مسرحية التعداد السكاني في العراق
بيلسان قيصر
مسرحية التعداد السكاني في العراق
لا توجد دولة في العالمين المتحضر والمتخلف لا تعرف عدد سكانها إلا العراق، فالعراق هو النموذج الأفضل لأسوأ دولة في العالم من جميع النواحي. الدولة التي لا تعرف عدد سكانها، ولا توجد قاعدة بينات رسمية عن عدد الموظفين والعمال والفلاحين والمعامل والمزارع والمصانع والناتج الوطني والعائدات المالية، يعني انها دولة العبث والفوضى، وانها تفتقر الى برامج تنمية وأي نوع من التخطيط العمراني والثقافي والإجتماعي، على الرغم من تلقي الوزارة دعما ماليا من دول أخرى لغرض إجراء التعداد السكاني، لكن تلك الأموال تبخرت ، كما تبخرت ثروات العراق.
بل ان وزير التخطيط الحالي لا يشعر بالخجل عندما يصرح بأنه لا يعرف عدد الموظفين في العراق. ولا نعرف كيف سولت له نفسه تسلم وزارة ليس فها احصاء للسكان، بل لا نفهم الغرض من وجود هذه الوزارة أصلا التي تفتقر الى الإحصائيات، وتعتمد على نظرية السلاسل الزمنية، والتي لا يصلح تطبيقها في العراق، في ظل التغيير الديمغرافي وعمليات التجريف والهجرة الداخلية والخارجية، ووجود مخيمات النازحين وعدم وجود إستقرار سكاني، وظرف أمني مناسب.
العراقيون في المهجر يشكلون نسبة عالية، ووزراة التخطيط لا تعرف ايضا عددهم، ولا توزيعهم على الدول، بل ان بعض الدول تتصدق على وزارة التخطيط العراقية فتعلن إحصائيات عن عدد العراقيين اللاجئين فيها. ربما عمل الوزارة ينحصر في إحصاء عدد موظفيها سنويا لا غير!
مضى حوالي (33) عاما على آخر إحصائية جرت في العراق عام 1997، وكانت إهم إحصائية إعتمد عليها العراق في ما يسمى بالبطاقة التموينية، اي توزيع المواد الغذائية الرئيسية على السكان مجانا. علما ان تلك الإحصائية لم تشمل إقليم كرستان العراق.
بعد ان حكمت العراق شراذم العملاء واسفل ما أنجبته الأرحام غير الطاهرة، روجوا الى ما يسمى بالأكثرية الشيعية مستفيدين من عدم وجود احصائيات لعدد السكان، علما ان آخر إحصائية لم تتضمن المذهب، بل الدين والقومية، لذلك ترفض الأحزاب الشيعية إجراء مسح سكاني، لكي لا يبين الغلو الذي روجوا له فيما يسمى بالأكثرية الشيعية، والتي لا معنى لها في دولة المواطنة، فالمواطنون يفترض متساوون في الحقوق الواجبات، كما نص الدستور العراقي، المرمي على الرفوف لتغطيه الأتربة وشباك العناكب.
تزعم الوزارة بأن جيوبها المثقوبة كعقولهم تحتاج الى (130) مليار دينار، و" أجهزة لوحية تقدر بأكثر من 150 ألف جهاز وتدريب 150 ألف عدّاد، وبناء مراكز بيانات وتوفير صور فضائية وجوية للوحدات الإدارية، وإلى إجراء عملية الترقيم والحصر والتجارب القبلية وعمليات الحزم وغيرها من التفاصيل.
لكن لنقرأ هذا الخبر عن إحصائية عام 1927، فقد ورد" شرعت دائرة تسجيل النفوس بالتقييد منذ غرة تشرين الأول 1927. وقد أنشئ لهذه الغاية نحو سبعين لجنة انبثت في أنحاء شتى وأعضاؤها دئبون في عملهم لإنجاز عد النفوس عدا عاما بالسرعة والضبط اللازمين وعلى الأسلوب العصري الحديث". (مجلة لغة العرب العدد5/446).
هذه الإحصائية أجريت في ظل عدم وجود أجهزة لوحية تقدر بأكثر من 150 ألف جهاز، وصور فضائية وجوية للوحدات الإدارية. لكن جرت ايضا في ظل نظام نزيه ومسؤولين شرفاء، ووطنيين تفر من أمامهم العمالة والخسة.
الأمر يحتاج الى تفريع المدرسين والعاملين، واتاحة الفرصة للمتبرعين من خلال تدريبهم لمدة شهر واحد، ومعرفة البيانات التي تتضمنها إستمارة التعداد، وتوزيعهم على الأزقة، كل حسب محافظته، من ثم إدخال الإستمارات في الإجهزة الخاصة بالتبويب والفرز، ويتم على ضوئها توزيع الرقم المدني على جميع السكان، بعد إستبعاد الوافدين الى العراق من الفرس والكرد الفيليين غير العراقيين الذين منحهم المالكي الجنسية العراقية زورا وبهتانا، لدعم ما يسمى بالأكثرية الشيعية. علاوة على الاكراد من غير العراقيين الذين آواهم البارزاني والطلباني ومنحوهم الجنسية العراقية. لذا عدم إجراء التعداد قضية سياسية بحتة وليست فنية،ولا علاقة لها بالكورونا والأزمة المالية، فهذا تدليس وضحك على الذقون. ووزير التخطيط أدرى من غيره بالخفايا، لكنه جبان كبقية الوزراء من أهل السنة، لعنهم الله على جبنهم وانصياعهم الى الولي الفقيه وذيوله زعماء الميليشيات الولائية.
طلقة طائشة
مشكلة العراق يمكن أن تتلخص بما يلي:
ـ ان لجنة النزاهة تحتاج الى النزاهة.
ـ والمفوضية المستقلة للإنتخابات تحتاج الى الإستقلالية.
ـ والقضاء العراقي بحاجة الى العدالة والإنصاف.
ـ مجلس النواب يحتاج الى ضمائر حية وشرفاء.
ـ الحكومة العراقية تحتاج الى الشجاعة والجرأة.
ـ رئيس الجمهورية حامي الدستور، يحتاج الى ان يصحو من نومه.
ـ والشعب العراقي يحتاج الى النهوض والوعي، والثورة على العملاء والفاسدين.
بيلسان قيصر
البرازيل
آب 2021