حين يسقط المطر صيفا / بقلم نرجس ريشة -المغرب
هل يُعقل أن يكون الحزن انتقاما مشروعا من سعادةٍ لا مشروعة؟؟؟ ومِنْ أين تأخذ السعادة شرعـيّـتها كي لا يكون الحزن استطرادا حتميّا لها؟؟؟
إن كان الأمر كذلك، فمِن باب العدالة أن تكون السعادة جزاءً مُستَحَـقّا لكل الأرواح المــُـــسْــتَهْــلَـكَةِ شقاءً بهذه الجَدَليّة/ الدوّامة. ومن باب العدالة أن يدوم الفرح ضِعْفين، ضِعفٌ نغسل فيه المرارة، و ضِعف نستعدّ فيه لِحزن قادم.
"لا شيء يولَدُ إلا بضدّه... " طاعنةٌ في القسوة هذه الحقيقة، قاتلة حين تجعلني أموت ثلاثَ مئةٍ و أربع وستّين ، كي أُجرّب الحياة بــِ عيد الأم ... . مُضحكٌ هذا القدر ، ساخر حدّ البكاء، ساخر هذا الوجع الذي يـــلِدُ البسمات، ساديٌّ هذا الموت الذي يقتاتُ على الحياة، عميق هذا الثقب الأسود المُفضي إلى نقطة اللاّعودَة.
و لكنّي أعود، كل مرّة أعود، كدَفترٍ تلفظه الأمواج، مُحَــجَّلُ الصّفحات من أثر البكاء. كبَيْتٍ خشبيّ عتيق استوْلَت عليه يد الزّمن، يقف مُتهالكا تحت الأغصان، ينتظر نبْضا سماويّا كي يَــنبُت جديدا لحصادٍ جديد.
وَيْح الكلمات التي تصفني بـــ "القوية". من قال أنني قوية؟
من قال أنني لا أريد أن أقترف الخطايا السّبع وأستميلَ الإلَه و أسجُد كفايَتي بأرض التّوبة؟
أرقُص فأُصلّي،
أنفظ الشّعر قُبَيْل الإقامة،
أضحك حين أتذكّر بُكائي على دميتي الْـــماتَتْ بيدٍ مبتورةٍ و بعض الوجع في قلبها الصغير. أُقَطِّـــبُ حين أتذكّر أن "البؤساء" كانت أوّل العشق، "ابدئي صعودك من الأعلى..."، ردّدها والدي و هو يقتلع الأسطورة –لأجلي- من أحد رفوف مكتبته و عيني كانت على "الرّسم بالكلمات".
وَيْ، ما بالُ هذا الهذيان يقترفُني، أيُعقَلُ أن أوّلَ الحِكمة جنون؟ أيُعقل أن الحزن ارتطم بِشرعيّةِ اللّجوء إل أرض الكتابة وسطّر للريح شراعات على غير هدًى من عقلي ؟
الدّونْـكيشوت إذن ليس أسطورة، كلنا دونكيشوتْ ، نمتطي صهوة الحياة ، نصارع الطّواحين اللاّمُتــنـــاهِيات، نخيط أثوابنا السّوداء تحت زَيْــفِ الأبيض، نرقص تحت المطر ونُعلّق على شمّاعة الغيمِ فشلنا في التحليق بأجنحة بلّلها الخوف و الكثير الكثير من الضّجر ...
و الأمل ...
و الكبرياء.