تكلفته ١٣٠ مليار دينار.. التخطيط العراقية يتعذر اجراء التعداد السكاني لهذه الأسباب
عبد الله سلام - رووداو - بغداد:ثلاثة وثلاثون عاماً على آخر إحصاء سكاني شهده العراق، ومنذ ذلك الحين لم توفق الحكومات العراقية بإجراء تعداد سكاني شامل، فآخر إحصاء أجري عام 1997 لم يشمل جميع المحافظات، حيث اقتصر على محافظات الوسط والجنوب ومن دون محافظات إقليم كوردستان.
إجراء التعداد السكاني في العراق بقي يشكل قضية حساسة، الواضح منها أن هناك جهات مستفيدة تدفع تجاه عدم إتمامها، لما يمكن أن توفره من قاعدة بيانية تسهم في توزيع الحقوق بشكل واضح، وحتى على مستوى إجراء انتخابات نزيهة.
العراق، وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود بقي بلا بيانات رسمية تبيّن أعداد مواطنيه، وبقيت المؤسسات غير الرسمية وحدها من تضع أرقاماً تقريبية بناء على دراساتها، بالإضافة إلى التكهنات والإحصاءات عبر "البطاقة التموينية"، رغم تلقيه دعماً دولياً لإجراء التعداد في أكثر من مناسبة، آخرها في شباط 2021.
وفي هذا الصدد، يقول المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي لشبكة رووداو الإعلامية، إنه "من المفترض تنفيذ التعداد السكاني عام 2020 الماضي، لكن دخول العراق في نفق أزمة مزدوجة تمثلت في جائحة كورونا والأزمة المالية وما رافقها من عدم وجود موازنة، حالت دون إجراء التعداد، السيما وأنه يعد مشروعاً كبيراً يحتاج إلى تخصيصات مالية كبيرة".
أجل غير مسمى
وأضاف أن "من تلك المتطلبات تخصيص 130 مليار دينار عراقي، وشراء أجهزة لوحية تقدر بأكثر من 150 ألف جهاز، وتدريب 150 ألف عدّاد، وبناء مراكز بيانات وتوفير صور فضائية وجوية للوحدات الإدارية، وإلى إجراء عملية الترقيم والحصر والتجارب القبلية وعمليات الحزم وغيرها من التفاصيل، التي يجب أن تكون مستكملة ومجهزة بشكل تراتبي وصولاً إلى موعد العد، كل تلك العوامل حالت دون تمكننا من تنفيذ التعداد"، مبينا أنه "كان هناك أمل بالحصول على تخصيصات هذه السنة وانحسار الجائحة، لكن ذلك لم يتحقق، فضلا عن عدم تظمين التخصيصات المالية المطلوبة حتى في الموازنة الحالية، ولهذا يتعذر اجراء التعداد السكاني حتى لهذه السنة".
عبد الزهرة، أوضح أن "قضية التعداد ليس لها تأثير في الانتخابات بقدر ما ترتبط في التنمية، بما يوفره من بيانات تنموية شاملة وتفصيلية عن واقع البلد التي يمكن الاستفادة منها في رسم الخط والسياسات التنموية بعيدة المدى، كون التعداد لا ينحسر في توفير أرقام السكان فقط"، مشيراً إلى أن "وزارة التخطيط تمتلك تلك الأرقام حول عدد الرجال والنساء ومن حيث الفئات العمرية وعلى مستوى الوطن والمحافظات، ويتم تزويد الجهات التي تطلبها ومنها مفوضية الانتخابات، لكن مع ذلك في حال تم تنفذ التعداد قبل الانتخابات بالتأكيد سيوفر بيانات أكثر دقة".
"تأخير سياسي"
من جانبه يرى الباحث السياسي يحيى الكبيسي أن "تأخير إجراء التعداد السكاني سياسي، فليس هناك إرادة لدى الفاعلين السياسيين المهيمنين على القرار السياسي في العراق للقيام بذلك".
ويقول لشبكة رووداو الاعلامية إن "إجراء تعداد سكاني تذكر فيه القومية والمذهب سيقوض الكثير من السرديات التي تم تسويقها طوال السنوات الماضية، وهو ما لا يريده الفاعلون السياسيون".
ويضيف أن "إجراء التعداد السكاني مقدمة أساسية لأي تخطيط حقيقي، ولأي تنمية حقيقية، ومن دونه نبقى في اطار الارتجال الذي لا يمكن سوى ان يؤدي إلى الفشل".