الصراع يتواصل على منصب محافظ كركوك: التظاهرات سلاح العرب للضغط على الأكراد وسجال بين بارزاني ومسؤول في «بدر»
منذ 19 دقيقة
مشرق ريسان
0
حجم الخط
بغداد ـ «القدس العربي»: بدأ العرب في كركوك، التي تعد أبرز المناطق المختلف عليها بين بغداد وأربيل، يتجهون نحو تأليب الشارع في المحافظة الغنية بالنقط، ضد قرار الأحزاب الكردية تسمية محافظ «كردي»، بعد إخفاق التصريحات والبيانات السياسية المطالبة، بمنح المنصب للتركمان.
وواجهت كركوك حملتين، الأولى «للتعريب» في زمن النظام السابق، عبر دفع العرب للإقامة فيها، فيما تمثلت الحملة الثانية بـ»تكريدها» من قبل الأحزاب الكردية التي سيطرت على المدينة منذ عام 2003 وحتى 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2017 (خطة فرض القانون)، والدفع بالأكراد للسكن فيها.
ومنذ عام 2003، لم يتسلم التركمان، الذين يعتبرون أنفسهم الأغلبية من سكان المحافظة، إدارة المحافظة، فيما تولى (نجم الدين كريم 2003-2017) منصب المحافظ، قبل أن يغادر إبان أحداث أكتوبر/ تشرين الأول، ليترك المنصب لراكان الجبوري (العربي)، الذي ما يزال على رأس الهرم الإداري للمدينة.
وعقب توصل الحزبين الكرديين الرئيسيين (الاتحاد الوطني، والديمقراطي الكردستاني) أخيراً، إلى تسمية محافظ «كردي» للمدينة، بدأ العرب والتركمان بتفعيل «الخطة ب»، بحثّهم الشارع العربي والتركماني إلى الخروج بتظاهرات حاشدة في مركز المدينة، برعاية المجلس العربي في محافظة كركوك، للتعبير عن رفضهم للقرار الكردي، والمطالبة بمنصب المحافظ.
غير أن نتائج تظاهرات، الجمعة الماضية، لم تأت لصالح العرب والتركمان، بعد أن ظهرت إحدى المتظاهرات وتدعى رنا حميد (من مدينة الرمادي وليست من أهالي كركوك) في مقطع فيديو، وهي تتوسط حشود المتظاهرين مرددة هاتفات تمجد حزب البعث «المُنحل»، قائلة: «نحن صداميون وإن كركوك للعرب السنة»، وقالت أيضاً إنها «ليست من أهالي المحافظة بل من مدينة الرمادي في محافظة الأنبار».
وعلى إثر ذلك، أعلن المتحدث باسم شرطة كركوك، إفراسياو كامل، صدور مذكرة اعتقال قضائية بحق حميد.
ويحظر الدستور العراقي «كل من يحّرض أو يمجد أو يروج أو يبرر للبعث في العراق ورموزه، وتحت أي مسمىً كان، ولا يجوز أن يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق».
حرب مع الأكراد
أما «العشائر العربية في المناطق المتنازع عليها» فحذرت المتظاهرين العرب في كركوك من الأعمال التخريبية والطائفية التي تقودها قيادات «إرهابية» مرتبطة بتنظيم «الدولة الإسلامية»، وهدفها جر العرب في كركوك إلى حرب مع الأكراد.
وقال المتحدث باسم «العشائر العربية»، مزاحم الحويت، في بيان: «تحذر العشائر العربية المتظاهرين العرب في كركوك، من أعمال تخريبية وطائفية تقودها قيادات إرهابية مرتبطة في تنظيم داعش، هدفها جر العرب في كركوك إلى حرب مع الكرد، واليوم، نحن نرى أن هؤلاء الشيوخ الذين كانوا يعملون سابقاً في ساحات الاعتصام في كركوك والمحافظات الأخرى، كانوا أول المرحبين باستيلاء تنظيم داعش على الموصل والمحافظات السنية».
وأضاف: «في الآونة الأخيرة ظهرت لنا شخصيات عشائرية بارزة كانت في صفوف تنظيم داعش قامت بتشكيل جبهات ومجالس عشائرية بدعم مباشر من قبل محافظ كركوك بالوكالة، راكان سعيد الجبوري، الملقب أبو خديجة، وقائد عمليات كركوك اللواء الركن سعد حربية، بتأسيس فتنة طائفية في كركوك، أصبحوا اليوم يدعون أنصارهم للنزول إلى الشوارع ومشاركتهم في التظاهرات ضد اتفاقية الحزبين الكرديين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، على ترشيح طيب جبار لمنصب محافظ كركوك».
وختم الحويت بيانه بتوجيه رسالة إلى عشائر كركوك، دعاهم فيها إلى «الابتعاد عن هؤلاء الدواعش، وستبقى كركوك مدينة كردستانية رغم أنف الأعداء الشوفينيين».
«إعادة جلادي البعث»
موقف «الاتحاد الوطني الكردستاني» من تظاهرات كركوك جاء على لسان كتلة الحزب في مجلس النواب الاتحادي التي وصفت التظاهرات بأنها «مشبوهة»، منددة بما وصفته «إعادة جلادي البعث الصدّاميين» إلى الساحة السياسية.
وأضاف البيان: «في الوقت الذي يتطلع الجميع وبأمل كبير إلى محو آثار البعث وسياساته المقيتة، تحاول مجموعة مغررة بها من خلال تظاهرة مشبوهة في كركوك إطلاق شعارات تمجد البعث والنظام البائد في خطوة استفزازية واستهتار صارخ بدماء الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل الحرية والاستقلال والخلاص من النظام البائد وجبروته». وأكمل: «ما حدث في تلك التظاهرة سابقة خطيرة وانقلاب على القانون والدستور وإسقاط لهيبة الدولة، لا سيما أن الدستور العراقي واضح في المادة 7 أولاً، والتي تنص أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات كل من انتمى إلى حزب البعث أو روج لأفكاره وآرائه في الوسائل كافة، وكل من أجبر أو هدد أو كسب أي شخص للانتماء إلى حزب البعث، وثانياً تكون العقوبة بالسجن لمدة لا تزيد على 15 سنة إذا كان الفاعل من المنتمين لحزب البعث قبل حله أو من المشمولين بقانون المساءلة والعدالة».
ووفق الكتلة، «في الوقت الذي ندين ونستنكر بشدة كل المحاولات الرامية لإعادة جلادي البعث الصداميين إلى الساحة السياسية، فإننا نطالب فخامة رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب، وكل السياسيين الخيرين، بالعمل معاً لمحاربة كل الأفكار التي تحاول زرع بذور الفتنة ودق إسفين التفرقة بين مكونات كركوك لتحقيق غاياتهم الدنيئة». وأكدت على «ضرورة اتباع كل السبل القانونية لانتخاب محافظ كركوك من أجل البدء بمرحلة جديدة من البناء والإعمار وتقديم الخدمات اللازمة للمواطنين دون تمييز».
واختتمت بيانها بالقول: «كركوك ملك لجميع مكوناتها، وإننا حريصون كل الحرص على انتهاج سياسة شدة الورد التي لطالما أكد عليها الرئيس مام جلال رحمه الله، من أجل تعزيز التلاحم الأخوي وتعميق العلاقات الأخوية المتينة للوصول إلى حياة كريمة ورغيدة للجميع، وإن تلك الأصوات النشاز لن تستطيع تمزيق لحمتنا الوطنية، وسوف نواصل العمل من أجل الحفاظ على أجواء التعايش السلمي المشترك بين المكونات لتحقيق المصالح العليا والغايات النبيلة التي ینشدھا الجمیع».
أما زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، فأكد عدم قبول «المساومة على كردستانية كركوك».
بارزاني قال في بيان إن «مشكلة كركوك لا تقتصر بين حزبين أو بين عدد من الأطراف السياسية»، مبيناً أن «مشكلة كركوك قضية تاريخية وسياسية قديمة وذات أبعاد كبيرة».
وأضاف: «بسبب ذلك الوضع غير الطبيعي الذي تعيشه كركوك، ولضرورة إعادة الوضع الأمني والإداري في المدينة
إلى طبيعته، وتقديم الخدمات إلى إهل كركوك، وكذلك معالجة المشاكل كافة، نحن نؤيد اتفاق ووحدة رأي الأطراف الكردية، وهذه خطوة مهمة»، مستدركاً: «نحن مبدئياً مع ضرورة معالجة وحسم منصب محافظ كركوك من قبل أربيل وبغداد، وإن أي نتائج تتوصلان إليها يتعين أن تنال رضى مكونات كركوك كافة».
وتابع أن «الأجواء الإيجابية للعلاقات بين أربيل وبغداد في الوقت الحالي فرصة جيدة جداً، للاستفادة منها في معالجة وحل مشكلة الوضع الأمني والإداري في كركوك ضمن الدستور ولإعادة المحافظة إلى وضعها الطبيعي، لأن الوضع الحالي في كركوك يجب ألاّ يستمر».
وأردف: «نحن في السابق والحاضر لا يمكننا المساومة على كردستانية وهوية كركوك، ويتعين أن تكون كركوك نموذجاً للتعايش القومي والديني، وأن تستطيع المكونات كافة العيش فيها بسلام وتآخٍ ووئام».
لكن بيان بارزاني واجه رفضاً من مسؤول محور الشمال في منظمة «بدر»، محمد مهدي البياتي، مؤكداً أن الإصرار على «كردستانية» كركوك «أمر مرفوض»، حسب تعبيره.
وقال البياتي، في رسالة خاطب فيها بارزاني: «قرأنا رسالتك بدقة وأقولها بصراحة، إن مشكلة كركوك ليست كما أوضحتم هي بين بغداد والإقليم، وإنما مشكلة كركوك إصراركم على كردستانية كركوك وهي مرفوضة من عرب وتركمان كالمحافظة، لأن جميع الأرقام التي لدينا من الماضي والحاضر لا توثق حلمكم بأن كركوك ذات غالبية كردية».
وأضاف أن «كركوك بتركمانها وعربها هم الغالبية في كركوك، وكذلك هناك مشكلة أخرى وهي إننا مختلفون في كركوك وطنياً منذ إصدار التشريعات الخاصة حول المحافظة».
وأشار إلى أن «الحل في كركوك يكمن أن نتعايش معاً ضمن العراق الموحد».