دور الكيان الصهيوني في الاعلام والتفجير والقتل وقصف مفاعل تموز النووي
د علوان العبوسي
7 حزيران 2021
[size=32]دور الكيان الصهيوني في الاعلام والتفجير والقتل وقصف مفاعل تموز النووي[/size]
كنت قد نشرت في موقع الگاردينيا المميز موضوع (البرنامج النووي العراقي ) اقتطع منه الجزء الخاص بالضربة الجوية لمفاعل تموز النووي في موقع التويثة مع التقدير
بمناسبة الذكرى 40 لقصف مفاعل تموز النووي بودي استذكار بعض الامور التي استدرجت لحين استهداف هذا الصرح العلمي العراقي بتعاون ايراني اسرائيلي
لم يكن النشاط العلمي للعقل العراقي خافياً على اسرائيل بل كانت تترقبه وتتابع خطواته ،فهي تعلم علم اليقين ان مازق اسرائيل التاريخي سيكون عندما تبدا الامة بالتقدم علمياً وحضارياً وتصبح في المستوى الذي تتنافس فيه مع العالم ً .
منذ اللحظة الاولى للاتفاق العراقي الفرنسي وبدء المفاوضات الفنية والتعاقدية بشان مشروع المفاعل بدأت اسرائيل سعيها لافشال الاتفاق ، فقد اعتبرته وكذلك الاتفاق العراقي الايطالي ايذاناً بمرحلة جديدة لاستراتيجية تهدف الى وضع سعي الامة لامتلاك ناصية العلم عليه قررت متابعته ووقفه ثم تدميره .
بدات اسرائيل بعد توقيع الاتفاق العراقي الفرنسي بحملة اعلامية مكثفة تهدف من خلالها ان للمفاعل القدرة على انتاج كمية من البلوتانيوم تكفي لصنع قنبلة ذرية ، وهو امر غير معقول طبعاً لان فرنسا دولة موقعة على معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية ومن الدول الضامنة لهذه المعاهدة وواحدة من دول دائمة العضوية في مجلس الامن ومسؤولة عن السلام والامن الدوليين .
اسرائيل انتقلت من الاعلام الى مرحلة اخرى بسلسلة من التفجيرات والاعتداءات في فرنسا وايطاليا اعقبتها بعمليات اغتيالعلى النحو التالي
تفجير تولون
عندما اصبح قلب المفاعل الذي سيحوي بداخله الوقود لاحقاً جاهز للشحن في ميناء تولون الفرنسي تسلل عملاء الموساد الى الميناء ونفذو عملية تفجير فاصيب قلب المفاعل باضرار ، وتم الاتفاق مع فرنسا بالاصلاح ، وقد دلت الوقائع ان هناك تواطئ من جانب افراد او مجموعة فرنسية قامت بهذا الفعل .
وقود الكاراميل
اثار التفجير الرعب لدى بعض المختصين الفرنسيين ، وجاء فرصة للبعض الاخر لاثارة موضوع ارتفاع نسب تخصيب الوقود الذي سيجهز به المفاعل لتغييرنسبة الوقود من 90% الى 20% واقترح الجانب الفرنسي هذا التغيير داعماً حجته بان الاتجاه العالمي كان حينها سائرا نحو استبدال الوقود العالي التخصيب في مفاعلات البحوث بوقود منخفض التخصيب ولن يكون للاستبدال تاثير في مواصفات المفاعل وخواصه وتحجج الفرنسيون بان هذا التغيير يسحب البساط العلمي من تحت الحملة الدعائية المعادية ، التي تدعي ان الوقود العالي التخصيب سوف يستخدمه العراق لاغراض سلاح نووي .
تفجير بيت خبير فرنسي
عمدت اسرائيل الى ترهيب الخبراء والعاملين الفرنسيين في المشروع النووي العراقي ، حيث قامت بتفجير بيت خبير فرنسي في باريس واصيب الخبيربجروح بالغة .
تفجيرات ايطاليا
استهدفت إسرائيل الاتفاقية العراقية – الايطالية ايضاً عندما فجرت مقر شركة (سنياتكنت) الايطاليةالمكلفة بمشروع مختبرات الوقود البارد ومنشآت إنتاج النظائر المشعة ،كما حاولت تفجير دار مدير فرع الشركة في مدينة ميلانو الايطالية حيث تعرض المديرلاصابات شديدة .
حملة الاغتيالات
المرحوم يحيى المشد
في ضوء تشكيل فريق من العلماء العراقيين ومن جنسيات عربية اخرى على راسهم العالم المصري المرحوم الدكتور يحيى المشد ، لاجراء الحسابات المفاعلية والبيوترونية وكيفية توزيع الوقود في قلب المفاعل ، وكانت العقول العراقية قد توصلت فعلا الى امتلاك القدرة على اجراء تلك الحسابات المعقدة ، اسرائيل تصورة انها اذا اغتالت رئيس المجموعة ينتهي الامر ويصفو لها الجو ، وهكذا اغتيل المرحوم الدكتور يحيى المشد من قبل الموساد الاسرائيلي ، وقد تمت عملية الاغتيال في باريس يوم الجمعة 13 حزيران /يونيو 1980 بفندق الميرديان حيث عثر على جثته مهشم الراس ودمائه تغطي سجادة الحجرة وحيكت بشكل رخيص قصة المومس امعانا في تشويه صورة ذلك العالم المؤمن ومنه تشويه سمعة العرب وتصويرهم اناس متوحشون ليس لهم هم سوى اشباع رغباتهم الجنسية واغلق التحقيق الذي قامت به الشرطة الفرنسية على ان الفاعل مجهول .
المرحوم الشهيد المهندس عبد الرحمن رسول
كانت اعمال بناء المفاعل في منطقة التويثة جنوب بغداد ، وكانت اعمال صب الاساسات وبناء حوض المفاعل تواجه مشكلات جمة منها المياه الجوفية وكان المهندسون العراقيون حريصين على انجاز العمل بمواصفات عالمية ،ولكن ظهرت شقوق شعرية في جدار حوض المفاعل قبل بها الفرنسيون ولكن اثبت مهندس شاب ملاحظاته حيالها اوقف بموجبها العمل ، وحاول المهندسون الفرنسيون اقناع المهندسين العراقيون بعدم خطورة هذه الشقوق لكنهم اصروا على رايهم العلمي وتراجع الفريق الفرنسي مقرا بصحة الراي الهندسي العراقي ، كان ذلك امراً خطيرا بالنسبة لاسرائيل اذ اصبح العقل العراقي لديه القدرة الفنية والمعرفية في اعمال الهندسة المدنية لانشاء مفاعل متجاوزا الخطوط الحمراء التي وضعتها اسرائيل ، عليه فقد قامت اسرائيل باغتيال المهندس الاستشاري المرحوم عبد الرحمن رسول الكردي المستقل غير المنتمي الى حزب البعث العربي الاشتراكي فقد استقدم للعمل في الطاقة الذرية عام 1980 ، رغم ذلك لم يتوقف الجهد الهندسي للعقل العراقي رغم فداحة خسارة المهندس عبد الرحمن ولم تتوقف المنظومة الهندسية با استمرت في العمل وابدعت كما هو العادة .
المرحوم الشهيد الدكتور المهندس سلمان رشيد سلمان
لقد تشكلت مع بداية تنفيذ الخطة الاستراتيجية لانشاء المفاعل مجموعة تتولى اجراء بحوث تفضي الى المعرفة الفنية للاجهزة والمنظومات الهندسية وكان على راس المجموعة الدكتور المهندس سلمان رشيد سلمان وايضاً لم يكن حزبياً بل كان جل اهتمامه العلم والمعرفة دون سواهما ، وكالعادة وجدت اسرائيل ان عمل المجموعة على راسها المهندس سلمان في مصاف الدول المنتجة للاجهزة العلمية المتقدمة ينافس بها العالم وهذا لايجوز حسب المخطط الاسرائيلي ، ومرة اخرى رات ان لابد من اغتيال الراس فاغتيل المهندس سلمان اثناء تواجده في جنيف في مركز البحوث الاوربي (سبرن) ثناء زيارة علمية له .
تدمير مفاعل تموز النووي
لم يبقى أمام اسرائيل سوى القيام بفعل يرضخ الجانب الفرنسي والاخرين ويرغمهم على وقف العمل والتعاون مع العراق ، فعل يرهب ويقدم الحجة وهكذا حصل يوم 7 حزيران /يونيو1981 قصفت اسرائيل المفاعل فهرع الجميع الى مكان الحادث ، وكان المشهد ماساوياً حزيناً امتزجت فيه مشاعرالغضب والحزن لجهود حثيثة ذهبت سداً لمشروع لم يكن يسعى سوى لاذكاء التطور العلمي السلمي في مجال الطاقة الذرية.
جزء من المفاعل بما يعرف (بالمفاعل الصغرى) ، وهو مفاعل صغير يكون بجانب المفاعل الام (الرئيس)لم يتضرر تجري فيه التجارب الصفرية قبل التحويل للكميات الكبيرة للمفاعل الام .
ولحسن الحظ ان المفاعل لم يكن يعمل اثناء الضربة ولم يكون الوقود بداخله بل كان في المفاعل التجريبي ، والا لحدث كارثة بيئية خطيرة في حال وصلت مكونات المفاعل الى المياه الجوفية .
على الصعيد العالمي اصدرت الامم المتحدة عدة قرارات ابتداءً من قرار مجلس الامن الرقم 487 في 19 حزيران /يونيو1981 الذي اتخذ بالاجماع ، وشجب فيه قيام اسرائيل بالهجوم على المفاعل وتدميره ،والزم اسرائيل على دفع تعويضات الى العراق عما لحقه جراء العدوان ، ويشار الى ان القرار هذا لم يصدر بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ، فتجاهلته اسرائيل كما تجاهلت غيره من القرارات ، كما اصدر مدير عام الوكالة للطاقة الذرية ( اوكلاند..) تصريح مفاده ان ضرب المفاعل النووي العراقي يؤثر على تقويض نظام ضمانات الوكالة الدولية باعتبار العراق عضو في المنظمة ، ولم يمضي على تصريحه ثلاث اشهر حتى اقيل من منصبه ، اما قرار مجلس الامن في ادانة اسرائيل ومطالبتها بالتعويض ولكن هل طبقت اياً من هذه القرارات ؟ هذا دلالة عن قوة تاثير اللوبي الاسرائيلي في الامم المتحدة .
موجز لتفاصيل الغارة الجوية الاسرائيلية على مفاعل تموز
سبق استهداف مفاعل تموز قبل الضربة الجوية الاسرائيلية وبتنسيق مع الكيان الصهيوني ،حيث هوجم المفاعل من قبل طائرتين ايرانيتين من طراز فانتوم ( ف/4) في الساعة 1000من يوم 30 ايلول/سبتمبر 1980 القادمة من جهة الشرق تزامناً مع إختراق طائرتين إسرائيليتين من جهة الشمال الغربي مستغلة حوض نهر دجلة حيث قامت الطائرات الاسرائيلية بتصوير هذا المفاعل والمسالك المؤدية اليه بتغطيه من الطائرات الايرانية ولم تحدث الطائرات الايرانية اي اضرار في المفاعل وفي ضوء نتائج التصوير قامت إسرائيل باعداد خطة قصف وتدمير مفاعل تموز في الساعه 1834 يوم 7 حزيران/ يونيو1981 دون اي رد فعل مؤثر من الدفاع الجوي العراقي.
الضربة الجوية الاسرائيلية
في الساعة 1834 بتوقيت بغداد المحلي يوم 7 حزيران / يونيو 1981 قام العدو الصهيوني بتنفيذ ضربة جوية ناجحة ومؤثرة ضد مفاعل تموز النووي بتشكيلين من الطائرات الاول طائرات الضربة مؤلف من ثمان طائرات ف/16 محملة كلا منها بقنبرتين 2000 رطل موجهة بالليزر وصاروخين حراريين جو – جو ومستودعات تشويش مع خزانات وقود اضافية ، والاخر من ثمان طائرات ف/15 لتامين الحماية لطائرات الضربة .اسلوب التنفيذكان خط الطيران يجاور الحدود المشتركة للدول العربية السعودية ، الاردن ، العراق وبعد طيران مسافة 1040 كلم بارتفاع منخفض جداً ، وفي حوالي الساعة 1834 بتوقيت بغداد نفذت الضربة من جهة الغرب وبمرور واحد تم القاء 16 طن من القنابر الموجهة بالليزر، اما طائرات الحماية فقد قامت بالتسلق بارتفاع عالي تحسبا لاي هجوم من المتصديات العراقية التي كانت على الارض في هذا التوقيت ، عادت طائرات الضربة والحماية الاسرائيلية الى قواعدها سالمة بارتفاع عالي وهبطت ليلا.المصادر 1 .استراتيجية البرنامج النووي في العراق – في اطار سياسة العلم والتكنولوجيا.للدكتور همام عبد الخالق عبد الغفور والدكتور عبد الحليم ابراهيم الحجاج : مركز دراسات الوحدة العربية.2. اهمية ودور القوة الجوية العربية في المنطقة وفكرة استخدامها في الصراع العربي الاسرائيلي : بحث اجازة التخرج من كلية الحرب العليا – اكاديمية ناصر – القاهرة : اعداد العميد الطيار الركن علوان حسون العبوسي.3. لقاء المدير في الطاقة الذرية العراقية الاستاذ سرور ميرزا مع موقع ( الرمسة) .4.كما اشكر الاستاذ الدكتور هيثم الشيباني لاسنادي في المصادر الاخرى .شكر خاص للاستاذ مهند عبد الجبار الشيخلي للابداع في تصاميم خطة الضربة مع المتغيرات التي ظهرت للضربة المشار اليها انفاً .