التخطيط الأستراتيجي المفقود في أدارة الخطوط الجوية العراقية
فارس الجواري*
التخطيط الأستراتيجي المفقود في أدارة الخطوط الجوية العراقية
المفهوم العام للتخطيط الاستراتيجي هو تعبيرعن تخطيط بعيد المدى للإدارةِ الاستراتيجيّة بالاعتماد على التنبؤ المستقبلي لعمل أي مؤسسة تهدف الى تجاوز نقاط الضعف في طريقة أدائها بغية تطوير عملها المستقبلي , علما أن هذا المفهوم ينطبق على أي مؤسسة او شركة تهدف الى النجاح في عملها سواء كان هذا العمل في مجال الطيران أو غيره من النشاطات والذي سنطرحه في هذه المقالة هو بحث أستنتاجي عن التخطيط الاستراتيجي لشركة الخطوط الجوية العراقية.
تعمل شركات النقل الجوي الناجحة في العالم على وضع خططها الاستراتيجية الشاملة لإدارة وصياغة التوصيات الاستراتيجية التي تشمل كافة نشاطاتها من خلال تحديد ومراقبة مؤشرات الأداء الرئيسية للخدمات التي تقدمها للمسافرين واقتراح ما يناسب تطويرها مع متابعة النتائج حيث يتوقع بعض المختصين إلى أن 20% من عوامل نجاح الخطة الاستراتيجية تؤثر فيما نسبته 80% من أهداف الشركة العامة , من هذه المقدمة وعندما نبحث بشكل دقيق في الوضع الحالي لشركة (الخطوط الجوية العراقية) نرا أن اغلب الأدارات التي تحملت المسؤولية في الشركة خلال السنوات التي مضت كانت بعيدة كل البعد عن رسم هكذا سياسات عمل مبنية ضمن خطة أستراتيجية شاملة تهدف الى اعادة بناء وتطوير الشركة , وهو مابدا واضحا من خلال عدة مشكلات متأزمة أثرت على بنيوية وهيكلية هذه الشركة خلال حقبة زمنية أستمرت ومازالت لسنوات عدة جعلت منها أزمات حقيقية لعل من أهمها أزمة (( حظر طيران الخطوط الجوية العراقية فوق اوربا )) التي كلفت ميزانية الدولة العراقية خسائر بملايين الدولارات .
لقد كانت القرارت المتخذة من قبل أدارة الشركة في كثير من المواضيع التي من المفروض تدعم خطوات عملها جاءت بنتائج عكسية والسبب غياب التخطيط الاسترتيجي المسبق حيث برزت أزمة عقد الشركة البريطانية منزيز للخدمات الارضية التي استحوذت على تقديم اعمال الخدمات الارضية وتجهيز الوقود في شركة الخطوط الجوية العراقية لمطاري بغداد و الموصل الدوليين والذي أثار الكثير من الجدل والتسألات بالاضافة الى الاعتراضات من قبل كوادر الشركة والتي تمثلت بالتظاهر والاحتجاج للعشرات منهم اعتراضاً على بنوده لما فيه من غبن لحقوقهم وهدر لأموال الشركة تقدر بمليارات الدنانير حسب ماطرحوه , وهو أيضا ماأكدته عضو اللجنة المالية النيابية ماجدة التميمي وحذرت منه كون ان هذه الاتفاقية ستؤدي إلى خسارة كبيرة لشركة الخطوط الجوية العراقية كون أن الصيغة التعاقدية بين الشركتين حددت نسبـة 30 % منه للخطوط الجوية و70% لشركة منزز ولمدة 10 سنوات شاملة الارباح وهو مايؤشر الى فشل واضح للادارة والتي كلفت ومازالت شركة الخطوط الجوية العراقية مبلغ وقدره ٤١ مليون دولار سنويا للشركة المشتركة لقاء الخدمات التي كانت مجانا أضافة الى حرمان خزينة الحكومة العراقية مبلغ بحدود ٢٥ مليون دولار سنويا لقاء تقديم الخدمات الأرضية والوقود للطائرات الغير عراقية , حيث سيذهب هذا المبلغ للشركة المشتركة ٧٠٪ منزيز و٣٠٪الخطوط , أي تكون حصة الخطوط الجوية العراقية ١٨ مليون ونص دولار قيمة ال ٣٠٪ من المبلغ أعلاه وهو ٦١ مليون دولار واللي كان سابقا يدخل خزينة الدولة.
أن غياب التخطيط الاستراتيجي لشركة الخطوط الجوية العراقية قد ترك أثر سلبي واضح على مشكلة ثالثة من مشاكل الشركة ألا وهي مشكلة عقد توفير الوجبات الغذائية لطائرات الخطوط الجوية العراقية والشركات الاخرى وهو ما نوه عنه وزير النقل العراقي قبل فترة خلال لقاء تلفزيوني على قناة دجلة الفضائية حيث أطلق على العقد مسمى ” عقد أذعان ” كون أن هناك شركة معينة مهيمنة على تجهيز الخطوط الجوية العراقية بتقديم وجبة لكل راكب تتقاضى مقابلها مبلغا ماليا يصل الى 15 ألف دينارعلما ان الوجبة لا تتضمن سوى أكلات بسيطة لا تكلف ربع هذا المبلغ , علما أن هناك مطبخ تجهيز لوجبات الخطوط الجوية العراقية في داخل الشركة كوحدة أدارية ضمن ملاك الشركة بأسم الإعاشة تحتاج فقط الى تخطيط دقيق لأعادته الى الخدمة.
أن التخطيط الأستراتيجي المفقود في أدارة الخطوط الجوية العراقية وصل الى أن الأدارات المتعاقبة لشركة الخطوط الجوية العراقية لم تتمكن من تشغيل طائرات حديثة عدد 2 من طراز الايرباص أي 220 كانت قد جلبتها الشركة قبل أكثر من شهر , والسبب المطروح حسب تصريح احد الطيارين امام وزير النقل هو عدم توفر برنامج ألكتروني متخصص يستخدمه الطيار أثناء الاقلاع والهبوط بالطائرة وهذا يعني أن هناك خسائر مالية تتحمل أعبائها الشركة نتيجة هذا التوقف الغير مبرر والذي كان من المفروض تكون في أولويات الجهة التعاقدية العراقية لتفادي هذا التوقف.
أن جميع طروحاتي أهدف منها البحث عن واقع جديد لشركة الخطوط الجوية العراقية وذلك من خلال تشخيص مكامن الخلل وطرح رؤى للحلول المناسبة ضمن لوائح وقوانين الطيران المدني للمساهمة مع المخلصين من مسؤولي هذا القطاع في النهوض به ليصبح في مصاف قطاعات النقل الجوي المتقدمة في العالم وأيضا تسهم في خدمة 35 الف عراقي هم عوائل 4500 منتسب من الشركة وايضا مئات الآلاف من العراقيين المستفيدين من خدمة ناقلهم الوطني الوحيد في العراق شركة الخطوط الجوية العراقية .
*باحث واستشاري طيران
مقالة شهر شباط لعام 2022