زيارة بلاسخارت لعائلة شهيد في كربلاء دعم دولي للحراك الإصلاحي
منذ 15 ساعة
مصطفى العبيدي
0
حجم الخط
- اقتباس :
كشفت قضية اغتيال الناشط إيهاب الوزني جانبا من لغز قتلة الناشطين، وألقت السلطات الأمنية القبض على القيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح، بشبهة تورطه في اغتيال ناشطين.
بغداد-»القدس العربي»: جاءت زيارة ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت، إلى عائلة الناشط إيهاب الوزني الذي اُغتيل في كربلاء مؤخرا، لتعيد تسليط الضوء على دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في مساندة الشعب العراقي لمواجهة ديكتاتورية الأحزاب الفاسدة التي تنهب البلد وثرواته وتستبيح دماء أبناءه.
ورغم ان زيارة المبعوثة الأممية إلى منزل الناشط الشهيد إيهاب الوزني في كربلاء، قد تخللها عتاب وانتقاد عائلة الشهيد لطبيعة دور البعثة الأممية «يونامي» تجاه الاحتجاجات المطالبة بالإصلاحات، إلا أنها تبقى مؤشرا مهما على ان معاناة العراق لا تزال تحضى بالاهتمام الدولي، وهو الأمر الذي يزعج أحزاب السلطة بالتأكيد.
وكان ناشطو التظاهرات حريصين على استغلال الزيارة من أجل تحفيز المبعوثة الأممية لمزيد من نقل الحقائق إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، حول انتهاكات حقوق الإنسان وإفلات قتلة المتظاهرين والناشطين من المحاسبة إضافة إلى تفشي الفساد الذي ينخر بالدولة العراقية ويضيع مواردها، مع تأكيدهم على ضرورة ان تحدد بعثة يونامي في تقاريرها، المجرمين الحقيقين. وهو ما جعل بلاسخارت تؤكد «أن بعثة الأمم المتحدة تقف مع مطالب المتظاهرين، وانها لن تسكت عمّا جرى للمغدورين» مشددة انها «مستمرة في البحث عن الحقائق» ومشيرة إلى أنها قدمت الكثير من التقارير في هذا الأمر للأمم المتحدة، وهي وعود ستساهم في تفعيل زخم الناشطين الذين لم يتوقفوا عن مطالبهم المشروعة رغم أشد أنواع القمع والملاحقات التي يتعرضون لها، والتي أسفرت حتى الآن عن استشهاد أكثر من 700 شهيد وسقوط أكثر من 25 ألف جريح بنيران الفصائل المسلحة وعناصر في القوات الأمنية.
والحقيقة ان المتابعين لزيارة بلاسخارت إلى كربلاء حددوا عدة رسائل أرادت بعثة «يونامي» ايصالها. وإذا كان الهدف المعلن لزيارة بلاسخارت، إلى عائلة الشهيد الوزني في كربلاء، هو تقديم التعازي والتعهد بمتابعة قضية ابنهم وباقي النشطاء، وربما الاعتذار من والدة الشهيد عن موقف وفد أممي كان متواجدا في كربلاء مؤخرا، حاولت التحدث معهم ولكنهم تجاهلوها، ربما لأنهم لم يعرفوا هويتها، إلا ان الهدف الأساسي للزيارة هو تأكيد يونامي على استمرار وقوفها مع مطالب وأزمات العراقيين، ومنها المطالبة بمسائلة المتورطين في الهجمات التي تستهدف النشطاء المدنيين والسياسيين.
وكانت والدة الناشط الراحل إيهاب الوزني، قررت الاعتصام أمام مبنى محكمة كربلاء، بمناسبة مرور 40 يوما على اغتيال ولدها بدون كشف الحكومة عن قتلته. فيما اتهم شقيق الشهيد عناصر أمنية بالاعتداء على والدته لمنعها من نصب خيمة الاعتصام، وهو ما أثار انتقادات حادة واستياء في صفوف النشطاء والمدونين على وسائل التواصل الاجتماعي.
والمهم في قضية اغتيال الناشط المدني البارز، إيهاب الوزني، انها كشفت جانبا من لغز قتلة الناشطين، حيث ألقت السلطات الأمنية القبض على القيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح، بشبهة تورطه في اغتيال ناشطين، بينهم إيهاب الوزني وزميله فاهم الطائي، بعد كشف عائلة الوزني انه تلقى تهديدات مباشرة من المذكور بقتلهم إذا لم يتوقفوا عن المشاركة في التظاهرات. إلا ان القضاء أطلق سراح مصلح لاحقا بسبب ضغوط أحزاب السلطة، رغم تأكيد عائلة الشهيد الوزني، أن «الأدلة التي وصلت للقضاء كانت كافية لإدانة عدد من المتهمين في القضية».
وفي جانب آخر ذو صلة، يبدو ان زيارة بلاسخارت إلى كربلاء، ليست بعيدة عن البيان الذي أصدرته 28 دولة، الخميس الماضي، خلال اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والذي عبرت فيه عن قلقها إزاء زيادة الترهيب والهجمات التي تستهدف المتظاهرين والصحافيين في العراق.
وذكر البيان المشترك لهذه الدول وبينها الولايات المتحدة، ان «احتجاجات 2019 تصاعدت إلى أعمال عنف أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 487 متظاهرًا. وقد التزمت الحكومة العراقية بشكل واضح بمحاسبة الجناة على أعمال العنف، ومع ذلك ومع الاعتراف بالبيئة المعقدة حيث تعمل الجهات المسلحة خارج سيطرة الدولة، نلاحظ أن التقدم كان محدودًا حتى الآن». ودعت الدول «مكتب المفوض السامي وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق على زيادة تعزيز النهج القائم على حقوق الإنسان في البلاد وتقديم كل المساعدة اللازمة للسلطات العراقية للوفاء بالتزامات العراق الدولية باحترام الحريات الأساسية، مثل حقوق حرية التعبير والتجمع السلمي للجميع». وبالتالي فإن زيارة المبعوثة الأممية إلى كربلاء تنسجم مع مطالب تلك الدول.
ويذكر ان الناشطين في التظاهرات الاحتجاجية المطالبة بالإصلاحات، وجهوا انتقادات إلى بعثة الأمم المتحدة في العراق، واتهموها بضعف دورها في الضغط على الحكومة العراقية لحماية المتظاهرين وكشف قتلة الناشطين. ولكن المطلعين على التقارير الدورية التي تقدمها المبعوثة الأممية جينين بلاسخارت عن أوضاع العراق للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، يلاحظون انها وجهت مرارا، انتقادات للحكومة ولأحزاب السلطة، لتورطها بالفساد واغتيال الناشطين، ولعدم تقديم قتلة المتظاهرين للمحاكمة. كما زارت بلاسخارت ساحة التحرير مقر الاحتجاجات وسط بغداد والتقت بالناشطين والمتظاهرين واستمعت إلى مطالبهم، وسط القناعة بأن دور البعثة الأممية يبقى في حدود تقصي الحقائق ونقل التقارير إلى الأمم المتحدة، وهي لا تملك سلطة فرض الأشياء على الحكومة.
وفي كل الأحوال فإن زيارة المبعوثة الأممية ولقاءها بالناشطين والاستماع لهم، تشكل صفعة لأحزاب السلطة والفصائل الولائية، التي تريد الاستفراد بشؤون البلد، وتحرص على عدم اطلاع المجتمع الدولي على جرائمها بحق الشعب العراقي عموما والمتظاهرين والناشطين خصوصا. كما ان الزيارة تشكل أهمية بالغة في تعزيز فعاليات الناشطين والحراك الإصلاحي، حيث يبقى دعم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، عاملا مهما جدا في نضال العراقيين ضد ديكتاتورية الأحزاب الفاسدة.