يجمع محللون وخبراء سياسيون، على أن العمليات الثلاث التي وقعت في الخليل ورام الله، مؤشر على استعصاء المقاومة، وفي طليعتها حركة "حماس"، على الإفناء، متوقعين تصاعد العمليات وتنافس الفصائل على تنفيذها.
ويؤكد الدكتور أسعد أبو شرخ، المحلل السياسي، في تصريحٍ للمركز الفلسطيني للإعلام" أن العمليات التي حدثت في الخليل ورام الله، تدلل على حيوية الشعب الفلسطيني واحتفاظه بخيار المقاومة، وأن كل المؤامرات التي جرت لإجهاض فكرة المقاومة وإخماد جذوتها سواء من الاحتلال او أعوانه باءت بالفشل.
وتوقع أن يتواصل سيل العمليات بأشكال متعددة، كما توقع أن تدخل فصائل أخرى غير حركة "حماس" على خط تنفيذ عمليات مقاومة في إطار التنافس الوطني المحمود في الرد على جرائم الاحتلال.
وكانت "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" أعلنت مسئوليتها عن ثلاث عمليات أسفرت عن مقتل أربعة مغتصبين صهاينة وإصابة آخرين منذ يوم الثلاثاء الماضي في كل من الخليل ورام الله.
ويرى الدكتور مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، أن هذه العمليات أظهرت أن كل الجهود التي قامت بها السلطة في رام الله، لإضعاف حركة "حماس" باءت بالفشل ولم تنجح في تحقيق المراد منها.
وأكد أبو سعدة في تصريحٍ خاصٍ لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" أن السلطة لن تستطيع في الحاضر ولا في المستقبل منع هكذا عمليات، فالضفة لا تزال تخضع للاحتلال والمقاومة فيها مشروعة وفق القانون الدولي، والواقع فيها يمكن أن يجعل من الممكن للفصائل أن تنفذ عمليات خاصة في ظل تصاعد اعتداءات المستوطنين.
ويؤكد البروفيسور عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، أن هذه العمليات أظهرت أن حركة "حماس" لم تكن تقف مكتوفة الأيدي، بل إنها عمدت على بناء هيكلها الداخلي والخارجي بشكل أفضل من السابق.
وقال في تصريحٍ للمركز الفلسطيني للإعلام": "الهجمة التي حدثت لحماس جعلتها تتعلم درساً وأن تعيد بناء بنيتها التحتية، ببنية تتمتع بحصانة أمنية بشكل يختلف عن السابق".
ورأى أن حركة "حماس" وصلت لتنظيم ناضج بصورة جيدة بحيث يمكنها من مواصلة المقاومة بشكل مستمر، معتبراً أن الفترة القادمة ستبرهن إن كانت هذه العمليات ستستمر أم لا.
دلالات التوقيت ورسائل العمليات
وفيما يربط بعض المحللين بين توقيت العمليات وتدشين المفاوضات بين الاحتلال وسلطة "فتح" في رام الله، يرى آخرون أن العمليات تأتي في سياق الرد على جرائم الاحتلال، باعتبار أن المفاوضات فاشلة فاشلة وليست بحاجة إلى جهد خاص لإفشالها.
ويؤكد المحلل السياسي أبو شرخ، أن هذه العملية تأتي في الإطار الطبيعي للرد على جرائم العدو الذي يقوم بأعمال تطهير عرقي، ويبتز فريق ويتلاعب به لصالح أجندته الخاصة، فضلاً عن أنها في الحقيقة تحمل رسائل في اتجاهات متعددة.
وأضاف "هي رسالة لمحمود عباس، أنه لا يمثل شيئاً وأن خياراته لم تعد صالحة لحماية الشعب من بطش المستوطنين، ورسالة لنتنياهو أن كل محاولتك لن تجلب الأمن لكيانك ومغتصبيك، وكذا رسالة للنظام العربي المتخاذل أن الشعب الفلسطيني ومقاومته مستعدة أن تتحمل مسئوليته وترد على بطش الاحتلال".
بينما يرى أبو سعدة أن هذه العمليات كانت متوقعة مع بدء المفاوضات مع الاحتلال الصهيوني، معتبراً أن الهدف منها "عرقلة بدء المفاوضات المباشرة بين الاحتلال وسلطة رام الله". وقال إن "حماس أرادت أن تقول إنه لا يمكن تجاهلها".
بدوره، يرى قاسم أن لهذه العمليات رسالة لجميع الأطراف المفاوضة أنه لا يمكن عزل الشعب الفلسطيني وأنه صاحب الكلمة الأولى. وقال "الرسالة ستصل بشكل خاص للجانب الصهيوني والأمريكي وأنهم سيكونون على دراية بأن هناك طرف يستطيع التأثير على القرار السياسي".
ورأى أنه لا جدوى من اتهام حركة "حماس" بأنها تفشل عملية التسوية؛ لأن هذه العملية فاشلة منذ زمن بعيد؛ فيما ستستمر السلطة في مناكفاتها الداخلية واعتقالاتها لأبناء حركة حماس في الضفة.
عباس موقف متصهين من المغتصبين
وأجمع المحللون والخبراء الفلسطينيون على رفض وإدانة موقف عباس من اعتبار المغتصبين الصهاينة مدنيين، مشددين على أن استهدافهم أمرٌ مشروع بموجب القانون الدولي.
وقال أبو شرخ "إن موقف عباس من المغتصبين، موقفٌ خطيرٌ ويستحق عليه أن يقدم للمحاكمة الشعبية، وأن تخرج المظاهرات في كل مكان من أجل محاكمته على هذا الانحياز للاحتلال".
وأضاف " على أية حال هذا الموقف غير مستبعد من عباس الذي سبق أن وصف المقاومة بالحقيرة والعبثية، والتصق بالعدو من أجل إنقاذ نفسه وتحقيق مصلحة شخصية ضيقة".
وشدد على أن المغتصبين هم أكثر الصهاينة اعتداءً على شعبنا وهو جنود والاستيطان في حد ذاته عملية تطهير عرقي مجابهتها أمر مشروع في كل القوانين الدولية.
بدوره، رفض أبو سعدة، موقف عباس، من اعتبار المغتصبين مدنيين، مشدداً على ان "الاستيطان" غير قانوني على أراضي محتلة وبالتالي أعمال المقاومة التي تستهدف "المستوطنين" هي أعمال مشروعة في نظر القانون الدولي حتى لو لبسوا ملابس مدنية.