"الملاذ المغري".. متقاعدو العراق ينعشون عقارات تركيا في وقت حرج
شفق نيوز/ البحث عن الاستقرار والبيئة الآمنة وسط أزمات واضطرابات متفاقمة، دفع عراقيين كُثر إلى التوجه نحو تركيا للإقامة وشراء العقارات آملا بحياة هادئة وتسهيلات لا تتوفر في بلدهم الأم.
إن الإحصاءات التركية الاخيرة تشير الى ان العراقيين باتوا أكثر الدول العربية شراءً للمنازل في تركيا، حيث اشتروا العام الماضي 2021 أكثر من 8 آلاف منزل.
وبحسب القانون التركي، يحصل على الجنسية التركية كل من يشتري عقاراً بقيمة 250 ألف دولار، أو يضع وديعة بقيمة 500 ألف دولار لمدة ثلاث سنوات.
اقتصاديون اعتبروا أن تدني أسعار العقارات في تركيا قياسا بأسعار العقارات في العراق، قد تكون احد الاسباب الرئيسية وراء إقبال العراقيين لشراء المنازل والعيش في تركيا، فضلا عن الاستثمار فيها، ناهيك عن الاسباب الاخرى سواء كانت السياسية او الامنية والخدمات والتسهيلات الادارية.
السوق العقارية مرتفعة
ويقول الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي في حديث لوكالة شفق نيوز؛ ان "ارتفاع السوق العقارية في العراق جعل من بيع العقارات السكنية للعراقيين والشراء في بلدان اخرى ذات جدوى اقتصادية خصوصا في ظل توفر فرص معيشة وسكن بكلف معقولة في تركيا، اضافة الى ان البعض يعتبرها استثمارا مضمونا بدون مخاطر استثمارية".
ويضيف أن "هناك إقبال متزايد من المتقاعدين على الاستفادة من مكافأة نهاية الخدمة في شراء عقارات والسكن فيها والمعيشة بالاعتماد على الراتب التقاعدي في ظروف معاشية تصنف نسبيا انها افضل واقل كلفة" لافتا الى ان اي شخص بإمكانه من خلاله تشغيل رؤوس الأموال المتوسطة التي لديه أن يحصل على عمل بأرباح جيدة ".
المتقاعدون الأكثر شراء
ويقول استاذ علم الاقتصاد في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني في حديث لوكالة شفق نيوز ان "العراقيين ومنذ سنوات يحتلون المراتب الاولى بشراء المنازل في تركيا بعد أن كانت في الأردن ودول أخرى هي الاولى"، مبينا ان "عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في العراق وراء ذلك".
ويشير إلى أن "اكثر المواطنين الذين يقومون بشراء هذه المنازل هم من المتقاعدين باعتبار الرواتب التي يتقاضونها بعد التقاعد هي مجزية وبالتالي فإن تركيا توفر له كل الخدمات الصحية والترفيهية التي نفتقدها في حالة العراق"، لافتا الى ان "التفكير سابقا كان العيش في اربيل الا ان ارتفاع الاسعار فيها دفعت الكثير نحو العيش في تركيا نتيجة أسعارها المناسبة ولا تتصف بالتعقيد وخاصة إذا كانت هناك رغبة بالاستثمار".
قوانين ميسرة
ويقول الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان في حديث لوكالة شفق نيوز؛ ان "المواطن يختار في حياته للعيش في مناطق تشهد الأمن والاستقرار وبعيد عن المشاكل والتقلبات التي تحدث"، مبينا ان "راتب المتقاعد في العراق يكفي للعيش في تركيا في امان بعيدا عن الصراعات والمشاكل الامنية".
ويضيف ان "المواطن العراقي استقر في البداية في عمان وسوريا وبعدها اتجه نحو اسطنبول بتركيا لان الاخيرة استطاعت من استقطاب هذه الاعداد الكبيرة محاولة منها لجذب رؤوس الأموال الكبيرة للاستفادة من تطوير اقتصادها وتقليل البطالة لديها من خلال تشغيل الأعداد الكبيرة منهم في المشاريع التي يفتحها الأجانب في تركيا".
وتابع أن الطبيعة الموجودة في تركيا وانخفاض الأسعار فيها وقربها من العراق والقوانين الميسرة التي تسمح بالحصول على الاقامة و الفيزا في تركيا كلها عوامل ساعدت في هجرة العراقيين والسكن في تركيا، اضافة الى ارتفاع اسعار العقارات في العراق بشكل غير طبيعي كانت سببا في ذلك"، مستدركا في الوقت نفسه ان "الانسان يجب ان يقرأ المستقبل ايضا وانه من المحتمل أن تتغير القوانين بعد ذلك وبالشكل الذي قد يصعب على المواطن بيع العقار الذي اشتراه في تركيا".
البيروقراطية
ويقول رئيس غرفة تجارة بغداد فراس الحمداني في حديث لوكالة شفق نيوز ان "البيروقراطية والروتين الاداري المتبع بالعراق ادى الى عزوف رجال الأعمال الى فتح اعمال ومشاريع في العراق والبحث عن فرص بديلة في دول الجوار ومنها تركيا التي تشهد الاخيرة دعم حقيقي للقطاع الخاص الذي يعمل لديهم من قروض و فيزا وإقامة".
ويوضح الحمداني أن "التاجر ورجل الأعمال قد يجازف في إنشاء مشروعه بالعراق أكثر مما موجود في تركيا حيث ان الاخيرة تدعم المنتج المحلي والتصدير، في حين ان جميع الامور الانتاجية والدعم معطل في العراق ".
وكان مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية والاقتصادية مظهر محمد صالح قد شدد في حديثه لوكالة شفق نيوز على وجوب أن تكون سياسات الإسكان في العراق بتكاليف زهيدة"، مبينا عن وجود عجز 2.5 مليون وحدة سكنية في العراق.
واضاف ان "سياسات الإسكان في بلد نامي مثل العراق يجب ان يكون التمويل بتكاليف زهيدة أي تمويل ميسر وبه عنصر المنحة التي لا تعني عدم استردادها وإنما يكون التمويل طويل الأجل بفائدة قليلة يسمى بعنصر المنحة".
ويعاني العراق من أزمة خانقة في السكن بسبب تزايد عدد سكان العراق ومحدودية المجمعات السكنية إضافة إلى عدم قدرة المواطن على بناء وحدة سكنية خاصة به بسبب غلاء الأراضي والمواد الإنشائية.