جمهورية التشيك تشن حرباً على “هدر الطعام” عبر معالجة أطعمة منتهية الصلاحية
براغ (د ب أ) – يقوم ألين بيفروليسكو بإعداد بعض الطلبات من أجل توصيلها للمنازل، حيث يمر بعربة “ترولي” أمام الارفف وهو يلتقط أكياس الأرز وعبوات المربى ولفائف المناديل الورقية الخاصة بالمطبخ، والمكسرات والشيكولاتة ليضعها جميعا في صناديق.
ثم يضيف إليها كميات من أطعمة الأطفال الصغار وأكياس الشاي والقهوة المطحونة.
ويعمل بيفروليسكو في مركز التجهيزات بأحد بنوك الطعام في جمهورية التشيك. ومعظم المواد الغذائية هنا اقترب تاريخ انتهاء صلاحيتها أو انتهى بالفعل، أو لم تعد هناك حاجة إليها بسبب زيادة في انتاجها.
وفي ظل قواعد جديدة بدأ تطبيقها في عام 2018، تلتزم المتاجر الكبرى (سوبر ماركت) بتقديم المواد الغذائية التي لم تعد في حاجة إليها إلى الجمعيات والمنظمات الخيرية.
ويسري القانون على جميع المتاجر التي تزيد مساحتها عن 400 متر مربع.
لقد صار الهدر في المواد الغذائية يمثل مشكلة في أوروبا، وهو أمر لا يقتصر على الدول الغنية.
وتقول فيرونيكا لاشوفا، رئيسة “اتحاد بنوك الطعام في التشيك”: “إذا كان لديك (مكرونة) الاسباجتي في المنزل وقد انتهى تاريخ صلاحيتها، لا تتخلص منها إذا كانت تبدو بشكل جيد.”
ويتم تجميع المواد الغذائية التي انتهى تاريخ صلاحيتها من المتاجر الكبرى لفحصها، ثم تجهيزها، لإعادة توزيعها.
وتوضح لاشوفا أن الكميات المتاحة قد زادت بأكثر من الضعف منذ تطبيق القانون الجديد. فقد قام الاتحاد العام الماضي بتوزيع نحو أربعة آلاف طن من المواد الغذائية التي تصل قيمتها إلى حوالي تسعة ملايين يورو(10 ملايين دولار)، على حوالي 700 من المنظمات الشريكة.
وتقول إن العمل “يغطي جميع الفئات العمرية”، حيث استفاد أكثر من 100 ألف شخص من المعونات، من كبار السن والصغار وذوي الإعاقة والأمهات والعائلات والمحاربين القدامى.
ولفترة من الزمن، كانت هناك مخاوف من أن تُسقِط المحكمة الدستورية في جمهورية التشيك القانون الجديد، الذي صوت ضده بالفعل 25 من نواب مجلس الشيوخ التشيكي الذين رأوا أنه يمثل اعتداء على الملكية الخاصة ورِدةً إلى ممارسات الحقبة الشيوعية فيما يتعلق بمصادرة الملكيات.
ولكن في بداية شهر كانون ثان/يناير الماضي، أيدت المحكمة الدستورية الجمعيات الخيرية، حيث أصدرت حكماً يستند إلى بنود من “ميثاق الحقوق والحريات الأساسية” لعام 1993، بشأن حقوق الملكية.
وتواجه المنظمات التي لا تمتثل للقواعد الجديدة دفع غرامة تصل إلى 390 ألف يورو.
وقد تبنت دول أوروبية أخرى إجراءات خلال الأعوام الأخيرة لكبح جماح عمليات الهدر في المواد الغذائية.
وفي عام 2016، أصدرت فرنسا قانوناً يمنع الشركات والمتاجر من التخلص من المواد الغذائية التي لم يتم بيعها. وفي عام 2018، أعلنت الحكومة البريطانية خطة للحد من هدر الطعام.
وسنت إيطاليا قانوناً في عام 2016 يقضي بإلغاء العقوبات المقررة على التبرع بالمواد الغذائية منتهية الصلاحية، ورغم ذلك، لا يلزم القانون الشركات بالتبرع بها.
أما في ألمانيا، فرغم عدم وجود ما يُلزِم الشركات من الناحية القانونية بالتبرع بالمواد الغذائية التي هي ليست في حاجة إليها، تحظى البلاد بشبكة راسخة (قوية) من بنوك الطعام. ولا ترى الشبكة الألمانية لبنوك الطعام حاجة لتعديل القوانين.
ويقول يوخين برويل، رئيس شبكة بنوك الطعام: ” من وجهة نظر بنوك الطعام، لسنا في حاجة في ألمانيا إلى قانون مثل الدول الأوروبية الأخرى”، مضيفاً أنه يتم من خلال الشبكة توزيع أكثر من 260 ألف طن من المواد الغذائية سنوياً، وهي تأتي بشكل تطوعي.
ووافقت ألمانيا مؤخراً على استراتيجية لمواجهة الهدر في الغذاء من خلال تعزيز الكفاءة في مجالي التجارة والصناعة، ولكن الأمر يظل تطوعياً.
وتؤكد لاشوفا، وهي تتحدث من مكتبها في العاصمة التشيكية براغ، أن القانون ليس كل شيئ، وتقول: “المنظمات التي لم ترغب في التبرع قبل إصدار القانون، ربما لن تتبرع (في ظل القانون).”
وتوضح أنه من السهل الالتفاف على القانون، ولكنها لم تكشف كيف يمكن ذلك.
وعلى الرغم من ذلك، تؤكد لاشوفا أن “اتحاد بنوك الطعام في التشيك” يتمتع بعلاقات طيبة مع معظم المتاجر الكبرى وسلاسل المحال التي تقدم البضائع بأسعار مخفضة.
ورغم هذا، لا يرغب الاتحاد في الاعتماد على التبرعات من المتاجر الكبرى فحسب، ولذلك يتم تنظيم حملات لجمع التبرعات، حيث يتلقاها متطوعون يقفون أمام حوالي 600 من متاجر التجزئة .
وفي بداية شهر تشرين ثان/نوفمبر الماضي، بلغ حجم ما تم جمعه بهذه الطريقة حوالي 280 طنا من المواد الغذائية و41 طنا من مستلزمات الحمامات.
إن الحاجة ماسة إلى مثل هذه الجهود، فربما يكون اقتصاد البلاد يمر بمرحلة ازدهار، إلا أنه يوجد حوالي مليون تشيكي ما زالوا يعيشون تحت خط الفقر، وفقا لبيانات مكتب الاحصاء التشيكي.