائعات حول عرض قدمه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتوطين الفلسطينيين في أجزاء يتم اقتطاعها من سيناء بين رفح والعريش "نحو 1,600 كم2". وبالرغم من نفي رئيس الحكومة "الإسرائيلية" بنيامين نتنياهو لوجود هذا الاقتراح المصري، إلا أنه أقر بانعقاد مؤتمر العقبة، الذي شارك فيه إلى جانب كل من العاهل الأردني الملك عبدالله بن الحسين وجون كيري. أما الطرف المصري الذي تجنب الحديث عن المؤتمر، فقد نفى أيضاً وجود هذا الاقتراح.
وفي 14 شباط/فبراير 2017 تناقلت وسائل إعلام "إسرائيلية" مختلفة ما مفاده أن الوزير "الإسرائيلي"، بلا حقيبة، وعضو حزب الليكود الحاكم "أيوب القرا" نشر تغريدة على "تويتر" قال فيها أن رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترمب اتفقا على تبني ما وصفها بخطة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإقامة دولة فلسطينية في غزة وسيناء بدلاً من الضفة الغربية، وأنه بذلك يتم تعبيد طريق "السلام الشامل" مع ما وصفه بـ"الائتلاف السنّي". وجاءت هذه التغريدة قبيل لقاء جمع نتنياهو بترمب في واشنطن.
كثر الحديث في الكيان الصهيوني في عام 2016، ولو بصوت خافت إعلامياً وسياسياً، حول مطالبات بإحياء مشروع إعادة توطين الفلسطينيين في سيناء. وتزايدت المطالبات في العام الذي تلاه، بعد قبول حركة "حماس" بحل ما كان يسمى "اللجنة الإدارية" في قطاع غزة والشروع في تنفيذ المصالحة الفلسطينية بينها وبين حركة "فتح". ورافق تلك المطالبات حديث متواتر حول ما سمي "صفقة القرن"، والتي تردد أنها تضمن طرح المشروع الصهيوني القديم بإعادة توطين جزء من الشعب الفلسطيني في سيناء بعد موافقة مصر بالتأكيد.
ما هي "صفقة القرن"؟
استناداً لما تناقلته وسائل إعلام عالمية وعربية، من بينها مواقع بعض الفضائيات على شبكة الإنترنت مثل "الميادين" اللبنانية و"الجزيرة" القطرية، فإن "صفقة القرن" التي جرى تداولها على نطاق واسع، تنطلق في مرحلتها الأولى من رعاية أمريكية تعيد الثقة إلى مسيرة التسوية وتحقق وجود الضامن المفقود، مع التزام كامل بمبدأ حل الدولتين وإقرار لـ"إسرائيل" بحدود جدارها كخطوة أولى، وإعادة قراءة الحدود ومشروع تبادل الأراضي وفق خريطة باراك (1.9 %) أو أولمرت (6.5 %)، أو خريطة جديدة قد تصل إلى (12 %).
وبالمقابل تلتزم "إسرائيل" بوقف الاستيطان خارج "الكتل الاستيطانية"، ويتعهد المجتمع الدولي والبلدان العربية برعاية الاقتصاد الفلسطيني مع إعادة النظر في "اتفاق باريس" الاقتصادي، مقابل تعهد السلطة الفلسطينية بمواصلة منع العنف والتحريض، والمضي في التنسيق الأمني بإشراف الولايات المتحدة، والسماح للجيش "الإسرائيلي" بالعمل في الضفة الغربية. إلى جانب ذلك تمضي السلطة في سعيها لتوحيد الصف الفلسطيني، وتستمر عملية إعمار قطاع غزة بما في ذلك إقامة ميناء "ربما يكون عائما" في ظل توفر الضمانات أمنية، ويتم العمل على نزع سلاح القطاع وتدمير الأنفاق، بما يعني "كسر شوكته". وفي حال تحقيق السلطة هذه الشروط يمكن السماح لها بالإعلان عن دولة في حدود مؤقتة، مع بسط السيطرة على مناطق جديدة في الضفة. وتدرس "إسرائيل" السماح بمشروعات حيوية في الضفة مثل مطار، ليمهد ذلك لمفاوضات مباشرة سقفها الزمني عشر سنوات وصولاً إلى السلام النهائي. وخلال هذه الفترة الزمنية "المرحلة الأولى" تعلن دول الإقليم أنها جزء من هذا المشروع، وتبدأ تدشين تعاون شرق أوسطي في شتى المجالات الحيوية، وعلى رأسها الأمن ضمن إطار موحد.
تعتبر الولايات المتحدة ما تقدم خطوات تمهيدية ضرورية للبدء بتنفيذ "صفقة القرن" وإحياء "عملية السلام" على قاعدة أن رئيس السلطة محمود عباس يمثل "أفضل الخيارات" الفلسطينية. ومن هنا جاءت الدعوة الأمريكية للقاء عاجل بين نتنياهو وعباس، تفتح الأبواب بموجب نتائجه أمام الثاني. ومن ثم يصار إلى فتح حوار أمريكي - مصري لصياغة رؤية مشتركة حول قطاع غزة، قد يقود إلى جهود مصرية مجدداً "لإنهاء الانقسام" الفلسطيني، على قاعدة التمهيد لمشروع "غزة الموسعة خالية من حماس" و"تبادل الأراضي"، كخطوة ثانية للصفقة.
مشروع الأراضي المتبادلة
وفق ما تم تسريبه عن "صفقة القرن"، فإن مرحلتها الثانية ستذهب في اتجاه مشروعي "جيورا آيلاند" لعام 2004 و"يهوشع بن آريه" لعام 2013، بغض النظر عن مساحات أراضي التبادل، حيث يتنازل الفلسطينيون عن مساحة متفق عليها من الضفة (الكتل الاستيطانية) وجزء من الغور، ومقابلها نظيرتها من أراضي سيناء بموازاة حدود غزة وسيناء، وستحصل مصر من "إسرائيل" على مساحة مكافئة من وادي فيران جنوب صحراء النقب.
وقد تدخل المملكة العربية السعودية على خط تقديم أرض لتمثل شريكاً في "الصفقة"، خاصة أن البعض يرى أن جزيرتي تيران وصنافير كانتا عربوناً للسعودية في سياق مشروع تبادل الأراضي الضخم.
تبقى عين "إسرائيل" على الضفة الغربية، التي تطلق عليها تسمية "يهودا والسامرة"، حيث تحتفظ بـ"المدن الاستيطانية" التي وصفها رئيس الوزراء "الإسرائيلي" الأسبق يهودا باراك بـ"المساحة الحيوية" - وكثير منها "أراض دينية" وفق الفقه اليهودي - وتتجاوز ما حققته في الجدار العازل، وهذا يسمح بتقليص عدد المستوطنين الواجب إجلاؤهم إلى بضعة آلاف.
أما مصر فتبقى عينها على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، التي تتفق معها في عدم ترك قطاع غزة لحركة "حماس". ومن هنا فإنها تنسجم مع إجراءات محمود عباس ومرادها تأليب شعبي ضد "حماس"، ولكنها ترى أنها تحمل مخاطر فصل القطاع عن الضفة، مع إقرار كافة الأطراف، بمن فيهم "إسرائيل"، بأن "حماس راسخة وتملك كل مقومات الدولة".
"إسرائيل" تعتمد هذه الصفقة وتسعى لتسويقها لدى الفلسطينيين باعتبارها حلاً لأزمة غزة التي تكتظ بالسكان، ولا فرصة لإقامة ميناء حقيقي فيها، ولكن بالتوسع على الساحل يمكن ذلك مع فرصة وجود حقول غاز، ومطار دولي، وبناء مدينة جديدة لمليون شخص.
كما يمكن بذلك حل مشكلة اللاجئين في لبنان وبعض اللاجئين في سورية والأردن، هذا عدا عن النمو الاقتصادي غير المسبوق باعتبار غزة الموسعة مركزاً تجارياً دولياً.
ولكن لا تتم الإشارة إلى التنازل الكبير في الضفة التي تمثل عمق المشروع الوطني الفلسطيني، بينما تظل القدس خارج النص. وحتى يسيل اللعاب الفلسطيني تبدأ خطوات تمهيدية بإطلاق سراح عدد من الأسرى، وتجميد الاستيطان، وإطلاق التفاوض المباشر وصولاً إلى عقد مؤتمر سلام الصيف القادم.
وتروج "إسرائيل" رواية "صفقة القرن" لدى مصر باعتبار أن التنازل عن الأراضي في سيناء سيكون للفلسطينيين وليس لـ"إسرائيل"، وأنه أرض مقابل أرض تسمح لمصر بتواصل جغرافي مع الأردن عبر نفق طوله 10 كلم، يربط البلدين بالخليج ويخضع للسيادة المصرية.
كما أن حركة اقتصادية ضخمة من النفق ستنشأ عبر شبكة حديد وطريق سريع وأنبوب نفط يمتد نحو ميناء غزة الكبرى، مما يحقق عائدا ماليا جمركيا ضخما لمصر، مع إغراء "إسرائيلي" لمصر بتشجيع المنظومة الدولية على ضخ استثمارات هائلة فيها ومنها تنقية المياه، وستوافق "إسرائيل" على إجراء تغييرات محددة في الملحق العسكري من اتفاقية "كامب ديفد".
ومن هنا تكون الرواية المقدمة للشعب المصري هي تنازل عن (1%) من أرض سيناء مع بسط سيادة على (99 %) منها، وسماح لمصر بالحصول على القدرات النووية لأغراض سلمية ولإنتاج الكهرباء، وبذا - وفق الرواية "الإسرائيلية" - تستعيد مصر مكانتها الدولية، ويكون الطريق ممهداً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لنيل جائزة نوبل للسلام.
تنفي مصر أي مقترحات توطين وتقول إنها لا تتجاوب معها ولن تخضع للضغوط، ولكن التركيز "الإسرائيلي" المتزايد على حاجة مصر للدعم المالي والإسناد السياسي، وكذا علاقتها الحميمة مع "إسرائيل" في هذه المرحلة، يستدعيان رهان "إسرائيل" على جاهزية مصرية للتعاطي مع "صفقة القرن" وأن تكون عرابها.
الأردن جزء من المشروع باعتباره حلا إقليميا دون أن يتكلف ثمناً مع عوائد ملموسة عبر النفق ومنظومة التواصل مع ميناء غزة الموسعة، وصولاً إلى أوروبا ليربط بين العراق والخليج والبحر المتوسط مع ميزات اقتصادية واستراتيجية وازنة، وهناك عين أردنية أخرى على تخفيف العبء الديمغرافي الفلسطيني وخاصة الغزي لصالح دولة غزة الموسعة.
وعود وعراقيل
لا يخفى على أحد مستوى الدعم الأمريكي للأطماع "الإسرائيلية"، في ظل إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترمب، والذي تمثل بقرار "الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل" الذي اتخذه في 6 كانون الأول/ديسمبر 2017 والوعد القاطع بنقل السفارة الأمريكية للقدس، والذي يقابله على الصعيد الفلسطيني تحميل السلطة "مسؤولية نشر الكراهية". ولذلك كانت رسالة ترمب الواضحة لمحمود عباس، عند استقباله له في البيت الأبيض قبل أسابيع قليلة من اتخاذ قرارة المشؤوم، بضرورة "وقف التحريض على الكراهية، ووقف مخصصات الشهداء والأسرى".
ولا يخفى على أحد أن الولايات المتحدة، ظلت منذ اغتصاب فلسطين في عام 1948 وحتى الآن،
تدعو إلى حل القضية الفلسطينية عن طريق توطين الفلسطينيين. وها هو ترمب ينبري اليوم متحمساً لـ"صفقة القرن". هذا فضلاً عن مجاراة هذه الصفقة للاتجاهات الجديدة في العالم، والقائمة على حلول متعددة الأطراف على أساس ربحي واقتصادي.
العالم سيدفع مليار دولار سنوياً للفلسطينيين، وهو مبلغ يذهب للاستثمار في غزة الكبرى، لتحقق أرباحا تغني عن استمرار الإنفاق، مع فائدة حقيقية لأوروبا تتمثل في خفض الأسعار، والاقتراب جداً من السوق الشرق أوسطي والخليجي الأكبر استهلاكاً.
الطريق إلى عقد "صفقة القرن" ليس سهلاً، والموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي الرافض للتوطين سالفاً يرفضه أيضاً اليوم ضمن صفقة تبادل الأراضي، ويبدو أن سيناريوهات التنفيذ لا تقل خطورة عن المشروع ذاته، لصعوبة استجابة الشعب الفلسطيني الذي قاوم التوطين سابقاً ومن المؤكد أنه سيقف ضده اليوم وغدا وفي المستقبلً. وربما يذهب هذا بأصحاب المشروع نحو التهجير القسري عبر عدوان مدمِّر على غزة، وبالتأكيد مثل هذا السيناريو يحتاج لبيئة تتمثل في إدارة دولية وغطاء أمريكي غير مسبوق، يمنحان ضوءاً أخضر للقيادة اليمينية الصهيونية في تل أبيب، مع صمت عربي لطالما عهدناه. والبعض يرى أن الضغط المتزايد الذي يستهدف غزة اقتصادياً، عبر قرارات من قبيل خصم الرواتب، والتقاعد المبكر، وقطع مخصصات الشهداء والأسرى، ووقف التزويد بالكهرباء، يأتي في ذات السياق الممهد لـ"صفقة القرن"!!
وهذا السيناريو كذلك يشكل تهديدا لـ"إسرائيل" عبر مغامرة غير محسومة النتائج، لأنه قد يشطب مسار التسوية الفلسطينية - "الإسرائيلية" إلى الأبد، وتنال المقاومة الفلسطينية على ضوء فشله مشروعيتها الحاسمة. وربما لا تسمح البيئة المصاحبة للجرائم "الإسرائيلية" على المستوى العالمي بالاستمرار، ولا تمنح غطاء لمن يرغب في التعاون مع الاحتلال في إنفاذ العدوان. هذا فضلاً عن مزيد من كشف وجه الاحتلال المجرم مما سيضاعف من عزلته ويتسبب بفشل الخيار الثاني، الذي يتمثل في قبول الأنظمة العربية بصفقة التصفية لانشغالها بأزماتها، فضلاً عن بحثها عن استقرار بلدانها ولو على حساب فلسطين، حيث يُزيّن لها أن بوابة هذا الاستقرار هي تقوية العلاقة مع الكيان والإذعان لترمب. لكن الشعب الفلسطيني يمتلك من الوعي ما يمكنه من إفشال هذا السيناريو، والأنظمة تخشى ردة فعل الشعوب رغم سوء الحال الذي وصلت إليه، خاصة أن الجميع يتذكر أن كافة مشاريع التوطين كان فيها حرقٌ لشعبية الأنظمة.
أفق تطبيق "صفقة القرن" التي تقودها "إسرائيل" بدعم من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ليس ممهداً البته، ولا مؤشرات لاحتمال موافقة السلطة الفلسطينية عليه، لا بل إنها ستكون حتماً ضده، خاصة إذا ما ذهب في اتجاه سيناريو كيان منفصل في غزة، مع عدم وجود مؤشر لإمكانية تطبيق سيناريو سلمي لـ"صفقة القرن". وهذا ما يؤشر إلى أن الأيام القادمة ستكون صعبة، وحبلى بالمفاجآت غير السارة وبالمواقف الحادة والساخنة، التي لا يعلم نتائجها ولا إلى أين ستؤول إلا الله تعالى. لذا سيتواصل الحديث عن التوطين وستبقى أبوابه مشرعة على مصراعيها، حتى يصار إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية في إطار الشرعية الدولية، وبما يرضي الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات.
عرض ترمب الذي قدمته السعودية وأثار غضبة محمود عباس