تصميم "دخيل" وشركات "غيورة".. ترميم "جامع النوري الكبير" يثير ضجة في العراق
التصميم الجديد لمسجد النوري أثار انتقادات
الحرة / ترجمات - واشنطن:واجه مشروع ترميم "جامع النوري الكبير" في مدينة الموصل شكاوى معماريين عراقيين رأوا أن المجمع الجديد للمسجد يحتوي على "مفاهيم دخيلة"، في حين أكدت منظمة "اليونيسكو" التي ترعى المشروع أنها تأخذ بعين الاعتبارات هذه الملاحظات.
ويُنظر إلى مشروع الترميم على أنه يأتي في إطار فكرة أن المدينة التاريخية قد انتقلت من حكم "داعش" الذي كان قد سيطر على الموصل وأجزاء كبيرة من العراق، عام 2014.
لكن آخرين شعروا بالاستياء من المشروع في بلد يفتخر بتراثه المعماري، وعاش فيه رفعت الجادرجي، "أبو العمارة العراقية الحديثة"، وأيقونة التصميم العراقية، زها حديد، وفق تقرير لموقع نيويورك تايمز حول الموضوع.
و"جامع النوري الكبير"، الذي كان زعيم "داعش" السابق، أبو بكر البغدادي، قد أعلن من خلاله "الخلافة" في 2014، قد تعرض ومئذنته المائلة الشهيرة للتدمير عام 2017.
وفي 2018، أعلنت الحكومة العراقية ومنظمة "اليونيسكو" التابعة للأمم المتحدة إطلاق مشروع لإعادة إحياء وترميم التراث الديني للمدينة، خاصة مسجد النوري، وتم فتح باب مسابقة لاختيار تصميم، وفاز بها مهندسون معماريون مصريون.
وسيشمل مشروع بناء مجمع للمسجد موسع حديقة عامة ومدرسة دينية ومركزا ثقافيا، في حين سيتم ترميم المسجد والمئذنة دون تغيير معماري.
وفي أكتوبر 2019، بدأت اليونيسكو العمل على إزالة الألغام الأرضية من الموقع، وتثبيت ما تبقى من الهيكل الهش للمئذنة التاريخية، التي يبلغ ارتفاعها 45 مترا، والتي بُنيت منذ ما يزيد على 840 عاما.
وفي نوفمبر من ذلك العام، أُزيلت الأنقاض بالكامل من محيط المئذنة والجامع، وثُبّتت قبة الجامع بوضع أشرطة حول قاعدتها ودعاماتها.
وقالت المنظمة في بيان، قبل أيام، إنه "بعد أربع سنوات من تدمير الموصل تعمل منظمة اليونسكو والإمارات (تبرعت بمبلغ 54 مليون دولار للمشروع) والاتحاد الأوروبي على حماية تراث المدينة من خلال تشييد المعالم الأثرية".
وأضافت "نعمل على ترميم مئذنة الحدباء التي كانت ذات يوم تحدد أفق المدينة ونعيد بناء مجمع مسجد النوري كملاذ للسلام والمصالحة".
لكن المشروع قوبل باستياء مهندسين معماريين عراقيين، من بينهم إحسان فتحي، أحد أشهر المهندسين المعماريين في العراق، الذي وصف المشروع بأنه "إخفاق تام... كل شيء كان مأساة مروعة بالنسبة لنا".
وتحدث معماريون للصحيفة عن دخول عناصر "ضد للإسلام" وعدم وجود مواقف للسيارات في مجمع المسجد (فقط 20 مكانا مخصصا لصف السيارات) وعارضوا فكرة إنشاء قسم منفصل لكبار الشخصيات يتم بناؤه على شرفة قاعة الصلاة.
وأصدرت جمعية المهندسين العراقية، التي تشرف على نقابة المهندسين، بيانا قالت فيه إن التصميم الفائز "معيب بشكل خطير" مشيرة إلى أنه قدم العديد من المفاهيم "الغريبة" التي من شأنها تغيير الموقع إلى درجة لا يمكن التعرف عليها.
ويقول معارضون للمشروع إن التصميم الفائز تغلب عليه "الروح الخليجية"، مشيرين إلى استخدام الطوب الأبيض المصقول وزوايا مستقيمة من النوع الموجود في الخليج، على النقيض من الأقواس والمرمر المحلي والحجر الجيري التقليدي في مباني الموصل.
وقال أحمد طحالة، أستاذ الهندسة المعمارية بجامعة الموصل: "اللغة المعمارية المحلية غير موجودة... المواد والألوان والعناصر والنسبة والإيقاع والعلاقة بين العناصر. إنها لغة أخرى غريبة".
لكن تقرير الصحيفة أشار إلى أن بعض متطلبات مكتب الوقف السني في العراق، الذي يشرف على المساجد السنية في العراق، تم الوفاء بها في المسابقة.
وقال ماهر إسماعيل، مدير مشروع الوقف السني الذي أشاد بالتصميم، إن الانتقادات الموجهة للتصميم مصدرها "شركات معمارية غيورة".
وأضاف أن "بعض الأشخاص الذين أرادوا العمل في المسجد ولم يكن لديهم فرصة للقيام بذلك خلقوا العديد من المشاكل لوقف العمل".
وأشارت منظمة اليونسكو إلى أن قواعد المسابقة تم تطويرها بالتنسيق مع وزارة الثقافة العراقية، وتوقعت أن يقدم الفائزون تصميما نهائيا أكثر تفصيلا مع بدء البناء هذا الخريف.
ولم يستبعد باولو فونتاني، مدير مكتب اليونسكو في العراق، إجراء تغييرات على الخطط النهائية وقال إن اليونسكو ستتشاور مع خبراء ومهندسين معماريين محليين.