القصف التركي المتكرر.. هدية أميركية لأنقرة أم عودة للخارطة العثمانية بصمت عراقي؟
وسام كريم – رووداو – بغداد:بين الفينة والاخرى تستهدف القوات التركية الاراضي العراقية في اقليم كوردستان او في محافظة نينوى بهجمات متنوعة من خلال طائرات الدرون او استهداف مدفعي، متخذة من قتالها ضد حزب العمال الكوردستاني ذريعة في تبرير هذه الهجمات، التي دائما ما تخلف ضحايا مدنين فضلاً عن تدمير منازلهم واراضيهم الزراعية.
هذا الواقع اضطر الكثير من ساكني المناطق الحدودية الى الفرار منها باتجاه اماكن اكثر امناً، ورغم ما احدثته هذه الهجمات من تشريد للمدنيين وتدمير لمنازلهم، الا انه حتى الان لم تشهد الساحة السياسية ولا الأمنية العراقية أي تحرك رسمي لايقاف هذه الانتهاكات التركية.
التدخلات التركية العسكرية المفروضة على تلك المناطق، دعت اغلب الاوساط العراقية الى مطالبة حكومة مصطفى الكاظمي الى وضع حد لانتهاك السيادة الذي تخرقه القوات التركية في إقليم كوردستان وفي محافظة نينوى، فضلا عن مطالبات لعقد جلسة برلمانية طارئة لبحث الاستهدافات المتكررة في هذه المناطق، والزام الحكومة باتخاذ الاجراءات الدبلوماسية لايقاف هذه الهجمات المتكررة.
"ينبغي الرد على الخرق التركي لسيادة العراق"
كل تدخل جوي او ارضي على العراق هو خرق للسيادة العراقية ايا كان السبب سواء كان لضرب المعارضة او ضرب حزب العمال الكوردستاني، على حد قول عضو مجلس النواب العراقي انتصار الجبوري، والتي شددت على ان "هذه الهجمات هي ضرب للسيادة العراقية، ولابد من حل دبلوماسي او سياسي لهذه الهجمات، ولا نطلب من الحكومة بالرد العسكري".
وأكدت الجبوري لشبكة رووداو الاعلامية: "لسنا دعاة حرب ولسنا مع الذهاب باتجاه تأزيم المواقف، بقدر ما اننا نطلب ان يكون هناك حلاً دبلوماسياً بين الطرفين، ودائما نقول ان لا يكون العراق ساحة صراع اقليمي او صراع بين حكومة ومعارضيها"، مضيفةً انه "من غير الممكن استمرار سقوط ضحايا جراء هذه الاستهدفات وعلى ارض عراقية، لاسيما ان سائحين ذهبوا للسياحة في زاخو لكنهما اصبحا ضحايا بسبب القصف التركي".
الجبوري دعت الحكومة الى "الذهاب للطرق الدبلوماسية والسياسية لحل هذه الازمة، فيكفينا صراع في العراق، فلقد عانينا من الكثير بسبب تنظيم داعش اثناء العمليات العسكرية، وفي كل يوم يكون هناك قصف واستهداف من خارج الحدود تنتهك فيه سيادة العراق، وكذلك وقوع ضحايا في اقليم كوردستان وبيوت دمرت وكذلك مزارع وبساتين تضررت"، متسائلة: "ما ذنب هؤلاء من هذه الاستهدافات؟".
واشارت الى ان "تحالف تقدم يرفض اي عمليات استهداف او اختراق للسيادة العراقية وخرق للاجواء العراقية، وبالتالي لدينا موقف دبلوماسي وسياسي وليس موقف عسكري وعلى الحكومة العراقية ان تتبع الاساليب الدبلوماسية، فتركيا جارة العراق ولا يمكن ان نهرب من جارنا ولا يمكن ان يكون العراق ساحة للصراعات وتصفية الحسابات".
وفي وقت سابق كان المتحدث باسم كتائب سيد الشهداء، المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي، كاظم الفرطوسي، قد أكد أن الحشد الشعبي لن يسكت عن دماء مقاتليه التي سقطت إثر غارة شنها سلاح الجو التركي مؤخراً على قضاء سنجار، مشيراً الى أن الرد على تلك الاستهدافات "حتمي، لكن القرار ما زال قيد الدراسة".
وقال الفرطوسي لشبكة رووداو الإعلامية يوم الخميس (19 آب 2021)، إن "السيادة العراقية محرمة على كل الأطرف، سواء كانت خارجية أو داخلية، وبالتالي لا يمكن السماح بالتجاوز عليها والاستهانة بها"، لافتا إلى أن "الحشد الشعبي لن يقبل أن تذهب دماء مقاتليه سدى، وأن تكرار الاستهدافات التركية أصبحت في طور دراسة الرد، على اعتبار أن الرد هو حتمي ولا يحتاج إلى تصريح، بالتالي على الحكومة أن تقبل إذا لم تعيد الامور إلى نصابها وتأخذ بحق الشهداء".
عضو مجلس النواب العراقي انتصار الجبوري شددت على ان "البرلمان بإعتباره الجهة الرقابية وعليه يقع العمل الرقابي، وبإعتباره الممثل للشعب العراقي ومن واجبه ان يحمي ويصدر قرارات لحماية البلاد من هذا القصف وحماية الحدود العراقية وحماية السيادة العراقىة، ومن المؤكد انه سيكون هناك قرار وستكون هناك مناقشات في مجلس النواب وسيتخذ قراراً يلزم الحكومة بأن تتبع الاساليب الدبلوماسية".
وأختتمت الجبوري حديثها انه "من المستحيل ان نطالب بالرد العسكري، لأن العراق لديه ما يكفيه من الازمات التي تعصف بالوضع العام، وهناك ارهاق شديد بسبب الحروب، من الممكن استثمار الطرق الدبلوماسية والسياسية والتي يمكن اتباعها في حل الكثير من المشاكل بين البلدين"، معربة عن املها في أن "تتخذ الحكومة العراقية هذا الاجراء، فلسنا من مؤيدي اي توتر بين الطرفين لكننا نطالب بحماية ارواح العراقيين وممتلكات العراق".
"جلسة برلمانية طارئة"
بدوره اكد عضو مجلس النواب العراقي فاضل الفتلاوي لشبكة رووداو الاعلامية تقديم طلب لهيئة رئاسة مجلس النواب في عقد جلسة طارئة بشأن الاعتداءات التركية التي تستهدف المقرات والمنازل والشخصيات التي سواء كانت في الحشد والدفاع والداخلية، مضيفاً ان "المدنيين والمؤسسات الصحية ايضا لم تسلم من القصف والدمار التركي، فيجب ان تكون هناك جلسة طارئة حقيقية لمناقشة هذا الموضوع".
وقال المتحدث بإسم كتائب سيد الشهداء كاظم الفرطوسي في وقت سابق ان "الاعتداءات التركية تكررت على قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى، وأطراف محافظات أربيل ودهوك والسليمانية، بحجة ملاحقة مقاتلي حزب العمال الكوردستاني، وهذه ذريعة لا يمكن أن تبرر وجودهم داخل الاراضي العراقية ولا تبرر استهداف وانتهاك السيادة العراقية".
"هناك تخاذل من الحكومة العراقية وإقليم كوردستان، وأن الحشد الشعبي قد مُنع من دخول سنجار بحجج واهية، وهذا ما يؤشر وجود إرادة مشتركة بين كل الأطراف، المتمثلة بالحكومة العراقية وإقليم كوردستان والحكومة التركية، بالسماح للحكومة التركية الاستهداف في هذه المناطق"، وفقاً للفرطوسي.
"عودة للخارطة العثمانية"
من جانبه اشار الباحث السياسي علي فضل الله الى ان "الجانب التركي يتخذ من حزب العمال الكوردستاني ذريعة في خرق السيادة العراقية من خلال الاستهداف المتكرر للاراضي العراقية، لكن وعلى ما يبدو ان الغرض هو ابعد من ذلك هنالك اطماع تركية كبيرة وكثيرة باتجاه الاراضي العراقية".
وقال فضل الله لشبكة رووداو الاعلامية ان "تركيا تريد ان تعود بالخارطة العثمانية وان تستقطع كركوك والموصل باعتبار ان هذه المناطق فيها مواقع ستراتيجية مهمة وتعد مصدرا للطاقة، لذا فان الاستهداف ظاهره هو حزب العمال الكوردستاني، لكن الغرض هو للتوسع والنفوذ داخل الاراضي العراقية، ودليل ذلك ان قرابة 37 موقعاً عسكرياً بين قاعدة رئيسية وثانوية ونقطة عسكرية تابعة للقوات التركية".
واضاف ان "الحكومة العراقية متعمدة ان تظهر بمظهر العاجز امام الجانب التركي، وهي لديها ادوات كثيرة جدا تستطيع ان تستخدمها كأوراق للضغط على الجانب التركي من اجل الحد وترويض وتحجيم هذه الضربات باتجاه هذه الاراضي العراقية"، مشيرا الى ان "واحدة من هذه الادوات لو كانت الحكومة العراقية جادة في محاربة الجانب التركي، هو طرد السفير التركي وقطع العلاقات الدبلوماسية وقطع العلاقات التجارية، فالعراق يمتلك تبادلا تجاريا كبيرا جدا وقد تكون تركيا الدولة الاولى في التبادل التجاري مع العراق والذي يصل الى قرابة 16 مليار دولار، وكذلك قطع الامدادات النفطية باتجاه منفذ جيهان والتقدم بشكوى لجلس الامن الدولي".
"هدية أميركية لتركيا"
"هذه الادوات لم تستخدم من قبل الحكومة العراقية وهي مدعاة للشك على ان هناك تآمرا متعمدا من الجانب العراقي وبضغط من قبل الجانب الاميركي، وكأن هناك هدية قدمت من قبل الولايات المتحدة الاميركية لتركيا نتيجة عودتها الى المحور الاميركي"، بحسب الباحث السياسي علي فضل الله.
فضل الله اكد ان "اضافة الى عجز السلطة التنفيذية في مواجهة الجانب التركي عبر البوابة الدبلوماسية، فالبرلمان العراقي فشل فشلاً ذريعاً في تقويض الاستهدافات التركية"، محملاً "رئاسة البرلمان هذا الاخفاق الذي يعد جزءا من المشكلة وجزءاً من التآمر، على اعتبار انه من المفترض بعد فشل الحكومة في التوصل لحل، فكان الاولى ان يتم عقد جلسة طارئة لمجلس النواب لبحث تكرار الاستهدافات".
ونوه فضل الله الى انه "كان من المتوقع ان تكون هناك جلسة طارئة، بسبب اعلان الجانب التركي حالة الحرب باستهداف الاراضي العراقية بعمق 200 كيلومتر، لاستجواب الحكومة التنفيذية في عدم ممارستها الضغط الدبلوماسي والتجاري على الجانب التركي، فضلا عن المطالبة بإقالة وزير الدفاع وإقالة الحكومة التي عجزت عن صد الجانب التركي الذي اخذ بالتوسع شيئا فشيئا في عمق الاراضي العراقية".
وفي وقت سابق، أعلنت هيئة الحشد الشعبي مقتل آمر الفوج 80 بالحشد، خلال قصف نفذه سلاح الجو التركي بطائرة مسيرة في قضاء سنجار شمالي محافظة نينوى .
وقالت الهيئة في بيان تلقت شبكة رووداو الإعلامية نسخة منه، يوم الاثنين (16 آب 2021)، إن "آمر فوج 80 في القوة الإزيدية لحماية جبل سنجار بالحشد الشعبي سعيد حسن سعيد، استشهد إثر قصف بطائرة مسيرة مجهولة داخل قضاء سنجار شمال غرب محافظة نينوى".
وأضافت أن "الاعتداء أدّى إلى استشهاد أحد مرافقي آمر الفوج 80، بالإضافة الى إصابة ثلاثة مقاتلين آخرين".
واستهدفت طائرات تركية، سيارة في مركز قضاء سنجار، ما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة أربعة آخرين.
وعلى إثر الحادث، وصلت قوة أمنية كبيرة إلى مكان وقوع القصف، وحاصرت المنطقة بالكامل، بحسب مصدر أمني.
وفي سياق متصل، أدان المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي، القصف الذي تعرض له قضاء سنجار، دون الإشارة إلى تركيا.