الافكار الجديدة ترعاها "المحطة "
زيد الحلي
الافكار الجديدة ترعاها "المحطة "
اليس من حقي ان استغرب ما شاهدته في بغداد ؟ نعم من حقي ، فوسط اخبار تفجيرات ابراج الكهرباء ، وانقطاعات المياه ، وتجاذبات القوى السياسية في الفضائيات التي تربك المشهد المجتمعي في البلد ، ومشاهدة التجاوزات التي افقدت الارصفة ، وبات المواطن والمركبة مكانهما الشارع .. وسط كل هذا ، نجد نبة خضراء ، تسقيها نفوس راقية ، تحتضن شباب ، يحلمون بالمستقبل ، ملؤهم الامل بغد جميل لعراق بهي ، يتحدى المصاعب بكل صنوفها ..
بداية هذا الاسبوع ، كنتُ في جولة من غير موعد ، في اروقة مبنى انيق ، في هندسته وفكرته ، حمل اسم ( المحطة ) في رصافة بغداد .. وحين انهيت الجولة صحبة رئيس مجلس ادارته السيد علي طارق ، اخذتني فترة تأمل ، طال امدها ، فالمحطة مشروع اجتماعي ، على شكل جامعة شبابية بكل مقاسات الحداثة ، ففيها مقهى للصبايا والشباب المثقفين ، لا وجود فيها للاركيلة والسكاير والعاب اللهو ، هي فقط للنقاش الهادئ ، وشاهدتُ عشرات من الشباب ، امام اجهزة الحاسوب ، ضمتهم اركان هندسية رائعة ، كل ركن بمثابة مكتب خاص ، لمشروع مستقبلي خاص ، وهناك مرسم ، وقاعة للحوارات والعروض الفنية والنقاشات الهادفة الى تنمية المهارات الفردية ، وتشجيع الابتكارات ، واستديو هات سمعية وبصرية لتعزيز المواهب الاعلامية واخرى لنماء الحس الحرفي في الصناعات ذات الابعاد الثلاثية ..
وحين ابديتُ دهشتي امام الاستاذ علي طارق ، الذي يحمل على كتفية أمالاً كبيرة من اجل انجاح مشروع " المحطة " على ما شاهدتُ من فعل حضاري ينتصب في بغداد ، قال ان هذا المشروع هو الاول من نوعه ، وهو مبادرة شخصية من رجل الاعمال المعروف الاستاذ " وديع الحنظل" الذي اراد من خلاله فرز الشباب الكفء من الجنسين ، معرفة الأعمال المحببة لهم ، ثم توفير فرص العمل الانتاجي الخاص بهم من خلال شبكة " تمكين " التي يقودها البنك المركزي العراقي بمعية المصارف العراقية الخاصة ، حيث توفر للشباب الاموال اللازمة ، بمعايير ميسرة .
ان "المحطة " تمثل بيئة مناسبة ومجتمع متكامل من المشاريع الناشئة للشباب الطموح، حيث توفر مساحة للعمل والدراسة والاجتماعات.. وبإمكان الجميع زيارة "المحطة " بأي وقت واستخدام المساحة المفتوحة المجانية الي تضم مكتبة وكافيه ومطعم وانترنت مجاني عالي السرعة.
هذا هو الوجه المضيء لبغداد .. تحية لأخي علي طارق الذي افاض عليّ ببهجة رؤية هذا المعلم الحضاري في مدينة كانت في خيال الشعراء أم الدنيا وست الصبايا، وجوهرة ساحرة على شواطئ دجلة ، لكن غبار الجهل اراد ان يكبلها بصمت رهيب ، حتى لا نسمع الاخبار المفرحة ، مثل اخبار هذه الزنبقة الرائعة " المحطة "