أمال عريضة للسنة الجديدة
ايناس نازلي الجباخنجي
[size=32]أمال عريضة للسنة الجديدة[/size]
بغض النظر عن كون الانسان في حقيقته كائنا حيا بيولوجيا متميزا بالعقل وبقدرته على التفكير والتحليل والاستنتاج واتباع مناهج عقلانية لتسيير حياته وتنظيم علاقاته واتخاذ قراراته، أو لتغيير بعض عاداته الشخصية، أو لتطوير قدرته على التواصل مع العالم الخارجي والمجتمعات المتباعدة، فإن العامل الاول الذي تعتمد عليه هذه السلوكيات هو الجانب المعنوي المكنون في نفس الانسان، ومدى شغفه بالأمور العظيمة التي تسمو بالروح لذروة الابداع ، والتحلي بعلو الهمة وسبق الاصرار والجرأة على اتخاذ الخطوات الفعلية لمواكبة التطورات نحو الهدف الثابت الموضوع صوب العين ، وأن يحمل في دخيلة نفسه الارادة القوية التي تحرره من أصفاد المعتقدات البالية في المجتمع ،وتجعل منه انسانا مستقلا بتفكيره الحر الذي يجعله يتطلع للارتقاء والتقدم.
تمر علينا السنة الثالثة من تعايشنا مع وباء كورونا الذي أصاب كل بقاع الارض وأطاح بمختلف نشاطات الإنسان في جميع نواحي الحياة، و زاد الطين بلة على من كان غارقا في الازمات بالفعل، وليلقي كل منا نظرة خاطفة على هذه السنوات الأخيرة ، ليدرك حينها مدى الكرب والحزن الذي طغى على مظاهر السعادة وأسباب المتعة ،فقد حصدت الكوارث المتعاقبة الأرواح المرهفة وفقد الكثير منا من ربطتنا الذكريات بهم، سواء توغل الوباء في شعبه او أوردته ، او تهشم تحت أنقاض الزلازل أوجرفته السيول الفيضانات ، او تبعثر رماده مع دخان الحرائق التي عمت غابات العالم ، إضافة الى ترك فئة الشباب لمقاعد الدراسة وانخراطهم في الاعمال لتوفير مطالب النجاة من الفقر ويتضمن ذلك التورط في الاعمال المخالفة للقانون والمفسدة للقيم والأخلاق كالممنوعات المختلفة مع فقدان اغلب العمال والموظفين مناصب عملهم وقلة الرواتب تزامنا مع ارتفاع اسعار المنتوجات والغلاء الفاحش السائد في بعض المناطق ، وتفشي المحسوبية والعديد من الصور المأساوية التي تبعث على البؤس وتخلق الفوضى .
بعد التطرق لما تمحورت عليه السنين الاخيرة ، فلا بد من ان نجاتنا تعني اننا اقوى من الاستسلام للعقبات واللجوء لإقناع انفسنا بان العام الجديد هو كغيره من السنين تملؤه المآسي ، في حين ان التصرف الاصح هو الاتعاظ بما سلف واستغلال الاخطاء من العام المنصرم لإكمال المسار على الدرب بخطوات ثابتة ، ونستقبل العام الذي سيطل علينا بتفاؤل واستبشار ،ونضع له اهدافا ، او نسعى لتحقيق التغيير في نمط الحياة نحو الافضل ، ونكرس وقتنا بالشكل الصائب ليتماشى مع مختلف المهام المراد انجازها، مع التحلي بالإيمان النقي والثقة بالنفس لمضاعفة احتمالات الحصول على نتائج ايجابية ، وضرورة عدم الاستسلام للهواجس والضغوط المحتمل التعرض لها، فيما انه لا باس بالوقوع والتعثر خلال رحلته فهي التي تبث بداخله الشعور بلذة المحاولة وروعة الوقوف من جديد ، وتفتح عيناه على ما هو خطأ وما هو صواب وتعطي لحياته المغزى والدرس، ويجدر بنا التأكيد على ان الاعتبار الأساسي هو الاسترخاء ثم التركيز واضفاء الحب والتصميم في العمل وهذا ما يؤكد عليه المؤلف الامريكي ومطور الدروس المشهورة في تحسين الذات "dale Carnegie" في قوله: "لا يمكن تحقيق النجاح الا إذا أحببت ما تقوم به" ، كما وجب على المرء البدء بتقدير الذات وتقديم كل الحب المستحق للنفس فانت اجدر بالاهتمام بنفسك من غيرك، و استثمار ايام العام المقبل في تدريب النفس على ترسيخ اطيب الخصال من تسامح ورحمة وعزة ،وعدم التنازل عن المبادئ او الانسلاخ عن الفطرة لنذوب في الغير، وتحاشي البحث عن الرضا في تعابير الناس و آرائهم بل البحث عنه في جوهر روح كل منا، مع وجوب الالتزام بتعاليم ديننا الحنيف وتأدية الفرائض والعبادات الواجبة وتقوية القلوب وتدفئتها بذكر الله وتنقية الروح من الشوائب الحياتية ولتثبيت فكرة ان " لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا " فكل ما علينا هو الاندفاع وبذل المستطاع وتحدي الذات كنوع من التحفيز لتحقيق آمالنا ، فالأمور لا تأتي على قدر طموحك الجامح بل على قدر سعيك اليها مع التحلي بالصبر ، فمما لا شك فيه هو ان الاهداف العظيمة تأخذ الوقت وفي الصبر مشقة يعقبها فرح ، ولنخطو بهمة على درب الحياة ونترك بصمة تشهد عليها الامم ونرسم اياما مملوءة بالنجاحات ونساير كل عصر للاستفادة من علومه وننعم بازدهاره وينفتح العالم على بعضه البعض فقد روى التاريخ لنا ان الشعوب المنغلقة مآلها الزوال .
وليفتح كل منا بداخله صفحة جديدة من كتاب عطرناه بعبير الحياة والوجود ولنأمل ان تسطع علينا شمس تزيح عنا الهم والغم وتملأنا بالتفاؤل وان نحظ ببداية موفقة في عام 2022.