هل يكفي العزل وملازمة البيوت لمجابهة كورونا؟
مدير معهد الصحة العالمية في جامعة جنيف بسويسرا يرى في المناعة الجماعية الحل الحالي الأكثر نجاعة لمجابهة كورونا لأنها تمثل نسبة الأشخاص المحصنين ضد الفيروس الواجب بلوغها لإزالة أي خطر بعودة الوباء إلى الظهور في ظل عدم وجود دواء.
الأحد 2020/03/22
الذعر لا يمنع الحياة من الاستمرار
منظمة الصحة تحذر من تحول أوروبا لمركز تفشي الوباء
أكثر من 900 مليون شخص لازموا بيوتهم في العالم
شركات الأدوية وعدت بلقاح خلال 12 إلى 18 شهرا
تخوف من عودة انتشار كورونا بعد حصره بالعزل في ظل غياب الدواء
لندن - قال كبير خبراء الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايك رايان اليوم الأحد إن فرض العزل الصحي ليس كافيا لهزيمة فيروس كورونا مضيفا أن هناك حاجة لوجود تدابير للصحة العامة تحول دون عودة ظهور الفيروس فيما بعد.
وقال رايان في مقابلة مع برنامج آندرو مار شو على تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) "ما نحتاج إليه بحق هو العثور على المرضى ومن يحملون الفيروس وعزلهم والعثور على من خالطوهم وعزلهم".
وأضاف "إذا لم تكن هناك تدابير قوية للصحة العامة الآن فإن الخطر هو عودة المرض من جديد عند رفع هذه القيود على الحركة وقرارات الإغلاق".
وحذت أنحاء كثيرة غربية وعربية حذو الصين ودول آسيوية أخرى وفرضت قيودا صارمة لكبح انتشار الفيروس المستجد، حيث يباشر معظم الناس العمل من منازلهم وأغلقت المدارس والمساجد والكنائس والمطاعم والحانات أبوابها بعد أن تسبب الفيروس بوفاة ما لا يقل عن 13444 شخصا في العالم منذ ظهوره في كانون الأول/ديسمبر بحسب حصيلة تستند إلى أرقام رسمية.
وقال رايان إن الصين وسنغافورة وكوريا الجنوبية التي اتخذت إلى جانب القيود تدابير مشددة لفحص كل شخص يُشتبه في إصابته تمثل نماذج يحتذى بها لأوروبا التي قالت المنظمة إنها حلت محل آسيا وأصبحت مركز الوباء.
وأضاف "بمجرد أن نتجاوز العدوى، علينا ملاحقة الفيروس. علينا نقل المعركة إلى الفيروس".
وسجلت أوروبا اليوم الأحد ما لا يقلّ عن 152117 إصابة بينها 7800 ووفيتان، لتصبح القارة الأكثر تأثراً بالوباء وتأتي بعدها آسيا (96669 إصابة بينها 3479 وفاة). إلا أن هذه الأرقام لا تعكس الواقع الكامل بما أن عددا كبيرا من الدول يكتفي بفحص الأفراد الذين تستدعي إصابتهم العلاج في المستشفى.
وفي حين لم يكفّ عدد حاملي الفيروس في الصين عن التراجع في الأسابيع الأخيرة، تشهد دول أخرى ارتفاعاً في أعداد المصابين.
وسجّلت تايلاند الأحد ارتفاعاً مفاجئاً في عدد الإصابات مع 188 إصابة جديدة، ما يثير الشكوك حول الأعداد لدى جارتيها بورما ولاوس اللتين لم تُبلغا عن أي إصابة.
وبعدما أغلقت حدودها أمام غير المقيمين والأجانب، طلبت أستراليا التي تعدّ 1300 إصابة، من السكان إلغاء رحلاتهم إلى خارج البلاد.
وعلّقت باكستان حيث سُجّلت إصابة 300 شخص بالمرض، كل الرحلات الدولية.
وخضع ملايين الهنود الأحد إلى حظر تجوّل وطني تجريبي في إطار مكافحة الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 13 ألف شخص في العالم.
وتمتّ زيادة عدد فحوص الكشف عن المرض في الهند التي تعدّ 1.3 مليار نسمة والتي سجّلت 320 إصابة، في عدد يُتوقع أنه أقلّ من الواقع.
ودعت منظمة الصحة العالمية دول جنوب شرق آسيا إلى مكافحة "عنيفة" للوباء معربةً عن خشيتها من أن يؤدي تفشي المرض إلى انهيار أنظمة الصحة الضعيفة أصلاً.
وفي الدول التي كانت تبدو مسيطرة على الوباء، باتت السلطات تواجه مرحلة ثانية من الإصابات مرتبطة خصوصاً بالأشخاص القادمين من الخارج.
ومنعت سنغافورة دخول الزائرين لفترة قصيرة، بعد موجة إصابات مستوردة رفعت العدد الإجمالي للإصابات المسجّلة إلى 432.
وفي هونغ كونغ، حيث يبدو أن الأسوأ قادم، ارتفع عدد المصابين بنحو ضعفين الأسبوع الماضي، إذ إن الكثير من الأشخاص عادوا إلى المدينة التي تُعتبر مركزاً مالياً مهماً.
فرنسا تقاوم
وإيطاليا هي أكثر دول أوروبا والعالم أيضا تضررا بالفيروس في الوقت الحالي تأتي بعدها الصين ثم إسبانيا التي قفزت اليوم إلى المرتبة الثالثة تليها إيران.
وحذر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من أن نظام الصحة في بلاده قد يواجه وضعا يفوق طاقته ما لم يلتزم الناس بالتباعد الاجتماعي.
وقال وزير الإسكان البريطاني روبرت جنريك إن إنتاج الفحوص سيتضاعف هذا الأسبوع وسيزيد من الآن فصاعدا.
وأشار رايان إلى أن هناك عددا من اللقاحات قيد التطوير لكن لم تبدأ التجارب في الولايات المتحدة إلا على لقاح واحد. وردا على سؤال عن الوقت الذي سيستغرقه توفير هذا اللقاح في بريطانيا قال إنه ينبغي على الناس التحلي بالواقعية.
وقال "علينا التأكد من أنه آمن تماما... نتحدث عن عام على الأقل". وأضاف "اللقاحات ستتوفر لكن علينا الآن فعل ما ينبغي علينا فعله".
وأمام توجيهات منظمة الصحة العالمية تجد الحكومات في جميع بلدان العالم نفسها أمام اختبار حقيقي لإثبات قدرتها على هزم الفيروس الذي وصفته المنظمة الأممية بـ"عدو الإنسانية"، فبينما يسعى المسؤلون في الدول إلى انقاذ تداعياته الخطيرة على الاقتصاد يعكف الأطباء والعلماء في المخابر على إيجاد مصل ينجح في القضاء عليه في أسرع وقت ممكن.
في غضون ذلك لازم ما يزيد عن 900 مليون شخص أماكنهم في البيوت من ووهان الصينية إلى بوليفيا، مرورا بفرنسا ونيويورك، سواء استجابة لتوصية أو امتثالا لأمر من السلطات.
وعمت تعليمات "الزموا منازلكم" و"أغلقوا كل شيء" العالم بأسره خاصة هذا الأسبوع لمنع التواصل والتجمعات التي تشجع انتقال الفيروس المستجد، ومحاصرة وباء عالمي ينتشر بسرعة وأصبحت أرقام الوفيات المتداولة يوميا متوقعة في جميع دول العالم دون استثناء وسط ضعف كبير بدأ يظهر في الإمدادات الطبية حتى في البدان المتقدمة.
ويرى أنطوان فلاهون مدير معهد الصحة العالمية في جامعة جنيف في سويسرا أن "المناعة الجماعية هي الحل لأنها تمثل نسبة الأشخاص المحصنين ضد الفيروس (سواء بالحقن أو التلقيح حين يكون اللقاح متوافرا) الواجب بلوغها لإزالة أي خطر بعودة الوباء إلى الظهور".
وقال فلاهون وهو اختصاصي علم الأوبئة والصحة العامة إن علماء الرياضيات، ومنهم الإسكتلنديان ويليام أوجيلفي كيرماك وأندرسون غراي ماكندريك اللذان يعملان على وضع نماذج رياضية تسمح بفهم تطور الوباء، وجدوا أن أي وباء لا يزول "بزوال المقاتلين"، أي أن "العامل المعدي" لا يزول في نهاية المطاف مع المرضى الذين يقضي عليهم، بل باكتساب الناس مناعة جماعية تعرف بـ"مناعة القطيع".
وتتوقف هذه النسبة على سهولة انتقال الفيروس من شخص مصاب إلى شخص سليم. ونظريا، كلما كان المرض معديا، ارتفعت نسبة الأشخاص المحصنين ضده الواجب بلوغها لوقف انتشاره.
ووفق حسابات فلاهو، "ينبغي أن يُصاب ما بين 50 و66 في المئة من الناس (بكورونا) وأن يكتسبوا مناعة ضده حتى يزول الوباء العالمي".
لكن مستوى انتقال العدوى يتبدل مع الوقت، بحسب التدابير الصحية المتخذة من حجر صحي وإقامة حواجز وحجر منزلي، كما أنه قد يتأثر بعوامل الطقس.
وإذا تدنى مستوى انتقال العدوى عن درجة 1، ما يعني أن كل مريض يعدي بالمعدل أقل من شخص، "عندها يتوقف الوباء" بحسب فلاهو.
لكنه أضاف أن الوباء "لا يتبدد بالضرورة، خصوصا إذا كانت نسبة المحصنين ضده لم تتخط 50 إلى 66 في المئة. قد يلزم مرحلة توقف، وهذا ما حصل حاليا في الصين كما في كوريا الجنوبية".
وأوضح الخبير الفرنسي أن العوامل الصحية أو الجوية التي تكبح العدوى "مرحلية، وما أن تتلاشى، ينطلق الوباء من جديد حتى بلوغ مستوى المناعة الجماعية المذكورة"، مشيرا إلى أن الأمر يستغرق "أحيانا عدة أشهر أو عدة سنوات".
يذكر أن "مناعة القطيع" تحدث عنها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون منذ بداية انتشار كورونا لكنها قوبلت بانتقادات واسعة في بريطانيا والعالم باعتبار أنها تستند إلى التضحية بعدد من الناس (خاصة كبار السن الذين يفتقدون إلى مناعة قوية) على حساب عدد آخر من المواطنين الذين يمكنهم البقاء على قيد الحياة.
وأمام تحذيرات منظمة الصحة لم يبقى أمام البشرية سوى العلماء الذين يبقى الحل على عاتقهم بالتوصل فعلا إلى لقاح ضد كوفيد-19 وتوزيعه في العالم كما وعدت شركات الأدوية خلال مهلة 12 إلى 18 شهرا.
مقالات ذات صلة
كورونا يضع ميركل في الحجر الصحي
الأحد 2020/03/22
جهود إماراتية لا تتوقف لكبح ارتدادات كورونا
الأحد 2020/03/22
تونس تعلن جزيرة جربة بؤرة لكورونا
الأحد 2020/03/22
MB: Ar: SideMenu