وقبل أن تأتي الصرخة المدوية لقائد المعركة العقيد نجاة شكري وأزامره لبقية أمراء الآفواج للآيذان بالصولة القتالية ونتيجة لتساقط قذائف المدفعية فقد كان القدر والحظ غير متحالفين معنا فقد سقطت أحدى القذائف على موضع تخندق ( ضابط الرصد المدفعي – المرافق لقطعاتنا القتالية ) والذي كانت مسؤوليته هو تجديد الآحداثيات وتحديثها لتحرك القطعات بأرض المعركة وبالتنسيق مع وحدته من كتائب المدفعية المساندة لوحدتنا فأدت هذه القذيفة الى أستشهاده فورآ قبل بداية المعركة والصولة القتالية مما أدى الى أن المدفعية العراقية لم تستلم الآحداثيات الدقيقة لتواجد قطعاتنا والتي ( أصيبت مدافعها بالعمى والقصف العشوائي ) والذي بدات فيه قذائف مدفعيتنا ( تقصر مديات الرمي ) وبالتالي تسقط على رؤوسنا أيضآ بالآشتراك غير المنسق وغير المقصود مع مدفعية العدو الآيراني التي تجيد دقة توجيه المدفعية على قطعاتنا المهاجمة بأمتياز مما جعل موقفنا القتالي صعب جدآ قبل الصولة فكنا نستقبل هذه القذائف العمياء من الطرفين ولا نستطيع الآتصال بكتائب المدفعية العراقية لآستشهاد ضابط الرصد المدفعي المرافق معنا وحينها كانت هذه الكتائب تستخدم المدفع النمساوي 155 ملم وهو مدفع رهيب وقذائفه كأنها حمم بركان مستعر ولا أنسى صوت قذائف هذا المدفع النمساوي عندما تأتي من السماء وكأنها حافلة ركاب ضخمة تسير بصوتها المرعب في السماء وشاءت الآقدار أن يكون حظ لوائنا 39 أستشهاد هذا الضابط المدفعي وفي هذه اللحظات الحرجة جدآ واستمرت قذائف المدفعية العراقية تسقط على رؤسنا كما تتساقط قذائف المدفعية الآيرانية علينا أيضآ . وهذه الواقعة ذكرها أيضآ المرحوم الاستاذ قصي المعتصم في مذكراته عن معركة الفاو لانه كان ضابط مدفعية في قاطع الفاو .
عندما تموضعنا وتخندقنا في هذا الساتر كان أفراد ( الحرس الجمهوري – المشاة ) يتمركزون فيه ولآنهم سبقونا بأيام الى أرض المعركة فأن أغلبهم أستطاع أن يحفر موضع يستتر به لا يتجاوز عمقه نصف المتر ومحاط بأكياس رملية غير ممتلئة أغلبها وكانت مليئة بالاوحال والطين ونتيجة للقصف المعادي من القوات الايرانية وتساقط القذائف العمياء حولنا ولانني كنت منبطحآ ومستترا دون خندق او موضع يقيني شظايا القصف مع بقية زملائي كان في هذا الموضع يجلس القرفصاء ( أثنان من ضباط الحرس الجمهوري- أذكر أحدهما أسمه ملازم أول باسم ) فطلبت منهم أن يسمحوا لي بالنزول معهم في هذا الموضع النحيف جدآ لآتقي الشظايا وللآسف رفضا طلبي بحجة أن الموضع لا يكفي لثلاثتنا جميعآ في التجلي التام لآنانية الآنسان في اللحظات العصيبة والتي يتمتع بها البعض حصرآ وما هي الا دقائق معدودة حتى نزلت قذيفة عمياء على بعد متر تقريبآ وعلى رأس الساتر الترابي من الجانب المقابل لآرض الحرام مما أدى الى أنهيار الساتر الترابي وغمره بالتراب وألطين ( للخندق البسيط والموصوف أعلاه وفي داخله هذان الضابطان من الحرس الجمهوري ) وبعد أن أستقر ( الضغط الجوي حولنا بسبب أن أنفجار القذائف والذي يؤدي الى تخلخل الضغط الجوي ويفقد السيطرة لبضع لحظات فلا تستطيع حينها من تحسس رأسك ) سمعت صوتآ خافتآ ينادي للنجدة فالتفت من حولي لآجد ( الملازم أول باسم ) مدفونآ مع صاحبه بالتراب والطين ولم يخرج منه سوى قمة رأسه ووجنتيه والفم فهرعت لهما فورآ ونزعت خوذتي الحديدية وبدأت أرفع وأزيح عنهما التراب فأستطعت من أخراجه من الموضع المدفون وأستمريت بالحفر بشراسة لآخرج الآخر وفعلا أستطعت بفضل الله من أزاحة كمية من التراب عنهما وأخرجتهما وسحبتهما من الموضع حتى أن ( ملازم أول باسم ) قبل رأسي بقبلة حارة ودموعه تنهمر وأعتذر عن أنانيته التي تعامل بها معي قبل لحظات .
أستمر التمهيد بالرمي المدفعي للقطعات العراقية حتى الساعة 200 بعد منتصف ليلة 20-21 شباط حتى دوت الاهازيج الحماسية للمقاتلين من كل حدب وصوب بين دخان المعركة وتناثر شظايا القذائف بيننا دون رحمة وكنت دائمآ أهزج بصوتي لسريتنا أهزوجتي المفضلة في الحرب صادحآ بها بين المقاتلين الآشاوس ( لا تهاب المنايا ترى كلمن بيومه يموت – بمعنى أيها الجندي لا تهاب من الموت والمنية لآن الله قدر لكل أنسان أجله ) وأكررها وأنا أحمل بين ثنايا ضلوعي العراق وشعب العراق وألآمة العربية المجيدة مستذكرآ بطولات ألآجداد في معارك الفتح ألآسلامي الخالدة ومعركة القادسية ألآولى بقيادة الصحابي الجليل سعد أبن أبي وقاص وكيف تحقق النصر للجيش ألآسلامي على أكبر جيوش الفرس والتي أدت الى أنهيار أكبر أمبراطورية لكسرى المجوس كما أنني أستذكر حينها كل معاني البطولة والآباء والآيثار لمعارك الجيش العراقي الخالدة في معارك فلسطين عام 1948 ومعركة حزيران 1967 ومعارك تشرين 1973 والتي أبلى بها الجيش العراقي بلاءآ حسنا عندما تصدى لقوات الجيش الآسرائيلي ومنعها من التقدم لآحتلال دمشق حتى أن العدو الصهيوني وعلى لسان كبار قياداته أقر ببطولة الجيش العراقي وبسالته في تلك المعركة الخالدة والتي قدم بها الجيش العراقي كوكبة خالدة من شهدائه ألآبطال روت دمائهم أرض الجولان والقنيطرة وحتى بدماء الطيارين العراقيين في صولتهم في الجولان والصولة الاولى بطائرات الهوكر هنتر والميك 21 في جبهة سيناء . في هذه اللحظات الرهيبة لصولة المقاتلين يفقد الانسان شعوره الانساني فجأة ويتمسك بكل ذكرياته التي تأتي بلحظة واحدة أمام عينيه وكأنها فيلم بشريط الآسود والآبيض فتكون لحظات مجردة وجامدة رغم قدسيتها في حياته ولا يكون الجندي يفكر بالموت والاستشهاد أو الاصابة نهائيآ ويكون بحالة لا تهاب طلقات الرصاص او طلقات المدافع او قنابر الهاون الاخرس ولا يشعر بوعورة الارض تحت أقدامه ولا بحقول الآلغام المزروعة بالآرض الحرام وهو ينظر أيضآ متلفت الى بقايا حطام الدبابات والمدرعات المحترقة التي تتناثر حطامها أمامه وبين صولات أقدامه أو حتى ببقايا أجساد الشهداء المتبعثرة على جنبات أرض المعركة والتي لم يحالف الحظ أصحابها الآبطال بأن تسحب وتخلى الى الخلف من أرض المعركة حتى ترتاح قلوب أمهاتهم وتتوقف أهات أبائهم وعوائلهم وقلوب حبيباتهم لتشييعهم بموكب يليق بهم وببطولاتهم او حتى لدفنهم في قبر يليق بأجساد الفرسان أنها لحظات القدوم على الموت بالسحنة السمراء وبالعيون السود القادحة بأصرار لتحقيق النصر على العدو .
بدأت أقدام المقاتلين تتسارع الخطى نحو الهدف وفي ليلة ظلماء حالكة السواد خجل القمر ليلتها من أن يرى مجرياتها الدموية والعنيفة بين الطرفين والدماء على ارض الفاو فغاب القمر بين الغيوم ودخان المعارك وفي ذلك الظلام الدامس والذي تتخلله رشقات أضاءة تنويرية من الدبابات والمدرعات المتمترسة على السواتر الخلفية ومن مسدسات التنوير الليلي ولتتخطى ( الساتر الترابي بالقاعدة ألآمينة من بين دبابات ومدرعات الحرس الجمهوري ) لتقطع وتنير لنا رشقاتها التنويرية دروب الارض الحرام التي نتقدم فيها ولغرض أن تتقدم قواتنا راجلة الى هدفها المحدد من القيادة العامة للقوات المسلحة وهو ( العقدة 15 والعقدة 16 بأرض المملحة الطينية على الخط النفطي الآستراتيجي ) وتلك هي مواضع العدو الايراني التي أحتلها وخنادقه القتالية أمامنا والتي أستطاع التمركز بها خلال الآيام الماضية والتي ( بدأ هجومها ليلة 9-10 شباط 1986 لآحتلال الفاو من قطعات اللواء مشاة 111 و 102 فق 5 فل 7 ) وتقدمه بعد أجتياحهم بأتجاه مدينة البصرة حيث أستطاع العدو من بناء سواتر ترابية عالية نسبيآ لغرض السيطرة بالرمي على قطعاتنا المهاجمة وكانت هاتان العقدتان 15 و 16 من ساتر العدو تتموضع بها دباباته التي أجتازت شط العرب من رأس البيشة وعبرت وتموضعت وتخندقت على مشارف مدينة الفاو بأتجاه مدينة البصرة .
تسارعت خطانا وتقدمت الافواج القتالية بكل سرعتها وهي تجتاز الآرض الحرام وحقول الآلغام والآسلاك الشائكة المتبعثرة وتقدمت أرتالنا كل الى هدفه المرسوم في مشهد بطولي رائع وبانوراما قتالية تتكامل أطرافها بين جوانب المعركة حيث يتوقف الزمن في المعارك ولا تستطيع حينها تحديد الوقت ألا حين ينبلج شعاع فجر يوم جديد من خلال تسلل خيوطه الذهبية على أرض المعركة أستمرت كثافة نيران القصف المعادي علينا بكل صنوفه القتالية الصاروخية والمدفعية والهاون والرشاشات الرباعية وذلك بعد أن تيقن العدو الآيراني أن القطعات العسكرية العراقية قد بدأت هجومها الرئيسي على أرض الفاو بمحاوره الثلاثة وخاصة بعد التمهيد المدفعي العراقي بكل كتائبه لآرض المعركة ونحن حينها ما بين راكضين او مستترين في حفرة قذيفة او موضع محفور سابقا أو متعثرين بأشلاء الشهداء من القطعات العسكرية التي سبقتنا بالقتال وهي تنام بسكينة في ليلة ليلاء من المعارك والجحيم الذي لا يوصف وعيون المقاتلين بصولتهم الليلية ترنوا الى هدفها وهي تقاتل في الظلام الدامس من كل حدب وصوب فليس هناك هدف مرئي تستطيع تحديده لآغراض الرمي من خلال الضياء البسيط لطلقات التنوير الليلي الذي تطلقه جنبات الدبابات وإنما كل فوهات بنادقنا ترمي الى الامام بدون هدف فأستمر تقدمنا وصيحات المقاتلين تمليء أرجاء المعركة فترى الفرسان الصائلين وترى منهم من يستشهد ويتلوى على الآرض حتى يلفظ أنفاسه الآخيرة ومنهم من يصاب بشظايا العدو أو نيرانه وقذائفه العشوائية فيسقط الجندي جريحآ نازفآ لدمائه ينتظر أخلائه وأسعافه من أرض المعركة ( علمآ أن تعليمات الفيادة العسكرية تمنع فرق الطبابة والاسعافات في المعارك من أخلاء الشهداء أو الآصابات الشديدة من أرض المعركة حتى تنتهي شدة المعارك وتخف وطأتها )
وبعد تقدم ارتالنا بصولتها القتالية بخط صولة واحد تتقدم بصيحات ( الله أكبر ) فقد أستطاعت بهمتها وأصرارها القتالي وخلال ساعات بسيطة من أختراق دفاعات العدو الايراني التي أمامها فأصابت العدو بأرتباك وتقهقر ومن ثم تم التقدم نحو الساتر المعادي (العقدة 15 ) حيث تم أجتياز حقول الالغام التي أمامه وأستطاع جنود الصولة من أختراق بعض مواضعه الحصينة وكان أمر اللواء العقيد نجاة شكري يتسابق معنا الى الامام وبخطى النصر مع جنوده ومقاتليه رغم الطين والاوحال والالغام وقذائف المدفعية والدبابات المعادية والآسلاك الشائكة ومصائد المغفلين حتى أستطعنا من تحقيق ( نصر على أعدائنا ) بفصائل وسرايا وأفواج اللواء 39 الآبطال ومع خيوط الفجر الآولى من يوم 21 شباط تمكن لوائنا من الوصول الى هدفه والتمكن من دفاعات العدو الآيراني المتقهقرة وقد قدمنا خسائر (من الشهداء والجرحى جزئية من أبطالنا الاشاوس ) ورفع العلم العراقي بأيادي الجنود الآبطال في عدة مواضع من ساتر العدو وتعالت أصوات الجنود والضباط وأمر اللواء بصيحة ( الله أكبر – ألله أكبر – ألله أكبر )
أستمر القتال الشرس بين الطرفين وأنبلج شعاع الفجر والصبح تنفس على دخان الفذائف الممطرة من سماء المملحة علينا وقذائف الدبابات التي لا ترى ولا تميز بين أهدافها بسبب ( الآرض الدشت المنبسطة للمملحة والوحل الطيني ) أستمرت أفواج اللواء بقيادة العقيد نجاة شكري في القتال حتى في بعض المواضع ونتيجة لتداخل الخنادق بين الطرفين كان القتال بالسلاح الآبيض وبالرمانات الهجومية مباشرة لم يكن لدينا أمكانية التقدم أكثر في أرض المملحة بسبب ظروف الآرض والمعركة الشرسة بين الطرفين خاصة وأن العدو الآيراني فتح أنابيب مياه شط العرب على المملحة وجعلها عائق مائي مصطنع لعرقلة تقدم القوات العراقية .
ونظرآ لهذه الظروف الصعبة التي تتعارض مع العقيدة القتالية لواء 39 الجبلي ومهامه في أغلب المعارك في الآراضي الجبلية في قاطع الفرقة السابعة الفيلق الآول في المناطق الجبلية لمحافظة السليمانية فقد تجمد الوضع القتالي على تقديم الخسائر ما بين الجرحى والشهداء من أبطال لوائنا علمآ أن تعليمات القيادة كما ذكرنا بعدم أخلاء الجرحى والشهداء أثناء أحتدام المعركة مما سبب وضع أنساني مزري وأنت تستمع لآنين الجرحى وأهات الشهداء بزفرتهم الآخيرة قبل الموت ولا تستطيع تقديم المساعدة الضرورية لرفاقك ألا بما يتوفر لدى الجندي من ضمادات المعركة البسيطة.
كان أمر اللواء العقيد نجاة شكري يقوم ببعض المحاولات لمتابعة أمراء الآفواج والوضع القتالي لهم ولا أخفيكم أن أغلب الآفواج قدمت خسائر فضيعة من الجرحى والشهداء وحتى من المتسربين من المعركة الذين يحتمل تعرضهم الى الآعدام من قبل ( مفارز الآنضباط العسكري – مفارز الآعدام الفوري للمتسربين في أرض المعركة ) التي كانت متمركزة حينها فيما يسمى ( مبنى صورة الرئيس على الخط الآستراتيجي )
وللآسف ( بعض ) أمراء الآفواج كانوا يرسلون موقف ( لا سلكي ) الى أمر اللواء يتناقض والموقف الحقيقي لتموضع الفوج والسرايا فبعضهم يدعي وصوله الى أهداف متقدمة والحقيقة هي أنه متمركز بموضعه القتالي الآولي ولم يتقدم شبرآ واحدآ وهذه البرقيات الوهمية جعلت الموقف القتالي لقطعات اللواء 39 غير دقيقة نهائيآ وهذا أسلوب كان متبع في أغلب معارك الجيش العراقي للآسف حيث أن أغلب القيادات والضباط القادة يفكرون في التكريم بعد المعارك وللآسف يكون ضحاياهم من الجنود الآبرياء نتيجة أوامر خاطئة وغير دقيقة .
بدأت علامات الجمود على المعركة في نهاية اليوم الآول للمعركة حيث لا تقدم يذكر ولا أمكانية لقواتنا من مقارعة قذائف المدفع النمساوي الرهيب وهو ينزل على رؤوسنا برشقات متتالية خاصة من قاطع مدفعية الجانب العراقي ولم يتم تصحيح هذا الموقف خلال المعركة نهائيآ وأستمرت الخسائر في محرقة المملحة وبذات الوقت لم يتبقى لدينا كمقاتلين أي مؤونة أو طعام حيث لم يكن لدينا قبلها ألآ ( عتاد المعركة الخفيف من بنادق الكلاشينكوف والرمانات الهجومية والدفاعية – مع الطعام الجاف البسيط من بسكويت وبعض العلب الجافة من الفاصولياء حتى كنا نشرب المياه الطينية الملوثة بشظايا المدفعية من الآرض مباشرة ) وليس لدينا أي غطاء من الآسلحة الثقيلة المساندة وكان أغلب المقاتلين قد أرهقوا ولا تستطيع تمييز وجوههم من كثرة الدخان الآسود للمعركة والطين الذي تلطخنا به من الخوذة الى أخمص قدمينا .
أستمر الوضع هكذا وكان العقيد نجاة شكري يتنقل بين المواضع ويتفقد دائمآ ضباط اللواء وجنوده ويحاول أن يرفع من معنوياتنا مع أستمراره في قيادة المعركة ولكن ليس هناك ما يقدمه ونحن بهذه الآمكانيات القتالية المحدودة جدأ وعدم أكتراث قيادة الفرقة الخامسة بقيادة العميد علي الحياني في أرسال أي تعزيزات قتالية الى لوائنا ( علمآ أن لوائنا عندما تحرك وأنتقل من قاطع الفرقة السابعة في السليمانية تموضعنا على الفرقة الخامسة – الفيلق السابع في قاطع الفاو )
البرقية القاتلة ( أهجم بما تبقى وبأعز ما تملك )
أستمر العقيد نجاة شكري بألاتصال بقيادة الفرقة الخامسة وغرفة الحركات وبالعميد علي الحياني شخصيآ لتعزيز قطعات لوائنا ألآ أن قيادة الفرقة تجاهلت كل البرقيات اللاسلكية التي أرسلها العقيد نجاة شكري حتى غابت الشمس وعاد ضوء طلقات ألآنارة تتصاعد بين الطرفين في سماء المعركة.
وفجأة أرتعد جهاز (الراكال اللاسلكي ) لمخابر أمر اللواء ببرقية عاجلة من العميد علي الحياني قائد الفرقة الخامسة تقول : ( أهجم بما تبقى وبأعز ما تملك ...!!!!) ففهم أمر اللواء العقيد نجاة شكري أن ألآمر أنتهى وأن القيادة لا ترغب بعودته ومقاتلي اللواء أحياء من أرض المعركة ورأيته يطأطيء رأسه أسفآ على أرواح جنوده ومقاتليه الآشاوس والذين ستأكل المعركة ما تبقى منهم فران شامخآ كما عهدته وهو يتموضع في الساتر الترابي ملطخآ بالتراب والآوحال وحاله حال جميع الجنود والضباط وأمر تعميم برقية قيادة الفرقة الخامسة على أمراء الآفواج أو بالآحرى ما تبقى من أمراء الآفواج والسرايا وطلب أن نبدأ صولة هجومية على العدو الآيراني منتصف الليل وللآسف كان أمراء ألآفواج يرسلون موقف عن تموضعاتهم غير دقيقة كما ذكرنا وبدأنا هجومآ بقيادة العقيد نجاة شكري لمدة ثلاث ساعات أنهارت قواتنا جميعها وقدمت ما تبقى لديها خسائر رهيبة لم نتعرض لها سابقآ أبدا حتى أنبلج شعاع الفجر ليوم 22 شباط ونحن تاهئهين بين مواضع القذائف المنفلقة وتحت قذائف المدفعية وقذائف الدبابات وحقول الآلغام .
رأيت السيد أمر اللواء العقيد نجاة شكري صامتآ في الصباح الباكر وقد أخذ منه الآرهاق واليأس من نتائج المعركة التي كانت محرقة للوائنا ولم أستطع أن أحصي رفاقي المقاتلين أو ما تبقى منهم سوى 14 مقاتل فقط لا غير وهذا ما تبقى في موضعنا المتقدم مع السيد أمر اللواء فنظر ألينا بعيونه الجزلى وهدوئه المعتاد لآنه لم يفقد سيطرته وحكمته وحنكته في أصعب لحظات القتال خلال اليومين الماضيين ثم قال :
( بارك الله بكم أولادي الآبطال ما قصرتوا والنعم منكم توكلوا على الله وأنسحبوا الى القاعدة ألآمينة ) نظرنا جميعنا الى السيد أمر اللواء العقيد نجاة شكري وقلنا له بصوت واحد ( سيدي أحنا أولادك وما ننسحب ألآ وياك ) فقال بارك الله بكم ولكن المعركة أنتهت وكل واحد منكم يتوجه الى ساتر الحرس الجمهوري في القاعدة ألامينة كان هذا هو الحديث الآخير مع العقيد نجاة في أرض المعركة وجميعنا مستلقي متخندقأ بسلاحه على بقايا الساتر الترابي في أرض المعركة .
وعندما نظرت الى الخلف حقيقة لم أستطع أن أميز وكل رفاقي أين نحن وأين أتجاه القطعات العراقية في أرض المملحة فأتخذنا الشمس نبراسآ لتوجيهنا وفعلآ بدأنا بالآنسحاب في أتجاه القطعات العراقية ونحن محملين بالآوحال والدخان ألآسود والقذارات والدماء والجروح ورائحة الموت حولنا بكل ألآتجاهات لآننا نرى رفاقنا وجنودنا العراقيين أشلاء وبقايا بشرية تمتد على الآوحال أحياء عند ربهم يرزقون سواء من أبطال لوائنا أو من أبطال الآلوية العراقية التي شاركت قبلنا في المعركة .
المشكلة أنه لا تتوفر لدينا خرائط نستعين بها فبدأنا نخوض ونحن نسير في الوحل والمياه القذرة وألآلغام المتناثرة في أرض المعركة فما بين ركض أو قفزة أو زحف توجهنا أتجاه قطعاتنا بأتباع الشمس حتى أن أحد رفاق السلاح ( من أهالي الموصل أسمه حمد من سرية المقر ) سقط مجهدآ من التعب والآرهاق الذي يعجز القلم عن وصفه أو بيان معاناة هذا الآلم وألارهاق وقال أتركوني وأذهبوا قلت له ( والله نعيش معآ ونموت معآ ) وكانت بنيتي البدنية جيدة ( بسبب خلفيتي الرياضية في السباحة وأيضآ أغلب خدمتي في جبال زاخو وبنجوين وجوارته وغيرها ) فحملته على كتفي مع سلاحي الكلاشينكوف وسلاحه أيضآ وبدأت أتخبط في المسير بين الوحل وألالغام وجثث الشهداء والبقايا البشرية المتناثرة وبعد ساعات من ألالم والتعب والمعاناة أستطعت الوصول الى ( ساتر الحرس الجمهوري المتخندق بالدبابات ) فرميت زميلي حمد على الجانب ألآخر من الساتر وسقطت على وجهي مرهقآ في جانب الساتر قبالة الآرض الحرام وبعد أستراحة أجبارية وملابسي تقطر من الماء والدماء لآنني تعرضت الى عدة شظايا في جسدي وتنزف دماء حاولت أن أنهض واعبر هذا الساتر الذي لا يتجاوز أرتفاعه 2 متر أو أقل وكلما حاولت الصعود عليه وأليه ( أتزحلق وأتزحلق ثم أتزحلق لآسقط متقهقرآ الى المياه القذرة ولنفس النقطة ) وبعد عدة محاولات تشبثت برأس الساتر لآقفز عليه حتى أختل توازني ثانية نتيجة عصف قذيفة قريبة جدآ وفقدت وعيي برهة لآن عصف القذيفة يتسبب في أختلال الضغط فتشعر أن رأسك يسقط عن جسمك ورماني هذا العصف الى مسافة بحوالي 3 أمتار في الوحل فعدت زحفآ الى الساتر الترابي الموحل لآجد أن قائد الدبابة العراقية التابعة للحرس الجمهوري المتموضع على الساتر الترابي أرتأى أن يرمي قذيفة على قطعات العدو الآيراني في لحظة وصولي الى الساتر ..
وفي النهاية حالفني الحظ ان اعبر هذا الساتر الترابي بعد كل هذه المعاناة واستلقي مغشيآ علي بجانب الدبابة وبعد برهة نظرت يمينآ وشمالآ فلمحت رفاقي مستلقين على الساتر وجميعنا في حالة لا توصف لآننا جميعآ أشتركنا في معاناة الآنسحاب دون تغطية ساندة من قطعاتنا العراقية حتى رأيت العقيد نجاة شكري قد وصل الساتر وأستلقى على ظهره أيضآ فنهضنا جميعنا وألتففنا حوله وهو صامت لا ينبت ببنت شفة مطلقآ وينظر ألينا ونحن نقول له ( سيدي الحمد لله على سلامتك ولاتهتم سيدي ) فأطرق صامتآ برأسه على صدره وقد بلغت اللحى في وجهه مبلغها وفي وجوهنا نحن جميعآ لآننا لم نحلق اللحى منذ عدة أيام فكان أحدنا كالدرويش في الحلقات الصوفية فتبسم بأبتسامته المعهودة وبان في ملمحه أنه راضيآ عن ما قدمه أبطال اللواء من تضحيات وبطولة رغم أن مجريات المعركة وعدم وجود قوات ساندة فرضت أوزارها علينا جميعآ .
قاربت الساعة الحادية عشر صباحآ حتى توفرت لنا جميعآ مدرعة عراقية ( للآمانة أعتقد أحد الضباط من لواء الحرس الجمهوري أمرها لآخلائنا الى الخلفيات ) وفعلا صعد أمر اللواء العقيد نجاة شكري وصعدنا حوالي 7 مقاتلين معه في المدرعة وسارت بنا مسرعة بين السواتر والخنادق وهي تقفز وتهوي بنا ورؤوسنا تطرق بسقفها ونهتز كأننا في هودج من سباق ( النوق – البعران ) وصلنا الى ( غرفة السيطرة التي تسمى صورة الرئيس على الخط ألآستراتيجي ) فترجلنا منها جميعنا بصحبة العقيد نجاة شكري وجلسنا على أحد السواتر لا نعلم ما هو مصيرنا وما نفعل والى أين نتجه وفي هذه ألآثناء ونحن جالسين وقفت سيارة عسكرية ( واز ) وترجل منها ضابط برتبة مقدم ( لا نعرفه ولكن الشريط الآحمر على ذراعه يدل أنه أنضباط عسكري ) أدى التحية العسكرية وطلب من السيد أمر اللواء أن يصاحبه في السيارة للذهاب الى المقر الجوال لقيادة الفرقة الخامسة بناءآ على طلب قائدها العميد علي الحياني .
اللحظة ألآخيرة ...
نظر ألينا العقيد نجاة بنظرة وداع وهي النظرة واللحظة ألآخيرة التي أراه فيها وقال ( راجع أن شاء الله لا يظل بالكم ) وصعد السيارة الواز بصحبة ضابط الآنضباط العسكري وبدأت السيارة بألآلتفاف مسرعة بأتجاه قرص الشمس حتى غابت عن نظرنا ونحن في حالة صمت رهيبة لا ندري أين نذهب وما هو مصيرنا وكلنا في حالة الصدمة المعهودة للجنود بعد المعركة وفي حوالي الساعة الثانية ظهرآ أنتشر خبر بين القطعات العراقية المتموضعة بالقرب من موقع جلوسنا أن ( العقيد نجاة شكري أمر اللواء 39 قد تم أعدامه من قبل العميد علي الحياني قائد الفرقة الخامسة ) فبدأنا نهرول الى ضباط هذه القطعات لنتحقق وفعلآ أخبرونا أن خبر أعدامه صحيح فبدأ عويلنا وصراخنا على أمر لوائنا البريء الذي لم يفارقنا لحظة وأستمر يقاتل معنا من ساتر الى ساتر ومن خندق الى خندق )
حيث تبين لاحقآ أن قائد الفرقة الخامسة العميد علي الحياني قد شكل محكمة ميدانية فورية في مقر الفرقة الجوال وقررت أعدام العقيد نجاة شكري أمر اللواء 39 رميآ بالرصاص وفعلآ نفذ الآمر في مقر الفرقة الخامسة الجوال وأن فرقة الآعدام التي نفذت الآمر بالآعدام كانت بعدد عشرة أفراد من ألآنضباط العسكري وأستخدمت ( عشرة – شواجير لسلاح الكلاشينكوف بعدد 30 أطلاقة للسلاح الواحد ) بمعنى أنهم أطلقوا عليه حوالي 300 أطلاقة كلاشينكوف على جسده وحوله لآن جسده الطاهر ترك متوسدآ الساتر الترابي لعدة ساعات على ساتر مقر الفرقة الجوال وأنهم عند أخلائه وجدوا أن عظام جسمه قد نخرته الآطلاقات بحيث أصبح ذراعه كالماء .
أنتقام رب العزة سبحانه وتعالى لعباده الصالحين ...
بعد يومين من عملية تنفيذ حكم الآعدام رميآ بالرصاص بالعقيد نجاة شكري على ساتر المقر الجوال للفرقة الخامسة – الفيلق السابع أراد الله أن يرينا عدله وقدرته بين عباده وفي الساعة الواحدة ظهرآ أو ما يقارب وهي نفس ساعة أعدام العقيد نجاة وبينما كان العميد علي الحياني قائد الفرقة الخامسة جالسآ في مكتبة تحت ألآرض في مقر الفرقة الجوال شاءت قدرة الله سبحانه وتعالى أن تنزل قذيفة مدفعية أيرانية على مقر الفرقة الجوال وتستهدف الغرفة الشخصية للعميد علي الحياني فأحالته الى قطع واشلاء فأنتشر خبر مقتله كالنار في الهشيم بين القطعات العراقية وكان الجميع بدون أستثناء كما أعتقد يقولون سبحان الله أن حوبة الشهيد العقيد نجاة شكري أمر اللواء 39 البطل .
وبعد حوالي أسبوعين حضر الى مقر لوائنا في منطقة تموضعنا في قرية المعامر على ضفاف شط العرب ضباط من استخبارات الفيلق ( أعضاء المجلس التحقيقي ) وأجروا تحقيق مع أغلب من تبقى من افراد اللواء بشأن العقيد نجاة شكري وموقفه القتالي مع اللواء وقدمنا جميعآ أفاداتنا كما عشناها وقضيناها مع امر لوائنا البطل العقيد نجاة شكري وسمعنا بعدها ان القيادة العامة للقوات المسلحة اصدرت قرار باعتباره شهيد في معركة القادسية كما وردنا ان عائلته في كركوك وابنه شكري قد رفضوا تكريم القيادة .
بدأ ما تبقى من افراد لواء 39 الذين وصلوا الى ( مبنى صورة الرئيس ) على الخط ألآستراتيجي يتزايد وبدأنا نتجمع ونتموضع مؤقتآ على السواتر الترابية القريبة وجميعنا يستجدى الماء والطعام من قطعات الجيش النتشرة حولنا لآننا بدون قيادة وبدون تموين فلا ماء ولا طعام تبقى لدينا بقينا يومين هكذا حتى وصلت أوامر بقيادة العميد حاتم ( أعتقد أسمه هكذا لآنه لم يبقى كثيرآ بلوائنا ) وكان أمرآ بديلآ للواء 39 ومكلف بأعاد هيكلة اللواء أو أعادة تنظيمه وتعويض خسائره كما هو متبع في السياقات العسكرية فطلب أن نتوجه ونتجمع في منطقة تسمى ( منطقة المخراك – قرية المعامر ) وهي قرية مهجورة نتيجة المعارك ولم يتبقى من بيوتها وبساتينها سوى جذوع النخيل المقطعة بشظايا القنابل ومليئة بطلقات الرصاص ولا يسكنها سوى ألآفاعي والعقارب والعناكب السوداء علمآ أنها منطقة مواجهة عسكرية وقتالية أيضآ لآنها تقع في الخط ألآمامي المقابل للقطعات ألايرانية المتمركز بمحاذاة شط العرب من جهة الفاو وأيضآ مواجهة للقطعات ألآيرانية المتمركزة على الجانب الثاني لشط العرب بمعنى أن بقايا لوائنا كان مصيرهم محتمآ بأستمرار القصف المعادي وليس لغرض التعويض وأعادة تنظيم اللواء كما أعتقد لآن من غير المنطقي أن يتم تكليف ما تبقى من لواء خاض معركة شرسة وقدم تضحيات وخسائر جسيمة أن يمسك خندقآ وساترآ قتاليآ مباشرآ مع العدو ولكن هذه الآوامر العسكرية وهذه متطلبات المعركة ..
وفعلآ تم تموضع بقايانا في قرية المعامر وقامت تشكيلات هندسة الميدان للفيلق السابع في حفر وتوزيع الخنادق لنا ( الخندق الفولاذي ) وهو عبارة عن هيكل فولاذي مبطن بالخشب ويتم وضعه تحت ألآرض بعد أن تحفرها ( الشفلات ) ويطمر بالتراب على عمق 2 متر أو 3 متر ويترك له فتحة ضيقة بأحدى جانبيه لغرض الدخول والخروج ولا توجد فيه فتحات تهوية ولا يتوفر فيه ألآ رحمة الله ولكم أن تتخيلوا أن تنام في خندق فولاذي تحت ألآرض بعمق 2 متر على ألاقل وبدون تهوية وأنت في رطوبة وحر منطقة الفاو والبصرة في الصيف ولا يجاورك في هذا الخندق الفولاذي سوى العقارب السوداء والصفراء وأولادهم الصغار مع العناكب السوداء البرية وألآفاعي بكافة أنواعها وبالتأكيد عليك أن تنظف داخل ( البسطال ) قبل أرتدائه دائمآ لآن مجاوريك وجيرانك منهم يجدونه بيتآ رطبآ ومريحآ لكل هذه الحشرات ...
وفي حادثة تعرضت لها حينها أن خندقي الفولاذي تحت الآرض كان مرتعآ لهذا العقارب والعناكب ونظرآ لآن منطقة الفاو فيها رطوبة عالية تقطع الآنفاس وفيها حر شديد لا يوصف فقد كنا أثناء الليل نقوم بترطيب شرشف الغطاء بالماء حتى نتغطى به ونشعر ببعض الراحة والنوم بغفوة ولدقائق معدودة وفي أحد الآيام دخل زميل لي ولآمر ما مساءآ وأنا مسجى كالميت على فراشي وجلس قبالة فراشي ولآنه كان في يده ( لايت ) فجأة طلب مني عدم التحرك من فراشي وأبقى ساكنآ فقلت لماذا قال أنظر على كتفك الآيسر فنظرت فوجدت ( عقرب صفراء مع أولادها مستلقية على كتفي وبجوار وجهي ) فقام زميلي وبضربة واحدة بالبسطال بقتل هذه العقرب وألاولادها رغم أن كثير من العقارب كانت تخرج من بين فتحات الخشب حتى أصبحنا أصدقاء فقمت بتربية عائلة عقارب كاملة في زجاجة وأقوم بتغذيتها يوميآ من أبو بريص وكانت مشاهدة سادية مؤلمة وابو بريص يتلقى طعنات ووغزات العقارب ...
هذه شهادتي ورؤيتي وذكرياتي عن معركة أحتلال الفاو من منظور جندي عراقي عاش احداثها المؤلمة والمريرة بكل تفاصيلها وتعايش تفاصيل المعركة وأستنشق رائحة البارود وتوسد تراب العراق من شماله الى جنوبه وتوسم جسده بالشظايا والآصابات وما زالت ولا أدعي أنها شهادة لكل جوانب الحقيقة التي قد يكون فيها أوجه أخرى لا أعلمها ولكنها تكاد تمثل 90% من الحقيقة التي عشتها بكل تفاصيلها وأترك 10% منها الى من شاهد تفاصيل عملية الآعدام رميآ بالرصاص وبصورة مباشرة وبشهادة عيانية في مقر الفرقة الخامسة -الفيلق السابع كما أنها ليست بمنظور ورؤية القيادة العامة للقوات المسلحة أو قائد فرقة أو فيلق.
لآن قد تجد أغلب الحقائق بدون تجميل أو تزييف وبكل تفاصيلها في أجساد الجنود ... رحم الله العقيد ( الحاج ) نجاة شكري أمر اللواء 39 . رحم الله أبطال اللواء 39 فق 7 فل 1 رحم الله شهداء معركة الفاو لعام 1986 ومعركة الفاو 1988 رحم الله شهداء الجيش العراقي الآبطال ...
شهادة الجندي المقاتل المحامي الدكتور محمد عبدالغني الشيخلي اللواء 39 فق 7 فل 1 يوميات من كتاب تحت الاعداد بعنوان جنود القادسية بين الحرب والسلام
|