الإمارات تستعجل عودة جميع مواطنيها من لبنان
تصريحات وزير الإعلام اللبناني تتسبب في شرخ عميق في العلاقات الخليجية اللبنانية المتوترة أصلا منذ سنوات بفعل ممارسات حزب الله المدعوم من إيران وهيمنته على السلطة.
الأحد 2021/10/31
قرداحي عمق الشروخ بين لبنان والخليج
الإمارات اتخذت كل الإجراءات لإعادة مواطنيها من لبنان
إساءات قرداحي تبدد كل آمال ميقاتي بتحسين العلاقات مع الخليج
دبي - دعت الإمارات الأحد مواطنيها المتواجدين في لبنان إلى المغادرة "في أقرب وقت"، وذلك غداة قرارها سحب دبلوماسييها على خلفية تصريحات لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي بشأن حرب اليمن والتي أثارت غضب دول الخليج واعتبرت مسيئة لكل من الإمارات والسعودية وتحالف دعم الشرعية في اليمن وتضمن موقفا متحيزا للانقلابيين الحوثيين الذين يشنون اعتداءات إرهابية تستهدف مصالح مدنية واقتصادية في المملكة.
وقالت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان على موقعها إنه "نظرا للأحداث الراهنة" فإنّها تدعو "جميع المواطنين المتواجدين في لبنان إلى ضرورة العودة إلى دولة الإمارات في أقرب وقت".
وأشارت إلى أنّها اتّخذت "كافة الإجراءات اللازمة لتسهيل عودة مواطنيها من لبنان"، مؤكدة على جاهزيتها "لتسخير الإمكانات كافة لمساعدة أي مواطن موجود في لبنان.. للعودة إلى دولة الإمارات".
واستدعت السعودية الجمعة سفيرها لدى بيروت وطلبت من السفير اللبناني مغادرة الرياض وقرّرت وقف كل الواردات اللبنانية بسبب التصريحات. وقرّرت البحرين القيام بالمثل ثم لحقت بهما الكويت السبت قبل أن تقرّر الإمارات سحب دبلوماسييها ومنع مواطنيها من السفر إلى لبنان.
وكان وزير الإعلام جورج قرداحي وصف في مقابلة تلفزيونية تم بثّها الاثنين الماضي وأجريت قبل توليه حقيبة الإعلام في حكومة نجيب ميقاتي، حرب اليمن بأنها "عبثية". وقال إنّ المتمردين الحوثيين "يدافعون عن أنفسهم" في وجه "اعتداء خارجي" من السعودية والإمارات.
وأعربت الحكومة اللبنانية عن "رفضها" لتصريحات قرداحي، مشيرة إلى أنه "لا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقا"، لكن الوزير رفض التراجع عنها.
والأحد قال قرداحي لقناة "الجديد" المحلية، وفق ما نقلت على موقعها الإلكتروني، إن "استقالتي من الحكومة غير واردة"، من دون أن ترد أي تفاصيل إضافية.
وتأتي الأزمة الدبلوماسية فيما تعمل الحكومة اللبنانية على إعادة ترتيب علاقاتها السياسية مع دول الخليج، خصوصا السعودية وتعوّل على دعمها المالي في المرحلة المقبلة للمساهمة في إخراج البلاد من أسوأ أزماتها الاقتصادية.
وتشهد العلاقة بين لبنان والسعودية فتورا منذ سنوات، على خلفية تزايد دور حزب الله الذي تعتبره الرياض ودول خليجية أخرى منظمة "إرهابية" تنفذ سياسة إيران الخصم الإقليمي الأبرز وتأخذ على المسؤولين اللبنانيين عدم تصديهم للحزب. وكانت الرياض قبل تراجع دورها من أبرز داعمي لبنان سياسيا وماليا.
وأشاعت تصريحات قرداحي الذي يعتبر مقربا من حزب الله أجواء إضافية من التوتر في الداخل اللبناني وأججت الانقسامات السياسية في توقيت يكابد فيه لبنان للخروج من متاهة السجالات والشدّ والجذب.
وكان لافتا أن تصريحات الوزير اللبناني الذي يقدم النسخة العربية للبرنامج العالمي "من سيربح المليون" على قناة ام بي سي، جاءت فيما تكابد حكومة نجيب ميقاتي حديثة الولادة أزمة خطيرة فجرتها مواجهات الطيونة بعد اشتباكات مسلحة قتل فيها 7 من أنصار الثنائي الشيعي (حزب الله وأمل) الذي اتهم حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع بالوقوف وراءها.
وكان ميقاتي قد صرح قبل الأزمة الأخيرة أن وجهته الدينية والسياسية هي السعودية في إشارة إلى أن برنامج سياسي يتعلق بتصحيح المسار وتهدئة التوتر الكامن في العلاقات بسبب ممارسات حزب الله.
لكن تصريحات قرداحي جاءت لتبدد أي أمل ورسمت بالخط العريض ملامح القطيعة رغم أن دول الخليج أكدت مرارا حرصها على دعم لبنان وشعبه، إلا أن هيمنة حزب الله على السلطة تسببت منذ سنوات في حالة من الفتور.
ويدور نزاع في اليمن بين حكومة يساندها منذ 2015 تحالف عسكري بقيادة السعودية ويضم البحرين والإمارات ودولا أخرى، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء منذ 2014.
وأسفر النزاع عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم كثير من المدنيين، وفق منظمات إنسانية عدة. وأكدت الأمم المتحدة مرارا أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم حاليا، فيما تتهم منظمات حقوقية أطراف النزاع كافة بارتكاب "جرائم حرب".