س و ج بخصوص المكوّن المسيحي في العراق والأقطار العربية
يعقوب أفرام منصور
س و ج بخصوص المكوّن المسيحي في العراق والأقطار العربية
س 1 كيف ترى وضع أبناء المكوّن المسيحي في العراق خصوصًا، وفي البلاد العربية عمومًا ؟
ج ـ أرى وضع جمهور المكوّن المسيحي في وطنهم العراق اليوم أنه في وضع مفترق طرُق، فهو أمام فرصة تاريخية هي فرصة لتحديد مصير ومستقبل ان يكونوا أو لن يكونوا. فإن لم يُحسن شعب المكوّن هذا إختيار الطريق الصائب السليم، تذهب هذه الفرصة المؤاتية الآن من دون الإستفادة منها لبلوغ مصير أفضل ومزهر، وربما لن تتكرر الفرصة بعد مئة سنة لاحقة ( أنظر جريدة " بيث عنكاوا عدد 76 ص 1 أيلول 2017. ) .
س 2 هل سبق أن حدث لأبناء المكوّن المسيحي ما قد حدث له الآن؟
ج ـ نعم قد حدثت مجازر وكوارث ومآسٍ وأزمات في عامي 1915 و1916 في أواخر العهد العثماني، وعُرفت تاريخيًا بأسماء : سيفو/ تطهير عرقي/ إبادة جماعية، وفي عام 1933 مجزرة سمّيل، وفي ستينيات أو سبعينيات القرن المنصرم في شمال العراق، لكن أحداث اليوم في أعقاب غزوة (داعش) الظلامية في عام 2014 نجم عنها سبي واضطهاد واغتصاب وقتول ونكبة تهجير المسيحيين قسريًا وجماعسَا
وتسليبًا بالآلاف من مدينة الموصل وبلدات سهل نينوى، فقد أُخليت كاملاً قرى من سكّانها الأصليين القدماء الذين كانوا موجودين قبل الفتح العربي الإسلامي، كما أن دُوَل الغرب أسهمت في هجرة العديد من هذه العائلات المهجّرة قسرًا (أنظر جريدة " سورايا" ص 1 عدد 2063 تموز 2017 ـ كلام البطرك ساكو).
س 3 هل يُحتمل أن تكون مدينة الموصل في المستقبل خالية من المسيحيين كما حدث لغيرها من المدن العراقية قِدمًا ؟
ج ـ هذا يعتمد على النهج الذي سيختاره رؤساء وأبناء "المكوّن المسيحي "ـ أي إذا حسُن اختيار السبيل الصائب والعمل المُجدي الذي يهيئ الفرصة التاريخية ـ التي ألمحتُ إليها في الجواب عن السؤال الأول. إذ في حالة عدم إختيار النهج الصحيح للعمل الواجب، فلا أستبعِد أن تكون مدينة الموصل ـ بعد عقد أو أقل ـ بدون مسيحيين، كما حدث لمدينتي الحيرة والنجف الزاهرتين في عهد المناذرة العرب المسيحيين على المذهب النسطوري.
س 4 كيف ترى سيكون مستقبل أبناء المكوّن المسيحي في وطنهم العراق؟
ج ـ نظرتي الحالية إلى مستقبلهم تتراوح بين التفاؤل والتشاؤم، بين التحسّن التدريجي، وبين الإنتكاس. وعوامل هذه النظرة هي مدى صحّة النهج الملائم والفاعل من اتّباعه للإستفادة من الفرصة التاريخية السانحة والملائمة الآن لتحسين وضعهم في المستقبل، وأيضًا مدى الإستجابة لصوت هذا " المكوّن المسيحي" من قِبل صُنّاع القرار في الدوَل الكبرى ومنظّمة الإتحاد الأوربي الذين يهندسون خارطة منطقة ( الشرق الأوسط ألجديد) الذي فيه مكوّنات مسيحيّة" ، فأقطار هذه المنطقة وبسبب ثرواتها الطبيعية الغنيّة، وبيئتها المتخلّفة فكريًا واجتماعيًا وثقافيًا، وبسبب تناحراتها المذهبيىة والعرقيّة ـ هي مطمح أطماع ومنافع هؤلاء المهندسين الغربيين ومؤسساتهم ومصالحهم الإقتصادية النفعيّة قبل كلّ شيء ( جريدة "سورايا" ـ 2 تموز 2017).
س 5 بماذا تنصح أبناء المكوّن المسيحي أن يفعلوا ؟
ج ـ أنصحهم أن يتوحّدوا فكريًا ووجدانًيًا، وينبذوا التسميات الفئوية التي برزت للوجود بعد عام 2003 ، التسميات الطائفيّة : الكلدانية ـ السريانية ـ الآشورية، وأن يكون رؤساؤهم السياسيون الموجّهون في مقدّمة هذا التوحّد والتوحيد، إذ عليهم أن يكونوا رؤساء " المكوّن العراقي المسيحي "، وليس رؤساء ثلاثة تيّارات أسلفتُ ذكرَها، فهي غير منظور إليها بنظرة الإعتبار إطلاقًا لدى الدوَل في الغرب ومؤسساتها ومنظّماتها السياسية والإجتماعية والثقافية، حيث يوجد صُنّاع القرار. فبقاء السياسيين والحزبيين المسيحيين على فرقتهم هذه الطائفية الفئوية المتخلّفة " فئويين، راغبين في الزعامات والرئاسات الطائفية الأنانية، يشكّل خطيئة لا تُغتفر حاضرًا ولا مستقبلاً أبدًا. فعلى أبناء " المكوّن المسيحي العراقي " أنفسهم أن ينتخبوا رؤساء غيرطائفيين. وقبلي نصحهم بذلك البطرك ساكو في تموز 2017 ، كما نصحهم المهندس صفاء خليل إبراهيم بذلك أيضًا ومنشور على الصفحة الأولى من جريدة " بيث عنكاوا" لشهر أيلول 2017
س 6 كيف تنظر إلى الهجرة التي غدت أمرًا واقعًا؟
ج ـ نظرتي إليها كونها واقعًا مؤلمًا ومؤسفًا، وبأنها كانت قبل الغزوة الداعشية، وفي مقالي حول الموضوع نشرته مجلة (نجم المشرق) البغدادية في عددها 72 لعام 2012، حمل هذا العنوان (ألهجرة ألخطر الأكبر على مستقبل مسيحيي الشرق ثم على مسلميه العرب)، وها إن الملأ يشاهدون بعد ستة أعوام من تاريخ المقال جسامة أعداد المهاجرين (مسيحيين ومسلمين) من العراق وسوريا ولبنان ومصر إلى أمريكا وأوستراليا وأوربا حتى أقطارها الإسكندنافية التي تداني القطب المنجمد الشمالي. هذا فضلاً عن أن الهجرة لا تُعالج مشكلة عدم إمكانية التعايش بانسجام مع إخوتهم من المواطنين غير المسيحيين، بل تُزيدها صعوبة، لأن تناقص المسيحيين ضمن المكونات الأخرى يزيد تفاقم المشكلة التعايشية ـ كما يقول المطران جرجس القس موسى في كتابه (أحاديث .. حتى النهاية).
س 7 كيف يمكن توحيد كنائسنا وتوحيد أبناء مكوّننا المسيحي؟
ج ـ عندما تُختَزَل كثيرًا كراسي الروحانيين الفئوية الطائفية الطقوسية، حبًا بالوحدة الكنسية، وامتثالاً لطلب السيّد المسيح بقوله : " كونوا واحدًا ..." تغدو في العراق كنيسة واحدة" محترمة.. مهيبة الجانب ، ومثلها يكون في سوريا ولبنان وفلسطين ومصر، وعندما يتخلّى الرؤساء الزمنيون المسيحيون عن أنانيتهم الشديدة، وبالتالي يتخلّى أبناء الكنيسة عن كراسي الزعامات والرئاسات الحزبية المتنافسة المتنافرة فئويًا وطائفيًا وأهدافًا، فلا يُعدّ أفراد المكوّن المسيحي بعدئذٍ كونهم كلدانيين، سريانيين، نسطوريين، إنجيليين، سبتيين إلخ ... بل سيعدّون أنفسهم عراقيين مسيحيين. فآنذاك يكون أتباع المسيح قد توحّدوا واتّبعوا كنيسة واحدة؛ إذ هم الآن ليسوا واحدًا، بل هم عديدون ! فمحبة الله واجبة أولاً، ثم محبة الوطن ثانيًا، ثم الإعتقاد ثالثًا بأيّ عقيدة إيمانية‘ خِلوًا من أيّ فئة أو طائفة أو نِحلة.
[size=32] خلاصة رأيي في التعايش[/size]
" يطيب العيش في العراق لشعبه بكل مكوّناته حين يعتقد شعبُه، ويعمل كل ّ ما يجب عملُه كي لا يعود ساحة تتصارع فيه مصالح الغرباء من القوى الكبرى والصغرى، وأن يتصرّف قادتُنا كبنّائين وليس كحاصدي غِلال ! "
[ هذه الخلاصة هي أمنية ومشورة مُستقاة من كتاب المطران جرجس القس موسى، معنون "أحاديث .. حتى النهاية " صادر في الموصل عام 2014 . ]