القرية المنكوبة في العراق.. محرومة من خدمات الماء والكهرباء والهاتف
قرية أبو الشويج تعاني من الإهمال ونقص الخدمات والتشويش على الاتصالات
سكان القرية انتهزوا زيارة بابا الفاتيكان فرانشيسكو لمدينة أور المجاورة فطالبوه بالتدخل لدى المسؤولين العراقيين لحل مشاكلهم
الجزيرة/علاء كولي - ذي قار:على الرغم من وقوعها بالقرب من مدينة أور التاريخية الشهيرة في غرب الناصرية (في محافظة ذي قار جنوبي العراق) وإحاطتها بمربع أمني مهم وقربها من مواقع أمنية أخرى، فإنها تعيش وضعا صعبا، حيث سكانها محرومون من الخدمات الأساسية، ولا يستخدمون الهاتف النقال لأوقات طويلة من اليوم بينما شبكة الإنترنت ضعيفة للغاية، وهو ما يترتب عليه من حرمانهم من التقنية الحديثة.
وانتهز سكان القرية زيارة بابا الفاتيكان فرانشيسكو قبل أسبوعين لمدينة أور المجاورة فطالبوه بالتدخل لدى المسؤولين العراقيين لحل مشاكلهم.
قرية (أبو الشويج) إحدى البلدات الواقعة بين الناصرية ومدينة أور والتي تبعد عنها أقل من 5 كيلومترات، يعيش سكانها فيها منذ عقود طويلة، لكنها بعد عام 2003 وجدت هذه القرية والقرى القريبة منها نفسها أمام وضع أمني جديد، وهو سجن الناصرية المركزي المعروف بـ"الحوت" وهو أضخم السجون العراقية ويحوي أكثر من 6 آلاف مدان بالإرهاب ويخضع لحماية أمنية مشددة.
وإضافة إلى هذين الموقعين المهمين، هناك أيضا مقر قيادة عمليات سومر المشرفة على 4 محافظات إضافة لوجود قاعدة الإمام علي العسكرية الجوية، وعلى طول الطريق المؤدي إلى القرية ثمة سيطرات أمنية مشددة، وفي ظل التشديدات الأمنية يعاني أهالي القرية من مشاكل خدمية كبرى.
نقطة البداية
يقول حسين علي -وهو من أهالي القرية- إنه منذ فترة طويلة تعاني قريته من نقص كبير في الخدمات، فهي تعيش حياة سيئة منذ 2013 وحتى اليوم، فسابقا كانت مديرية الماء قد سعت لإنشاء مشروع ماء لتغذية المنطقة، لكن المشروع باء بالفشل، ولم تُعرف حتى الآن الأسباب وكل مسؤول عند مراجعته يعطي وعودا بإنجازه.
وفي حديث للجزيرة نت يضيف علي أن سكان القرية نفذوا عدة احتجاجات ومظاهرات للمطالبة بتوفير الخدمات والتي من أبرزها الماء والكهرباء وتعبيد الشوارع وتوفير خدمات طبية ومتابعة أحوال القرية وحل مشاكلها.
يتابع، "الماء يمثل المشكلة الحقيقية، وما يصل إلى القرية اليوم عن طريق أنبوب متهالك يمر عبر قاعدة الإمام علي الجوية، وهو ماء مالح وملوث وتكثر فيه الديدان"، لافتا إلى أن أعدادا من سكان القرية يعانون من أمراض سرطانية وتشوهات خلقية وطفح جلدي منذ 17 عاما.
وبدأت المعاناة بشكل أكبر كما يؤكد خالد عبد فهد -وهو مواطن آخر من أهالي القرية- حينما بدأ العمل بسجن الناصرية المركزي الذي افتتح في 2008، حينها بدأت القرية تعاني من مشكلة خدمة الاتصالات كون السجن وضع منظومة تشويش عملاقة تؤثر على المنطقة المحيطة بمساحة أكثر من 5 كيلومترات.
وأوضح فهد للجزيرة نت أن ممثلين من القرية رفعوا شكواهم للجهات المعنية والمسؤولين المحليين لحل مشاكلهم ولكن دون جدوى حتى الآن.
وأضاف أنه بالنسبة لخدمة الهاتف، فأهالي القرية في الغالب لا يمكنهم الاتصال بشكل مستمر إلا في ساعات قليلة أو الخروج بعيدا عن القرية حتى يتمكنوا من استخدام هواتفهم النقالة بشكل أفضل.
من جهته أكد عبدالله حمد -أحد سكان القرية- أن القرية التي تعود إلى 100 عام منذ إنشائها لم تكن تعاني مشاكل وكانت تعيش حياة هادئة وبسيطة لكن وقوع القرية بالقرب من مربع أمني جعلها تعاني بشكل أكبر.
ويضيف للجزيرة نت، أن مشاكل الماء والاتصالات امتدت إلى قريتين مجاورتين، ليرتفع عدد السكان الذين يعانون لأكثر من 5 آلاف نسمة، لافتا إلى أن هناك أكثر من 50 حالة عقم في القرية، ونسبة 70% من الشباب عاطلون عن العمل.
وقبيل زيارة بابا الفاتيكان بيوم واحد مطلع الشهر الجاري إلى مدينة أور الأثرية، استغل أهالي القرية ذلك الحدث ونظموا تظاهرة، إذ قاموا بوضع لافتات باللغة العربية والإنجليزية وهم يطالبون البابا بالتدخل لحل مشاكلهم بعد أن عجزت السلطات الحكومية عن إنقاذهم من أوضاعهم المتردية.
حلول بطيئة
يؤكد مدير ماء محافظة ذي قار باسم الجار الله أن مشكلة مشروع الماء الذي يصل إلى قرية (أبو الشويج) تكمن في أن لا أحد من المقاولين يتقدم للمباشرة بتنفيذه رغم إعلانه 3 مرات كمشروع خدمي بسبب ضعف المردود المادي المتوقع من المشروع حيث يرى المقاولون أنه مشروع غير مجدٍ.
ويهدف المشروع إلى مد قرية أبو الشويج بما سعته 400 متر مكعب من الماء في الساعة، كما يوضح الجار الله، بقيمة قد تصل إلى مليارين ونصف المليار دينار (مليوني دولار).
وأوضح أن هناك مشروعا قديما لتوصيل الماء يغذي المنطقة منذ عام 2007 لكن مع التوسع السكاني في المحافظة طوال السنوات الماضية لم يعد الماء يصل القرية بالشكل الصحيح وأنبوب الماء المؤدي إليها عليه تجاوزات كبيرة من المناطق والقرى التي يمر عبرها.
نشاطات إشعاعية
وبشأن ما إذا كانت هناك أية نشاطات إشعاعية في القرية، أوضح مدير البيئة السابق أسعد شمخي أن القرية تم فحصها في عامي 2013 و2014 من قبل فرق خاصة بالبيئة والدفاع المدني لكشف آثار الإشعاعات كونها كانت في أوقات سابقة مناطق عمليات ووقوع قصف عليها، فلم يوجد أي نشاط إشعاعي نشط يذكر.
كما أكد مصدر طبي في محافظة ذي قار للجزيرة نت أن الأمراض التي في المنطقة أو التشوهات الخلقية هي وفق المعدلات الطبيعية ولم تسجل أي تشوهات خارج تلك المعدلات والتي تستدعي إجراءات صحية إضافية للقرية، ولكنه استدرك بالقول إنه لم تُجرَ أي فحوصات حول تلك المناطق منذ سنوات طويلة.
ويتابع المصدر حديثه بأنه "ربما هناك نشاط إشعاعي يحصل بمرور الوقت نتيجة للمخلفات التي كانت منذ عهد النظام السابق وتمت إزالتها"، مشيرا إلى أنه تم تسجيل حالات بأمراض مختلفة من أهالي تلك القرى لكن لم يحسم سبب إصابة الناس هل من الماء أو لأسباب أخرى.
ويأمل السكان هناك في أن يتم إنهاء أزمتهم الدائمة مع الماء وخدمة الاتصالات ومحاولة إيجاد حلول مع منظومة التشويش الموجودة في سجن الحوت التي تؤثر على مساحة كبيرة من القرى القريبة من السجن، وهو ما يجعلهم مقطوعين عن العالم الخارجي، وكذلك تحسين خدمة الإنترنت بشكل جيد يلائم احتياجاتهم