المهن اليدوية في العراق.. هل يمنحها ارتفاع الدولار جرعة إنعاش؟
مصلح أحذية "إسكاف" عراقي
الحرة / خاص - واشنطن:لم يخرج عادل الصفار، أبو سلام، العراقي الذي عمل لأعوام طويلة في مهنة صناعة الأواني النحاسية يدويا أدواته القديمة من المخزن بعد، حتى مع إن الكثيرين يقولون إن انخفاض قيمة الدينار العراقي سيشجع الصناعات المحلية العراقية على النهوض مجددا.
يقول الصفار الذي يبلغ من العمر 65 عاما إن "الشيء الوحيد الثابت في العراق هو أنه لا شي متوقع، وأن أي شيء يمكن أن يحصل".
حصل الصفار على لقبه من مهنته "الصفافير" التي يحمل اسمها سوق شهير في بغداد، تحول فيما بعد إلى سوق للهدايا المستوردة من الصين، بعد أن كانت طرقات الصناع البغداديين تملؤه بالأواني النحاسية رفيعة الذوق.
"الاستيراد دمرنا"، يقول الصفار الذي نجت مهنته بالكاد من حصار اقتصادي فرض على العراق لسنوات ودمر السوق بحسب قوله "لم يكن الناس مهتمين بشراء أواني الزينة، كانوا أكثر تركيزا على إيجاد الطعام والدواء طوال 13 سنة".
ظن الصفار أن الأوضاع ستتغير بعد سقوط النظام السابق، لكن ما حصل هو أن الأواني الرخيصة والهدايا الصينية "عديمة الجمال" بحسب قوله، غزت السوق ودمرت مهنته.
ولا يعتقد الصفار أن المهنة "ستنتعش بشكل سحري" بمجرد ارتفاع قيمة الدولار وغلاء الحاجيات المستوردة لأن "المستورد رخيص جدا، والمنتجات اليدوية تحتاج إلى ثقافة خاصة ضعفت جدا في العراق".
ويتفق الاقتصادي العراقي كمال محبوبة مع رأي الصفار، لأن "الاتجاه إلى الصناعة المحلية يستلزم تأسيس سوق لها، والسوق العراقية تنظر إلى المنتجات المحلية غير الغذائية بثقة محدودة".
ويقول محبوبة إن "الصناعات اليدوية التي انقرضت تقريبا مثل الخياط والإسكاف والرواف (مصلح الملابس) والنداف (صانع الفرش القطنية) لن تعود بسهولة، لإن إعادتها يحتاج استثمارا ورؤوس أموال شخصية، وقناعة من الصناع والفنيين بأن استثمارهم مضمون".
وانخفض الطلب على الصناعات المحلية اليدوية بشكل كبير، لكن الصناعات الغذائية العراقية سواء تلك التي تصنع بإنتاج كبير مثل منتجات الألبان والمنتجات الغذائية أو الحلويات والمعجنات تحظى بإقبال مستمر.
ويتوقع الاقتصادي رائد مطر أن "ترتفع الاستثمارات بالصناعة الغذائية بشكل كبير، مما يؤدي أيضا إلى زيادة الطلب على المنتجات الزراعية وإعادة الزراعة".
وشهدت الأعوام بعد 2003 تراجعا كبيرا في المساحات المزروعة بسبب دخول المنتجات الزراعية والحيوانية المستوردة بأسعار رخيصة إلى السوق العراقية.
وسترتفع أسعار تلك المواد مع ارتفاع قيمة الدولار الذي تستورد به، مما يمنح المنتوجات العراقية فرصة للمنافسة.
ويقول مطر "للأسف من جهة أخرى فإن ضعف الأحوال الاقتصادية سيدفع الناس إلى شيء إيجابي، هو الإقبال على الصناعات التصليحية سواء تصليح الملابس والفرش، أو العودة لتصليح الأجهزة الكهربائية والميكانيكية بدلا من شراء أجهزة جديدة، مما يعني زيادة فرص العمل اليدوي وتقليل البطالة".
ويدعو مطر الدولة العراقية إلى "رسم خطط طويلة الأمد، وتوفير إجراءات لتخفيف آثار الإصلاحات الاقتصادية، ومحاربة الفساد" من أجل دعم الصناعة والزراعة العراقيين وتوفير فرص باستثمارات طويلة الأمد.