بعد الأحداث المتسارعة.. الغموض يسيطر على مستقبل العملية السياسية في العراق
بغداد – إرم نيوز:سحبت الأوضاع الأمنية التي تشهدها العراق مؤخرا البساط من العملية السياسية التي كانت آخذة في التشكل، بوصولها محطة اختيار رئيس للحكومة يخلف عادل عبدالمهدي الذي كان رحيله محور مطالب الاحتجاجات الأخيرة، قبل أن تنفجر الأوضاع باقتحام السفارة الأمريكية في بغداد، ومن ثم عملية اغتيال القيادي بالحشد الشعبي أبو مهدي المهندس والجنرال الإيراني قاسم سليماني.
الغموض نفسه الذي يسطير على المشهد في العراق يدفع بالمراقبين إلى استبعاد أي استقرار سياسي على المدى القريب، وسط مخاوف من انفلات الأوضاع وعودة البلاد إلى المربع صفر.
وكانت الكتل السياسية قبل عملية اقتحام السفارة، بالكاد تتوصل للتوافق حول شخصية لرئاسة الحكومة، لكن الحادثة أوقفت الحوارات، فيما لا يزال العراق يعيش فراغا دستوريا، فضلا عن عدم وجود موازنة عامة للدولة حتى اللحظة، على رغم دخول العام الجديد.
ويرى المحلل السياسي، أحمد العبيدي أن ”الغارة الأمريكية الأخيرة، وعملية اقتحام السفارة، من قبل سياسيين وقادة كتل، وزعماء مليشيات، لا يمكن النظر إليه على أنه تصرف فردي، بل جاء من قادة مسؤولين في الحكومة وبرلمانيين، لذلك كانت تداعياته كبيرة“.
وأضاف العبيدي في تصريح لـ“إرم نيوز“ أن ”الحالة السياسية توقف في العراق بشكل عام، ولم يعد هناك دور لرئيس الجمهورية ولا رئيس البرلمان، وهو ما ينذر بانهيار الأوضاع، وانفلاتها على وقع تمدد الفصائل المسلحة“.
وبشأن قدرة الأحزاب السياسية على التوصل إلى مرشح، يرى العبيدي أن ”الأحداث فرضت عوامل جديدة، وفاقمت الخلافات بين القوى السياسية، ما يعني مزيدا من التعقيد، وعدم التوصل إلى حلول“.
وانقسمت القوى الحاكمة في البلاد، بشأن طبيعة التعاطي مع الأزمة الراهنة، ففي الوقت الذي دعا فيه مسؤولون إلى ضبط النفس، وعدم اعتماد ردود الفعل المتسرعة، طالب آخرون بضرورة الانتقام من الولايات المتحدة، خاصة بعد عملية مقتل سليماني والمهندس.
القوات الأجنبية
ومع تصاعد المطالبات بإخراج القوات الأمريكية، إلا أن عملية اقتحام السفارة تسببت بدخول المزيد من القوات إلى البلاد.
وأعلن وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، مؤخرا أن 750 جنديا أميركيا سيتوجهون إلى الشرق الأوسط فورا، ردا على اعتداء عناصر ميليشيات موالية لإيران على مبنى سفارة الولايات المتحدة في المنطقة الخضراء وسط بغداد.
وكشف إسبر في سلسلة تغريدات على ”تويتر“ أنه وبتوجيه من القائد العام للقوات المسلحة، الرئيس دونالد ترامب، ”سمحت بإرسال كتيبة من قوة الاستجابة الفورية (IRF) من الفرقة 82 المحمولة جوًا، إلى المنطقة التابعة لعمليات القيادة المركزية ردا على الأحداث الأخيرة في العراق“.
كما أرسلت وزارة الدفاع الأمريكية نحو 100 جندي إلى السفارة الأمريكية في بغداد، تحسبا للطوارئ.
وردا، تلك التحركات، أعلن نواب في البرلمان العراقي، جمع توقيعات لتشريع قانون إخراج القوات الأمريكية، من البلاد، بعد التصعيد الأخير.
وقال النائب عن تحالف الفتح، حنين القدو، إن ”قانون إخراج القوات الأمريكية موجود في أروقة البرلمان، وبات من الضرورة الملحة تمريره بعد حادثة استشهاد المهندس وسليماني بضربة جوية أمريكية“.
وأضاف في تصريحات صحفية، أن ”الأكراد لا يريدون تمرير القانون، لوجود مصالح مشتركة، فيما تتخوف الكتل السنية من التصويت عليه“، مشيرا إلى أن ”القانون سيمرر بالأغلبية في جلسة الأحد المقبل من كتلتي الفتح وسائرون وباقي الكتل الصغيرة“.
وأوضح أن أكثر من 160 صوتا نيابيا داخل المجلس مع تمرير قانون إخراج القوات الأمريكية وإلغاء اتفاقية الإطار الاستراتيجي.
وكشف مصدر مطلع في الحشد الشعبي، أن ”قادة الحشد، ومنذ يوم الجمعة اتبعوا خطة جديدة وواضحة تعتمد على التخفي، والتقليل من الظهور الإعلامي، والتنقل ضمن قواطع وأوقات محددة، بعد الضربة الأخيرة التي استهدفت سليماني، فضلا عن استنفار الجيش الاحتياط من الحشد الشعبي“.
وأضاف، المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لـ“إرم نيوز“، أن ”أغلب قادة الفصائل المسلحة في حالة إنذار، ومن المتوقع خلال الأيام المقبلة، انتقال بعضهم إلى إيران، لحين تهدئة الموقف، أو انتظار الرد الإيراني، والتداعيات المترتبة عليه، في ظل إرسال واشنطن المزيد من القوات إلى الشرق الأوسط“.
وتصاعدت حدة التحذيرات من انهيار الأوضاع في العراق، خاصة مع تفشي السلاح، وعجز القوات الأمنية على ضبط إيقاع المليشيات المسلحة.