أزمة بين الحشد والخارجية.. "ضربة بالعمق" تسببها دعوة الأسد لقمة بغداد
وسام كريم – رووداو – بغداد:قبل عقد قمة بغداد المزمع اقامتها نهاية الشهر الجاري، برز في المشهد السياسي العراقي ثمة خلاف بين الخارجية العراقية وهيئة الحشد الشعبي، على خلفية زيارة رئيس هيئة الحشد فالح الفياض للعاصمة السورية دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الاسد، وصل الامر الى ان تنفي الخارجية العراقية ارسالها اي دعوة للحكومة السورية للمشاركة في اجتماع قمة بغداد، مؤكدة انها غير معنية بهذه الدعوة.
وأوضحت وزارة الخارجية ان الدعوات الرسمية ترسل برسالة رسمية وبإسم رئيس مجلس الوزراء العراقي، وأنه لا يحق لأي طرف آخر أن يقدم الدعوة بإسم الحكومة العراقية، لكن هيئة الحشد الشعبي سارعت بالرد على الخارجية، وقالت إن زيارة الفياض هي لاطلاع الحكومة السورية على الملفات التي ستبحث في القمة، ومن هي الاطراف التي ستشارك فيها، وامكانية حل المشاكل ان وجدت بين البلدين خارج اطار القمة .
وفي اطار التصادم الذي حدث بين وزارة الخارجية وهيئة الحشد الشعبي يرى عضو مجلس النواب عن لجنة العلاقات الخارجية مثنى امين ان "مكتب رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض نفى ان تكون زيارته لسوريا هي لتوجيه دعوى للرئيس السوري بشار الاسد، لكن الخارجية على ما يبدو انها استعجلت في اصدار البيان، والمتحدث بإسم الخارجية لم يملك المعلومة بشكل صحيح ودقيق".
ويؤكد امين في حديثه لشبكة رووداو الاعلامية اليوم الجمعة (20 آب 2021): "في حقيقة الامر اننا لا نعلم هل ان فالح الفياض ذهب الى سوريا لتوجيه دعوة الى الرئيس السوري بشار الاسد، وبالتالي هل ان الحكومة استدركت الامر بتصريح الخارجية، ام انه فعلا كلف من رئيس الوزراء ليطلع الرئيس السوري بشار الاسد في ان العراق لماذا لم يوجه دعوة لسوريا حضور هذا المحفل الدولي لجوار العراق".
واوضح امين ان "العراق لماذا لم يوجه دعوة للرئيس السوري بشار الاسد بغض النظر عن الموقف من النظام السوري والتباينات الموجودة داخل العراق، لكن توجيه دعوة الى سوريا كان ان يكون بداية لفشل المؤتمر، على اعتبار ان بعض دول الجوار ستمتنع من الحضور بسبب وجود بشار الاسد"، مشيرا الى ان "توجيه الدعوة ليس من مهام الخارجية، فهي وسيلة لتوجيه الدعوات، بل هي من اختصاصات رئاسة الوزراء، ورئيس الوزراء هو المعني مباشرة لمن توجه الدعوات، لذلك ان الذراع التنفيذي لتوجيه الدعوات لم تكن الخارجية فقط، فهناك دعوات اسندت لوزراء اخرين".
ويعتقد عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية انه "ليست هناك اية اهمية لحضور النظام السوري، بل انه من المعيب دعوة النظام السوري للحضور في قمة بغداد"، حسب رأيه الشخصي، موضحاً انه "ليست هناك فائدة مرجوة من الحضور في هذا المؤتمر سوى انه من دول الجوار".
أمين، تساءل: "هل ان بشار الاسد يمثل كل سوريا وهي الان مقسمة بعدة اتجاهات، مع ان النظام السوري هو الذي مازال في سدة الحكم، ومع وجود مقاطعة من المجتمع الدولي للنظام السوري بسبب الجرائم التي ارتكبها بحق شعبه والتي لا يمكن ان ينكرها اي احد؟".
ويلفت امين الى ان "العراق الذي غادر الدكتاتورية التي كانت تمارس تلك الجرائم التي مارسها نظام بشار الاسد بحق شعبه، فمن المفروض لتلك الدولة التي خرجت من المقابر الجماعية والتعذيب والقتل والاستهتار بأرواح الناس ان يكون لهم موقف من النظام السوري وهو مقاطع عربياً والعراق ايضاً لا بد ان يقاطع سوريا".
ويسعى العراق لاحتضان قمة على مستوى قادة دول الجوار بهدف تقليل التوتر في المنطقة وتركيز الجهود لمحاربة الجماعات الإرهابية.
في المقابل يقول الاكاديمي والباحث السياسي اياد العنبر في حديثه لشبكة رووداو الاعلامية اليوم الجمعة (20 آب 2021) ان "الفياض قدم بياناً اوضح فيه انه لم يحمل اي دعوة للرئيس السوري وانما كان لناقش مواضع لا تتعلق بالمشاركة في قمة بغداد، وانما لبحث مواضيع يشترك فيها البلدين، وانه ذهب بحسب البيان بأمر مباشر من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، واعتبر محاولة وزارة الخارجية انها انساقت خلف الاعلام ولم تتأكد من اصل الزيارة"، منوهاً الى انه "لا يوجد تنسيق ومتابعة بين مؤسسات الدولة وهذا خلل كبير في ادارة هذه المؤسسسات ويتضح انه تراكمي وليس وليد الساعة".
واضاف العنبر ان "المهم ليس في توجه دعووة لقطر او سوريا او الامارات، بل المهم في قمة بغداد ما هي الملفات المطروحة وهل ستطرح للنقاش بطريقة واضحة وصريحة وهذه القمة هل ستمهد لمشروع قادم او الاتفاق على اولويات".
العنبر لفت الى ان "اي حضور قد يستفيد منه العراق او تحاول ان تهدئ الاجواء في المنطقة الكل مشترك فيه سواء كانت قطر او الامارات او سوريا، والمؤتمر لا يقتصر على جوار العراق وانما على البيئة المحيطة بالعراق، لكن من المهم ان يكون طبيعة التمثيل وطبيعة ما سيبحث في هذا المؤتمر".
"العلاقات العراقية السورية يمكن ان تحل خارج اطار هذه القمة اذا كانت هناك ازمات ومشاكل بين الطرفين، ويبدو ان هناك فيتو لاكثر من طرف وخصوصا تركيا على حضور الاسد، موصلة رسالة انها سوف لن تشارك في القمة في حضوره"، بحسب الكاتب والمحلل السياسية علي البيدر، والذي اشار الى ان "تركيا وفرنسا لا يعترفان بالنظام السوري ولديهم مواقف متشنجة من هذا النظام ، فضلا عن الاطراف الاخرى الفاعلة في هذه القمة، وعدم حضوره هو افضل للعراق".
واوضح البيدر في حديثه لشبكة رووداو الاعلامية اليوم الجمعة (20 آب 2021) ان "بعض الاطراف القريبة من الفياض ارادت ان توهم الجميع ان زيارة الفياض الى سوريا هو لتقديم دعوى للرئيس السوري بشار الاسد، وان هذا الامر يتعارض مع العرف الدبلوماسي، الامر الذي استفز وزارة الخارجية واصدرت بياناً، لكن الحقيقة هو أن ذهابه الى دمشق هو لتوضيح موقف العراق، وهو محاولة من بعض الاطراف القريبة على الفياض ان تحاول ابراز مكانته الدولية وانه الاكثر حضوراً وتاثيرا في المشهد الاقليمي وربما يعد هو واجهة العراق الدولية القادمة".
من جانبه يشير الباحث السياسي هاشم الشماع في حديثه لشبكة رووداو الاعلامية اليوم الجمعة (20 آب 2021) الى انه "مما لا شك فيه ان التداخل في الصلاحيات لعمل المؤسسات دون المسطرة الدستورية سوف يسبب مشاكل كثيرة للدولة العراقية وبالتالي نحن امام بوادر خلاف كبيرة للحكومة العراقية المتمثلة بوزارة الخارجية وهيئة الحشد الشعبي بخصوص دعوة الرئيس بشار الاسد للحضور قمة بغداد".
ويرى الشماع ان "عنوان المؤتمر هو قمة دول الجوار العراقي وسوريا من احدى دول الجوار العراقي، وما يتعلق بشأنها الكثير من الملفات سوف تطرح في هذه القمة، لذلك حضور سوريا مهم جداً، لكن ان تنفرد هيئة الحشد الشعبي بتوجيه دعوة للرئيس بشار الاسد دون التنسيق مع الخارجية العراقية، هذه تعد ضربة للخارجية في العمق، وكان لابد من مراعات المصلحة العراقية".
وأكد البرلماني وعضو ائتلاف النصر عبد العباس شياع، استغراب ائتلافه دعوة قطر لمؤتمر "الجوار الإقليمي" المزمع عقده في بغداد، ورأى بالدعوة خروجاً عن فكرة المؤتمر وأهدافه.
وأشار شياع الى أنّ هناك دولاً محورية أخرى بالمنطقة أهم من قطر إذا ما أرادت الحكومة توسعة دائرة المشاركة خارج إطار دول الجوار العراقي، متمنياً أن لا تكون هذه الدعوة جزءاً من سياسة المحاور التي تضر بالعراق.
وهذا المؤتمر سيكون الأول من نوعه على هذا المستوى بعد مؤتمر القمة العربية الذي استضافه العراق عام 2012 والقمة الثلاثية بين العراق ومصر والأردن التي استضافها العراق أواخر حزيران الماضي، والتي أطلق عليها قمة المشرق الجديد، وهو المصطلح الذي أطلقه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
كما ترغب بغداد في تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول الجوار وفتح أبوابها أمام الاستثمارات، وخاصة لإقامة مشاريع في المناطق المتضررة من الحرب ضد تنظيم داعش.