اساطير كذبة نيسان
اساطير كذبة نيسان
يرى بعض الباحثين أن كذبة نيسان تقليد غربي، يقوم على المزاح وإطلاق بعض الأكاذيب والخدع، وذلك في سبيل إضفاء أجواء من الضحك والمرح، حتى يصبح البعض ممن تنطلي عليه هذه الأكذوبة يشار إليه بوصفه ضحية كذبة نيسان.
مع دخول اليوم الأول من شهر نيسان يتهيّأ ملايين الناس، لتداول الأكاذيب فمنهم من يُحضّر لكذبة بغرض إضفاء جو من المزح والفكاهة، في حين يتحصن البعض الآخر ويتجه لعدم تصديق كل ما يُقال أو يجري حوله، فيما يجهل هؤلاء حقيقة هذه الظاهرة ومنشأها ومن كان السبب بإطلاقها.
ويعود أصل هذه الكذبة المُنتشرة في غالبية دول العالم باختلاف ألوانهم وثقافاتهم، إلى عدة أساطير .
يربط بعض الباحثين هذه الكذبة مع عيد جميع القديسين، الذي نشأ في القرون الوسطى، وكان في هذه الفترة كان وقت الشفاعة للمجانين وضعاف العقول فيطلق سراحهم في أول الشهر ويصلي العقلاء من أجلهم وفي ذلك الحين نشأ العيد المعروف باسم عيد جميع المجانين أسوة بالعيد المشهور باسم عيد جميع القديسين.
وتتزامن هذه الكذبة مع مناسبة دينية هي عيد الفصح. ومازح بعض الآباء صغارهم بأن غلفوا بعض حبات العنب بأوراق، وقدموها لهم على أنها شوكولاتة.
أما القصة الأشد غرابة هي أنه عندما سقطت الأندلس، خرج الصليبيون ونادوا للناس أنه من أراد النجاة بنفسه وأهله وماله فليذهب إلى الشاطئ، فإن سفناً كبيرة قدمت من المشرق لتأخذ من تبقى من العرب، وبالفعل صدّقوا وذهبوا جميعاً إلى الشاطئ وهناك كانت الخديعة حيث الصليبيون بانتظارهم ويحيطون بهم من كل جانب فأعملوا السيوف في رقاب المسلمين، وذبحوا النساء والرجال والكبار والصغار حتى احمرت مياه البحر من دمائهم، وكان ذلك في الأول من نيسان، حيث سم هذه الخديعة بسمكة نيسان لأنهم كذبوا على المسلمين واصطادوهم كالسمك.
ترتبط كذبة أول نيسان بقصة شعبية في بلدة في إنكلترا تسمى غوثام في نوتنغهام شاير، حيث خدع ملك انكلترا جورج الثالث السكان في الأول من شهر نيسان سنة 1789. وحسب تقاليد هذه البلدة في القرن الثالث عشر، تصبح الطريق الذي يمشي الملك ملكاً عاماً، وعندما سمع سكان بلدة غوثام أن الملك سيزور بلدتهم، بدأوا يخططون للقيام بحيلة تمنعه من الدخول إلى البلدة، لأنّهم سيفقدون طريقهم الرئيسي. فعلم الملك بالخبر وأرسل جنوده، فوجدوا الناس يتصرفون بحماقة ويقومون بأنشطة سخيفة كإغراق السمك أو حبس الطيور في أقفاص مفتوحة. عندها أعلن الملك أنّه لن يمرّ بهذه البلدة. فخرج الفلاحون إلى الشارع واحتفلوا بانتصارهم، إلّا أن الملك كان بانتظارهم واعتقلهم جميعاً. منذ ذلك الحين، سمّي هذا اليوم بكذبة أول نيسان
يعد الشاعر الإنجليزي جيفري تشوسر الذي عاش في القرن الرابع عشر الميلادي، مؤلف المجموعة القصصية والشعرية باسم "حكايات كانتربري"، أول من ضمن قصصا تجمع بين تاريخ الأول من نيسان والأكاذيب، ما يشير إلى قدم هذه المناسبة. يعود إلى قصة رواها الشاعر ، حيث قام الثعلب بمزحة مع الديك، ورغم أن الشاعر لا يشير إلى يوم الأول من نيسان، إلا أنه أشار لمدة 32 يوما من بداية أذار، وهو ما يعني 1 نيسان.
وهناك من يقول، أن نوح أرسل الحمامة لكي تخبره بمكان آمن ترسو فيه السفينة عندما حدث الطوفان، فعادت لتقول إن الطوفان خلفها، وهو ما سخرت منه باقي الحيوانات، وصادف ذلك اليوم الأول من نيسان.
في العديد من الآداب الأوروبية والشعر في القرون السابقة يرد ذكر كذبة نيسان بشكل أو بآخر، لكن الاعتقاد الكبير بهذه المناسبة يتعلق بما حدث عندما تم تغيير بداية العام في التقويم الميلادي، ليكون الأول من كانون الثاني، وذلك على يدي غريغوري الثالث بنهاية القرن السادس عشر.
وقد تم اعتماد الأول من كانون الثاني بداية للسنة بمرسوم رسمي في فرنسا سنة 1564 ليصبح هذا العرف سائراً إلى اليوم، بعد أن كان الناس في القرون الوسطى يحتفلون عادة بمطلع السنة في 25 اذار وتستمر الاحتفالات في بعض المدن إلى الأول من نيسان لمدة أسبوع كما في فرنسا.
و يرى بعض الناس الذين يحتفلون ببداية العام في أول كانون الثاني، يسخرون من الذين استمروا في التصديق بأن السنة لا زالت تبدأ في نيسان ويصرون على الاحتفال بها مع مطلع الشهر الرابع ، فأخذ المحتفلين في أول كانون الثاني بالسخرية منهم وإطلاق النكات عليهم ، وأطلقوا على هذا اليوم يوم الحمقى .
ويرى آخرون أن ثمة علاقة بين الكذب في أول نيسان وبين عيد هولي المعروف في الهند والذي يحتفل به الهندوس يوم 31 آذار من كل عام، حيث يقوم بعض البسطاء بمهام كاذبة لمجرد اللهو والدعاية، ولا يكشف عن حقيقة أكاذيبهم هذه إلا مساء اليوم الأول من نيسان.
مزحة من قيصر روسيا :
لم تخلو روسيا من كذبة نيسان فعام 1719م قام بطرس الأكبر قيصر روسيا بإضرام النار في قبة كبيرة طلاها بالزفت والشمع ، فظن الشعب أن المدينة تحترق وهربوا خائفين ، ولكن جنود القيصر أوقفوهم مخبرين إياهم أن هذا هو اليوم الأول من نيسان .
مزحة الرسام مع ملك رومانيا :
كان كارول ملك رومانيا يزور أحد المتاحف الموجودة في عاصمة بلاده في مطلع نيسان ، فسبقه رسام شهير وقام برسم ورقة مالية أثرية من فئة كبيرة على أرضية المتحف ، فلما رآها الملك خدع فيها وطلب من أحد حراسه التقاطها ولكنه لم يستطع فعلم الملك بأمر الخدعة فيما بعد .
افتعال كذبة بصحيفة رومانية
وقعت حادثة أخرى في الأول من نيسان حينما نشرت إحدى الصحف خبرًا سبب الرعب والفزع للناس ، عن انهيار سقف إحدى محطات السكك الحديدية بالعاصمة مما أسفر عن عشرات القتلى ومئات الجرحى ، فسبب هذا الخبر حالة من الرعب والفزع خاصة أن الصحيفة لم تتحرى صحته من عدمها قبل النشر .الأمر الذي جعل الناس يطالبون المسئولين بمحاكمة رئيس التحرير ، ولكنه استطاع بذكاء شديد أن يخرج من تلك المعضلة وربط الأمر بكذبة نيسان حيث أصدر ملحقًا يكذب فيه الخبر جاء فيه : قبل أن يطالب المسئولين بمحاكمتي عليهم أولاً أن يتحققوا من تاريخ صدور العدد ، إنه الأول من نيسان ، وبعد تلك الحادثة داومت الصحيفة على نشر خبر كاذب في مطلع نيسان من كل عام.
وبجانب بعض المواقف المضحكة، كانت هناك أحداث مؤلمة جرت بسبب هذه المناسبة، وأشهرها قيام سيدة إنجليزية بالصراخ وطلب النجدة من أعلى شرفة مطبخها بسبب اندلاع حريق داخله، ولكن من دون جدوى، حيث ظن الناس أنها كذبة لأنها كانت تستنجد في اليوم الأول من نيسان.
وهناك كذبة أخرى أُشتهر استخدامها في بريطانيا وهو أن يبعث أحد الناس بمئتي رسالة إلى مديري دور الأعمال الكبيرة يطلب منهم أن يتصلوا برقم تلفون، يحدده في رسائله لأمر مهم جداًّ ومستعجل ويحدد موعد الاتصال فيما بين الساعة الثامنة والعاشرة من صباح أول نيسان، وتكون النتيجة أن يظل صاحب رقم التلفون المذكور في شغل شاغل بالرد على مكالمات واستفسارات المديرين طوال اليوم وقد ضربت هذه الكذبة الرقم القياسي في استخدام الشعب الإنجليزي لها.
كمثال لكذبة ما حدث في الخليج والسعودية على وجه الخصوص في نيسان 2009 عن وجود مادة الزئبق الأحمر في ماكنات الخياطة من نوع سنجر (أبو أسد) القديمة، وأصبح الجميع يبحثون عن هذه الماكنات في كل مكان ووصلت أسعارها في بعض المناطق في السعودية ما يقارب المائة ألف ريال، وحتى منتصف نيسان أغلب مواقع الإنترنت تعرض ماكنات للبيع بأسعار خيالية لا تقل بأي حال من الأحوال عن خمسة وعشرون ألف ريال، فهذا مثال لكذبة نيسان التي راح ضحيتها الكثير، وفي نفس الوقت غني بسببها الكثيرون.
كما قامت ملكة فرنسا، ماريا مديتشي، بطبخ مقلب ساخن لزوجها بالاشتراك مع مساعديه، فأرسلت للملك، هنري الرابع، رسالة مزعومة من فتاة، أظهرت أنها مُعجبة به، وعندّما ذهب الملك إلى الموعد المُحدد وجد زوجته تنتظره، ومعها الحاشية.