اليوم العالمي للعُسر: حقائق مذهلة عن استخدام اليد اليسرى!
(بي بي سي) - 13 أغسطس/آب هو اليوم العالمي للعُسر، وهو اليوم الذي ينسى فيه العسراويون عالم اليد اليمنى الذي يعيشون فيه.
وتشير الأبحاث إلى أن ما بين 10 إلى 12 في المئة من سكان العالم من العُسر (مستخدمي اليد اليسرى)، وعلى الرغم من أن استخدام اليد اليسرى قد يعني صعوبة استخدام المقص العادي ( مخصص لليد اليمنى) ، إلا أن هناك العديد من الأسباب تجعل من كونك أعسر أمرا رائعا.
زعماء يستخدمون اليد اليسرى
على الرغم من أن العُسر يشكلون نسبة صغيرة من سكان العالم، إلا أن العديد منهم شغلوا وظائف مهمة للغاية.
فقد كان العديد من الرؤساء الأمريكيين السابقين من مستخدمي اليد اليسرى، بما في ذلك بيل كلينتون وباراك أوباما.
وفي بريطانيا، كان رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون أعسر، كما كان رئيس الوزراء الشهير في زمن الحرب ونستون تشرشل هو الآخر أعسر.
الأمير وليام أعسر أيضا
كما أن الأمير وليام الملك المستقبلي للمملكة المتحدة أعسر أيضا. وكان جورج السادس، جد ويليام الأكبر، أعسر أيضا لكن والده جورج الخامس أجبره على الكتابة بيده اليمنى.
عندما يكون استخدام اليد اليسرى أمرا غير سليم
وكما كان الحال مع جد الأمير ويليام جورج السادس، لم يكن من غير المألوف في الماضي أن يضطر العُسر إلى استخدام يدهم اليمنى في حياتهم اليومية.
وحتى وقت قريب في بريطانيا، كان الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى يُجبرون وهم أطفال على استخدام يدهم اليمنى في المهام التي يستخدمون فيها اليد اليسرى بشكل طبيعي، ومازال ذلك يحدث في بعض البلدان الآن.
وتعتبر اليد اليسرى في أجزاء كثيرة من العالم غير نظيفة أو أن استخدامها أمر غير مرغوب به. فإذا كنت أعسر وتزور أماكن مثل الهند وباكستان وبنغلاديش وإندونيسيا ونيبال والشرق الأوسط فيجب ان تعلم أن هناك اعتقاد في تلك المناطق أن تناول الطعام أو تناول أو تسليم الأشياء بيدك اليسرى سلوك فظ.
وحتى اللغة تثبت أن العُسر لهم سمعة سيئة.
في اللغة الفرنسية، يمكن أن تعني كلمة "غوش" "اليسار" أو "الخرقاء"، وفي اللغة الإنجليزية، تأتي كلمة "يسار" من الكلمة الأنجلو ساكسونية "ليفت" والتي تعني "ضعيف"، والكلمة المناقضة لـ"أيسر" في اللغة اللاتينية هي ديكستر، وتعني "أيمن" وكانت ترتبط بالمهارة والاستقامة والورع والإنصاف.
كما تعني كلمة "رايت" بالإنجليزية أيمن وتعني أيضا "أن تكون على حق".
العُسر متهمون بالسحر
لذلك، كما نعلم في العديد من الثقافات يعتبر استخدام اليد اليسرى أمرا سيئا وتاريخيا كان الحال كذلك أيضا.
واعتُبر الأشخاص العسر غير محظوظين بل وأشراراً، وتأتي كلمة شرير "سنيستر" بالإنجليزية من الكلمة اللاتينية التي تعني اليسار.
وفي بريطانيا خلال العصور الوسطى، ارتبط مستخدمو اليد اليسرى بالشيطان وغالبا ما اتهموا بممارسة جريمة السحر، مما يعني أنهم سيُحرقون.
ومن حسن الحظ في عصرنا الحالي لا يجب على العُسر القلق إلا من أشياء من قبيل العثور على مقصٍ مُعد بشكل ملائم لاستخدامه باليد اليسرى، أو سحاب سروال لا يضنيه إغلاقه، أو قلم حبر مريح بالنسبة له؟
مشاهير اليد اليسرى
وتشير بعض الدراسات إلى أن المزيد والمزيد من الأشخاص باتوا يستخدمون اليد اليسرى، ولكن ربما يرجع ذلك إلى أنه كان يُنظر للأمر سابقا على أنه أمر معيب للغاية لذلك لم يكن يعترف الناس به.
الجانبان الأيمن والأيسر من الدماغ
الدماغ متشابك، مما يعني أن الجانب الأيمن يتحكم في الجانب الأيسر من الجسم والعكس صحيح.
ويقول علماء في جامعة أكسفورد إن أدمغة الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى تعمل بشكل مختلف عن الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليمنى.
وفي إحدى الدراسات تمت مراقبة الدماغ لدى المشاركين الذين يستخدمون اليد اليسرى. ويقول العلماء إن جانبي الدماغ كانا متصلين بشكل أفضل وأكثر تنسيقا لدى مستخدمي اليد اليسرى، لا سيما في المناطق التي تنطوي على استخدام اللغة.
لطالما دار جدال حول ما إذا كان نزوع المرء لاستخدام اليد اليسرى يؤثر بأي شكل على دماغه أم لا. فالجانب الأيمن من الدماغ يتحكم في اليد اليسرى والعكس بالعكس. ولذا فقد يؤدي كون المرء أعسر اليد إلى ترك آثارٍ غير مباشرة، ولكن لا مفر منها، على الشاكلة التي يُنسق بها عمل الدماغ.
وفي هذا السياق، يقول عالم النفس كريس ماكمانس من كلية لندن الجامعية، وهو مؤلف كتاب "يد يمنى.. يد يسرى": "إن الطريقة التي ينتظم بها دماغ الشخص الأعسر تتسم بتغير وتنوع كبيرين".
ويضيف ماكمانس قائلاً: "حدسي الشخصي يفيد بأن الأعسر ينعم بموهبة أكبر، ويعاني من أوجه قصور أكثر أيضا. فإذا ما كنت كذلك، فقد تجد نفسك إزاء طريقة مختلفة قليلاً فيما يتعلق بالشكل الذي يُنظم دماغك على أساسه، وهو ما قد يهبك مهاراتٍ لا ينعم بها أشخاص آخرون".
لكن هناك من لا يتفقون مع هذا الرأي. من بينهم، دوروثي بيشوب، أستاذة علم النفس العصبي التطوّري في جامعة أكسفورد. ولدى هذه السيدة اهتمامٌ شخصيٌ بالأمر، فهي عسراء أيضاً، وهو ما جعلها تتساءل دائماً - كما تقول - عن السبب الذي جعلها مختلفة عن سواها.
وتستطرد بيشوب بالقول: "على مدار سنوات، راجت ضروبٌ شتى من المزاعم التي تربط كون المرء أعسر اليد بالمعاناة من حالات عجزٍ مثل عسر القراءة، أو التوحد. في المقابل، كان هناك ربطٌ (لهذا الأمر) بسمات إيجابية، إذ يُقال إن المهندسين المعماريين والموسيقيين غالباً ما يكونون من العُسر".
لكن أقاويل من هذا القبيل بدت غير مقنعة لبيشوب، وذلك بعدما أطلعت على البيانات والإحصائيات ذات الصلة بذلك. وتقول في هذا الصدد إن الكثير من تلك الافتراضات نتجت عما سمته بـ"التحيز في تسجيل بيانات بعينها دون سواها".
وتضرب هنا مثلاً بالقول: إذا كان باحثٌ يجري دراسة ما عن الاتصاف بروح ابتكارية، مثلاً، وأورد فيها سؤالاً عن العلاقة بين متغيريّ "الإعسار"، والابتكار؛ فسيشعر بالحماسة إذا ما وجد حالةً تثبت وجود مثل هذه العلاقة، دون أن يتطرق لذكر الحالات الأخرى التي لم تثبت أي صلة بين هذين المتغيرين.
ولكن بيشوب تستدرك بالقول إن النظر عن كثب لأعداد المصابين بأمراض غير شائعة مثل متلازمة "داون" والصرع، والشلل الدماغي، يكشف عن أن نسبة من يصابون بهذه الأمراض من مستخدمي اليد اليسرى يقترب تقريباً من عدد من يعانون منها ممن ينزعون لاستخدام يدهم اليمنى، أي أن النسبة بينهما في هذا الشأن لا تأخذ ذاك الشكل النمطي المعتاد، المتمثل في 1 مقابل عشرة لصالح من يفضلون يُمناهم.
وتعتبر بيشوب أن كون المرء أعسر ربما يكون عرضاً لا سبباً في حد ذاته. وتوضح قائلة: "الإعسار نفسه لا يخلق مشكلات، بل إنه قد يكون عرضاً لحالةٍ كامنة". وتشير إلى أن النزوع لاستخدام اليد اليسرى "لا يؤثر على الإطلاق على التطور المعرفي الفكري بالنسبة لغالبية الناس".
على أي حال، لا يزال النقاش محتدما في هذا الشأن، وما زلنا بحاجة للتعرف على الكثير من المعلومات الخاصة بطبيعة دماغ الشخص الأعسر.
ويتمثل جانبٌ من هذه المشكلة في أن علماء الأعصاب، الذين يبحثون جوانب متنوعة من السلوك البشري، لا يجرون الدراسات التي يستخدمون فيها تقنية تصوير الدماغ باستخدام الرنين المغناطيسي، إلا على من ينزعون لاستخدام اليد اليمنى بشكل أكبر، وذلك في مسعى منهم لتقليص الفوارق بقدر الإمكان بين الخاضعين للدراسة.
وهكذا لا يُفسح المجال أمام الشخص الأعسر لكي يكون خاضعاً لدراسة علمية ما، إلا إذا كانت هذه الدراسة تتناول الإعسار من الأصل.
وغالبا ما يُزعم أن الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى هم أكثر إبداعاً وجيدون في الفن والموسيقى. ومع ذلك، لا توجد أدلة علمية كافية لإثبات ذلك حتى الآن.
وبالرغم ومن ذلك، فإن بعض أصحاب اليد اليسرى من المبدعين المشهورين مثل ليدي غاغا، وأنجلينا جولي، وكيتلين جانر، وجاستين بايبر، ومات جرونينغ مؤلف عائلة سيمبسون (لهذا السبب يكتب بارت سيمبسون بيده اليسرى).
كيف تصبح أعسر في المقام الأول؟
درس عالم النفس الأيرلندي بيتر هيبر عدة مئات من فحوصات الأطفال بالأشعة، عندما كان الطفل جنينا في الرحم يمص إبهامه.
وقد قام حوالي 90 في المئة من الأجنة بمص إبهامهم الأيمن، وفي عمر 12 عاما تقريبا كان كل مصاصي الإبهام الأيمن يستخدمون اليد اليمنى. في حين أن ثلاثة أرباع مصاصي الإبهام الأيسر أصبحوا من مستخدمي اليد اليسرى.
كما أن عوامل الوراثة الخاصة بك مهمة أيضا.
فعندما يكون أحد الوالدين أعسر يعني ذلك أنه من المرجح أن الأبن أعسر أيضا، وإذا كان كلا الوالدين من مستخدمي اليد اليسرى فهناك احتمال واحد من كل أربعة أن تكون أعسر أيضا.
وعندما يكون الأطفال رضعا، من الشائع جدا أن يستخدم الأطفال الصغار يدا بشكل عشوائي في يوم من الأيام ويد مختلفة في اليوم التالي. ولكن يميل الأطفال البالغون من العمر حوالي عامين إلى تفضيل استخدام يد واحدة أكثر من الأخرى.
حيوانات عسراء؟
البشر من الحيوانات القليلة التي تفاضل بين اليد اليسرى واليمنى حيث تظهر معظم المخلوقات، حتى القرود أقرب أبناء عمومتنا في المملكة الحيوانية، انقساما بنسبة 50-50 عندما يتعلق الأمر بأي يد أو قدم أو مخلب يستخدمونها أكثر من غيرها.
ومع ذلك، تشمل الحيوانات اليسارية حيوان الكنغر الذي يميل إلى تفضيل المخلب الأيسر في أمور مثل الاستمالة وتناول الطعام.
وقالت دراسة أجريت في أستراليا إن هذه الجرابيات الاسترالية تميزت بسمة طبيعية مؤداها استخدام اليد اليسرى في التعامل وتناول الغذاء وممارسة مختلف الأنشطة الأخرى لذا فإنه على الرغم من أن معظم الناس يستخدمون اليد اليمنى في حياتهم إلا ان الكنغر يستخدم يسراه.
وقال إيغور مالاشيتشيف عالم الأحياء بجامعة بطرسبرغ بروسيا: "وجدنا درجة واضحة من الميل لاستخدام اليد اليسرى بالمقارنة بالجنس البشري في الكنغر الذي يسير على قدمين ودرسنا جميع سلوكياته وكان هناك تفضيل ملموس لاستخدام اليد اليسرى لدى السواد الأعظم من أفراده".
وقال الباحثون إنهم لم يتوقعوا أن يجدوا أن الكنغر، والجرابيات الأخرى ذات الكيس، تحبذ استخدام يسراها بسبب الاختلافات الموجودة بالمخ لدى المزيد من الثدييات المشيمية الشائعة ومنها الرئيسيات.
وقالت جانين انغرام عالمة بيئة الحياة البرية بجامعة تسمانيا والمشاركة في هذه الدراسة: "أي دراسة تبرهن على الاستخدام الحقيقي لليد في الأنواع التي تسير على قدمين تسهم في دراسة تناظر المخ لدى نشأة وتطور الثدييات".
وأضافت قائلة: "وحتى في الأوساط العلمية فان التفضيل الحقيقي لاستخدام يد معينة يفترض انه نشأ أصلا لدى البشر والرئيسيات".
وعندما يأكل أفرع الاشجار فان الكنغر الصغير الأحمر الرقبة يستخدم يسراه، مثلما يفعل نوعان آخران من الكنغر، وذلك للتعامل مع الأوراق والأغصان فيما يمسك أفرع الاشجار بيمناه.
ولم يجد الباحثون سوى القليل من الادلة التي تتعلق باستخدام اليد لدى الكنغر الاسترالي الذي يتسلق الاشجار.
ونشرت نتائج البحث الذي دعمته الجمعية الجغرافية القومية في دورية (كارانت بيولوجي).
وأظهرت الدراسات أيضا أن 90 في المئة من الببغاوات يستخدمون قدمهم اليسرى لالتقاط الأشياء.
كما كان البشر الأوائل من مستخدمي اليد اليسرى أيضا
مثل البشر اليوم، كان معظم أسلافنا القدماء يستخدمون اليد اليمنى، ولكن هناك أدلة على وجود إنسان نياندرتال أعسر قبل 500 ألف عام.
وفي ذلك الوقت، ربما كان الرجال والنساء في الكهف يأكلون اللحوم النيئة في كثير من الأحيان وهو أمر صعب جدا على الأسنان.
ويعتقد علماء الآثار أن إنسان نياندرتال كان يعض اللحم ويستخدم قطعة حادة من الحجر لتقطيع اللحم بجوار أفواههم.
ومن حين لآخر ينزلق الحجر حيث تثبت الخدوش على أسنانهم أن 10 في المئة من إنسان نياندرتال أمسكوا بقطعة الأحجار بيدهم اليسرى.
أعسر العين والأذن
بحثت حنا فراي وآدم رذرفورد من بي بي سي في أسباب هذا الأمر علميا وتاريخيا للتعرف على مزيد من المعلومات بشأنه لكي يبث ذلك في إطار سلسلة "الوقائع الغريبة التي يبحثها رذرفورد وفراي" التي تُذاع على محطة "بي بي سي راديو فور" الإذاعية.
وسرعان ما أدركا أن التفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع أكثر بكثير.
وتقول فراي: "لم أكن أدرك من قبل أن اعتماد المرء على يد بشكل أكبر من الأخرى، هو نموذج يمتد كذلك إلى أعضاء أخرى، من بينها العينان على سبيل المثال".
في اليوم العالمي لمستخدمي اليد اليسرى: روزانا جمال تحكي تجربتها
ويمكن لكلٍ منا معرفة ما إذا كان "أعسر" العين، أم لا من خلال التجربة التالية: مد إحدى ذراعيك، وأرفع الإبهام أمامك. بعد ذلك، انظر له بكلتا عينيك ثم بكل عينٍ على حدة مع تغطية العين الأخرى. وهكذا فستكون عينك الأكثر قوة، هي تلك التي تُمكِنُكَ من رؤية الأصبع وهو أقرب ما يكون إلى صورته الأصلية.
وبوسعك بالمثل اختبار أذنيك؛ لتحديد أيهما تستخدمها تلقائيا عند الرد على اتصال هاتفي؟ أو للتنصت بها - سرا - على حديث يدور خلف جدار.
ومن الطريف أن يرصد المرء مثل هذه الأمور وهي تحدث بالفعل في حياته الواقعية. ففي كثيرٍ من الأحيان، أجد نفسي وقد حملت الهاتف بيدي اليسرى ووضعته على أذني اليمنى، وذلك بينما أخط كلمات على عجل بيدي اليمنى، بحسب فراي.
وتضيف فراي قائلة إن مثل هذا الوضع الغريب لم يكن ليحدث من الأصل، إذا ما كانت الراحة هي الاعتبار الأهم لديّ في هذه الحالة. لكن الأمر يتعلق في هذا المجال على ما يبدو بالسعي لاستغلال كل مكامن القوة الطبيعية لدينا.
بالإجمال، هناك 40 في المئة منا يعتمدون في السمع على الأذن اليسرى أكثر، و30 في المئة يرون أفضل بالعين اليسرى، فيما ينعم 20 في المئة بقدم يسرى أكثر قوة من اليمنى.
الغريب أن النسبة تقل كثيرا إذا ما كان الأمر يتعلق بمستخدمي اليد اليسرى، إذ إن نسبتهم لا تتجاوز 10 في المئة من البشر.