هذا هو المطلوب من العراقيين
د.عبدالرزاق محمد الدليمي
[size=32]هذا هو المطلوب من العراقيين[/size]
يشهد الجزء الانساني من العالم ان الشعب العراقي لم يرفض الاحتلال وماترتب عليه من قيام نظام لايمت للشعب بصله،بل وقاوم الاحتلال بكل السبل التي اتيحت له بما فيها الجانب العسكري، ولان تلك المقاومة حققت نتائج كبيرة وخطيرة،احرجت المحتلين ودفعتهم للتفكير جديا،بالانسحاب واعلان الهزيمة لولا،ماقام به بعض العملاء؟!! وماقام به بعض الاطراف الخارجية بزج تنظيم القاعدة وما نتج عنه من تنظيمات اخرى استهدفت العراقيين الشرفاء اكثر من التصدي للاحتلال .
لقد كانت المقاومة لاصحابها شرف كبير بينما نظر اليها الاحتلال وعملائه بأنها ارهاب يجب معاقبة من يمارسه بأشد العقوبات غير الاخلاقية بما فيها (4 ارهاب) سيئ الصيت والمحتوى،ان الجناية الوحيدة المقصودة، هي المقاومة ، وليس المتاجرة بالمخدرات أو الدعارة، أو السرقة، أو القتل لاسباب لا علاقة لها بمقاومة الاحتلال، اما الاوامر التي لم تصاغ بأخطار أو بيان، فهي جاهزة ومتنوعة وكل من يقاوم يتهم بعرقلة مسيرة الحرية والديمقراطية، التي منت بها علينا قوات الاحتلال.
اما الاحتجاجات والمظاهرات او مطالبات المواطنين بحقوقهم من خلال التجمع او التظاهر على ابواب الوزارات، والتي ظلت سلطات الاحتلال تدعي انها دليلا على قيم الديمقراطية والحرية التي يتمتع بها العراقيين في ظل عهدهم الجديد، فهي ممنوعة وان لم يعلن منعها، حيث تعرضت هذه التجمعات لعمليات اطلاق نار الذي ينسب الى جهة مجهولة او طرف ثالث او يصار الى تشكيل لجان تحقيقية (على الورق) ينسى امرها بعد حين حيث تستجد اعتداءات اخرى ضد المواطنين فننسى السابقات ونرتجي خيرا باللاحقات، ان هذه التجمعات قد يسمح بها لاغراض الدعاية لمدة خمسة او عشرة دقائق وهو وقت كافي لأن تصورها كاميرات التلفزيون لاغراض الدعاية وتضليل الرأي العام الخارجي، ثم يتم تفريقها باطلاق النار عليها مباشرة او فوق الرؤوس للتهديد احيانا.
ان هذه القوانين المقيدة للحريات اصبحت شائعة في زمن النظام الجديد الذي شرعتها سلطات الاحتلال بأسم الحرية والديمقراطية والازدهار، التي يُحسد عليها العراقيين من قبل اخوانهم العرب والمسلمين، كما قال المجرمان بريمر وبوش ، التي اصبحت تثير الدهشة والاستغراب واي هامش للحرية سيبقى حتى يصل الحسد والغيرة عند اخواننا العرب الى حد الانتحار وقتل الاخرين...!؟
ان نهج القتل والاعتقالات العشوائية والتغييب (والمفقودين يعني الاشخاص الذين تم اعدامهم أو توفوا بتأثير التعذيب) باسم الحرية والديمقراطية، هو منهج او نمط عام يميز،على ما يبدو، سلوك الانظمة غير السوية، وقوى الاحتلال، ومثلما قال غوستاف لوبون "ان اليعاقبة استطاعوا عن طريق رفع شعار الحرية والاخاء، اي الكلمتين الاكثر شعبية انذاك، ان يفرضوا نظاماً استبدادياً لا يقل بشاعة عن نظام داهومي، وان ينصبوا محكمة مماثلة لمحاكم التفتيش، وان يرتكبوا مذابح بشرية مشابهة للمذابح المكسيك القديمة
اي معنى بقى للحرية والديمقراطية والازدهار الذي تتحدث به الحكومات التي نصبها الاحتلال وأوامرها وتعليماتها التي بحكم القانون، تجعل اي عراقي عرضة للتوقيف العشوائي والقتل بتهمة الارهاب علما ان هذه الاوامر جاءت بمصطلحات فضفاضة ومبهمة يمكن ان تفسر بمعاني مختلفة على شاكلة مصطلح الشفافية الذي كثيرا ما يردده منذ الاحتلال، دون ان نفهم أو يفهموا هم ما المقصود به، وما معناه ويؤكد الاخطار بطريقة ملتوية ان تكون معلومات سلطات الاحتلال هي المصدر الوحيد للمعلومة، كما تميزت فترة ما بعد الاحتلال في تجنيد بعض الافراد على التجسس على الاهل حتى داخل المنازل، من يدري ما اذا سيلجأ عملاء الاحتلال لاساليب شيطانية اخرى لو قدر لهم ان يستمروا بالهيمنة على البلاد والعباد لسنوات طويلة.
في ضوء ما تقدم توقعنا ان ماحل ببلدنا من احتلال بغيض ومن مآسي بدأت ولن تنتهي سيدفع المتنورين منا الى مغادرة كل الممارسات والاساليب التي طالما كانت تؤرقنا والتي انتقدناها قبل الاحتلال لاسيما وان الاحتلال يجب ماقبله وقد حان الوقت الذي يلزم البعض ان يغادر تلك الممارسات التي شوهت جانب من تجربتنا العظيمة سيما وان تجربة 19 عام من المعاناة والظلم والتعسف والاضطهاد الذين عشناه كعراقيين في ظل هيمنة الجهلاء والاميين وضعاف النفوس والحاقدين الذين رمتهم علينا حماقات المحتلين وحقدهم علينا كشعب حبانا الله فيه بالقدرات العقلية الابداعية المتميزة التي أهلته لان يكون مصدر انتاج الحضارات والعلم والابتكار ومنه انطلقت التجارب الانسانية التي اوصلت البشرية الى ماهي عليه الان وفي المستقبل.
واذا كنا كعراقيين واعين ومخلصين لقضيتنا نرفض باباء وشموخ ما يحاول المحتلين وذيولهم فرضه علينا من أمر واقع ونظام متهرئ فاسد وفاسق ومتخلف ،فان اكثر ما يحز في نفوسنا ان يستمر الذين اسهموا في جلب الاحتلال بأستعارة ذات الاخطاء دون ان يكلفوا انفسهم عناء النظر الى ما وصلنا اليه او يدركوا ان كل الممارسات التي رفضناها وانتقدناها والتي نعيشها سببا في تغاضي البعض عن ان يعطي لهذه الاخطاء الكارثية مساحه من اهتماماته او تفكيره ولهذ لم ينتبه هؤلاء الى حجم الاضرار التي كلفتنا الكثير منذ الاحتلال وبعده.
لذا حان الوقت لايقاف هذا المسلسل الذي لم يعد السكوت عليه مقبولا وتحت اية ذريعة..وحان الوقت ان نقول لهذا او ذاك انت بأنهم لايصلحون لهذه المهمة او تلك وفي العراق الاف من خيرة الكفاءات ولم يعد السكوت مقبول مطلقا ان يفرض على العراقيين فلان او علان بعدما ثبت فشلهم سابقا ولاحقا ...وان كان نفر من هؤلاء استحوذ على عواطف بعض العراقيين السذج من طيبي النفس والاخلاق اوبالاساليب التي لم ولن نقبلها ونحن شعب تربينا وعصرتنا تجربة العراق الحضارية الرائدة وضحينا بالغالي والنفيس من اجل ما آمنا به وأئتمنا عليه ..وحقيقة فالعراقيين لم يعد لديهم طاقة ليتحملوا القبول بمن فشلوا ورفضهم الشعب ليتقدموا على من هم افضل منهم في كل شئ ...كما لا يقبل ممن يكن لهم العراقيين عميق الاحترام والتقدير ان يكونوا متاريس لحماية هؤلاء فالعراق شعبا ووطن وقضيته وكفاءاته وعلمائه لن يكونوا جسورا يعبر من فوقها الفاشلين ومنتهزي الفرص بغير وجه حق والمطلوب من كل من يجد في ضميره مكان لتحمل المسؤوليات الحقيقية ان يقف بوجه استمرار ممارسات هؤلاء المتصيدين للفرص ومعوقي مسيرة الابداع والعطاء للكفاءات العراقية.
رغم مضي قرابة ثلاثة اشهر على مسرحية الانتخابات العراقية تدخل البلاد في مرحلة جديدة من الصراعات السياسية والرفض الشعبي كما هو متوقع لما أفرزته تلك العملية من نتائج، ورغم إقرار البعض بأحتمال حدوث بعض التغيرات في المشهد، إلا أن المشاكل كثيرة تلك التي تواجهها الكتلة الصدرية في تشكيل الحكومة القادمة، الأمر الذي أدخل البلاد في ازمات سياسية مصطنعه بسبب رفض احزاب السلطة العميلة لان يكونوا خارج السلطة الجديدةمع ملاحظة خشية بعضهم مثل المالكي لاحتمالية تعرضه للمحاكمة من قبل حكومة هواها صدري.
مهما كانت أوجه الخطاب السياسي بعد انتهاء الانتخابات لتحديد مسارات العمل الميداني وفتح آفاق لخلق بيئة واسعة في رسم ملامح الحياة السياسية، تبقى الصراعات الحزبية والمصالح الفئوية والارتباطات الخارجية هي التي تتحكم في طبيعة تشكيل الحكومة العراقية القادمة، وستستمر الأزمات والاختلافات السياسية بين الأحزاب التي شاركت في الانتخابات، وبعد ان فشلت الأصوات التي تعالت رافضة نتائج الانتخابات والتهديد باستخدام جميع الوسائل ومنها المواجهة المسلحة حيث تشير الاخبار الى وجود صفقة لاعادة تسريب قوات من داعش بعد ترتيب عملية اخراجهم من معتقلات الحسكة وتوجههم الى سنجار في شمال العراق في اعادة لسينيورهات سبق ان شهدها العراق المحتل في اوقات سابقة فقد تعودنا على لجوء نظام طهران الى مثل هكذا خطوات كلما تعرضت ذيوله الى اوضاع محرجة وهذا مما يعرض البلاد إلى زياد حدة التأزم والانفلات الأمني،قد تكون للتحالفات السياسية التي تسبق عملية تشكيل الحكومة وطبيعة تكوينها عاملا يساهم في تخفيف حالة الاختلاف القائم الآن، خاصة وأن هناك من يعترض ويرى أن مشروعه السياسي قد تلاشى أو تراجع بعد النتائج التي تفاجئ بها، والحكومة القادمة عليها أن تضع في مقدمة برنامجها إصلاح البنية السياسية والمنظومة الاقتصادية، ومعالجة الأزمات الاجتماعية وتحسين الحالة المعيشية ومكافحة البطالة وتجارة المخدرات، ورفع القدرة المالية للبلاد في مواجهة العجز المالي والديون الخارجية المستحقة.