الفردوس الكردي المفقود
بيلسان قيصر
الفردوس الكردي المفقود
غالبا ما يسافر سكان المحافظات الجنوبية والوسطى الى كردستان العراق بسبب لطافة المناخ وتوفر الخدمات من كهرباء وادوية ومستشفيات، واماكن راحة متعددة، وخدمات راقية، وأسعار مناسبة، وفنادق ومتنزهات فخمة، علاوة على الأمن والإستقرار الذي يحظى به الإقليم مقارنة ببقية المحافظات العراقية بما فيها العاصمة بغداد التي تفتقر الى أبسط شروط الحياة الكريمة وفقا للتقارير الدولية، لذلك فإن كردستان هي الملجأ المهم والأبرز للمعارضين للعملية السياسية الكسيحة وللناشطين العراقيين من الفارين من فرق الموت والميليشيات الشيعية الولائية.
غالبا ما يصور القادة الأكراد بأن الأقليم هو الفرودس العراقي الوحيد من حيث الأمان والاستقرار والرفاهية والبناء، وهم على حق في كلامهم، وهذا ما يلمسه أي زائر للإقليم، ومع هذا نجد ان غالبية المهاجرين العراقيين الى الدول الأوربية هم من الأكراد، وان معظم شبكات تهريب البشر عبر تركيا واليونان وقبرص تتم عبر الأكراد، فيتبادر الى الذهن لماذا يهرب العراقيون العرب الى الفرودس الكردي، ويهرب الأكراد من فردوسهم الآمن؟
لابد من وجود تناقض في الأمر، فليس من المعقول ان الأقليم الآمن يكون قاعدة للتهريب سواء للأكراد او غيرهم، ولتأكيد كلامنا إعترف القنصل البيلاروسي في بغداد (ماجد القيسي) بتأريخ 14/11/2021 ( بوجود مكاتب تهريب كُردية في إقليم كُردستان العراق؛ تعمل على تهريب المواطنين إلى الحدود الأوروبية، مبينًا أن المهربين الأتراك يُديرون العملية من خلال الهواتف. وإن هناك مكاتب للسفر بإدارة مهربين أكراد تعمل على استلام المهاجرين العراقيين من كُردستان وبغداد وترسلهم إلى تركيا؛ ومن ثم إلى الحدود الأوروبية. وأغلب المهاجرين يُحاولون الوصول إلى المانيا بالتحديد؛ وهم من القومية الكُردية؛ وهم يمتلكون أوراقًا رسمية سليمة؛ ولا يمكن رفضها في أي قنصلية). كما ورد في إحصائية لجمعية اللاجئين العامة بإقليم كوردستان ( هاجر أكثر من 28 ألف شخص من إقليم كوردستان إلى أوروبا منذ مطلع العام الحالي (2021.
من هذه الحقيقة نستنتج أما ان إقليم كردستان ليس كما يتحدث عنه القادة الأكراد ووسائل الأعلام، فهو يعاني من مشاكل كثيرة كالفقر والبطالة وقلة الرواتب والتمييز العشائري، او ان الأكراد غير راضين عن فردوسهم وقرروا مغادرته الى أوربا، حيث الحياة الكريمة. وكلا الصورتين أمر من الأخرى، مع إنهما تعكسان الحقيقة.
لا أحد يجهل بالطبع ان عائلتي البرزاني والطالباني تستحوذان على ثروات الأقليم، وان معظم المناصب الرسمية العليا من حصة العشيرتين، والمواطن الكردي ليس له حصة في ثروات الأقليم، فالأموال تتضخم في جيوب القادة الأكراد على حساب الشعب الكردي الفقير، صحيح ان الظلم الواقع على الشعب الكردي لا يقارن بالظلم الذي يتعرض له سكان المحافظات الجنوبية والوسطى في العراق، على أقل تقدير فهم يحظون بالأمن والإستقرار السياسي، ووحدة الموقف تجاه الحكومة المركزية على الرغم من اختلافاتهم الواضحة حول تقاسم المناصب، فكل من الطرفين ينظر من زاوية مصالحه، لكنهما تجاه الحكومة المركزية يننظران من زاوية واحدة، ولا أحد يلومهما على هذا الأمر، فمصلحة الأقليم فوق كل شيء، وليس مصلحة العراق ما يشغلهما. سيما ان القيادة الكردية تسرق وتبني وتوحد الشعب الكردي، ولكن الحكومة المركزية تسرق وتخرب وتشتت الشعب.
طلقة طائشة
اعلنت شركة تسويق النفط العراقية ان ايرادات العراق من تصدير النفط لشهر تشرين الأول 2021 بلغ (6.52) مليار دولار، مبشرة الشعب العراقي بأنه سوف لا يكون عجز في الميزانية او استدانه من الخارج، وربما سيقلل ذلك من مديونية العراق الخارجية المرعبة. وجاء قبل ايام خبر ربما يزيل الصدأ عن ذاكرة وزارة النفط العراقية من خلال مقارنة، ستبين حقيقة ما يجري في القطاع النفطي، فقد ذكرت
شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) في 1/11/2021 ايراداتها المالية للربع الثالث من عام 2021، حيث بلغ صافي الدخل 114.1 مليار ريال (30.4 مليار دولار)، مقابل 44.2 مليار ريال (11.8 مليار دولار)، بزيادة نسبتها 158% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأعلنت الشركة عن توزيع أرباح نقدية للمساهمين بقيمة 70.33 مليار ريال (18.76 مليار دولار) عن الربع الثالث من عام 2021.
بمعنى انه لو قسمنا ميللغ الواردات لشركة ارامكو على الأشهر الثلاثة، فهذا يعني ان الإيراد للشهر الواحد بلغ (10) مليار دولار، اي ما يقارب ضعف وارد العراق من النفط، فعلام البشرى يا حكومة العراق السخية من زيادة الواردات، ولا أحد يعرف مصيرها، ولا في أي جيوب ستدخل؟ سواء زادت الواردات أو شحت فجيب الشعب العراقي سيبقى خاويا، في ظل الفساد الحكومي المتجذر.
بيلسان قيصر
البرازيل
تشرين ثان 2021