"رغم ما تعرضوا له".. أسباب إصرار عراقيين على إعادة محاولة الوصول لأوروبا
علق آلاف العراقيين، وكثير منهم أكراد، في أزمة هجرة جديدة في أوروبا.
الحرة / ترجمات - دبي:بدأ العراقيون الذين سافروا بحثا عن حياة أفضل بالعودة إلى بلادهم. ورغم فشلهم في الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي، يبدو أن بعضهم لم يفقد الأمل حتى الآن في إعادة المحاولة بأمان إلى بلدان التكتل الغنية.
وقد أعادت رحلتان جويتان مئات العراقيين الذين سعوا لدخول الاتحاد الأوروبي عبر بيلاروس، الجمعة.
وهبطت الطائرتان في أربيل عاصمة الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي شمال العراق، في الساعات الأولى من صباح الجمعة، على متنهما نحو 600 عراقي معظمهم من الأكراد، ثم توجهت إلى العاصمة العراقية بغداد.
وتنقل نيويورك تايمز الوضع في مطار أربيل، حيث انتظر بضع عشرات من الأقارب خروج أفراد أسرهم، ثم اندفعوا لاحتضانهم ودموعهم تنهال.
قال أحد المهاجرين العائدين، شاهو عمر (27 عاما) إنه وأصدقاؤه كانوا يحاولون الوصول إلى ألمانيا ثم ذهبوا إلى بريطانيا.
لكنهم تخلوا عن خططهم بعد أن علموا بوفاة ما لا يقل عن 27 مهاجرا، الأربعاء، في محاولة فاشلة لعبور القنال الإنكليزي من فرنسا إلى بريطانيا على متن زورق.
وقد أعاد هذا الحادث للأذهان أزمة المهاجرين عام 2015 عندما غرق آلاف الأشخاص الفارين من الحروب والصراعات في الشرق الأوسط أثناء محاولتهم عبور البحر للوصول إلى أوروبا.
يقول عمر لنيويوك تايمز: "ما حدث لهم كان يمكن أن يحدث لنا، لقد صدمنا"، مضيفا أن المعاملة القاسية لشرطة الحدود البيلاروسية والطائرة المجانية التي قدمتها السلطات العراقية للعودة إلى وطنهم قد أقنعته والآخرين بالمغادرة.
وعلق آلاف العراقيين، وكثير منهم أكراد، في أزمة هجرة جديدة في أوروبا.
ولم يعد العراق في حالة حرب منذ هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عام 2017، لكن نقص الفرص والخدمات الأساسية فضلا عن النظام السياسي الذي يقول معظم العراقيين إنه غارق في الفساد والمحسوبية، يدفع المواطنين العاديين إلى فقدان الأمل في الحصول على حياة كريمة في وطنهم.
يقول المهاجرون العراقيون إنهم يائسون، للفرار من بلد لا يرون فيه مستقبلا، حيث تندر الوظائف وينتشر الفساد، حسبما تنقل نيويورك تايمز.
عمر، وهو كردي، جاء من مدينة كركوك التي تقع في قلب حقول النفط في شمال العراق، وهي منطقة متنازع عليها يطالب بها العرب والأكراد والتركمان، يقول إن الحياة أصحبت صعبة هناك بعد أن استعاد الجيش العراقي المدينة من القوات الكردية قبل أربع سنوات.
وهو يخطط لإيجاد طريق مختلف إلى أوروبا والمحاولة مرة أخرى بعد العمل لتوفير المال.
وتابع قائلا: "إذا وجدت طريقا أفضل وآمنا، فسأحاول بالتأكيد مرة أخرى. في الوقت الحالي لا توجد طرق، ولهذا السبب عدت".
وتحدث عمر عن معاملة الضباط البيلاروسيين، قائلا: "أخذت الشرطة نقودنا وهواتفنا وطعامنا ثم عادوا لاحقا وعرضوا بيعها لنا مرة أخرى لكن لم يكن لدينا ما يكفي من المال لإعادة شرائها".
ويتهم الاتحاد الأوروبي منسك بإثارة الأزمة في إطار "هجوم غير تقليدي بمختلف الوسائل" على التكتل عبر منحها تأشيرات دخول للقادمين من دول الشرق الأوسط ونقل المهاجرين ودفعهم لعبور الحدود بشكل غير قانوني. وتنفي بيلاروس هذه الاتهامات.
أما محمد، وهو صديق لعمر، فقد قال إن شرطة بيلاروس لم ترسل المهاجرين على الحدود إلى بولندا في الأيام الأخيرة، لكنها بدلا من ذلك حاولت استفزازهم لاقتحام الحدود.
وقال محمد، وهو أيضا من كركوك، لنيويورك تايمز: "كان هدف الشرطة الأساسي تحويلنا إلى وحوش. إذا لم يكن لدى الشخص أي طعام أو مكان للنوم، فسوف يقتحم حدود بولندا".
أما أحمد (22 عاما)، وهو من أربيل، فقد قال إنه لا يزال يخطط لمحاولة الوصول إلى بريطانيا، لكنه سينتظر حتى الصيف ليخوض رحلة الهجرة بحريا من تركيا إلى اليونان.
وكان أحمد يتحدث وهو متكئا على عكاز، إذ قال إن ساقه كسرت عندما ضربته القوات البيلاروسية وهاجمته كلاب الحراسة بالقرب من الحدود. لكنه لم يستطع الحصول على علاج طبي لانتهاء تأشيرته.
وقال: "سأظل أحاول العودة عبر بحر إيجه"، في إشارة إلى طريق التهريب من تركيا إلى اليونان. "حتى بعد كل ما مررت به، سأعود لأن الوضع أسوأ هنا".
وعندما سئل عن سبب مغادرته أربيل، قال هامسا: "أنت تعرف لمن هذا المكان"، في إشارة إلى العائلات القوية التي تسيطر على إقليم كردستان. "هذا المكان ليس لنا"، وذلك حسبما نقلت عنه نيويورك تايمز.