حناني ميــــــا الإدارة العامة
معلومات إضافية
الأوسمة : المشاركات : 24054 نقاط : 219228 التقييم : 15 العمر : 82
| موضوع: حادث إسطنبول والثمن المتوقع أن يدفعه آل سعود : د . مثنى عبد الله الثلاثاء 16 أكتوبر 2018 - 15:34 | |
|
حادث إسطنبول والثمن المتوقع أن يدفعه آل سعود منذ 16 ساعة مثنى عبد الله 2 حجم الخط حتى كتابة هذه السطور، فإن كل ما يقال عن اختفاء الصحافي السعودي بعد دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول، هي مجرد تكهنات وتسريبات من جهات تركية وأمريكية لا أكثر. الغريب أنه في خضم كل هذه المؤشرات التي لم تؤكدها أي جهة، ما زالت الحكومة السعودية عاجزة حتى اللحظة عن إثبات خروج مواطنها من القنصلية كما دخلها، بل إنها أثارت الريبة حول دورها في اختفائه، حينما أكد قنصلهم في إسطنبول بأن كاميرات المراقبة المثبتة فوق القنصلية لا تسجل الداخلين والخارجين. كما فشلوا في إظهار سجل دخول وخروج الزوار إلى القنصلية للتأكيد على أنه خرج، وهو نظام معمول به في كل المؤسسات الدبلوماسية في الخارج، حيث يقوم موظف الاستعلامات بتدوين اسم الزائر وتاريخ دخوله وخروجه وتوقيعه. كما لم يستطيعوا أن يبرزوا للصحافة والرأي العام اسمه وتوقيعه الذي يؤيد استلامه الوثائق التي طلبها، وهو كذلك له سجل خاص يجب أن يثبت فيه الزائر معلوماته. وعلى الطرف الآخر كان يجب على السلطات التركية التي سربت صورته وهو يدخل، أن تنشر فيديو من الكاميرا نفسها يغطي الفترة منذ دخوله وحتى انتهاء الدوام الرسمي في هذه المؤسسة الدبلوماسية، كي يتأكد الرأي العام بأنه لم يخرج إطلاقا، لأن السلطات السعودية تقول إنه خرج وإن طرفا ثالثا ربما يكون قد اختطفه كما يدعون. وما بين الادعاء والنكران غاب الطابع الشخصي من هذه القضية، وباتت قضية دولية بامتياز، فما هي الأثمان التي ستترتب على القيادة السعودية، في حالة ما ثبت أن الصحافي قد استهدف في قنصلية بلاده لأسباب تتعلق بآراء تبناها؟ يأتي الموقف الأمريكي وأهميته في هذه القضية متقدما على مواقف الكثير من الدول لكونه موقفا إجرائيا أولا، وثانيا يتخذ طابع الأهمية من طبيعة العلاقة بين الطرفين، الامريكي والسعودي، حيث تعتبر السعودية الحليف الاستراتيجي والاقتصادي الاهم بعد الكيان الصهيوني بالنسبة للولايات المتحدة، لذا فمن الطبيعي أن تتجه الأنظار إلى واشنطن لتبيان موقفها. كان موقفهم في البداية باهتا متريثا، لكن الملاحظ أن النبرة الامريكية علت بعض الشيء في الآونة الاخيرة، وهي باتت تسير في اتجاه التأكد من أن حادثا سيئا جرى للصحافي في القنصلية. هذا الموقف أتى بعد ورود معلومات من أن المخابرات وجدت أن هنالك خططا كانت تحاك ضده، من خلال مراقبة هواتف قيادات عليا في الرياض، لكن أيضا هذه النبرة العالية بعض الشيء جاءت نتيجة أسباب سياسية. فالامريكان على أبواب انتخابات نصفية لمجلس النواب ومجلس الشيوخ وحكام الكثير من الولايات، ولابد من استغلال الموقف هذا، وبذلك باتت القيادة السعودية تحت ضغط مزدوج من قبل الجمهوريين والديمقراطيين. هنا لا بد من الاشارة إلى أن بعض الأطراف داخل الادارة الامريكية، كانت وما زالت ترى في سياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تهديدا للاستقرار في منطقة الشرق الاوسط، من خلال حرب اليمن، وتشتيت مجلس التعاون الخليجي بافتعال الازمة مع قطر، حتى أن الجنرال قائد المنطقة المركزية الامريكية الجديد قال صراحة، إن أزمة مجلس التعاون الخليجي أفسدت علينا عملنا الاستراتيجي. كما ترى فيه مهددا لوحدة العائلة الحاكمة أيضا، بالاجراءات التي قام بها لتعزيز نفوذه وأختزال العائلة كلها في شخصه، من خلال اعتقال عدد من رجال الدين المعتدلين، ورجال الاعمال، وعدد من أعضاء الاسرة الحاكمة. إذن فالتحليل السياسي يقول بأنه في حالة ثبوت ارتكاب جريمة جنائية ضد الصحافي السعودي في القنصلية، فإن الرؤية الامريكية ستكون على الشكل التالي، إن المملكة حليف استراتيجي كبير لنا في المنطقة، وإنها الحليف الأهم اقتصاديا ولدينا عقود معها بمئات المليارات، ولأن نخبنا السياسية التقليدية ترتبط بعلاقات شخصية مع الأسرة الحاكمة منذ عقود من السنين، ولان ما حدث في إسطنبول قضية جنائية وسياسية وأخلاقية ومخالفة لجميع الاعراف والاتفاقيات الدبلوماسية، إذن لا بد من الضغط باتجاه أن يكون هنالك ثمن لما جرى. وبما أن من يقود اللعبة السياسية في البلد هو محمد بن سلمان وليس والده، إذن تعالوا لنحافظ على هذه العلاقة المتشعبة والقديمة بثمن سياسي يدفعه ولي العهد، باعتباره صانع القرار السياسي، من خلال تنحيته من قبل مجلس العائلة واستبداله بشخص آخر. لكن هذا الرأي ربما سيصطدم برأي آخر يقوده الرئيس الأمريكي وفريقه، فترامب رجل أعمال بغطاء رئيس دولة، وبالتالي فإنه ينظر إلى العلاقات الخارجية، خاصة مع الدول الغنية كالسعودية من زاوية الأعمال، وليس السياسة والعلاقات والأعراف الدولية. وقد يرى أن تنحية ولي العهد ربما يؤدي إلى اضطراب أكبر داخل العائلة المالكة بما لا يمكن السيطرة عليه. أيضا هنالك رأي لصقور الكونغرس عبّر عنه رئيس لجنة الشؤون الخارجية، الذي طالب بفرض عقوبات شديدة في حالة ثبوت تورط السعودية في هذه القضية، هو دعا إلى حظر تصدير السلاح، وإيقاف الدعم الأمريكي المقدم للسعودية في حرب اليمن، وتقليص البعثات الدبلوماسية على غرار ما حصل في قضية الجاسوس المزدوج الروسي الذي قتل في بريطانيا. إذن فالحادث يشكل كارثة سياسية وخطأ استراتيجيا له أثمان كبرى، إن ثبت تورط القيادة السعودية في إصدار الأوامر به، لكن ربما تحاول التهرب من المستنقع برواية تلقي بها المسؤولية على القنصل والكادر الدبلوماسي، بحجة وجود خلافات شخصية بين الطرفين، أو تقول إن الكادر الدبلوماسي في القنصلية نفّذ تعليمات صادرة من جهة أخرى من العائلة المالكة لثأر ما. هنا لابد من الإشارة إلى الموقف التركي من القضية، وهي الدولة التي حصل الحادث على أراضيها وباتت عليها مسؤولية سياسية وقضائية وأخلاقية أيضا، لقد تعاملت أنقرة بسياسة حذرة جدا مع هذا الملف، وحرصت كثيرا على التأني على المستوى الرسمي، كي تستكمل صورة واضحة بدلائل قوية ومستندات ثبوتية لا تقبل الشك، على الرغم من أن كل الدلائل تشير إلى امتلاكها معلومات كافية عن الحادث منذ الأيام الأولى، لكنها أبت أن تطرح ما لديها كي لا تتعرض لاتهام بأن موقفها جاء نتيجة التنافس بينها وبين المملكة على الزعامة الإسلامية، كما يقال في بعض الأحيان. لكن لا يمكن أن تساوم أنقرة في الموضوع ولن تنجر إلى وضعه تحته الطاولة بأثمان تدفعها المملكة، فما سيجنيه الرئيس التركي داخليا وإقليميا ودوليا أكبر من جميع الأثمان الأخرى، والاستثمار في المواقف السياسية معروف ومشروع في عالم السياسة، وهذا الذي دفعه للتحفظ وعدم الانجرار نحو كيل الاتهامات قبل بيان الحقيقة الكاملة. ما لا يعرفه القادة السعوديون أن لهم نصيبا كبيرا من عدم الود في الاوساط العربية والغربية والأمريكية على الصعيد الشعبي والنخب، لكن الوهم الذي ينتابهم بأن المال يمكن أن يغير كثيرا من الحقائق لصالحهم، جعل سياساتهم تتصف في كثير من الاحيان بالرعونة والتهور. كاتب عراقي وأستاذ في العلاقات الدولية حادث إسطنبول والثمن المتوقع أن يدفعه آل سعود : د . مثنى عبد الله |
|
| |
|
لطفي الياسيني معلومات إضافية
الأوسمة : المشاركات : 80286 نقاط : 715069 التقييم : 313 العمر : 118 | موضوع: رد: حادث إسطنبول والثمن المتوقع أن يدفعه آل سعود : د . مثنى عبد الله الأربعاء 17 أكتوبر 2018 - 0:50 | |
| | |
|