فلسطينيون في الذاكرة
عدت بذاكرتي لمنتصف الستينات ايام دراستي في المرحلة. الثانوية في مدينتي سامراء سر من رأى في العراق
عاصمةالدولة العباسية مستذكرا ايام. زهوها ومجدها التليد ولازالت اطلالها شاخصة ليومنا هذا تحكي قصة الاجداد بمئذنتها الملوية ومسجدها الجامع والتي بناها الخليفة العباسي المتوكل على الله عام 237 هجرية.
كان للدراسة وانا في عمر الشباب نكهة خاصة اعتزازا بأساتذة تلك المرحلة لما يحملونه من قوة التأثير واستيعاب المادة بأذهان الطلبة. الاستاذ محمود ديب مدرس الرياضيات من الناصرة
يمتلك. ذهنية رياضية عالية وروحا وطنية متوثبة نصغي لحديثه يحدثنا عن مرارة الاحتلال الصهيوني الغاشم وعن بسالة المجاهدين وظروف التهجير القاسي.
ويعيش جاري الفلسطيني ابو جمال من طولكرم حين عانى هذه القسوة ليعمل بشرف حاملا على كتفه انواع الاقمشة لتبتاع منه النسوة والعوائل المحافظة التي لم تعتاد التبضع من الاسواق.
والتحق مع ابو جمال رحمه الله قريب له رجل مسن وقد اعتلى الشيب رأسه يطوف بأزقة المدينة حاملا هو الاخر ع كتفه الاقمشة مرتديا بزة خاكية كما يرتديها الجنود.
وقد نشأت علاقة طيبة مع ابنه غانم احمد محمود زيدان
من طولكرم كزميل لي بالدراسة ليحدثني طويلا عن مدينته ومدن فلسطين ولم يمكث كثيرا ليغادر مع والده
بوداع ذرفت له دمعا.
وكانت فلسطين وقدسها الشريف حاضرة في قلوبنا نحن الشباب مؤمنين بعدالة القضية انطلاقا من الحس الوطني والقومي .
يمر شريط الذكريات نتأمل عفوية الباعة وهم يبحثون عن لقمة العيش حين يعلو النداء لبائع البوضا بلهجته الفلسطينية المحببة العم محمود وابنه وهو يقود عربته ليبتاع منه الصبيه بأحلى مذاق تلك البوضا التي تمنح السرور للافئدة العطشى في ذلك الحر القائض.
ورحلوا ورحل معهم عبق الذكريات وهم. يحلمون بوطن أمن فوجدوا بالعراق وشعبه الشقيق ملاذا لهم ماانفكوا عائدين.
وفي العاصمة بغداد التقيت بالنقيب مروان عبدالسلام من الناصرة وضابط اخر محمد عمورة من طولكرم اثناء تدريسي في احدى المؤسسات
المهنية .
تلك. هي العلاقة الحميمة التي تربط الاشقاء العرب بأنتمائهم العروبي والوطني والقومي حين تجسدت بالمواقف العربية بمشاركة الجيش العراقي الباسل في جنين وباقي المدن الفلسطينية ولازالت مقابرهم تحمل اجسادهم الطاهرة وقد فاضت ارواحهم الى بارئها راضية مطمئنة حين روى دمهم الطاهر تراب فلسطين .