19 عائلة أبادتها الصواريخ الإسرائيلية.. عائلات غزة تبكي على أطلال الدمار
منذ 21 دقيقة
0
حجم الخط
غزة – “القدس العربي”: لا تزال الكثير من الأسر الفلسطينية في قطاع غزة تعيش المأساة الأليمة للحرب الأخيرة، بعد أن فقدت الكثير من أفرادها، بسبب الغارات الجوية الدامية، والتي تخللها 19 مجزرة بحق تلك العوائل.
ذكريات على الأطلال
وعلى أطلال المنازل المدمرة بفعل الغارات الجوية الإسرائيلية، يتواجد بشكل شبه يومي أفراد الأسر الذين نجوا من المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال، يستذكرون الأيام القليلة الماضية، التي كانت منازلهم فيها قائمة، ويعمرها سكانها، الذين باتوا من سكان المقابر، بعد أن لقوا حتفهم وأخرجوا من تحت ركام منازلهم المدمرة بصعوبة.
ويزور من تبقى أفراد عائلة أبو العوف، مكان سكنهم الذي أصبح ركاما، تحمل الآليات منه شيئا فشيئا، ضمن عمل الطواقم المختصة لإزالة الركام، فيما تستذكر عائلة المصري شمال القطاع، شبابها وأطفالها الذين سقطوا في أول يوم من العدوان، وهو شعور ينتاب المواطن محمد الحديدي، الذي فقد أربعة من أبنائه وزوجته في قصف مماثل، استهدف منزل خالهم، خلال زيارتهم له، حيث لم يبق له إلا طفل رضيع، أخرج من بين الأنقاض بصعوبة.
ويقول محمد إنه يستذكر يوميا حين يجلس في منزله، أطفاله الأربعة، ولهوهم في أركان المنزل، ولعبهم مع شقيقهم الرضيع عمر، الذي لا يزال على قيد الحياة، وكيف كان يمازحهم، ويقول إن جدتهم العجوز لا تعلم حتى اللحظة ما حل بأسرته من مصيبة، وأنها تسأله حين تراه عن أطفاله وزوجته، وتبلغه بأنها لم ترهم منذ فترة طويلة، فيما يختلق لها هو حججا تبرر غيابهم الطويل.
من قصص تلك العائلة المكلومة، يقول الوالد إن طفله الرضيع، لم يكن مثل أخوته الذين يكبرونه، وقضوا جميعا في الغارة الإسرائيلية، إذ لم يكن يتقبل منذ ولادته الرضاعة من أمه، وأنه اعتاد على الرضاعة من الحليب المجفف المخصص للأطفال، وأنه ذهب سابقا إلى أطباء عدة لحل مشكلته، لكن دون جدوى، معتبرا أن ذلك شعور مسبق لهذا الطفل الرضيع، بأن لا يريد التعود على حليب الأم، الذي سيفقدها بعد أشهر قليلة، ويضيف الوالد “لو كان يرضع من والدته، لكان الأمر صعبا على هذا الطفل”.
19 عائلة تعرضت للمجازر
وفي هذا السياق، ذكرت وزارة الصحة في غزة أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 19 مجزرة بحق عائلات خلال عدوانه الأخير على قطاع غزة، موضحة في إحصائية لها، أن العائلات التي ارتكب الاحتلال مجازر بحقها هي: الكولك، الطناني، التلباني، عيسى، المصري، شرير، عرفة، العطار، امن، الحديدي، أبو حطب، أبو عوف، اشكنتنا، الإفرنجي، أبو داير، صالحة، بركة، الزبدة، والمنسي.
- اقتباس :
- 19 عائلة أبادتها الصواريخ الإسرائيلية ضمن نمط إسرائيلي متعمد ومدروس
ووفق التقرير الذي أوردته وزارة الصحة، فإن عائلة “الكولك”، شهدت مجزرة راح ضحيتها العدد الأكبر من الشهداء وبلغ 21، بينهم 8 أطفال و6 سيدات، فيما فقدت عائلة “أبو عوف”، 9 أفراد بينهم طفل و5 سيدات، جرّاء استهداف مباشر لمنزلهم بمدينة غزة، بحسب الوزارة، أما عائلة الطناني فقد فقدت 6 أفراد، بينهم 4 أطفال وسيدة، كذلك فقدت عوائل “المصري، والعطّار، والحديدي، وأبو حطب، واشكنتنا، والإفرنجي”، 5 أفراد من كل عائلة، أما عائلتي “شرير وأمن” ففقدتا 8 أفراد، بواقع 4 من كل عائلة، مشيرة إلى أن عائلة “صالحة” فقدت 3 أفراد أيضا، كما فقدت عائلات “التلباني، وعيسى، وعرفة، وأبو داير، وبركة، والزبدة، والمنسي” اثنين من أفرادها.
يشار إلى أن العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، تسبب باستشهاد 254 مواطنا، من بينهم 66 طفلا و39 سيدة و17 مسنا إضافة إلى 1948 جريحا.
وفي السياق، جاء في ورقة حقائق أصدرتها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان “ديوان المظالم”، ضمن سلسلة توثيقات العدوان على غزة في مايو 2021، أن إبادة العائلات “نمط مدروس ومتعمد” من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي قصف جيشها على مدار أحد عشر يوما متواصلة عشرات المنازل والوحدات السكنية بشكل مباشر ومتعمد، ودمرها فوق رؤوس قاطنيها، ما أدى إلى إبادة عائلات بأكملها ومحوها من السجل المدني.
وأوضحت ورقة الحقائق أن الهيئة وثقت بتاريخ 20 مايو حالة قصف مباشرة استهدفت عائلات ممتدة، منها 21 حالة قصفت فيها منازل على رؤوس قاطنيها، وحالتان استهدفت تجمعات، وحالتان خلال استهداف سيارة، وحالتا قصف لمزرعة، وحسب ما ورد في الورقة، فإن غارات جيش الاحتلال الإسرائيلي التي استهدفت العائلات، أدت حتى تاريخ 20 مايو إلى استشهاد 96 شخصا، بينهم 44 طفلا، و28 امرأة، بينهم رجل وزوجته وطفلته، وأمهات وأطفالهن، وأشقاء وأبناء لهم، كما أن هناك 7 أمهات استشهدن مع أربعة أو ثلاثة من أطفالهن.
إبادة
وقد استندت الورقة إلى قول منظمة العفو الدولية، بأن هناك “نمطا مروعا” يظهر من قيام إسرائيل بشن غارات جوية على غزة مستهدفة المباني السكنية ومنازل العائلات، ما أدى في بعض الحالات إلى دفن عائلات بأكملها تحت الأنقاض عندما انهارت المباني التي كانوا يعيشون فيها.
ويؤكد التقرير الحقوقي، الذي استند أيضا إلى ما ذكره مجموعة من خبراء الأمم المتحدة، أنه في سياق محاسبة الاحتلال على جرائم استهداف المدنيين وإبادة العائلات بتعمد، فإن هذه الجريمة لا تشكل فقط مخالفة صريحة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا تخرق مبادئ الضرورة والتناسب فحسب، بل إنها تمثل أيضا “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، تستدعي التحقيق الفوري من المحكمة الجنائية الدولية، لوضع حد لإفلات القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل من العقاب على الجرائم التي اقترفوها في السابق.
وتضمنت ورقة الحقائق جملة توصيات تمثلت في ضرورة قيام المحكمة الجنائية الدولية بتحقيق جنائي في جرائم العدوان والحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وفي جريمة الفصل العنصري والاضطهاد كجرائم ضد الإنسانية، والتي ما زالت ترتكبها “إسرائيل” في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، وضد الفلسطينيين داخل أراضي الـ48.
وطالب المركز الحقوقي الفلسطيني في الورقة التي أصدرها، بضرورة تفعيل مبدأ الولاية القضائية العالمية من جميع الدول التي تسمح قوانينها بذلك، لملاحقة القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل، والذين أمروا أو نفذوا أو اشتركوا في ارتكاب “جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”، سواءً تلك التي ارتكبوها في قطاع غزة أو في جميع الأراضي الفلسطينية، كما طالب بضرورة أن تقوم السلطات الفلسطينية وبالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة الإنسانية بتوفر مساكن آمنة للعائلات التي دمرت منازلها، وخاصة وفورا للأفراد الذين نجوا من إبادة عائلاتهم.
وأوصت الورقة بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة الإنسانية، ومنظمة الصحة العالمية، وبالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة، بتوفير العلاج والدعم النفسي اللازمين والضروريين للأفراد الناجين من العائلات التي أبيدت، لا سيما الناجين الأطفال.