تصطدم بمصاعب.. فصائل مسلحة تدفع بوصلة العراق العسكرية صوب موسكو
رووداو ديجيتال:يرى مراقبون أن انسحاب فرق صيانة طائرات F16 الأميركية من قاعدة بلد الجوية، جاء بضغط من فصائل مسلحة، مدعومة من إيران، تهدف شيئاً فشيئاً إلى انسحاب القوات الأميركية من البلاد، في خطوة لم تلق تأييداً من الحكومة العراقية، التي تجري حوارات شبه مستمرة مع الولايات المتحدة الأميركية، تتعلق بعدة جوانب تخص التواجد والدعم الأميركي التسليحي لبغداد، لاسيما في الحرب ضد الارهاب.
بعض الجهات السياسية روّجت مؤخراً لفكرة عودة بوصلة العراق التسليحية نحو الشرق، وبالتحديد نحو روسيا، التي لطالما كانت حليفاً عسكرياً للعراق في العقود الأخيرة من القرن الماضي، ولاسيما خلال فترة السبعينيات والثمانينيات، خلال فترة حكم حزب البعث.
هذا الترويج قد تكون وراءه دوافع "ايرانية"، بحسب مختصين ومراقبين للوضع الأمني في العراق، تهدف لاعتماد العراق مجدداً على منظومة الدفاع الجوي والسلاح والعتاد الروسي، تحت يافطة تنوع المصادر العسكرية، وكذلك خبرة العسكريين العراقيين في التعامل مع السلاح الروسي.
تأتي هذه الأنباء بعد انسحاب شركة مارتين لوكهيد المتخصصة في صيانة طائرات F16الأميركية، إثر الهجمات المتتالية للفصائل المسلحة على قاعدة بلد الجوية، شمال بغداد، التي تضم مرابض تلك الطائرات، والتي ذكرت مصادر مقربة أن عدد أعضاء فرق الصيانة يصل إلى نحو 70 موظفاً، تم سحب 50 منهم إلى أربيل، بإقليم كوردستان.
وانسحبت الشركة الأميركية، بعد تعرض القاعدة الجوية، إلى سلسلة ضربات متوالية خلال الأشهر الماضية، أصابت عدداً من العاملين فيها، على الرغم من تأكيد السلطات العراقية، بعدم وجود قوات أميركية قتالية في تلك القاعدة، وأن الكوادر العاملة هناك، هي مختصة في صيانة الطائرات فقط.
العراق يفاوض فرق صيانة F16 الأميركية
لجنة الأمن والدفاع النيابية، ترى أن الأوضاع الاقتصادية الحالية للعراق لا تسمح بشراء أسلحة روسية، رغم إقرارها أن هذا الأمر مطروح في الساحة السياسية والأمنية العراقية.
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية بدر الزيادي لشبكة رووداو الإعلامية، اليوم الجمعة (21 أيار 2021)، إنه "في الوقت الحاضر، لا أعتقد أن الحكومة العراقية ستقوم بشراء أسلحة من روسيا، في ظل الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد"، مستدركاً أن "هنالك نية لشراء أسلحة روسية، نظراً للرغبة في تعدد وتنوع مصادر التسليح للقوات الأمنية العراقية".
الزيادي أشار إلى ضرورة أن "لا تقتصر عمليات التسليح والتجهيز على جهة واحدة، كي لا تقوم هذه الجهة باحتكار العتاد والصواريخ والأسلحة وصيانتها، لذلك تعتزم الدولة العراقية تنويع مصادر التسليح والتجهيز".
عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، أكد "قيام أكثر من وفد عراقي بزيارة روسيا بهذا الصدد، وقد تحدثنا مع وزير الدفاع العراقي الذي زار روسيا في وقت سابق، حول هذا الموضوع".
أما بخصوص انسحاب فرق صيانة طائرات F16 الأميركية، أوضح الزيادي أن "الشركة المختصة بصيانة طائرات F16 الأميركية انسحبت من قاعدة بلد الجوية، وهنالك مفاوضات معها للعودة إلى قاعدة عسكرية أخرى في المستقبل، مؤمّنة بشكل جيد"، مشيراً إلى "وجود توافق على هذا الشيء".
وبشأن احتمالية أن يكون تواجد فرق صيانة طائرات F16 الأميركية في إقليم كوردستان، نفى الزيادي ذلك، وقال إن "مكانهم المستقبلي سيكون في إحدى القواعد العسكرية في وسط أو جنوب العراق".
يشار إلى أن هناك حراكاً سياسياً تُجريه كتل في البرلمان، لإحياء ملف شراء الطائرات الروسية، بعد التلكؤ الحاصل في برنامج الطائرات الأميركية، فضلاً عن رغبة بعض الأطراف في شراء منظومة أس 400.
"المطالبون برحيل الأميركان محدودو النفوذ"
مختصون يرون أن العقلية العراقية الآن مرتبطة بالدولة الحليفة، وهي الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي فإن الاستغناء عن أميركا أمر "غير صحيح" على الاقل من الناحية العسكرية.
الخبير الأمني أحمد الشريفي قال لشبكة رووداو الإعلامية، اليوم الجمعة (21 أيار 2021)، إنه "إذا كان التوجه إلى التسليح والتجهيز من روسيا، بهدف التنوع، فهذه مسألة طبيعية"، مستشهداً بمصر التي تحصل على مساعدات أميركية، لكنها تملك تعاوناً تسليحياً مع ايطاليا وروسيا والصين وفرنسا، "وهي من وجهة نظر عسكرية تهدف إلى الارتقاء بالقدرات القتالية".
وأضاف أن "العراق لديه خبرة متراكمة في التعامل مع طائرات ميغ 29 الروسية، وامكانية التعامل معها ميسرة، في ظل امتلاك العراق طواقم جاهزة للتعامل مع الأسلحة والطائرات الروسية"، لافتاً إلى أن "عقليتنا مرتبطة بالدولة الحليفة، وهي الولايات المتحدة الأميركية، أما مسالة الاستغناء عنها فهذا الأمر غير صحيح، من الناحية العسكرية، على الأقل".
الشريفي، عدّ تنوع السلاح "استثماراً للقدرات العسكرية"، منوّهاً إلى أن "علاقات الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الآن، تختلف عن حقبة الاتحاد السوفييتي".
"كان هنالك تنسيق بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا لقطعاتنا العسكرية خلال فترة الحرب ضد تنظيم داعش، خصوصاً عندما تقوم القوات الجوية العراقية بملاحقة وقصف عناصر التنظيم في سوريا"، وفقاً للشريفي، الذي رأى أن "هنالك البعض من الجهات السياسية والفصائل المسلحة تروج لقطع العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، وهذا أمر غير ممكن".
أما بشأن الجهات التي تطالب بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، ذكر الشريفي أن "هنالك أجنحة محدودة من حيث التأثير الجماهيري والسياسي، تطالب بهذا الشيء، وهي مرتبطة بايران"، مؤكداً أن "هذه الجهات هي صاحبة قرار غير ملزم".
وبخصوص الجهات المؤيدة لبقاء القوات الأميركية والتعاون العسكري بين بغداد وواشنطن، أوضح أن "السنّة والكورد وغالبية الشيعة مع هذا الأمر"، لافتاً إلى أن "نحو 75% من الشيعة يرفضون قطع العلاقات العراقية - الأميركية".
كبار المسؤولين العسكريين العراقيين كانوا قد أعلنوا في آب الماضي عن رغبتهم في اقتناء طائرة "سو - 57" بصفتها أقوى مقاتلة في الجيش الروسي، إلا أن موازنة العراق لا تسمح بشراء تلك المقاتلة لغلاء ثمنها.
نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، نايف الشمري، أعلن مؤخراً أن الحكومة ستتعاقد، خلال الأشهر المقبلة، لشراء منظومة دفاع جوي، مضيفاً أن "الموازنة المالية لعام 2021، تضمنت تخصيصات لتزويد القوات المسلحة بأجهزة حديثة لمواكبة التطور الحاصل في جيوش العالم، كما أن اللجنة أجرت عدة لقاءات مع وزير الدفاع وقائد الدفاع الجوي بهذا الخصوص".
رغم اختلاف الجهات السياسية العراقية في نظرتها المستقبلية بالتعامل مع الولايات المتحدة الأميركية، لكن المؤكد أن العراق لازال بحاجة إلى تعاون أميركا من عدة نواحي عسكرية، في ظل محدودية الامكانات الجوية والدفاع الجوي العراقي، واعتماد بغداد بشكل كبير على المساعدات العسكرية من واشنطن بهذا الصدد.