أزمة المثقف
د. برهان عليوي -سوريا
في عالم تسوده النزاعات والصراعات والحروب ويخيم عليه شبح الفقر وتقلبات الأسعار كل هذه العوامل ألقت بظلالها الثقيلة والمخيفة على ذهنية المثقف وأثقلت كاهله وقلصت مساحة الإبداع لديه فجاء نتاجه غثا لاهثا يدور في فلك الإرهاصات اليومية المغلف بقشرة الخوف من كل مايحيط به..الخوف من الطبيعة ،الخوف من المجهول ، مما جعل المثقف ينكفئ على ذاته صانعا لنفسه عالما من التهويمات والرؤى أشبه بالملاذ الآمن الذي يلوذ به في ساعة الاختناق.
تلك الارهاصات الممغنطة التي تجذب المثقف إلى بؤرتها ،هيأت في نفسه حالة الانفصام بين الواقع والطموح يقوم بها والطموح ..الواقع برائحة العفونة والفساد التي تزكم الأُنوف لدرجة التقيؤ. والطموح بمجتمع معاصر يواكب المدنية ويتماهى مع التقدم والحداثة.
من هنا يجب أن يدق ناقوس الخطر للتنبيه للتنبيه إلى حال المثقفين ومعاناتهم من أجل استنهاض همم ولاة أمور الشعوب بتوفير المناخ الملائم والبيئة الإجتماعية والثقافية النقية التي يستطيع من خلالها المثقف أن يتنفس برئتها الهواء المشبع باوكسجين الحياة الدافقة بالحرية والحركة والإبداع. وبالتالي تمكنه من قيادة دفة السفينة في بحر لجي متلاطم الأمواج نحو بر الأمان والسلامة لأن المجتمعات إنما تنهض بسواعد أبنائها المتعلمين والمتنورين وفي طليعتهم المثقفون. وألى أن يحين هذا الوقت أضع أزمة المثقف العربي برسم الخلاص والانعتاق.