مقتل القناص الإسرائيلي قرب غزة: أزمة ثقة وتآكل للردع
منذ 11 ساعة
1
حجم الخط
تل أبيب: كشف مقتل القناص الإسرائيلي “بارئيل شموئيلي”، إلى أي مدى، قد وصلت حالة “عدم الثقة” بين الجمهور الإسرائيلي من جهة، وبين الحكومة الإسرائيلية وقيادة الجيش، من جهة أخرى.
قد تصاحبت حالة عدم الثقة هذه، بموجة من الغضب والسخط لدى الشارع الإسرائيلي عامةَ، ولدى عائلة الجندي “شموئيلي” خاصةَ، والتي اتهمت جيش الإحتلال الصهيوني، دون مواربة، بأنه زج بابنها على الحدود مع غزة، دون توفير سبل الحماية له من الفلسطينيين المتظاهرين على طول الشريط الحدودي.
قبل أيام من الإعلان عن وفاة الجندي شموئيلي، وبينما كان يتلقى العلاج، قالت والدته “نيتسا شموئيلي” إن رئيس الحكومة “نفتالي بينت” اتصل علينا، لكنه لا يعرف اسم الجندي ولا في أي مستشفى يرقد.
وأضافت “إن بنيت تثائب خلال المكالمة عدة مرات، يا له من عار على إسرائيل”.
وتابعت “قاتل ابني بجسده ودمه وروحه، من أجل لا شيء، فالدولة لا تستحق ذلك”.
وفي مقابلة على قناة كان العبرية، دعا “يوسي شموئيلي” والد القناص المقتول، رئيس الحكومة ورئيس هيئة الأركان العامة وكبار الضباط في جيش الإحتلال الصهيوني، إلى الاستقالة.
وكانت مشاهد مصورة قد أظهرت فلسطينيا وهو يطلق النار من مسدسه (يوم 21 أغسطس 2021) على الجندي بارئيل شموئيلي (21 عاما) عبر ثغرة في الجدار الإسمنتي المحيط بقطاع غزة أثناء قنصه متظاهرين فلسطينيين.
وقد لاقى الجندي “شموئيلي” حتفه في مستشفى سوروكا ببئر السبع بعد 9 أيام من إصابته على الشريط الحدودي.
وكان الفلسطينيون يومها، يتظاهرون في الذكرى السنوية الـ52 لإحراق المسجد الأقصى.
وأصيب 41 متظاهرا فلسطينيا برصاص القناصة الإسرائيليين في ذلك اليوم، واستشهد اثنان منهم في وقت لاحق -بينهما طفل- متأثرين بجراحهما.
سب وشتائم
وتقول صحيفة يديعوت أحرونوت، إن مئات المشاركين في مراسم دفن الجندي، وجهوا الشتائم وعبارات الازدراء ضد رئيس الحكومة، والمفتش العام للشرطة، وقائد المنطقة الجنوبية، ووزير الأمن الداخلي.
وأكد مسؤولون حضروا الجنازة “أن المعاملة التي تعرض لها كل من قائد المنطقة الجنوبية والمفتش العام للشرطة، كانت عدائية وتحريضية”
فشل عملياتي واستخباراتي
وعلّقت صحيفة “إسرائيل اليوم”، الجمعة، على نتائج التحقيق في مقتل القناص شموئيلي بأنه “فشل عملياتي واستخباراتي”.
كما أن صحيفتي يديعوت أحرنوت وهآرتس، اعتبرتا أن حادثة مقتل الجندي، تشي بفشل ذريع لدى قيادة جيش الإحتلال الصهيوني.
وأظهرت نتائج التحقيق أنه لم تصل أي معلومة استخباراتية للجيش الإسرائيلي، بأن هنالك فلسطيني مسلح في نيته الاقتراب من الجدار لتنفيذ عملية إطلاق نار.
العائلة ترفض التحقيق
وفيما يتعلق بردة فعل عائلة الجندي المقتول على نتائج التحقيق الذي أجراه الجيش الإسرائيلي، كشفت إذاعة جيش الإحتلال الصهيوني أن اللقاء الذي جمع بين قائد المنطقة الجنوبية “اليعازر توليدانو” وعائلة “شموئيلي” كان مشحونًا للغاية.
وبحسب يديعوت أحرنوت، فإن العائلة لم ترغب حتى بسماع بقية حديث ضباط جيش الإحتلال الصهيوني.
وقال محامي العائلة “إن العائلة وجّهت أسئلة صعبة على قادة جيش الإحتلال الصهيوني، ولم تتلق إجابات مرضية”.
كوخافي يرفض الاتهامات
وبدوره، لم يحافظ الجنرال أفيف كوخافي، قائد هيئة الأركان العامة في جيش الإحتلال الصهيوني، على صمته كثيرًا، حيث تطرق إلى اتهامات عائلة الجندي، رافضًا إياها جملة وتفصيلًا.
وقال كوخافي، خلال مراسم تنصيب قائد سلاح البحرية الجديد “إن تعليمات إطلاق النار لدى القادة والجنود في جيش الإحتلال الصهيوني واضحة وحادة، وأي ادعاءات أخرى ما هي إلا محض افتراء وكذب”.
محاولة لاحتواء الموقف
واستدراكًا للخطأ ، قام “كوخافي” بزيارة عائلة الجندي” شموئيلي” في منزلها، واعترف أمامها، قائلا “نعم لقد وقعت أخطاء تسببت بمقتل ابنكم”.
لكن العائلة لم يزدها هذا الاعتراف إلا إصرارًا على إجراء تحقيق مستقل، مطالبة إياه بمحاسبة الضباط المرتبطين بالحادث.
وكشفت إذاعة جيش الإحتلال الصهيوني، أن الجيش يفكر في نشر مشاهد من حادثة مقتل شموئيلي في محاولة لاحتواء انتقاد الجمهور.
مطالبات بالانتقام
وضجت شبكات التواصل الاجتماعية الإسرائيلية بالمطالبات بالوصول إلى الفلسطيني، الذي قتل القناص الإسرائيلي شموئيلي من أجل تصفية الحساب معه.
وخرجت مسيرة في تل أبيب (يوم 31 أغسطس/آب الماضي) تطالب باغتيال “إسماعيل هنية “و يحيى السنوار”، انتقاما لمقتل القناص.
وقال عضو الكنيست “بن غفير” خلال تلك المسيرة “حان وقت الانتقام، يجب تدفيع حمـاس ثمناً باهظاً”.
كما توعّد وزير الاتصالات الإسرائيلي “يوعاز هندل”، (يوم 31 أغسطس/آب الماضي) قاتل الجندي قائلًا” أنت في حكم الميت”.
تآكل الردع
واعتبر الشارع الإسرائيلي مقتل القناص ” شموئيلي” من مسافة صفر على الشريط الحدودي على أنه إهانة لإسرائيل، وترجمة فعلية “لتآكل الردع” أمام قطاع غزة.
كما رأى الإسرائيليون التسهيلات إلى قطاع غزة، دليلًا على “قلة حيلة حكومتهم ورضوخًا للضغط الشعبي الفلسطيني”.
وقالت ناشطة إسرائيلية تدعى دفورا “يا له من عار. تقوم حكومة نفتالي بإدخال التسهيلات إلى القطاع في الوقت الذي تبكي فيه إسرائيل “شموئيلي”.
وقال عضو الكنيست إيلي كوهين “هناك خطوط حمراء، تم تجاوزها والحكومة تقف ساكنة”.
وذكر موقع 0404 العبري أه “في ظل غياب الردع الإسرائيلي، يستمر إطلاق البالونات نحو المستوطنات المحاذية للقطاع”.
ويبدو جليًا أن الحكومة الإسرائيلية تواجه معضلة حقيقية في كيفية التعامل مع حادثة مقتل الجندي بارئيل شموئيلي، حيث من ناحية تريد أن تنتقم للجندي لإرضاء عائلته والجمهور الإسرائيلي المتطرف بطبعه واستعادة هيبة جيش الإحتلال الصهيوني وكذا ترميم حالة الردع التي تآكلت بصورة سريعة وغير متوقعة.
ومن ناحية أخرى، تخشى أن يستجلب الانتقام للجندي ردًا من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة يتمثل بإطلاق رشقات مكثفة من الصواريخ على إسرائيل، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى مواجهة عسكرية مفتوحة بين الطرفين.
(الأناضول)